حالة من الحراك شهدتها أروقة نقابة الصحفيين خلال الأيام الماضية، فما بين الجدل القائم حول قوانين تنظيم الصحافة والإعلام، وبين اعتصام عدد من الأعضاء للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية، ظهرت النقابة في مشهد من الاشتعال المهني، والذي عكس بشكل واضح المفارقة القائمة بين اهتمامات الصحفيين، وبين اهتمامات مجلس نقابتهم. اهتمامات أعضاء الجمعية العمومية انحصرت وبشكل واضح في "لقمة العيش"، رافعين شعار "عض قانوني ولا تعض رغيفي"، حيث لم يظهر الاعتراض على القوانين المنظمة للمهنة في أي من لافتات الصحفيين المعتصمين داخل بهو نقابتهم. جاءت البداية، حينما أعلن عدد من الصحفيين العاملين بجريدة "الأسبوع" اعتصامهم داخل مبنى النقابة احتجاجًا على تردي أوضاعهم المادية والأدبية والمعنوية، مشيرين إلى أنه في بداية الاعتصام أعلن عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين، استعداده وحماسه لبذل مزيد من الجهد في التفاوض مع إدارة الجريدة، حيث وعد بالتوصل الى حل للأزمة خلال عشرة أيام، وبعد انقضاء أكثر من سبعة أشهر لم يتوصل النقيب إلى أي حلول ما دفعهم لإعلان اعتصامهم المفتوح. الحراك داخل نقابة الصحفيين لم يتوقف عند ذلك الحد، خاصة مع اشتعال الخلاف بين أعضاء مجلس النقابة بشأن القوانين المنظمة للمهنة، وانقسامهم بين مؤيد ومعارض للتعديلات التي أجراها مجلس النواب على الصيغة النهائية للقوانين قبل اعتمادها بشكل رسمي خلال جلسته العامة، ووصل الخلاف إلى إلغاء الاجتماع الطارئ للمجلس، في حين دعا بعض أعضاء المجلس الجمعية العمومية للاجتماع للتشاور والتدارس حول الأزمة الفارقة في تاريخ المهنة، والخاصة بقوانين تنظيم الصحافة والإعلام، على حد وصف البيان. فمن جانبه، أكد أيمن عبدالمجيد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن دعوته لتأجيل اجتماع مجلس النقابة جاءت لرغبته في الاطلاع على النص الرسمي للقانون الذي أقره مجلس النواب أمس، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الاعتماد على ما تم نشره في المواقع الإلكترونية بخصوص ذلك الشأن. وقال "عبدالمجيد"، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز": "وجهت الدعوة إلى ضرورة الاطلاع على نص القانون قبل انعقاد مجلس النقابة، وبما أن النقيب لم يستطع الحصول على هذا قبل الاجتماع فقد تم تأجيله". وأضاف: "نحن في موضع مسئولية ولا يمكن الاعتماد في قراراتنا على ما ينشر في المواقع والصحف، ولكن يجب الاطلاع على النصوص الرسمية للقانون، خاصة أن الحرف يمكن أن يغير مفهوم الجملة". في سياق متصل، قال حاتم زكريا سكرتير عام نقابة الصحفيين إنه تقرر تأجيل اجتماع مجلس النقابة، بناء على الطلب المقدم من خمسة أعضاء والنقيب، مشيرًا إلى أن الخمسة الأعضاء هم: "خالد ميري، ومحمد شبانة، وإبراهيم أبو كيلة، وأيمن عبد المجيد، وحسين الزناتي". وأوضح "زكريا"، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، أن الأعضاء طلبوا تأجيل الاجتماع لحين ورود النسخة النهائية من قانون تنظيم الصحافة من البرلمان، للنظر في النص النهائي له ولمعرفة مدى الأخذ بملاحظات النقابة. وفيما يخص البيان الصادر عن حسين الزناتي، عضو مجلس النقابة، علق زكريا قائلا: "تقدم بطلب للنقيب للحصول على النسخة النهائية من القانون واعتبرنا كلامه