وزير خارجية إيران يدين تصريحات ترامب تجاه خامنئي ويصفها بالمهينة    فلسطين.. شهيدان و12 إصابة إثر قصف الاحتلال مدرسة شمال غربي مدينة غزة    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال استهدف خيم النازحين بحى الرمال غربى غزة    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو والقنوات الناقلة مباشر في كأس العالم للأندية    «عنده ميزة واحدة».. أول رد من الزمالك بشأن مفاوضات محمد شريف    رافينيا يتحدث عن مفاوضات برشلونة مع نيكو ويليامز    حبس سائق السيارة 4 أيام وعمل تحليل مخدرات له    «كانت بتجمع عنب».. حزن في جامعة المنوفية لوفاة طالبة كلية الهندسة ب حادث الطريق الإقليمي    مصرع 3 من أسرة واحدة في انقلاب سيارة أعلى كوبري قويسنا ب المنوفية    شيماء ضحية حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية.. حكاية حلم لم يكتمل وفتاة اختارت الكرامة على الراحة    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    دون فلتر.. طريقة تنقية مياه الشرب داخل المنزل    ستوري نجوم كرة القدم.. مناسبة لإمام عاشور.. تهنئة شيكابالا لعضو إدارة الزمالك.. رسائل لعبدالشافي    «ملوش علاقة بأداء الأهلي في كأس العالم للأندية».. إكرامي يكشف مفاجأة عن ريبيرو    استمرار تدريبات خطة النشاط الصيفي بمراكز الشباب في سيناء    شيخ الأزهر ينعي فتيات «كفر السنابسة» ضحايا حادث الطريق الإقليمي    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق بمول شهير في العبور    قانون العمل الجديد يصدر تنظيمات صارمة لأجهزة السلامة والصحة المهنية    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    أحمد كريمة ينفعل بسبب روبوت يقوم بالحمل ورعاية الطفل خلال ال9 أشهر| فيديو    ماذا نقول عند قول المؤذن في أذان الفجر: «الصلاة خير من النوم»؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرها 16 عاماً ووالديها منفصلين.. إحباط زواج قاصر في قنا    جامعة الازهر تشارك في المؤتمر الطبي الأفريقي Africa Health ExCon 2025    البحيرة تستعد للاحتفال باليوم العالمي للتبرع بالدم    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن عقب آخر تراجع ببداية تعاملات السبت 28 يونيو 2025    فصل الكهرباء عن قرية العلامية بكفر الشيخ وتوابعها اليوم لصيانة المُغذى    تريلات وقلابات الموت.. لماذا ندفع ثمن جشع سماسرة النقل الثقيل؟!    «الزراعة»: ملتزمون بالتعاون مع إفريقيا وأوروبا لبناء سلاسل أكثر كفاءة    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    عمرو أديب: الهلال السعودي شرَّف العرب بمونديال الأندية حقا وصدقا    نجم الزمالك السابق: الأهلي يرفع سقف طموحات الأندية المصرية    مصر تفوز بعضوية مجلس الإدارة ولجنة إدارة المواصفات بالمنظمة الأفريقية للتقييس ARSO    أمانة التجارة والصناعة ب«الجبهة الوطنية» تبحث خططًا لدعم الصناعة الوطنية وتعزيز التصدير    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    التعليم تكشف تفاصيل جديدة بشأن امتحان الفيزياء بالثانوية العامة    مقتل شاب على يد ابن عمه بسبب الميراث    حزب الجبهة يقدّم 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و50 ألفا لكل مصاب بحادث المنوفية    استمرار الأجواء الحارة والرطبة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم والشبورة صباحًا    بعنوان "الحكمة تنادي".. تنظيم لقاء للمرأة في التعليم اللاهوتي 8 يوليو المقبل    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    الصحف المصرية: قانون الإيجار القديم يصل إلى محطته الأخيرة أمام «النواب»    لحظة إيثار النفس    «زي النهارده».. وفاة الشاعر محمد عفيفي مطر 28 يونيو 2010    قصة صراع بين الحرية والقيود| ريشة في مهب التغيير.. الفن التشكيلي بإيران بين زمنين    أمانة الحماية الاجتماعية ب«الجبهة الوطنية»: خطة شاملة بأفكار لتعزيز العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    الأردن يعزي مصر في ضحايا حادث الطريق الإقليمي    لماذا صامه النبي؟.. تعرف على قصة يوم عاشوراء    أمطار غزيرة تضرب باكستان وتتسبب في سقوط ضحايا ومفقودين    ترامب: من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة خلال أسبوع    أسعار الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 28 يونيو 2025    فنانة شهيرة تصاب ب انقطاع في شبكية العين.. أعراض وأسباب مرض قد ينتهي ب العمى    اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى 23 يوليو.. 7 جوانب اهتم بها «عبد الناصر» لبناء دولة عظيمة اسمها مصر
نشر في البديل يوم 23 - 07 - 2014

أن تقاوم هو أن تحلم، أن تصدق الحلم هو أن تكون واقعياً، أن تكون واقعياً هو أن تكون محارباً صموداً باسلا، أن تكون محارباً هو أن تكون مؤمناً بما تحارب من أجله، وأن تكون ذل ظل أخضر، هكذا كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، امن بها فامنت به .. هكذا ايضا ابدعت مصر قائدها، الذي ادرك ان لكل ارض خصوصية تاريخية وثقافية وجغرافية، تحدى قوانين اللعبة الاستعمالية وبذل نفسه، تأكيداً على استقلال مصر، وخصوصيتها وعبقريتها، فسارت حرة مبدعة بين الامم .
