تبدأ الخميس 22 مايو.. جداول امتحانات الترم الثاني 2025 لجميع الصفوف في القاهرة والجيزة    «أبوشقة» يطالب بقانون شامل للتحكيم لتحقيق العدالة الناجزة    قصص تُروى وكاميرات تنطق بالإبداع.. حفل تخرج دفعة 40 شعبة إذاعة وتليفزيون بإعلام الزقازيق    وزير التعليم العالي يكشف تفاصيل مبادرة تحالف وتنمية لدعم الابتكار وريادة الأعمال    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مساعدات مالية للحالات الأولى بالرعاية    وزير الإسكان: حريصون على خلق فرص استثمارية للمطورين والمستثمرين العقاريين    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.4% خلال الربع الأخير من 2024 بدعم نمو القطاعات الحيوية    ترامب يهاجم وول مارت بعد عزمها رفع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية    أول تصريح لجو بايدن بعد إعلان إصابته بسرطان البروستاتا    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    «شباب على خطى النور» ندوة توعوية بالأقصر    شوبير يكشف تطورات ملف الجهاز المعاون لمدرب الأهلي الجديد    محافظ المنيا: ضبط 200 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية مكبرة    تجديد حبس 3 متهمين بقتل شاب فى مشاجرة داخل مصنع    بينهم أم ونجلها.. إصابة 3 أشخاص في تصادم ملاكي وتوك توك بطوخ    السجن 10 سنوات لعامل بتهمة إحداث عاهة مستديمة لشخص فى سوهاج    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لمشروعات صندوق التنمية الحضرية    نجوم فيلم The Phoenician Scheme في جلسة تصوير بمهرجان كان    وقفة عيد الأضحى.. فضائلها وأعمالها المحببة وحكمة صيامها    انعقاد جمعية الصحة العالمية ال78 فى جنيف تحت شعار "عالم واحد من أجل الصحة"    عاجل- الداخلية السعودية تحذر من مخالفي تعليمات الحج وتفرض غرامات تصل إلى 100 ألف ريال    وزير التعليم العالي: 30% من حجم النشر الدولي في مصر تأخذه «ناس تانية» وتحوله لصناعة    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    وزيرة البيئة تشارك في فعاليات المعرض العربي للاستدامة    رئيس الطائفة الإنجيلية: الاحتفال بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية يعكس روح الوحدة والتقارب بين الكنائس الشرقية    وزير الشؤون النيابية: نحتاج إلى محكمة قضائية لتنفيذ أحكام التحكيم    وزير العدل: التحكيم الدولي يبدأ بالزغاريد وينتهي بالتشابك مثل قضايا الأسرة    توسعات استيطانية بالضفة والقدس.. الاحتلال يواصل الاعتقالات وهدم المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح    إيلي كوهين..الجاسوس الذي زرعته إسرائيل في سوريا.. روايات عديدة لكيفية افتضاح سره والقبض عليه .. ساحة المرجة شهدت إعدامه وجثته ظلت معلقة ساعات.. وإسرائيل حاولت استعادة رفاته طوال 60 عاما    رئيس الوزراء يناقش سُبل الاستفادة من الآثار الغارقة بخليج أبي قير    تنطلق يوليو المقبل.. بدء التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    إلهام شاهين عن المشروع X: فيلم أكشن عالمي بجد    رئيس الوزراء الإسباني يطالب باستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن    رئيس الوزراء الهندي يشن هجوما لاذعا ضد باكستان    السعودية تتيح استعراض تصاريح الحج عبر تطبيق «توكلنا»    مجلس الوزراء: لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن.. والتحصينات متوفرة دون عجز    قوافل طبية متكاملة لخدمة 500 مواطن بكفر الدوار في البحيرة    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    "تبادل الاحترام وتغطية الشعار".. كوكا يكشف سر مشاركته في الجولة الأخيرة من الدوري الفرنسي    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    كشف ملابسات مشاجرة 5 أشخاص في المطرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    إثيوبيا تتعنت، خبير يكشف سر تأخر فتح بوابات سد النهضة    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصاد مصر وحرب النصر "2"
نشر في البوابة يوم 07 - 10 - 2018

تمر الذكرى ال45 لمعركة النصر فى 1973، وهى سنوات حافلة بالمتغيرات الاقتصادية المتنوعة، وتركت تأثيرات عديدة على المجتمع بشكل عام، وعلى الأفراد بشكل خاص، وكان المواطن المصرى محور التأثير سلبًا وإيجابًا، بسبب مختلف السياسات الاقتصادية، وهناك من جنى من وراء النصر واستفاد واغتنى، وصبت القرارات الاقتصادية فى صالحه، وهناك من حصد مرارة الأزمات، ودفع ثمنها.
