حظيت الصناعة المصرية باهتمام كبير بعد ثورة 23 يوليو، فاستطاعت أن تنقل المجتمع المصرى من مجتمع زراعي فقط، إلى مجتمع نام ومتطور صناعيا، من خلال الإصلاح الزراعي، ومجانية التعليم، وتعظيم التصنيع، هذه المبادئ الثلاثة الأساسية التي طبقتها ثورة يوليو، والتي نتج عنها إنشاء مئات المصانع والشركات وإقامة عدد من القلاع الصناعية الكبرى في المحلة الكبرى وكفر الدوار وشبرا الخيمة وحلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي، والمصانع الحربية، والمشاريع الضخمة كالسد العالي. وساهمت هذه المشاريع، والتى وصلت إلى 1200 مصنع، بشكل كبير فى الارتقاء بالمجتمع المصري، وزيادة مساهمة الصناعة فى الناتج القومى وتحقيق نسبة نمو خلال الفترة من عام 1957 – 1967 بلغت 7 ٪ سنويا، ما يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر الثورة أن تحقق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة عليها. وكانت التجارة الخارجية حكرا على الأجانب وقلة من المصريين تدور فى فلكهم، فأهم الصادرات وهو القطن (حوالى 85٪ من الإجمالي) تحت سيطرة بيوت التصدير الأجنبية التى كانت تسيطر فى نفس الوقت على المحالج والمكابس، والواردات التى كانت تمر حتما بالتوكيلات المحلية للشركات الأجنبية، ووكالات الاستيراد «والقومسيونجية» وكانت التجارة الخارجية تمثل فى ذلك الوقت حوالى 50٪ من الدخل القومي. وبعد العدوان الثلاثي، أنشأت مصر وزارة الصناعة وبالتحديد فى يوليو عام 1957 وتم وضع أول برنامج قومى للتصنيع، بلغت تكاليفه الكلية حينئذ 250 مليون جنيه، لينفذ على خمس سنوات اختصرت إلى ثلاث وتضمن البرنامج الكثير من الصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء وتبعته الصناعات المعدنية والهندسية. وفى أواخر عام 1959، تقرر إعداد برنامج التصنيع الثانى ليغطى فترة السنوات الخمس التالية واستهدفت الخطة الخمسية الأولى (60/1961-64/1965) إعطاء دفعة قوية للصناعة فخصص لها 26.7٪ من الاستثمارات الكلية بهدف زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 42٪ فى نهاية تلك الخطة، ليبدأ بعد ذلك الإقدام على التأميم، ابتداء من تأميم البنك الأهلى وبنك مصر فى فبراير 1960 ثم تأميمات يوليو 1961 وما بعدها، وقوانين يوليو الاشتراكية ليتم الإعلان رسميا بأن القطاع العام هو القاعدة الأساسية للتنمية. وظل نصيب الاستثمارات الصناعية يدور حول نسبة 25٪ من الاستثمارات الكلية منذ عام 1960 فيما عدا الفترة من عام 1967 إلى عام 1974، حيث مرت البلاد بمرحلة اقتصاديات الحرب - نتيجة عدوان 5 يونيو - التى حدت من الاستثمارات الجديدة وأبطأت عملية التنمية وتضاعفت مشاكل الصناعة، من حيث مشاكل استيراد الخامات وقطع الغيار مع القيام بدورها كاملا فى سد الاحتياجات المحلية من المنتجات المتاحة. وقد أعلن البنك الدولى فى تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7٪ سنويا، وهذا يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر الثورة أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر الثورة. واستطاع الاقتصاد المصري، على الرغم من نكسة 67، أن ينجز العديد من المشروعات الصناعية العملاقة، لعل أبرزها بناء مجمع مصانع الألومونيوم فى نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه، مع الحفاظ على نسبة النمو الاقتصادى فى عامى 1969 و1970 وبلغت 8 ٪ سنويا، كما تمكن الاقتصاد المصرى عام 1969 من تحقيق زيادة فى فائض الميزان التجارى لأول مرة فى تاريخ مصر بفائض قدره 46.9 مليون جنيه.