تمر اليوم الذكرى ال 62 على ثورة يوليو 1952 بزعيمها "ناصر" الذى ترك للاجيال مجداً وارثاً فكرياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً يشبهنا ويشبه طموحنا ترك لنا مشروعاً عظيماً خرج من رحم الامة المصرية، قام على أعمدة وجوانب سبعة هي : العدالة الاجتماعية، الجانب الروحي والديني، المرأة نصف المجتمع، الاهتمام بالفن والابداع، الجانب العسكرى، الجانب الصناعي والتنموي، السياسية الخارجية والقومية العربية والامتداد الأفريقي .
اولاً .. العدالة الاجتماعية :
صدر اول قانون للإصلاح الزراعي في مصر يوم 9 سبتمبر 1952 وأشتمل على 200 ماده ، حيث حددت الماده الاولى الحد الاقصى للملكية الزراعيه ب 200 فدان للفرد وسمحت الماده الرابعة للمالك ان يهب ابنائه 100 فدان وسمح ببيع الاراضي الزائده لمن يريدون وقرر القانون توزيع الاراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع 2- 5 افدنه ، تسدد قيمتها على ثلاثين عاما بفائدة 3%، ثم صدر قانون الاصلاح الزراعي الثاني عام 1961 والذي جعل الحد الاقصى لملكية الفرد 100 فدان يضاف اليها 50 فدان لبقية الاسره للانتفاع وتحريم بيع الارض من المالك لأبنائه ، وفي عام 1969 صدر قانون الاصلاح الزراعي الثالث عام 1969 والذي حدد الحد الاقصى للملكية 50 فدان ,إلا انه لم يجد طريقه للتطبيق بسبب وفاة الزعيم جمال عبد الناصر ، وكان من نتائج هذه القوانين توزيع 989184 فدان حتى عام 1969 حسب الاحصاءات الرسميه, واعتبرت هذه القوانين من اهم التطورات في حياة الفلاح المصري حيث دخلت المدارس والوحدات الصحية الى القرى وارتفعت نسبة الوعي والتعليم وتحسنت الاوضاع الصحية والاقتصادية للفلاح المصري, كما استطاعت مصر بفضل ذلك تحقيق اكتفاء ذاتي من كل محاصيلها الزراعيه ما عدا القمح ، حيث حققت فيه اكتفاء بنسبة 80% ., ببنما وصل انتاج مصر من القطن 10,8 مليون قنطار في عام 1969 وهو اعلى رقم لإنتاج محصول القطن في تاريخ الزراعه المصريه على الاطلاق, ووصلت المساحة المزروعة من الارز الى ما يزيد عن مليون فدان وهي اعلى مساحه زرعت في تاريخ مصر,
ومن مظاهر العدالة الاجتماعية ايضاً منع الفصل التعسفي للعمال، حيث كان صاحب العمل يستطيع أن يستغني عن العامل بدون أسباب، فصدر قانون العمل الذي نص على وجود أسباب قوية لفصل العمال في إطار القانون, كما اهتم عبد الناصر بمجانية التعليم وهي الخطوة التي بسببها حدث للمجتمع المصري تغير كبير حيث اصبح يستطيع اولاد الفقراء الحصول على الشهادات العليا وهو ما اسفر عن انخفاض نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم, وزاد عدد الشباب فى المدارس والجامعات والمعاهد العليا بأكثر من 300% , ثم توفر في عهد عبد الناصر عنصر المساواة وتكافئ الفرص فلم يكن هناك ما يسمى بالواسطة, ولا فرق بين رجل وامرأة أو ومسلم ومسيحي, كما ان اهتمام جمال عبد الناصر قاعدة صناعية كبرى وقطاع عام قوى وفر للمصريين الملايين من فرص العمل وهو ما جعل البطالة فى ذلك الوقت مشكلة هامشية لا وجود لها .
