يدخل اتفاق يقضي بأن تجمد إيران اجزاء من برنامجها النووي مقابل تخفيف للعقوبات المفروضة عليها حيز التنفيذ في 20 يناير مما يتيح للقوى العالمية وطهران ستة أشهر للاتفاق على نهاية كاملة لأزمة اثارت خطر اندلاع حرب على نطاق أوسع في الشرق الأوسط. وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من ان المرحلة المقبلة في المحادثات ستكون "صعبة جدا" بعد أن أعلنت إيرانوواشنطن والاتحاد الأوروبي عن البدء في 20 يناير في تنفيذ الاتفاق المؤقت الذي أبرم في جنيف في نوفمبر تشرين الثاني. وقال مسؤول أمريكي كبير إنه سيتم تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران اعتبارا من 20 يناير كانون الثاني ومنها تعليق القيود على صادرات إيران البتروكيماوية. وأضاف المسؤول أن التخفيف الفوري للعقوبات والذي سيتوقف على تأكيد مفتشي الأممالمتحدة أن إيران تحد من تخصيب اليورانيوم سيشمل واردات طهران لقطاع صناعة السيارات والتجارة في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى. وقال مسؤول إيراني إنه عقب دخول الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ سيبدأ الجانبان التفاوض حول تسوية نهائية لخلافاتهما المتعلقة بأنشطة تشتبه الدول الغربية في انها تهدف إلى اكتساب القدرة على صنع أسلحة نووية. وتقول إيران إن الهدف المحض من برنامجها النووي هو توليد الكهرباء وانتاج نظائر للاستخدام في الأغراض الطبية رغم بواعث القلق التي اثارتها محاولات طهران في السابق لإخفاء انشطة نووية حساسة عن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدى الاتفاق الذي ابرم في 24 نوفمبر إلى وقف الانزلاق على ما يبدو نحو حرب كبيرة في الشرق الأوسط بسبب طموحات إيران النووية. لكن الدبلوماسيين يحذرون من انه لن يكون من السهل تنفيذ الاتفاق بالنظر إلى حالة انعدام الثقة التي اتسم بها النزاع القائم منذ عشرة اعوام. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاتفاق سيتيح لإيران التوقف عن تنفيذ التزاماتها اذا رأت ان شركاءها لا يلتزمون بتعهداتهم. وأضاف للتلفزيون الرسمي "لا نثق بهم" مما يشير إلى ان الشكوك العميقة بين إيران والغرب كانت تشكل الأساس للمفاوضات المطولة التي جرت بين الجانبين. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما انه سيستخدم حق الاعتراض ضد اي عقوبات جديدة يوافق عليها الكونجرس الأمريكي اثناء المحادثات للتوصل لاتفاق طويل الاجل مع إيران لكنه قال إن واشنطن ستكون مستعدة لزيادة عقوباتها اذا لم تلتزم إيران بالاتفاق. ونقلت وكالة انباء مهر الإيرانية شبه الرسمية عن المتحدثة باسم الوزارة مرضية افخم قولها "صدقت العواصم على نتيجة المحادثات في جنيف... اتفاق جنيف سينفذ من 20 يناير." وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ايضا الموعد وقالت إن الجانبين سيطلبان الان من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق من تنفيذ الاتفاق. وقالت اشتون في بيان "سنطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بالأنشطة اللازمة للتحقق والمراقبة ذات الصلة النووية." وتمثل اشتون القوى الست الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا في الاتصالات الدبلوماسية مع ايران فيما يتعلق بالازمة بخصوص برنامج طهران النووي. واجتمع مسؤولون من الاتحاد الأوروبي وإيران في جنيف يومي الخميس والجمعة لتسوية المسائل العملية المتبقية ذات الصلة بتطبيق اتفاق 24 نوفمبر تشرين الثاني والذي وافقت إيران بمقتضاه على الحد من مستوى تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف بعض العقوبات. وحسب التقديرات الامريكية يعادل التخفيف الاجمالي للعقوبات المقدم لايران بموجب الاتفاق حوالي سبعة مليارات دولار. ويشمل هذا المبلغ 4.2 مليار دولار من خلال الوصول إلى الإيرادات الايرانية المجمدة حاليا