لا تزال تفاصيل معركة العبور الخالدة، فى حرب أكتوبر 1973، التى أذهلت العالم، محفورة فى ذاكرة كل من شارك بها، من جنود الجيش المصري، الأبطال، وبينهم الحاج عسيرى محمود جاد، ابن قرية أبو عموري، مركز نجع حمادى بمحافظة قنا، رغم مرور 45 عاما، على ملحمة «الكرامة» وتحرير واسترداد أرض سيناء الغالية، من دنس العدو الإسرائيلي. عن ذكريات العبور والنصر، يحكى بفخر واعتزاز الحج عسيري، 75 عاما، تلك الملحمة بقوله: «التحقت بالخدمة العسكرية، عام 1964، وقضيت فترة 10 سنوات مجندًا، حتى انتهت خدمتي، عام 1974، بعد عام من تحقيق النصر العظيم، 10 سنوات مرت عليّ، كنت فيها شاهدًا على نكسة عام 1967، التى جعلتنا نشعر بالعار؛ لأن أرضنا سلبت منا غدرا، وشاركت فى حرب الاستنزاف، إلى أن جاءت لحظة رد الكرامة، فى 6 أكتوبر 1973». مضيفا: «كنت على قوة كتيبة بالجيش الثانى الميداني، وقبل الموعد المحدد للحرب بشهرين، تم تسريحنا من الجيش، وكانت هذه إحدى خطط الخداع الاستراتيجى التى قامت بها القوات المسلحة، وهو ما أعطى انطباعًا لدى العدو الإسرائيلي، بأن الجيش المصرى لن يحارب، وبعد عودتنا تم تكليفنا فى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهر السادس من أكتوبر، بالتحرك نحو قناةالسويس». متابعا: «بالفعل توجهت الوحدة نحو القناة، وعبرنا على الزوارق المطاطية، فى ظل تغطية القوات الجوية والمدفعية لنا، وواصلنا التقدم إلى خط بارليف، إلى أن وصلنا إلى النقطة 10، وهى النقطة الأخيرة فى دفاعات العدو على الخط، وكانت الأوامر مباشرة بالتعامل معها وتدميرها بالكامل، واستمرت الاشتباكات مع تلك النقطة نحو نصف ساعة، قمنا بالقضاء عليها تمامًا». مشيرا إلى أنه تم رصف الكبارى لعبور الدبابات من القناة، وفتح ممرات فى بارليف، فضلًا عن تقدم وحدته لأكثر من 15 كيلو بعد القناة، لافتًا إلى أن تسليحه الشخصي، كان مضادا للطائرات، وكان يتعامل مع طائرات العدو، التى استطاع إصابة العديد منها، بخسائر فادحة. واستطرد البطل الذى لا ينسى جميع المواقف التى مرت به خلال فترة الحرب بقوله: «كنا نحارب ونحن مؤمنين بشيء واحد فقط، وهو استرداد الأرض، لم نكن نخشى الموت، وكان تراب سيناء هو سبيلنا للجنة، كنا ندفن كل يوم شهيد، ونقتل ونأسر كل يوم من قوات العدو أيضا، ثأرا لزملائنا، كنا نؤمن بقضية كبري، وهى استرداد الأرض ورد الكرامة ومحو عار الهزيمة».