أكد مسئولون وسياسيون فلسطينيون، رفض الشعب الفلسطيني لمساعدات الإدارة الأمريكية المشروطة، معتبرين أن هذا القرار يعتبر تدخلا في الشئون الداخلية الفلسطينية. وكانت الخارجية الأمريكية قد أعلنت أن أكثر من 200 مليون دولار مساعدات سنوية كانت تقدم للضفة الغربية وقطاع غزة سيتم إعادة توجيهها لبرامج في مناطق أخرى بقرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسحبها من مخصصات الدعم الاقتصادي، مشيرة إلى أن هذا التمويل قيد المراجعة لضمان إنفاقه بما يتوافق مع مصالح واشنطن الخارجية وهو ما اعتبره مراقبون أنه ابتزاز سياسي ومالي واضح لفرض ما يعرف ب"صفقة القرن"، لاسيما وأنه قرار معطوف على خطوة تجميد الإدارة الأمريكية تمويلها لوكالة الأونروا ب65 مليون دولار، في الوقت الذي يتم دعم الحكومة الإسرائيلية برقم يصل إلى نحو 40 مليار دولار خلال عشر سنوات. وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، إن استخدام الإدارة الأمريكية لسياسة معاقبة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال لن يجلب لها مكانة أو تقدير في العالم. كما رفض أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، القرارات الأمريكية، وقال "إن المساعدات ليست منة على شعبنا، وإنما واجب مستحق على المجتمع الدولي الذي يتحمل مسؤولية استمرار الاحتلال الإسرائيلي لما يشكله من سد مانع أمام إمكانية التنمية والتطور للاقتصاد والمجتمع الفلسطيني". من جانبه قال المحلل السياسي ثابت العمور، إن تسهيل حياة الناس مطلب وضرورة وأمر ملح، لكن واحدا من أهداف الاحتلال تاريخيا هو إظهار القضية بمظهر أنها قضية إنسانية بحتة منذ النكبة، ومنذ اللحظة التي تأسست فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" قدمت فلسطين على أنها قضية إنسانية، وأن أهلها بحاجة لملبس ومأكل ومشرب وإشباع حاجاتهم الأساسية والإنسانية، واليوم العالم كله يلوح ومستعد لتقديم الإنساني على السياسي، يمكنهم توفير حاجة الفلسطيني الإنسانية دون الانتقال لحل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية. فيما لفت الكاتب الفلسطيني جاك يوسف خزمو إلى أن هذه السياسة الأمريكية تأتي إرضاء لإسرائيل، ولتعزيز العلاقات التحالفية والاستراتيجية معها، وتشير إلى أن القضية الفلسطينية أصبحت قضية ثانوية، وأنها قضية نزاع على أرض وليست قضية صراع حول الوجود. أما الخبير الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان فرأى أن موازنة السلطة الفلسطينية لن تتأثر بشكل فوري من قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتقليص 200 مليون دولار من المساعدات لأنها لم تكن ضمن المستفيدين المباشرين منها. وأضاف شعبان: "أن الإدارة الأمريكية لا تساهم مباشرة في دعم موازنة السلطة الفلسطينية.. وأن الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات المانحة يساهمون سنويا وبانتظام في موازنة السلطة إضافة لمساهماتهم في دعم المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية الأونروا والبنك الدولي. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية اتخذت قرار تجميد المساعدات في ديسمبر الماضي مع قرار تخفيض دعمها لموازنة الأونروا. وقال شعبان "إن تأثير القرار الأمريكي بالتجميد ظهر منذ عدة شهور مع صدور قرار التجميد حيث قامت العديد من المؤسسات الأمريكية بإنهاء عقود عمل معظم موظفيها المحليين وأوقفت العديد من الشراكات مع المؤسسات الأهلية وبعض برامج المساعدات الإنسانية". وأضاف "لا شك أن القرار الأمريكي بسحب هذه المبالغ المجمدة منذ عام سيزيد من الأزمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية وسيرفع من مستوى البطالة خاصة بين الشباب وقطاع المرأة". ورأى أن تعزيز التمويل الذاتي وانتهاج سياسة تقشف جدية تشمل العديد من بنود الصرف غير الضرورية وتعزيز مساهمات فلسطيني الشتات وتعزيز التعاون مع الدول الصديقة هي بعض من كثير مما يتوجب إتباعه لتجنب مثل هذه الصدمات والضغوط السياسية من خلال المال. وكانت الولاياتالمتحدة قلصت في يناير الماضي بنسبة كبيرة مساهمتها المالية في ميزانية وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي اضطرت لتسريح أكثر من 250 موظفا منذ ذلك الحين، فيما كشفت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية اليوم أن الرئيس ترامب أوقف التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بشكل كامل، بعد مرور أشهر على خفض الدعم المالي للوكالة، وذلك وفقا لما نقلته على لسان مصادر وصفتها بالمطلعة. يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أعلن في نهاية يناير الماضي، أنه سيشترط عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لتسليمهم المساعدات، وقام بتجميد هذه المساعدات.. وجاء القرار الأمريكي بينما تعاني ميزانية السلطة الفلسطينية من عجز كبير، كما تشهد الظروف المعيشية في قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي تدهورا سريعا.