تحول الحلم إلى حقيقة، وتمكنت مصر بسواعد 22 ألف عامل، منذ أكثر من 54 عاما، من بناء حصن منيع قادرعلى توفير احتياجاتها المائية للأجيال القادمة من أبنائنا. وفى عام 1952، بدأ حلم التفكير فى بناء السد العالى الذى يعتبر من أعظم المشروعات الهندسية فى القن العشرين، وذلك وفقا للتقرير الصادر من الهيئة الدولية للسدود، عقب تفوقه على 122 مشروعا عملاقا فى العالم. ويبلغ طوله 3600 متر، وعرض قاعدته 980 مترًا، أما عرض قمته فيبلغ 40 مترًا، ويبلغ ارتفاعه 111 مترًا، واستخدم فى بنائه 43 مليون مترٍ مكعبٍ من الأسمنت والحديد ومواد الإنشاء الأخرى، وبلغت تكلفة إنشائه تقريبًا مليار دولار، ساهم فى دفع ثلثها الاتحاد السوفييتي، وشارك فى بنائه قرابة ال 400 خبير من السوفييت. وبدأ الحلم بخطة قدمها المهندس المصرى اليونانى الأصل أدريان دانينوس، إلى مجلس قيادة ثورة 1952، وتتلخص خطته ببناء مشروع لبناء سد ضخم عند أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه، ولمعت الفكرة فى أذهان قائد الجناح جمال سالم، عضو مجلس قيادة الثورة، ومن هنا بدأت ساعة الصفر لانطلاق أضخم مشروع هندسى فى مصر. والتقينا بعدد ممن شاركوا فى ملحمة بناء السد العالي، ليكشفوا أسرار وتفاصيل لحظة تحويل مجرى النيل بعد اتمام المشروع بنجاح. ويروى الحاج لطفى يعقوب، تفاصيل مشاركته فى بناء السد قائلا: «كنا حاطين روحنا على إيدينا، وعمرى ما هنسى أصحابى إللى ماتوا قدام عنيا، عشان الحلم يكمل». وتابع قائلا: «نسيت كل ما مريت به أنا وأسرتى من مصاعب فى لحظة تحويل مجرى النيل، وقتها شعرت أننى قدمت شيئا يفخر به أولادى بعد مماتى». وكشف محمد عبدالحليم، أحد بناة السد العالى، أن 400 خبير شاركوا فى تشييد هذا المشروع الضخم، وكان العمل يجرى على قدم وساق بسبب الروح التى استمدوها من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وأوضح: فى كل عام من ذكرى بناء السد يتذكر مدى المعاناة التى قضاها على مدار سنوات من أجل إنجاز هذا المشروع، قائلا: «ده حلمنا إللى تعبنا عشانه سنين». وعن ذكرى اتمام بناء السد، يكشف الحاج إبراهيم حامد، عن أنه لن ينسى تاريخ 15 مايو من عام 1964، وهو يوم تحويل مجرى النيل بحضور الرئيس جمال عبدالناصر وزعيم الاتحاد السوفييتى نيكيتا خروشوف، مشيرا إلى أن السد العالى كان اختبارا لقوة وتحدى المصريين عقب قرار البنك الدولى برفض تمويل المشروع. ولفت قائلا: فكرة تفجير الساتر الترابى لتحويل مجرى النيل، أوحت للمقدم باقى يوسف حنا بفكرة تفجير خط بارليف بالماء خلال حرب أكتوبر عام 1973.