في الخارج. وقال المسؤول "الوصول الى جزء من هذه الاموال سيرتبط بتقدم ايران في عملية التخفيف لليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة." وكان يشير الى التزام ايران بخفض النصف من مخزونها من اليورانيوم المخصب لتلك الدرجة الى يورانيوم لا تزيد درجة تخصيبه عن خمسة في المئة وهو التركيز القياسي للوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية. وقال المسؤول "ايران لن تصل الى الدفعة الاخيرة من مبلغ 4.2 مليار دولار حتى اليوم الاخير من فترة الشهور الستة." ويستتبع برنامج التخفيف ايضا السماح بأن تبقى مشتريات دولة ثالثة من النفط الايراني عند المستويات الحالية. وقال المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي مايكل مان يوم الجمعة ان اي اتفاقات ستحتاج للتصديق عليها من حكومات ايران والقوى الست. ويمتد الاتفاق ستة اشهر وتهدف الاطراف الى استخدام الوقت في التفاوض للتوصل لتسوية واسعة نهائية تحكم النطاق الكامل لبرنامج ايران النووي. وقال نائب الخارجية الايراني عباس عراقجي للتلفزيون الحكومي متحدثا عن الاتفاق الاولي إن التزامات كل طرف ستنفذ "في يوم واحد". واضاف "بعد اتخاذ الخطوة الاولى.. حينئذ في فترة قصيرة من الوقت سنبدأ مجددا اتصالاتنا لاستئناف المفاوضات لتنفيذ الخطوة النهائية." وتابع "نحن لا نثق بهم.. كل خطوة صممت بطريقة تسمح لنا بالتوقف عن تنفيذ التزاماتنا اذا رأينا ان الطرف الاخر لا ينفذ التزاماته." وبموجب بنود الاتفاق المؤقت يجب ان تحد ايران من تخصيبها لليورانيوم الى درجة نقاء نووي عند 20 في المئة لمدة ستة اشهر مقابل تخفيف بعض العقوبات. لكن على اكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية قال يوم السبت انه لن يكون امامه خيار سوى تكثيف التخصيب الى مستوى 60 في المئة اذا اقر البرلمان مشروع قرار معروضا عليه الآن رغم انه لا توجد حاجة حاليا لمثل هذا اليورانيوم عالي التخصيب. ويقول مؤيدو مشروع القرار ان اليورانيوم المخصب لدرجة تركيز 60 في المئة سيستخدم كوقود لغواصات تعمل بالطاقة النووية. وسيضع ذلك ايران على الحافة التكنولوجية لتركيز 90 في المئة الانشطاري الذي يكفي لصنع اساس قنبلة نووية. وعبر 218 على الاقل من اعضاء البرلمان البالغ عددهم 290 عضوا عن تأييدهم لمشروع القانون الذي يمكن في حالة اقراره ان يهدد التقدم تجاه حل للنزاع النووي. والبرلمان الايراني اكثر تشددا بشأن الموضوع من الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي انتخب بأغلبية ساحقة في يونيو حزيران الماضي بناء على برنامج لتخفيف عزلة ايران بالسعي لحلول دبلوماسية للنزاعات مع القوى الكبرى. لكن البعض يرى الاقتراح الذي طرح الشهر الماضي على انه رد على مشروع قانون قدمه محافظون متشددون في مجلس الشيوخ الامريكي سيفرض عقوبات اشد على ايران يخشى دبلوماسيون غربيون ان يهدم الدبلوماسية النووية. واثار عراقجي موضوعا ربما ما يزال بحاجة الى حل نهائي اذ نقلت عنه وكالة انباء الطلبة شبه الرسمية قوله ان ايران لا تتوقع اي قيود على اعمال البحوث والتطوير لديها. وقال "لا نتوقع اي قيد على انشطتنا للبحوث والتطوير في اطار اتفاق جنيف." وقال دبلوماسيون في وقت سابق هذا الشهر ان المحادثات اصطدمت بعقبة بسبب اعمال البحث والتطوير بخصوص طراز جديد لأجهزة طرد مركزي متقدمة للاستخدام النووي تقول ايران انها تقوم بتركيبها. ومثل هذه الاعمال للبحوث والتطوير ستهدف الى تحسين تكنولوجيا اجهزة الطرد المركزي الحالية لدى الجمهورية الاسلامية كي يمكنها تخصيب اليورانيوم بصورة اسرع واكثر كفاءة وهو احتمال يقلق الغرب. وأجهزة الطرد المركزي هي ماكينات تنقي اليورانيوم لاستخدامه كوقود في محطات الطاقة الذرية أو في الاسلحة اذا نقي الى درجة أعلى. ولم يظهر مؤشر فوري على ما إن كان هذا الموضوع ما يزال مشكلة أم أمكن حله الى حد ما.