وفى الحلقة الماضية، استعرضنا فترة الاستعداد لحرب النصر على مدى أكثر من ست سنوات، كان لها ظروفها وخصوصيتها، ومتطلباتها الاقتصادية، أما بعد قرار الحرب، فقد اتسمت السنوات ال45 بالعديد من المتغيرات، وبعضها ساد خلالها سنوات من "الصمت" التنموي.
تحولات دراماتيكية
ونقسم الأعوام ال45 من 1973 وحتى 2018، إلى أربع مراحل، وتشمل من 1973 إلى 1981، أى بوفاة الرئيس أنور السادات، وهى الفترة التى مثلت سنوات التغيير فى السياسات الاقتصادية والتحولات الدراماتيكية فى النهج الاقتصادى فى مصر، أما الفترة الثانية، فهى من أكتوبر 1981 وحتى 1991، وتمثل السنوات العشر الأولى من حكم الرئيس حسنى مبارك، والتى تعتبر فترة عدم وضوح الرؤية فى سياسات مصر الاقتصادية، رغم الاتفاق على رؤية اقتصادية، فى المؤتمر الاقتصادى القومى فى 1982.
لتأتى مرحلة التصفية لأصول الدولة، حتى تحت مسمى الإصلاح الاقتصادى وبدء برنامج بيع القطاع العام، والتى بدأت بأول اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، وامتدت من العام 1991 وحتى 2011 ومع قيام ثورة 25 يناير، فى وقت استمرت فيه عملية استمرار تخسير القطاع العام، ووقف خطط صيانته وتطويره.
أما المرحلة الأخيرة، والتى بدأت بعد 25 يناير 2011، ومستمرة حتى الآن، وهى مرحلة جديدة كليا تحمل سمات واضحة بالتوجه نحو اقتصاد السوق، وتخلى الدولة عن دورها الاجتماعي، خصوصًا فيما يتعلق بالتخلى عن سياسات الدعم، وفق سياسة السوق بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحت شعار ما يمكن تسميته ب"التنمية بثمن اجتماعي".
من الاشتراكية إلى الليبرالية
لا شك أنه كان لحرب السادس من أكتوبر انعكاسات اقتصادية واضحة، أظهرت روح التحدى بين الشعب والحكومة المصرية، ففى البداية كان تحول مصر اقتصاديا نحو المسار الليبرالى فى عام 1974، جاءت "ورقة أكتوبر" لرسم إطار نظري لهذا التحول، وفق رؤية الحكومة فى هذا الوقت، بالتركيز على ضرورة تنقية التجربة المصرية من السلبيات التى أعاقت حركتها، وضرورة المواءمة بين حركة العمل الوطنى فى المجال الاقتصادى وبين الظروف الجديدة التى يعيشها العالم.
وللدخول العملى فى خطة الانفتاح الاقتصادى فى تغيير توجهات الاقتصاد المصرى، فقد صدر القانون الشهير رقم 43 لسنة 1974 الخاص باستثمار رأس المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، ثم توالت بعد ذلك القوانين والتعديلات فى جميع الجبهات، لكى تتوافق مع سياسة "الانفتاح الاقتصادى".
ورأى متخصصون أن اقتصاد الحرب بدأ يتلاشي، ليدخل فى سنوات اقتصاد مختلفة كليا، ربما بعضها لتوظيف النصر لصالح فئات، بينما صناع النصر أنفسهم، خرجوا من دائرة الاستفادة، بإصدار قانون "الانفتاح" الذى فتح الباب على مصراعيه لوقوع مصر فى أنياب رأس المال المالى الباحث عن الربح السريع فى ضوء امتيازات وضمانات لم يتمتع بها من قبل، ثم بدأ القطاع الخاص يشكو، وينادى بأحقيته فى التمتع بتلك الامتيازات والضمانات، وتم له تحقيق ذلك إذا كان مشاركًا لرأس المال الأجنبى فى الاستثمارات التى تقام فى إطار هذا القانون، وعلى هذا النحو خلق هذا القانون تقنينًا مريبًا للتحالف بين الرأسمالية المحلية والرأسمالية الأجنبية. ثم توالت بعد ذلك القوانين والتعديلات فى جميع الجبهات، لكى تتوافق مع سياسة "الانفتاح الاقتصادى" مثل نظام الاستيراد بدون تحويل عملة، إقرار حق الأفراد فى تمثيل الشركات الأجنبية، صدور قانون جديد للنقد الأجنبى، تعديل قوانين الضرائب والجمارك، تفكيك الإطار المؤسسى للقطاع العام وإباحة مشاركته مع رأس المال الأجنبى، وبهذا الشكل السريع تم تغيير المعالم الأساسية لاقتصاديات النظام الناصري.
