مع انطلاق موسم كسر القصب، فى ديسمبر من كل عام واستمراره حتى شهر يونيو، تتجدد مأساة أهالى «قرية العشي» شمال الأقصر، ومعاناتهم بسبب «خط الديكوفيل» الخاص بنقل محصول قصب السكر من الأراضى الزراعية المختلفة بالقرية، إلى مصنع سكر قوص، حيث يمر القطار على خطوط سكك حديد داخلية بالقرية، خلال موسم الحصاد، أو ما يسمى لدى المزارعين بموسم "عصر القصب". وعلى الرغم من انتظار مزارعى القرية لموسم الحصاد من العام للعام، لجنى ثمار ما بذلوه من جهد فى زراعاتهم، إلا أن هذا الانتظار يساوره كثير من القلق والخوف، بسبب مرور «قطار الديكوفيل» الذى يكاد يكون ملاصقًا لمنازلهم، ويمر وسط الكتلة السكنية على قضبان متهالكة، كما أنه يفتقر إلى كل وسائل الأمان، ولا يوجد فى خط سيره أى مزلقانات، الأمر الذى يتسبب فى كثير من الحوادث خلال موسم الحصاد كل عام. كان آخر تلك الحوادث، عندما استيقظ أهالى العشي، على كارثة تتكرر فى مثل هذه الأيام من كل عام، حيث انقلبت إحدى عربات القطار، على أحد مواطنى القرية، كما لقى شاب مصرعه وأصيب آخر، إثر اصطدام دراجتهما البخارية بالقطار، رغم مناشدتهم المتكررة للمسئولين، ضرورة نقل القطار، خارج القرية، لتجنب الكوارث وحفاظًا على أرواح الأطفال عند الذهاب للمدارس. وقال محمود محمد مزارع، كل عام نشعر بالخوف والقلق بحلول موسم نقل القصب، لأن السكة الحديد متهالكة ولا تتم العناية بها بجدية، وتتكرر حوادث انقلاب عربات القطار وهى محملة بالقصب بالقرب من منزلي، الذى يبعد عن شريط القطار أربعة أمتار،، كما يمر يوميا عشرات الطلاب بجوار هذا الخط خلال موسم الحصاد، كما أن تلك القطارات تتقاطع مع طرق سريعة دون وجود مزلقانات. وأوضح محمد سيد المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة بالأقصر، أنه تقدم بإنذار على يد محضر لرئيس مدينة الزينية ورئيس شئون المصانع بمصنع سكر قوص بمحافظة قنا، للمطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل وتغيير خط سير قطار القصب «الديكوفيل» من الكتلة السكنية، لتكرار وقوع الحوادث بحق المواطنين مع بدء موسم حصاد قصب السكر كل عام، حفاظًا على الأرواح والمنشآت ولانتظام حركة المرور وحفاظًا على محصول القصب. مؤكدا أن المادة (59) من الدستور تنص على أن «الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها»، لافتا إلى أنه فى حالة عدم الاستجابة سيضطر إلى اللجوء للقضاء الإدارى بمجلس الدولة. فيما أوضح خالد عبدالناصر، أحد القائمين على صفحة «العشى أون لاين»، أنه تم تدشين هاشتاج «الديكوفيل بره البلد»، تم خلاله عرض صور لسقوط عربات القطار على الأرض والحوادث التى جرت خلال الفترة الماضية، بعد أن تحول الأمر إلى كابوس يومى يهاجم المواطنين بالقرية، التى يبلغ عدد سكانها نحو 15 ألف نسمة، منها نحو 8 آلاف شخص، يعيشون فى ذعر بسبب مرور القطار يوميًا وسط منازلهم. وقال سيد خضري، مزارع بالقرية، إن زمن رحلة القطار يستغرق ساعات طويلة حتى تصل إلى مصنع السكر، بمركز قوص بمحافظة قنا، مما يعرض المحصول للتلف والنهب، كما أن خطوط «الديكوفيل» تغطيها الأتربة بسبب عدم تشغيل الديكوفيل سوى 6 شهور فى العام، مناشدا محافظ الأقصر التدخل لإنقاذ أهالى القرية من قطار الموت- حسب تعبيره . من جانبه، أكد، عبدالمحسن ربيع، رئيس مجلس مدينة الزينية، أن مطلب أهالى قرية العشي، بتحويل خط الديكوفيل خارج الكتلة السكنية، شأن خاص بمصنع سكر قوص، وليس من اختصاص مجلس المدينة، مؤكدًا أنه لم يتلق من الأهالى أى طلب بذلك، وإنما فوجئ بهذا المطلب منتشرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبا الأهالى بالتوجه إلى محافظ الأقصر، بطلب رسمي، ومن ثم مخاطبة مصنع السكر للنظر فى هذا الشأن لأنه هو الذى سيتحمل التكلفة، إذا تم نقل الخط، غير أن المكان البديل الذى اقترحه الأهالى تابع للري، بقوله: «إن هناك بعض الأمور تعد خطا أحمر لا بد أن نتعامل معها بهدوء». وأكد الطيرى حسن، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز الأقصر، أنه تم تقديم طلب للمهندس محمد عبدالرحيم، رئيس مجلس إدارة مصانع قصب السكر والصناعات، بعد الانتهاء من جلسة مجلس النواب الأخيرة، بشأن تغيير مسار خط الديكوفيل، ونقله من مكانه داخل الكتلة السكانية، لخارجها، مع الاحتفاظ بحق المزارعين فى نقل محصول القصب عن طريق الديكوفيل توفيرا لتكلفة النقل، وجارٍ تشكيل لجنة لفحص ودراسة الأزمة، التى أصابت الأهالى بالهلع. وأشار إلى أولوية نزع مساحة أرض من أراضى الرى لنقل الديكوفيل عليها فى حالة ما إذا استلزم الأمر نزع مساحة أرض صغيرة ملك خاص من أراض الأهالي، فإن هذا الإجراء يستلزم عقد جلسة حوار عرفية هادفة مع الملاك، لتوعيتهم بأهمية المشروع القومى وتعويضهم بمقابل مادى مجزٍ، كذلك وضع جدول زمنى محدد لحل وإنهاء الأزمة، كما أنه جارٍ تقديم مذكرة لمحافظ الأقصر لتشكيل لجنة فنية برئاسة رئيس مدينة الزينية، بالتعاون مع مسئول مصنع سكر قوص، لبحث وفحص ودراسة الشكوى واتخاذ اللازم قانونا.
