توقع مراقبون للشأن السياسي أن يشهد عام 2021 بعض الحراك المرتبط بالقضية الفلسطينية خارجيا وداخليا، خاصة مع انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عرف بانحيازه التام لصالح إسرائيل على حساب فلسطين، وبداية فترة ولاية الرئيس الجديد جو بايدن، الذي يرى البعض أن فترة رئاسته ستعيد الأمور إلى مجراها الصحيح، وأنه قد يعرقل خطط ترامب ويؤجل "صفقة القرن" في المنطقة، بينما يؤكد آخرون أنه لن يحدث فارق كبير في ظل سياسة واشنطن الداعمة لإسرائيل. وتقدر السلطة الفلسطينية أن فوز جو بايدن، سيؤدي إلى تغيير محتمل في المعادلة الفلسطينية الإسرائيلية الراهنة، وذلك بعد انقطاع الاتصالات الأمريكية - الفلسطينية بالكامل، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدات الاقتصادية، وتصفية وكالة الأونروا في قطاع غزة مع ولاية ترامب، الأمر الذي سيتغير مع إدارة أمريكية جديدة تدعو إلى التفاوض على أساس حل الدولتين مجددا. ويرى الباحث السياسي الفلسطيني نادر الغول، أن بايدن سيمثل حلا أفضل للفلسطينيين، فهو أعلن وبشكل واضح أنه سيعيد استئناف المساعدات للفلسطينيين، وسيعمل على إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، إضافة إلى أنه يؤمن بحل الدولتين. وبحسب الباحث فإن "بايدن قد يلجأ إلى سياسة تصالحية مع الفلسطينيين، حيث قد يعيد افتتاح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن الذي أغلقته إدارة ترامب"، كما أنه سيدعم العمل على إعادة التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ولا يعتقد الغول أن بايدن سيلجأ إلى غلق السفارة الأمريكية في القدس، فالقرار متخذ في الأوساط الأمريكية منذ عام 1995، إلا أن الإدارات المتعاقبة جمدت تنفيذه، وترامب نفذ القانون فقط، لذلك فإن إغلاق السفارة يحتاج إلى قانون آخر، وقد يحتاج الأمر إلى سنوات لإقراره، لذلك يتوقع الغول أن "بايدن سيعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدسالشرقية، التي أغلقتها إدارة ترامب، وذلك في خطوة رمزية من أجل خلق توازن سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وكانت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" قد كتبت على موقعها الإلكتروني، أن جهود بايدن لإعادة المساعدات المباشرة إلى الفلسطينيين، في حال فوزه، التي قطعتها إدارة ترامب عقابا لهم على ما وصفه بعدم تعاونهم لإنجاح صفقة القرن، قد تواجهها مصاعب بسبب سن قانون تيلور فورس عام 2018 والذي يحظر وصول المساعدات الأمريكية إلى بعض المؤسسات الفلسطينية مادام أن السلطة الفلسطينية تمنح رواتب لعائلات الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا لتنفيذهم هجمات ضد الإسرائيليين. بيد أن الصحيفة الأمريكية لفتت الانتباه إلى أنه سيكون من الأسهل لبايدن استئناف تمويل وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدعم مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، والمستشفيات في الأجزاء التي يسيطر عليها الفلسطينيون من القدسالشرقية، وكلها تواجه وقفا للمساعدات من قبل حكومة ترامب. بدوره يرى المحل السياسي أكرم عطا الله، أن فوز جو بايدن، بالرئاسة الأمريكية سيوقف النزيف الذي كان يحدث في فترة الرئيس السابق، دونالد ترامب، ومجموع الضربات التي أحدثها بالقضية الفلسطينية، وسيعود إلى برنامج الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ومن المتوقع أن تشهد السلطة الفلسطينية انفراجا كبيرا خلال الفترة المقبلة. وتوقع المحلل السياسي الفلسطيني أن بايدن سيعمل على تجميد كل شيء فعله ترامب خلال سنوات حكمه، إضافة إلى وضع بعض القيود على دولة الاحتلال، ويمكن أن يطلب بايدن من نتنياهو تحجيم الاستيطان، والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهذا يعد أفضل بكثير من فترة ترامب الذي كان ينزف فيها المشروع الفلسطيني لصالح الاحتلال. وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عاهد فروانة، أن إدارة جو بايدن الجديدة لن تكرر ما قامت به إدارة ترامب، وستعمل على إدارة الصراع، وتجميل السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وأعرب فروانة عن اعتقاده بأن إدارة بايدن ستعمل على "استعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وتقديم الأموال، والتأكيد على حل الدولتين، والعودة إلى المفاوضات، وفي الوقت نفسه، لن تعيد السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، لكنها ستحاول أن تصل إلى نقاط التقاء لتهدئة الأمور، وبالتالي، لن تتواصل الصلاحيات التي كان يمنحها ترامب لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو". وتوقع فروانة أن علاقة بايدن بنتنياهو لن تكون قوية مثلما كانت مع ترامب، لا سيما أن الحزب الديمقراطي، الذي يتبع له بايدن، أصبح فيه جناح يساري مؤثر، يطالب بربط المساعدات لإسرائيل بحل القضية الفلسطينية، وأن يستأنف الرئيس الأمريكي الجديد تقديم الأموال للسلطة الفلسطينية، بعد أن أوقفها ترامب، إضافة إلى إعادة تمويل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، وإعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة أموال المقاصة الضرائب التي تحتجزها السلطات الإسرائيلية منذ عدة أشهر.