تأجيل"، لافتًا إلى أن الاجتماع كان من المقرر عقده لمناقشة قانون تنظيم الصحافة وعدد من الموضوعات الخاصة بالنقابة، وتشكيل لجنة إعانة نظرًا للطلبات المقدمة من أعضاء بالنقابة لحاجتهم للإعانة لعدم اشتراكهم بمشروع العلاج. في المقابل، أصدر خمسة من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين بيانا دعوا خلاله لعقد اجتماع يوم السبت المقبل للتشاور والتدارس حول الأزمة الفارقة في تاريخ المهنة، والخاصة بقوانين تنظيم الصحافة والإعلام، على حد وصف البيان. وقال البيان: "فوجئنا بقرار صادر من نقيب الصحفيين بإلغاء اجتماع المجلس الذي كان من المقرر أن يناقش أزمة موافقة البرلمان على قانون إعدام الصحافة المسمى بقوانين الصحافة والإعلام، وذلك بحجة تقدم عدد من الزملاء أعضاء المجلس بطلب تأجيل الاجتماع لحين ورود الصيغة النهائية للقانون إلى النقابة، وهو ما نعتبره حجة واهية نظرًا لقيام البرلمان بالموافقة على القانون في جلسة علنية حضرها محررون برلمانيون وتم نشر صيغة القانون في عدد من الصحف والمواقع الصحفية، بل إن هناك من أعضاء المجلس المطالبين بتأجيل الاجتماع من كتب مقالات وأصدر تصريحات يفند فيها حسنات القانون من وجهة نظره". وأضاف: "على مدار الشهر الماضي حاولنا بكل الطرق التوافق مع النقيب وباقي أعضاء المجلس على إعلان موقف واضح ورافض لقانون إعدام الصحافة من المجلس بشكل رسمي ولكن كل محاولاتنا تم إجهاضها". -وقال أعضاء المجلس في بيانهم: "وعلى مدار 3 جلسات لمجلس النقابة ومنذ يوم 23 يونيو الماضي وهو اليوم الذي شهد قيام 183 زميلا بتقديم طلب رسمي لعقد جمعية عمومية غير عادية لإعلان موقف من قانون إعدام الصحافة، حاولنا بكل الطرق حث المجلس على إنفاذ قانون النقابة الذي يلزم المجلس بالاستجابة لطلب الزملاء والدعوة لعقد الجمعية العمومية غير العادية خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب، ولكن النقيب وعددا من أعضاء المجلس أصروا على فرض إرادتهم برفض تنفيذ القانون والامتناع عن الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية". وأضافوا: "بناء عليه وفي ظل محاولة تعطيل إرادة الجمعية العمومية نتوجه للزملاء الصحفيين والنقابيين السابقين وشيوخ المهنة بالدعوة للاجتماع في مقر النقابة يوم السبت المقبل الساعة الخامسة عصرا للتشاور والتدارس حول هذه الأزمة الفارقة في تاريخ المهنة، ومناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها سواء منا كأعضاء مجلس أو من الزملاء أعضاء الجمعية العمومية، وهو ما سيمكننا من اتخاذ موقف واضح يعبر عن إرادة الجمعية العمومية صاحبة السلطة العليا على مجلس النقابة". من جانبه، أكد محمد سعد عبدالحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن هناك نية جادة لعدد من أعضاء الجمعية العمومية، للتوجه للقضاء الإداري للطعن على القرار السلبي، لعدم عقد الجمعية العمومية انفاذا للقانون، بعد أن تقدم 183 عضوًا بطلب رسمي لمجلس النقابة لعقد عمومية طارئة، ردًا على تعديلات قانون الصحافة والإعلام. وأضاف عبدالحفيظ في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، أن عددًا من أعضاء مجلس النقابة سيضعون استقالاتهم تحت أمر أعضاء الجمعية العمومية في حالة انعقادها، مؤكدًا أن تعديلات مجلس النواب على قانون تنظيم الصحافة والإعلام "صورية".