وتؤكد جميع التقارير والدراسات أن رأس المال المالى الدولى استغل التسهيلات الانفتاحية والسخاء غير المتوقع فى معاملته من جانب قادة الاقتصاد القومى آنذاك، وبدأ ينسج خيوطه العنكبوتية حول الاقتصاد المصرى من خلال التوغل غير العادى لفروع البنوك الأجنبية الدولية فى النشاط داخل الاقتصاد المصرى، والدلالة الهامة لهذا التوغل الانتشارى لهذه البنوك هى فقدان الدولة، ممثلة فى البنك المركزى الرقابة والتحكم فى نشاط هذه البنوك وحرمان الاقتصاد القومى من الاستفادة من جانب كبير من العملات الأجنبية، التى أصبحت تنساب من وإلى خارج هذه البنوك، فضلًا عن الدور الذى تلعبه تلك البنوك فى دعم النشاط الطفيلى للقطاع الخاص ومنحه الفرصة لاستعادة دوره وفتح الجسور معه للتعامل بحرية مع الاقتصاد الرأسمالي.
معركة النفط
والاتفاق العام بين الاقتصاديين، أكد أن معركة النفط واستخدامه كسلاح استراتيجى فى 73 / 1974، عكس أن النظام الدولى ليس نتاجًا "لحوار بين مجموعة من الحكماء" وإنما يعكس فى الواقع موازين القوى الحقيقية، فقد اعتبر رفع أسعار النفط فى عام 73 /1974، بمثابة انتصار جماعى للعالم الثالث، فلأول مرة منذ أربعة قرون يتخذ قرار يتعلق بالعالم أجمع ككل خارج إطار سيطرة المركز الرأسمالي، ولقد أثبتت هذه الخطوة إمكانية هذا، وأثبتت أن ما يدعى ب"قوانين السوق"، التى يستند إليها لتفسير استحالة تغيير الأسعار المجحفة لمنتجات العالم الثالث، ليست سوى مقولة "أيديولوجية" وضعت لإخفاء حقيقة موازين القوى الدولية.
ولا شك أنه كان نصر أكتوبر واستخدام سلاح النفط واتخاذ قرار جماعى للعالم الثالث برفع أسعار النفط فى عام 73 /1974 وهو أول قرار للدول النامية منذ أربعة قرون يتعلق بالعالم ككل وغير صادر عن سيطرة المركز الرأسمالي، كان ذلك دعمًا لمصداقية برنامج العمل من أجل إقامة نظام اقتصادى دولى جديد وإمكانية استخدام مصادر القوة المتاحة للدول النامية للحصول على أسعار مختلفة للمواد الخام واستخدام الموارد المالية المتراكمة عن هذا الطريق للإسراع بعملية التصنيع وبهذا المعنى يمكن القول إن أكتوبر 1973 مثل بحق نقطة تحول فى تاريخ العلاقات الدولية، إذ عند هذه النقطة أصبحت بلدان العالم الثالث واعية ليس بحقوقها فقط، وإنما بمدى قوتها بالأساس.
خيار مصر
لكن خيار النظام المصرى كان مختلفًا وفضل التحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحدة الأمريكية والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى والسوق العالمية، وأصبحت مقولة السادات الشهيرة بأن "99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا"، مقولة دالة وموجزة على هذا الاختيار.
وارتأت الحكومة المصرية أن الأفضل هو التحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحدة الأمريكية والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى والسوق العالمية، وتجسد ذلك فى افتتاح فروع البنوك الأجنبية الدولية فى مصر، وفى نفس الوقت قامت هذه البنوك على منح التسهيلات المصرفية وتسهيلات الموردين.
والأرقام تشير إلى أنه تم تحميل مصر بديون خارجية قصيرة الأجل وتسهيلات مصرفية وتسهيلات موردين، وهو ما أضعف من سلطة الدولة فى مجال التحكم فى قطاع التجارة الخارجية، وفى ضوء التسهيلات غير العادية التى حدثت فى مجال الاستيراد وحيازة النقد الأجنبى، وإشاعة جو محموم من الدعاية للاستهلاك الترفى، وفى ضوء الجمود الشديد الذى شهدته الصادرات المصرية، انفجر العجز فى الميزان التجارى انفجارًا هائلا خلال الفترة من 1973-1977.