ثانياً .. الادباء والفنانون ملامج جديدة للوطن :
فيما يخص الجانب الاعلام والفني والثفاقي فى عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, يذكر ان الدولة فى يونية 1957 كرمت الدولة رسميا، وللمرة الأولى، الصحفيين والإذاعيين والمسرحيين والشعراء والزجالين والسينمائيين والقصاصين والملحنين والمطربين "الذين قاموا بجهد فى تعبئة الشعور القومى أثناء حرب 56 وكانت بادرة تشير الى ان الدولة الوليدة تقدر الفن دور الفنان فى القضايا الوطنية, ونذكر انه خلال فترة حكم جمال عبد الناصر لعبت الاغنيات الوطنية دوراً كبيراً فى رفع الروح المعنوية لدى ابناء الشعب المصري, ونشير هنا الى ان اغنية مثل حكاية شعب التى غناها عبد الحليم حافظ كان لها عظيم الاثر فى تعريف الشعب بمدى اهمية السد العالي وفخر المصريين ببناءه بمجهودهم وتمويلهم الخاص, هذا بالاضافة الى الالاف من الاغنيات الوطنية التى غناها غالبية الفنين انذاك وعلى رأسهم ام كلثوم وعبد الحليم حافظ .
على جانب اخر افتتح التلفزيون المصري وبدأ فى بث اولى برامجه عام 1960, ليصبح بمصر لأول مرة اعلامها المرئي الخاص, كما أهتم الرئيس عبد الناصر بتثقيف ابناء الشعب المصري, كما أولى «ناصر» السينما رعاية ودعماً بداية من إنشاء صندوق للدعم وانتهاء بتجربة القطاع العام التي لم تستمر سوى ثمانية أعوام قدمت فيها 26 مخرجاً جديداً من خريجى المعهد العالى للسينما ومن خارجه وهو رقم غير مسبوق إضافة إلى إنتاج 159 فيلماً جاء ثلاثون منها ضمن أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية, كما تم فى عهد ناصر افتتاح معرض الكتاب الدولي والمستمر حتى اليوم, ناقص كلمة من رئيس هيئة قصور الثقافة
ثالثاً .. الجانب الديني والروحاني :
وأهتم الرئيس عبد الناصر بالجانب الروحاني لدى المصريين, فانشئت فى عهده اذاعة القرأن الكريم, وتم زيادة عدد المساجد فى مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970، وتم جعل مادة التربية الدينية (مادة إجبارية) يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد لأول مرة في تاريخ مصر, وتم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية, وأنشأ مدينة البعوث الإسلامية التى كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون فى مصر إقامة كاملة مجانا أيضا، كما تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية فى مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر فى العديد من الدول الإسلامية, وأنشأ منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامي, فى عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم, وتم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ وتم توزيع القرآن مسجلا فى كل أنحاء العالم, ووصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات .
كما بنيت فى عهد "ناصر" الكاتدرائية, حيث تم وضع حجر الأساس يوم 24 يوليو 1965 بحضوره شخصياً وفي خطابه فى هذا اليوم قال ناصر : " مفهوم الثورة للديانات؛ بالمحبة، بالإخاء، بالمساواة، بتكافؤ الفرص نستطيع أن نخلق الوطن القوى الذى لا يعرف للطائفية معنى، ولا يحس بالطائفية أبدً, وكما قلت لكم فى أول الثورة حينما كنا فى فلسطين في سنة 48 كان المسلم يسير جنبًا إلى جنب مع المسيحى، ولم تكن رصاصة الأعداء تفرق بين المسلم والمسيحي"
ويقول الأنبا كيرولس، أسقف نجع حمادى، إن الأقباط عاشوا بأمان وسلام فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فلم تحدث فتنة طائفية فى عهده أو يتم الاعتداء على كنيسة فى أقاصي الصعيد، إلا مرة واحدة وتم التعامل مع المعتدين، ولم تتكرر طوال سنوات حكمه، مشدداً على أن عصره بمثابة العصر الذهبي للأقباط فى مصر، ونالوا حقوقهم كاملة ولم يتجرأ احد على التطاول على بابا الكنيسة الأرثوذكسية، أو يسب المسيحيين ويكفرهم من على منابر المساجد كما حدث فى عهد رؤساء آخرين.
وأضاف الانبا كيرولس، أن عبد الناصر كان رجل دولة بالمعنى الحرفي للكلمة، مدركا أن بناء دولة ديمقراطية قوية لن يتم إلا بوحدة نسيج المجتمع مسلمين ومسيحيين، وهو ما تم بالفعل حيث عاشت الدولة أزهى عصورها فى عهده، وبصفة خاصة الأقباط فلم يسمح عبد الناصر بحدوث فتنة طائفية بين أبناء المجتمع الواحد، ولهذا عاش المسلمين والأقباط فى وسلام .
وشدد أسقف نجع حمادى، على أن رغبة عبد الناصر الحقيقية فى بناء دولة قوية، كانت السبب فى إصراره على معاملة المسيحيين والمسلمين بنفس المعاملة دون تفرقة، فالرجل لم يستغل المسيحيين ولم يستدع حربا للعقيدة معهم، ولهذا سيظل عهد عبد الناصر أفضل سنوات عاشها الأقباط فى مصر.
رابعاً .. وضع المرأة فى عصر ناصر :
لا ننسى موقف جمال عبد الناصر من المرأة، فقد كان الرجل فى سعيه إلى التحديث يعمل على تحرر نصف المجتمع ليمنح المرأة جميع حقوقها الطبيعية باعتبارها كانت تمثل جانبا كبيرا من المجتمع مهضوم الحقوق مما جعل عبد الناصر يصر على أن يصدر فى الميثاق ما نصه : " أن المرأة لابد أن تتساوى بالرجل ولابد أن تسقط بقايا الأغلال التى تعوق حركتها الحرة حتى تستطيع أن تشارك بعمق وإيجابية فى صنع الحياة. "
لقد منح المرأة حقوقها السياسية كاملة وفق الدستور سنة 1956، فحصلت المرأة المصرية مثلا على حق التصويت قبل أن تحصل عليه المرأة فى سويسرا، كما طبق عليها مبدأ تكافؤ الفرص، فأصبحت مديرا عاما وأستاذا فى الجامعة ووزيرا ، كما تساوت مع الرجل فى الأجور والمرتبات، الشىء الذى لم يحدث حتى اليوم فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تتفاوت الأجور بين الرجال والنساء فى نفس الوظيفة، هذا فى الوقت الذى ظلت فيه زوجة جمال عبد الناصر تحتل مكانها التقليدى فى المجتمع المصرى ، فهى دائما إلى جانبه فى المناسبات الرسمية وتنشر صورها فى وسائل الأعلام ، ولكن لا يشار إليها إلا باسم حرم الرئيس .
خامساً .. الجانب العسكري والاستخباراتي :
انتجت مصر اول طلقة ذخيرة حية ناجحة, في عهد الرئيس جمال عبد الناصر, وبالتحديد فى 17 اكتوبر عام 1954, وكانت تلك الخطوة الاولى نحو استمرار الصناعات العسكرية والتى وصلت بعد مرور 10 سنوات الى مشروع انتاج محركات الطائرات النفاثة, وهو ما جعل مصر تبرم اتفاقية مع «جواهر لال نهرو» اول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها للتعاون بين البلدين حيث تصنع مصر محرك الطائرة النفاثة وتنتج الهند جسم الطائرة وهو نجحت مصر فى تصنيعه واختبرت اولى الطائرات فى سماء القاهرة خلال احتفال كبيرحضره السفير الهندي والقادة العسكريين الهنود, كما بدأت مصر برنامجها لتصنيع الصواريخ في أبريل 1957 ، وأثناء خطاب للرئيس جمال عبد الناصر في العام نفسه قال فيه حرفيا": أيضا هناك الصواريخ ، هناك علماء ألمان يتخطفهم العالم بما فيهم الولايات المتحدة ، وقد حاول بعضهم جس النبض معنا وقد قلت إننا نرحب, وهناك واحد بالذات اتصل بنا ، ويظهر أنه شارك بشكل كبير في تصنيع الصاروخ ف 2 ، وقد وافقت على قدومه هنا", وفي 21 يوليو 1962 شهدت سماء الصحراء الغربية اطلاق اول صاروخين مصنعين بايادي مصرية والذان حملا اسماء " القاهر , والظافر ", اما في المجال النووي شكلت مصر لجنة الطاقة الذرية عام 1955برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر, وفي يوليو 1956، وقعت مصر عقد الاتفاق الثنائي مع الاتحاد السوفيتي بشأن التعاون في شؤون الطاقة الذرية وتطبيقاتها في النواحي السلمية, وفي سبتمبر من عام 1956 وقّعت مصر عقد المفاعل النووي البحثي الأول بقدرة 2 ميجاوات مع الاتحاد السوفيتي، وتقرر في العام التالي إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية, وفي عام 1957 أصبحت مصر عضواً مؤسساً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما حصلت مصر على معمل للنظائر المشعة من الدنمارك في العام نفسه. وفي عام 1961، بدأ تشغيل المفاعل النووي البحثي الأول و تم توقيع اتفاق تعاون نووي مع المعهد النرويجي للطاقة الذرية. وفي عام 1964 طرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 150 ميجاوات وتحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب في اليوم، وبلغت التكلفة المقدرة 30 مليون دولار، إلا أن حرب يونيو 1967 أوقفت هذه الجهود.
وانشئ جهاز المخابرات العامة المصرية عام 1953, واستطاع الجهاز بمجهوده الخاص أن يبحث عن المعدات الفنية التي مكنته من تحقيق أهدافه و ذلك حين قام صلاح نصر بالتغلب على مشكلة التمويل و تغطية نفقات عمل الجهاز الباهظة في ذلك الوقت بإنشاء "شركة النصر للاستيراد و التصدير" لتكون ستاراً لأعمال المخابرات المصرية، وقام الجهاز بأدوار بطولية قبل وبعد حرب 1967, وهذه العمليات هي التي ساهمت بدورها بشكل كبير في القيام ب حرب أكتوبر سنة 1973 .
سادسا .. مصر واهتمامها بالتصنيع والتنمية :
في 19 سبتمبر عام 2002 نشرت جريدة الاهرام, خبراً عنوانه " تصنيع اول «أستيكة» مصرية 100 % , وهو ما سبب حالة من الاسى على الحال الذى وصلت اليه مصر التى كانت يوماً تصنع محركات الطائرات النفاثة, والصواريخ والسيارات .
نعود للزعيم عبد الناصر الذي كان أهم ما يشغل فكره هو كيفية النهوض بمصر صناعياً ومواكبتها للتقدم العلمي العالمي انذاك, فاهتم بشكل خاص بإنشاء المصانع ذات الصناعات الإستراتيجية فانشأ "ناصر" المجلس القومي للإنتاج عام 1953 والذي ضم مجموعة من الخبراء والمخططين للتطور الاقتصادي, ووضع برنامجاً للتصنيع اساسه اختيار عدد من الشركات الجديدة, وكان من اهم المشروعات التى تبناها المجلس مصنع الحديد والصلب والذى كان اكبر مصنع للحديد والصلب فى الشرق الاوسط , أعقب ذلك تأميم لقناة السويس كشركة مساهمة مصرية, وعقب العدوان الثلاثي على مصر انشئ عبد الناصر اول وزارة للصناعة فى مصر عام 1956 برئاسة الدكتور عزيز صدقي, وبعدها تم تأميم للصناعات الانجليزية والفرنسية فى مصر, ، كما تم إنشاء شركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، وشركة المحلة الكبرى, والنصر للسيارات, والنصر للتلفزيونات, وغيرها من المصانع والشركات, وبعد بناء السد العالى بتمويل مصري 100%، وفى الستينات تم مد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، كم تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية
وفى 13 فبراير 1960 أمم الرئيس عبد الناصر بنك مصر أكبر مصرف تجارى فى البلاد وكل الشركات الصناعية المرتبطة بعدما سقط هذا الصرح العملاق تحت سيطرة الاحتكارات البريطانية والأمريكية استرده عبد الناصر لمصر, والجدير بالذكر ان البنك الدولي في تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا، وهذا يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر عبد الناصر, واستطاع الاقتصاد المصري على الرغم من هزيمة الجيش المصري في 67 أن يتحمل تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالي الذي اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين والذى يعادل فى بناؤه 17 هرم من طراز هرم خوفو, وتم بناء مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادي وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه, واستطاعت مصر فى ظل نكسة 67 أن تحافظ على نسبة النمو الإقتصادى كما كان قبل النكسة بل أن هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا,واستطاع الاقتصاد المصري عام 1969 أن يحقق زيادة في فائض الميزان التجاري لأول وأخر مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنية بأسعار ذلك الزمان.
كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية، وكان الرئيس عبد الناصر يفخر أنه يرتدي بدل وقمصان غزل المحلة ويستخدم الأجهزة الكهربائية المصرية إيديال .
سابعاً : مصر وعلاقاتها الخارجية واهتمامها بقوميتها العربية :
ليس غائباً عن الجميع ان جمال عبد الناصر هو ايقونة القومية العربية وحامل المشروع العربي , وكان فى هذا المجال العديد من الخطوات, حيث اعلنت الجمهورية العربية المتحدة في 22 فبراير 1958, بتوقيع ميثاق التوحد بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر, والرئيس السوري شكري القوتلي, واختير بعد التوحد ناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة , واختيرت القاهرة كعاصمة, واندمج البرلمان المصري والسوري فى مجلس النواب بالقاهرة , وظلت الوحدة 3 سنوات قبل ان تتفكك فى عام 1961 بعد انقلاب عسكري حدث فى دمشق وانفصلت سوريا معلنة عن قيام الجمهورية العربية السورية, بينما ظلت مصر تحمل اسم الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971, الى ان تغير اسمها الى جمهورية مصر العربية .
وكان لسياسات عبد الناصر الخارجية اهتمام خاص بالقارة الافريقية , فهو ادرك منذ البداية ان مصر تربطها بأفريقيا عدة عوامل اهمها نهر النيل , فساهم فى دعم حركات التحرر الوطني من الاستعمار فى افريقيا, فأصبحت مصر البلد الاقليمي الاكبر للقارة السمراء, كما فتحت مصر فى عهد ناصر ذراعيها لزعماء التحرر الوطني وللأفارقة بشكل عام للدراسة بالقاهرة, والعيش بها ان ارادوا فكانت مصر قبلة للجميع وكانت كلمتها مسموعة, ويذكر انه فى برقية ارسلها صلاح سالم صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة والمسئول عن وزارة شئون السودان للحكومة السودانية في أغسطس 1955 بمناسبة بدء جلاء القوات البريطانية قال : "نحن الأفارقة يجب أن نهنئ أنفسنا بالتحرر وفى هذه اللحظات التاريخية بالنسبة لمصر والسودان، فإن قلوبنا تظل معلقة تجاه إخواننا الذين مازالوا يعيشون تحت نير الطغيان الاستعمارى والاحتلال فى القارة الأفريقية، وندعوا الله أن يساعدهم فى النجاح فى كفاحهم", كما أسست مصر الإذاعات الموجهة لأفريقيا بنحو 25 لغة ولهجة أفريقية.
وحول ازمة سد النهضة الحالية .. قال محمد فائق وزير الاعلام والمسئول عن ملف العلاقات الافريقية فى عهد عبد الناصر في تصريح صحفي سابق: إن موضوع النيل كان يشغل المساحة الأعظم من اهتمام عبد الناصر ضمن القضايا الأفريقية الأخرى، وكنا فى جميع مباحثاتنا مع السودان والدول الأفريقية نحرص دائماً على إشراك وزارة الرى التي كانت تضم علماء رفيعى المستوى, كانوا قبل خوض أى مباحثات أو الدخول فى أى مشروعات يعدون الدراسات والتوصيات والأبحاث، وكان مهندسو الرى فى عهد عبد الناصر هم الصفوة ولعبوا دوراً بارزاً فى الإعداد لمشروع السد العالى، وكان عبدا لناصر حريصاً على تأمين المياه ، مع الحفاظ على علاقات دبلوماسية مميزة مع دول النهر وتأمين منابع النيل، ولم يكن ذلك يسيراً فى ظل وجود استعمارى.
تعامل جمال عبد الناصر مع الغرب معاملة الند بالند, وأعلن انه لا املاءات على مصر ورفض اى تدخل غربي فى الشئون المصرية , ونذكر ان في خطاب للزعيم عبد الناصر للرد على شتائم اطلقتها اذاعة البي بي سي , قائلاً : «النهاردة لو هتشتمونا نقدر نديكم بالجزمة », كما تحدى الجميع وأعلن عن قرار تأميم قناة السويس عام 1956 مما تسبب فى العدوان الثلاثي على مصر من جانب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل , اعقبه رد من بريطانيا بتجميد الارصدة المالية لمصر فى بنوكها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.