قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الحفاظ على الدول ومقدراتها حق من حقوق الإنسان، وأن الشباب في منطقتنا وخارجها في كل أنحاء العالم بحاجة إلى تعلم مقومات الحفاظ على الدول واستمرارها. وأضاف السيسي - خلال مداخلة في جلسة "ما بعد الحروب والنزاعات.. آليات بناء المجتمعات والدول"، ضمن منتدى شباب العالم المقام حاليا بمدينة شرم الشيخ - أن "هناك شباب من أوروبا من الممكن ألا يكون لديه تصور سليم للمشاكل الموجودة لدينا في المنطقة العربية وفي الدول الإفريقية، ويتساءلون لماذا يقتلون بعضهم؟ لماذا يهدمون بلادهم؟". وتابع الرئيس: "أنا أتحدث عن تلك التجربة لشباب أتى من كل العالم ليسمع وينظر إلينا وليس لديه فرصة تدبر ما يحدث في بلادنا والمنطقة". وأضاف الرئيس السيسي قائلا: "الحكاية أن شباب المنطقة حاولوا التغيير إلا أنهم لم يدركوا أن هذا التغيير سيأتي بفراغ ضخم وكبير، وأن هذا الفراغ لا يملأ إلا بالأشرار.. حتى ولو كان الحكام السابقين غير جيدين". وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الصراع الموجود حاليا في العالم قائم على النفوذ والأموال والمصالح، مشيرا إلى تغير أدوات الصراع في العالم بعدما أصبحت الحروب المباشرة مكلفة جدا وتبعاتها خطيرة، فأصبحت الحروب تستهدف تدمير الدول بشكل مختلف. وقال السيسي: "البلاد التي ذهبت لن تعود.. الوزيرة التي تحدثت من باكستان أهلا وسهلا بكي، نحن نتحدث عن دولة بجانبكم ظلت 50 عاما ولم تعد".. وتساءل قائلا "كم مليون شخص قتل في أفغانستان وكم مليون شخص قتل في العراقوسوريا وليبيا والدول الأخرى، من سيدفع هذا الثمن". وأوضح الرئيس السيسي أن إعادة الإعمار في سوريا يحتاج على أقل تقدير نحو 300 مليار دولار، وقال: "إذا كان أقل تقدير قيل بشأن إعادة إعمار سوريا نحو 300 مليار دولار.. وأقصى تقدير تريليون دولار.. هل هناك حكومة في سوريا مهما كانت قادمة من الأغلبية أو الأقلية تستطيع التعامل مع هذا التحدي". وتابع الرئيس السيسي قائلا "هل هناك من يعطيك 300 مليار دولار لتصلح بلدك.. في الدول المتقدمة سيقولون أنا سأصلح بلدي وأبني بلدي وأبني لشبابي، لكن لكم أنتم لا.. أنتم الذين تخربون بلادكم.. أنا بقولكم الكلام دا والله لن تسمعوه من أحد أبدا في موقعي هذا". وسلط الرئيس السيسي في حديثه أمام منتدى شباب العالم الضوء على الآثار المدمرة للنزاعات والفوضى التي مرت بها شعوب المنطقة، ومصير ملايين اللاجئين في المعسكرات والمخيمات ومدى تأثرهم بهذه الأحوال المعيشية الصعبة التي تلقي بظلالها على تكون شخصيات الأطفال في هذه المعسكرات، متسائلا عن القيم الأخلاقية والإنسانية التي ستكون موجودة في مجتمع عاش في معسكرات لاجئين لمدة 10 سنوات. وانتقل الرئيس السيسي إلى الحديث عن بناء الدول بعد فترات الفوضى والنزاعات ومحاولات هدم مؤسساتها ومعاييرها الوطنية وقيمها الأخلاقية والإنسانية، محذرا من استمرار خلاف الأطراف الداخلية في الدول وتعطيل مسار بناء الدولة مرة أخرى وإعادة الإعمار. وأكد الرئيس السيسي "أنه عقب انتهاء النزاع والبدء في إعادة الإعمار ندخل في إشكاليات.. نريد عمل دستور لبناء الدستور الذي تحطم.. فأثناء عمل الدستور حسب الوضع هل كان هناك تدخل خارجي أم لا؟.. هناك مجموعة مصالح أم لا؟.. تظل هناك خلافات في موضوع لجنة الدستور شهور طويلة".. وتساءل الرئيس قائلا: "هل سيكون لدى الدولة والقائمين عليها الاستيعاب أن أهمية خروج الدستور بعوار أفضل من أننا نراوح في مكاننا.. ولا نعمل دستور.. أنا أقول لا.. نكتب دستور وبه عوار أفضل من أننا لا نكتب دستور ونظل في خلاف". ولفت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تجربة مصر، مؤكدا أن وعي شعبها لخطورة هدم مؤسسات الدولة وسرعة استيعابه للدرس، حال دون استمرار الأزمة لوقت أطول ووقوع المزيد من الخسائر. وأشاد الرئيس السيسي بحرص الشعب المصري على مقدرات بلاده ووعيه بأهمية الحفاظ على مؤسساتها، وكذلك صبره وتحمله لإجراءات الإصلاح الاقتصادي.