ترأس البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، صباح اليوم الاثنين، القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان رفع خلاله الصلاة على نية الأشخاص الذين يخيفهم هذا الوباء الحالي وقال نصلي اليوم من أجل العديد من الأشخاص غير القادرين على القيام بأية ردة فعل وهم خائفون من هذا الوباء ليساعدهم الرب لكي ينهضوا ويتحركوا من أجل خير المجتمع والجماعة بأسرها. وإذ توقف في عظته عند القراءات التي تقدمها لنا طقس الكنيسة الكاثوليكية اليوم من سفر النبي دانيال وإنجيل القديس يوحنا والتي تخبرنا عن امرأتين أراد بعض الرجال قتلهما: سوسنة البريئة والمرأة التي أُخذت في زنى. شدد البابا فرنسيس على أن الذين كانوا يوجهون الاتهامات في الحالة الأولى كانوا قضاة فاسدين وفي الحالة الثانية كانوا أشخاصًا مرائين، أما فيما يتعلّق بالامرأتين فقد حقق الله العدالة لسوسنة وحررها من الفاسدين الذين حكم عليه بالموت، وغفر للخاطئة محررًا إياها من الكتبة والفريسيين المرائين. إنهما عدالة الرب ورحمته ويحدثنا عنهما أيضًا المزمور الذي تقدّمه لنا الطقس الكنسي اليوم: "الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَا يُعْوِزُنِي شَيْءٌ... حتى إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ المَوْتِ لَا أَخَافُ شَرًّا، لِأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي". قال البابا فرنسيس لقد صلينا في المزمور: "الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَا يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. حتى إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لَا أَخَافُ شَرًّا، لِأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي". هذه هي الخبرة التي عاشتها هاتان المرأتان اللتان سمعنا قصتهما اليوم. امران بريئة تمَّ اتهامها زورًا وامرأة خاطئة حكم عليهما بالموت. البريئة والخاطئة وقد كان أحد آباء الكنيسة يرى فيهما صورة للكنيسة القديسة بأبنائها الخطأة. تابع البابا فرنسيس: يقول كلتا المرأتان كانتا يائستين، لكنّ سوسنة قد وثقت بالله. نجد أيضا في القراءات مجموعتين من الرجال وفي الحالتين هم أشخاص في خدمة الكنيسة: القضاة وعلماء الشريعة، لم يكونوا رجال دين ولكنّهم كانوا في خدمة الكنيسة في المحكمة وفي تعليم الشريعة. كان القضاة الذين حكموا على سوسنة فاسدين، ويسوع يخبرنا أيضًا في مثل الأرملة عن القاضي الفاسد والظالم الذي لم يكن يخاف الله ولا الناس، أما علماء الشريعة لم يكونوا فاسدين وإنما مرائين. أضاف" فرنسيس"، وقعت هاتان المرأتان واحدة بين أيدي المرائين والأخرى بين أيدي الفاسدين ولم يكن هناك أي مخرج لهما. يقول المزمور: "حتى إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لَا أَخَافُ شَرًّا، لِأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي"، وهاتان المرأتان كانتا تسيران في وادي ظلِّ الموت، ونحو الموت. سوسنة كانت تثق بالله وتدخّل الله لينقذها. أما المرأة الأخرى فكانت تعرف أنها خاطئة وبالتالي كانت تشعر بالعار أمام الشعب ولكن ربما – وهذا لا يقوله الإنجيل – كانت تصلّي في داخلها وتطلب المساعدة. وماذا فعل الرب بهؤلاء الأشخاص؟ أنقذ المرأة البريئة وحقق لها العدالة وغفر للمرأة الخاطئة. حكم بالموت على القضاة الظالمين أما المراؤون فقد ساعدهم لكي يتوبوا إذ قال لهم أمام الشعب كلّه: "مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر!" فلَمَّا سَمِعوا هذا الكَلام، انصَرَفوا واحِدًا بَعدَ واحِد يَتَقدَّمُهم كِبارُهم سِناًّ". لقد ترك لهم المجال لكي يتوبوا ولكنّهم لم يغفر للفاسدين بكلِّ بساطة لأنّ الفاسد هو شخص غير قادر على طلب المغفرة لأنَّ فساده قد انتزع منه تلك القدرة التي نملكها جميعًا للشعور بالخجل وطلب المغفرة، وبالتالي يسير الفاسد قدمًا واثقًا من نفسه يدمّر الأشخاص ويستغلّهم كما فعل القضاة مع هذه المرأة، لقد وضعوا أنفسهم مكان الله. واستطرد "فرنسيس" استجاب الرب للمرأتين، فحرّر سوسنة من الفاسدين وللمرأة الخاطئة قال: "وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. إِذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة" وذلك أمام الشعب، وفي الحالة الأولى صرخ الشعب بصوت عظيم وباركوا الله مُخلِّص الذين يرجونه، أما في الحالة الثانية فقد تعلّم الشعب كيف هي رحمة الله. واختم البابا فرنسيس عظته بالقول كل فرد منا لديه قصصه وكلٌّ منا لديه خطاياه، وإن كنت لا تذكر خطاياك فكّر قليلًا وستذكرها وتعرفها، وإذا عرفتها اشكر الله لأنّك إن لم تعرفها فذلك لأنك فاسد. لكل منا خطاياه. لننظر إلى الرب الذي يحقق العدل ولكنّه كثير الرحمة ولا نخجلنَّ أبدًا لكوننا في الكنيسة وإنما لكوننا خطأة، لأن الكنيسة هي أمُّ الجميع. لنشكر الله لأننا لسنا فاسدين وإنما خطأة وحسب، وبنظرنا إلى يسوع وطريقة تصرّفه في هاتين الحالتين لنثق برحمة الله ولنصلِّ واثقين في هذه الرحمة ولنطلب المغفرة. لأن الرب "يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. حتى إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لَا أَخَافُ شَرًّا، لِأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي".