في أول دراسة فقهية منهجية في العالم العربي، للفقيه المصري، المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، بعنوان الحقوق السيادية للدول الأربع "مصر - الإمارات - السعودية - البحرين" في غلق مجالها الجوي ضد الطيران القطري لحماية أمنها القومي من تدعيم وتمويل قطر للإرهاب، قال خفاج إن ما تقوم به قطر من تمويل للإرهاب يخالف مخالفة صارخة الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب. وأوضح أن الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 54/109، المؤرخ في 9 ديسمبر 1999 والصادرة بتاريخ 10 يناير 2000 قد ورد في ديباجتها أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، إذ تضع في اعتبارها مقاصد ميثاق الأممالمتحدة ومبادئه المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين وتعزيز علاقات حسن الجوار والصداقة والتعاون بين الدول، وإذ يساورها بالغ القلق إزاء تصاعد أعمال الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره في أنحاء العالم كافة، وإذ تشير أيضاً إلى جميع قرارات الجمعية العامة ذات الصلة بشأن هذه المسألة، بما في ذلك القرار 49/60 المؤرخ 9 ديسمبر 1994 ومرفقه الإعلان المتعلق بالتدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي، والذي جاء فيه أن الدول الأعضاء في الأممالمتحدة تعيد رسمياً تأكيد إدانتها القاطعة لجميع أعمال الإرهاب وأساليبه وممارساته، على اعتبار أنها أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها، أينما ارتُكبت وأيًا كان مرتكبوها، بما في ذلك ما يعرض منها للخطر العلاقات الودية فيما بين الدول والشعوب ويهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها. وأضاف: "وإذ تشير إلى الفقرة 3(و) من قرار الجمعية العامة 51/210 المؤرخ 17 ديسمبر 1996، التي طلبت فيها الجمعية إلى جميع الدول اتخاذ خطوات، بالوسائل الداخلية الملائمة، لمنع تمويل الإرهابيين والمنظمات الإرهابية والحيلولة دون هذا التمويل، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق منظمات ذات أهداف خيرية أو اجتماعية أو ثقافية أو تدعي ذلك، أو تعمل أيضاً في أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات وابتزاز الأموال، بما في ذلك استغلال الأشخاص لأغراض تمويل الأنشطة الإرهابية، والنظر بصفة خاصة، إذا اقتضت الحالة، في اعتماد تدابير تنظيمية لمنع تحركات الأموال المشتبه في أنها لأغراض إرهابية، والتصدي لهذه التحركات، دون وضع عقبات بأي حال أمام الحق في حرية انتقال رءوس الأموال المشروعة، وفي توسيع نطاق تبادل المعلومات المتعلقة بالتحركات الدولية لهذه الأموال ومن باب أولى تنطبق على فكرة إرهاب الدولة". وتابع: "تلاحظ أن عدد وخطورة أعمال الإرهاب الدولي يتوقفان على التمويل الذي يمكن أن يحصل عليه الإرهابيون، وأيضا أن الصكوك القانونية المتعددة الأطراف القائمة لا تعالج تمويل الإرهاب صراحة، وهو ما أسفر عنه صدور تلك الاتفاقية اقتناعاً بالحاجة الملحة إلى تعزيز التعاون الدولي بين الدول في وضع واتخاذ تدابير فعالة لمنع تمويل الإرهاب فضلاً عن قمعه من خلال محاكمة ومعاقبة مرتكبيه. ووفقاً للمادة الأولى من تلك الاتفاقية فإنه: "لأغراض هذه الاتفاقية: 1- يقصد بتعبير "الأموال" أي نوع من الأموال المادية أو غير المادية، المنقولة أو غير المنقولة التي يُحصل عليها بأي وسيلة كانت، والوثائق أو الصكوك القانونية أياً كان شكلها، بما في ذلك الشكل الإلكتروني أو الرقمي، والتي تدل على ملكية تلك الأموال أو مصلحة فيها، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الائتمانات المصرفية، وشيكات السفر، والشيكات المصرفية، والحوالات والأسهم والأوراق المالية والسندات والكمبيالات وخطابات الاعتماد". وأشار إلى أنه بموجب المادة الرابعة من تلك الاتفاقية فإنه: " تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة من أجل: (أ) اعتبار الجرائم المبينة في المادة 2، جرائم جنائية بموجب قانونها الداخلي. (ب) المعاقبة على تلك الجرائم بعقوبات مناسبة تراعي خطورتها على النحو الواجب وبمقتضى المادة الخامسة من الاتفاقية المشار إليها فإنه: "1- تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة، وفقا لمبادئها القانونية الداخلية، للتمكين من أن يتحمل أي كيان اعتباري موجود في إقليمها أو منظم بموجب قوانينها المسؤولية إذا قام شخص مسئول عن إدارة أو تسيير هذا الكيان، بصفته هذه، بارتكاب جريمة منصوص عليها في المادة 2. وهذه المسئولية قد تكون جنائية أو مدنية أو إدارية. 2- تحمّل هذه المسئولية دون مساس بالمسئولية الجنائية للأفراد الذين ارتكبوا الجرائم. 3- تكفل كل دولة طرف، بصفة خاصة، إخضاع الكيانات الاعتبارية المسئولة وفقا للفقرة 1 أعلاه لجزاءات جنائية أو مدنية أو إدارية فعالة، ومناسبة، ورادعة. ويجوز أن تشمل هذه الجزاءات جزاءات نقدية. وشدد خفاجي على أن المشرع الدولي ألزم الدول الأعضاء، بأن تحد من تدفق الأموال للإرهابيين، بأن تعالج تهديد تمويل الإرهابيين محلياً وعالمياً لحرمان الشبكات الإرهابية من التمويل والملاذ الآمن ,عن طريق تعزيز قدراتها القانونية والتنظيمية المالية والاستخباراتية المالية والمتعلقة بفرض القانون والقضائية لمحاربة تمويل الإرهابيين لمواجهة التحديات التي يشكلها تمويل الإرهابيين من خطر داهم، بأن تحمي الأنظمة المالية بصورة أفضل ضد إساءة الاستعمال من قبل ممولى الإرهابيين في أى مكان في العالم حماية للشعوب التواقة للاَمان الساعية للعيش بسلام لذا فإن الدولة الممولة للإرهاب تكون مسئولة دولياً أمام المجتمع الدولى ويجب أن يُحاكم حكامها دولياً لتلاشى توقيع عقوبات ولو كانت اقتصادية على الشعب ذاته باعتبار أن تمويل الإرهاب يأتى من حكامها لا من شعوبها. واستطرد: "لما كانت مصر ليست بمعزل عن هذا الاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب إذ أصدر رئيس جمهورية مصر العربية القرار رقم 426 لسنة 2004، بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والموقعة في نيويورك بتاريخ 10/1/2000 المشار إليها، وقد تحفظت مصر على هذه الاتفاقية بموجب مسئوليتها التاريخية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني وصدر به إعلان تفسيري قوامه أنه "مع مراعاة مبادئ وقواعد القانون الدولي العام وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، لا تعتبر جمهورية مصر العربية أعمال المقاومة الوطنية بكافة صورها بما فيها المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرير وتقرير المصير من الأعمال الإرهابية، كما صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 94 لسنه 2005 بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل والموقعة في نيويورك بتاريخ 12 / 1/ 1998، وعلى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 70 لسنه 2014 بشأن الموافقة على انضمام جمهورية مصر العربية إلى الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الموقعة في القاهرة بتاريخ 21/ 12 /2010, ومن ثم دخلت تلك الاتفاقيات الدولية في نسيج التشريع المصري، وبموجب المادة (93) من الدستور المصري الساري تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة، بل كانت من أولى الدول التي اَلت على نفسها مواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله لذا حرص دستورها على التزام الدولة بمواجهة تلك الظاهرة الإجرامية التي تمس حياة الشعب وتعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمني محدد , وهو ما انتهجته الدول الأربع التي فطنت إلى وجود مخطط الإرهاب لتقسيم بلادها والاستيلاء على خيرها، والسعي لتغيير نُظم الحكم بها , وهى مصر والإمارات والسعودية والبحرين". وأكمل: "لقد بات مسلماً أن الهدف الأسمى هو اقتلاع جذور الإرهاب من تربته واجتثاثه من منابته وليس السعي وراء أطروحة مجرد تجفيف منابع الإرهاب , فلا يجب أن يكون للإرهاب في الأصل أية منابع لأن تجفيف إحداها سيفجر أخرى، لذا وجب بناء استراتيجية شاملة تركز على الجانب الفكري ولا تقتصر على المواجهة الأمنية، وبناء نموذج تنويري بديل للأيدلوجيات المتطرفة، فالقصور تجاه القضاء على الإرهاب يرجع إلى عدم ايلاء الأهمية الكافية لفهم جذور ظاهرة الإرهاب وطبيعتها ومسبباتها , وإذا كان فهم الإدراك الكامل لأهمية الجوانب الأمنية والعسكرية في الإدارة اليومية للمعركة ضد الإرهاب ورصد واستباق تخطيط العناصر الإرهابية وتحركاتها بهدف منعها من توجيه ضرباتها إلا أن هذا لا يجب أن ينسى الدول العربية أنها مطالبة بفهم دوافع الإرهاب والفكر المتطرف التى يقوم عليها واستخدام العنف والترويع والخطاب الاعلامى لتلك الجماعات الذى يقوم على الاقصاء لا الاستبقاء واَثاره السيئة على المجتمع, والتى تجد مرتعاً لها وقبول داخل دولة قطر التى تأويها وتدعمها وتمولها". وذكر خفاجي الحق إن مصر – وهى في قلب امتها العربية النابض – انتهجت خلال مواجهتها للإرهاب في إطار من سيادة القانون واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كما نص عليه دستورها إيماناً منها بأهمية إعلاء قيم الحريات وترسيخ دولة المؤسسات رغم صعوبة المهمة , فهي تقود تلك المعركة الشرسة ليس دفاعاً عن نفسها وإنما صوناً للاستقرار الإقليمي وحماية لمقدرات شعوب المنطقة بأسرها التي لا يخفى ارتباط أمنها باستتباب السلم والأمن الدوليين، ومصر تدرك في حربها المقدسة على الإرهاب ثقل المسئولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها تمويل الإرهاب الدولي ومدى الإشكاليات الدولية في هذا الشأن , وهى بذلك تقدم نموذجاً لدولة تتماسك مؤسساتها دفاعاً عن مبدأ الدولة الوطنية ذاته في محيط إقليمي شديد الاضطراب وتسوده محاولات متكررة لهدم بنية الدولة وتفكيكها بتهديد من تنظيمات مُجرمة ومليشيات اَثمة تدعى سلطة التحكم في المجتمعات دون تفويض أو شرعية تنفيذاً لمخططات سياسية أو أيدولوجية بعيدة كل البعد عن تحقيق مصلحة شعوب المنطقة، وتستند إلى النظام القطري يدعمها ويمولها من أموال شعبه. وتابع: "المعركة مع الإرهاب ليست معركة أمنية بل هى صراع بين رؤيتين مختلفين للعالم وهو ما يتطلب بناء نموذج بديل للأيدولوجيات من أجل الحفاظ على الحرية وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء في الأمة العربية بالعمل الجاد على الحد من كبح جماح دولة قطر من تمويل الجماعات الإرهابية وأن وحدة الدول الأربع فى النظرة المشتركة سيساعد على نجاحها في مواجهة الإرهاب". وقال إن القضاء على تمويل الإرهاب أصبح ضرورة دولية ملحة لإصابته بالشلل والقضاء عليه وهى مسئولية لم تعد قاصرة فحسب – في الفكر الحديث ومصر في قلب الأمة العربية – على الدول العربية الأربع مصر والسعودية والإماراتوالبحرين والجهات الأمنية والمخابراتية والمعلوماتية بكل منها التى ينحصر دورها في مواجهة ظاهرة الإرهاب ولو بالأسلوب الاستباقى بل تتوقف كذلك على دور باقى البلاد العربية لتصطف في الصف العربى تجاه شقيق قليل الخبرة ,لا يدرك طبيعة مسئولياته الدستورية تجاه شعبه القطرى وحدود تعامله مع مجتمعه العربى وعالمه الدولى، مارق عن الوحدة العربية , ومنكر لحرمة لدم العربى. وشدد على أنه لا يمكن إغفال دور الأزهر الشريف في مصر وينبغى القول أن الكنيسة المصرية تتعاون تعاوناً صادقاً في دعم هذه المسئولية الوطنية , وكذلك ينبغى التأكيد على دور وزراء الأوقاف في كل دولة عربية خاصة الدول الأربع في بث روح الإسلام الوسطى بين الشباب كإحدى وسائل تجديد الخطاب الدينى كل في المجال المرسوم لها قانوناً فى إبراز وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه مع الآخر، وبيان وجه الخطأ في نسبة الإرهاب إليه الذى تصدره قطر للعالم لانحراف بعض المنتسبين إليه - ولا يمكن إغفال الدور الجوهرى الذى يبذله وزير الأوقاف المصرى - وتشمل محاوره علاج ظاهرة التطرف والغلو في الدين وسوء الفهم للنصوص الشرعية للنيل من ولاة الأمر والتشكيك في العلماء والإعراض عنهم وإحلال الاجتهاد في الدين من غير أهله وشيوع الفكر التكفيري لاستباحة الخروج على الأئمة والولاة ، وكشف زيف دولة قطر في تدخلها السافر في الشئون الداخلية للدول العربية بحجة حق الشعوب في الثورات.