ولهذا الأسباب، ولأسباب عديدة ونتيجة لأزمات السيولة النقدية فى عامى 1976 و1977، لجأت الحكومة للتعاون مع صندوق النقد الدولى بوضع برنامج للإصلاح الاقتصادى وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى الليبرالى الذى بدأته سياسة "الانفتاح الاقتصادى"، إلا أن هذا قوبل بغضب شعبي، وانطلقت "انتفاضة 17 و18 يناير 1977، وهو ما دفع الرئيس السادات وقتها إلى التراجع عن تلك القرارات سريعًا، لامتصاص غضب الناس، وسعى إلى اتهام اليسار وقتها بأنه وراء "الانتفاضة"، ثم توالت الأحداث السياسية التى طغت على كل الساحة، والتى انتهت باغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر 1981.
الضبابية بداية للتبعية
ومع تولى الرئيس حسنى مبارك مهام منصبه بعد اغتيال الرئيس السادات، تم عقد المؤتمر الاقتصادى القومى الذى ترأسه الرئيس حسنى مبارك فى فبراير 1982 وضم رموز معظم التيارات الفكرية والمدارس الاقتصادية المصرية بصياغة الخطة الخمسية الثانية فى تاريخ مصر الحديث والأولى فى عهد الرئيس مبارك، والتى شملت الفترة عن "81 /1982-86 /1987"، فيما رأى البعض أنها لم تكن سوى محاولة منظمة من جانب الدولة لوقف حالة الانهيار التى بلغها الاقتصاد المصرى، أى بمعنى آخر أنها كانت "خطة تثبيت" للوضع بالتعبير العسكرى دون أن تطمح فيما هو أكثر من ذلك أى إخراج الاقتصاد المصرى من أزماته وعثراته.
وجاءت هذه الخطة مخيبة للآمال، بل جاءت على الضد تمامًا مما كان عليه إجماع المؤتمر، فقد تزايد الاعتماد على القروض الخارجية وتراجع دور التخطيط وتخلت الدولة عن قيادة التنمية وأضعفت القطاع العام، ليتهيأ لبيعه وألغت الدعم وأطلقت حرية تكوين الأسعار ولم تهتم بمشكلة العمالة وزيادة البطالة وتزايد التفاوت فى توزيع الدخل والثروة.
واتفق المحللون الاقتصاديون على أن الخطة الخمسية الثانية فى عهد مبارك (87/1988- 91/1992) جاءت بنفس النتائج، بل وأكثر، مما أدى لانتهاج سياسة ما تم تسمته ب"الاصلاح الاقتصادي"، بناء على ثانى اتفاق مع صندوق النقد الدولى فى العام 1991 وفى عهد وزارة الدكتور عاطف صدقي، والذى حدد 10 سنوات للإصلاح بين 1991 و2001.
وتم وضع برنامج للإصلاح الاقتصادى، وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى الليبرالى الذى بدأته سياسة "الانفتاح الاقتصادى" على النحو الذى يتوافق تمامًا مع دمج مصر فى السوق الرأسمالى العالمى وتحقيق مصالح الدائنين والمستثمرين الأجانب ويشجع من نمو الرأسمالية المحلية المرتبطة برأس المال الأجنبي، إلا أنه نجح فى زيادة دمج مصر فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى وجعلها أكثر تبعية.
تحت رحمة الصندوق
وبالتوسع فى سياسات التحول الاقتصادي، أصبحت مصر فى مهب الريح وتحت رحمة صندوق النقد الدولى والمؤسسات الدولية لتقع مثلها مثل باقى الدول التى وقعت حكوماتها تحت ضغوط انتهاج سياسة الإصلاح الإقتصادى تحت شعار "التثبيت والتكيف الهيكلى" لتخضع لمصالح اقتصاديات البلدان الرأسمالية.
والمؤكد أن هذه السياسات ألغت عمليًا القرار الوطنى الخاص، لتخضع الدولة المصرية لسياسات الخصصة، بل والتعجيل بها ووصل الأمر إلى انتزاع الملكية العامة والتخلص من دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، وبدأت فيما بعد سياسات تدريجية لتعويم الجنيه وهو ما تم عدة مرات، بتغيير أسعار الصرف وتخفيض سعر الصرف لصالح الدولار.
وأخضعت الحكومات المتعاقبة الاقتصاد برمته لما يمكن أن نسميه "تفريغ هيكلي" بجراحة مشرطية من خلال خطط وبرامج التصحيح متفق عليها سلفًا مع صندوق النقد الدولى، وهو ما انعكس على الملايين بأشكال شتى، خصوصًا ما يتعلق بتصفية العديد من الشركات والبنوك، تحت شعار "الخصخصة"، وتثبيت قواعد القطاع الخاص على حساب ملكية الدولة والشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.