57 عاما مرت على وضع اللبنة الأول للمشروع العملاق الذي عارضته كبرى الدول الغربية، السد العالي الصرح الذي وضع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حجر الأساس له في التاسع من يناير لعام 1960 واستمر إنشائه حتى اكتمل صرحه عام 1970 وبدأ الخدمة منتصف يناير 1971. وعلى مدار العقود الخمس الماضية حمى السد العالي مصر من خطر الفيضانات ليبقي مياه نهير النيل خلفه خلال السنوات التي كان إيراد مياه النهر عاليا ويعوض النقص حالة انخفاض منسوب الفيضان ويمنع حدوث الجفاف في مصر، بعد محاولات قديمة لتخزين المياه بدأت بخزان أسوان وخزان جبل الأولياء. البداية كانت فكرة جريئة تقدم بها المهندس المصري يوناني المنشأ أدريان دانينوس إلي قيادة ثورة1952 بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد الطاقة الكهربائية منه وبالفعل بدأت الدراسات في أكتوبر من العام نفسه بعد موافقة مجلس قيادة الثورة على الفكرة، ثم تقدمت شركتان هندسيتان من ألمانيا عام 1954 بتصميم للمشروع. وفي ديسمبر من العام ذاته أقرت التصميم لجنة دولية وبدأت مرحلة تالية وهي تمويل عملية البناء، حينها تقدمت مصر بطلب إلى البنك الدولي لتمويل إنشاء السد العالي ووافق عليه ورأى أن مصر قادرة على إتمام المشروع، وأعلنت بعض الشركات من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عروضا للمشاركة في تنفيذ المشروع. لكن مع انتصاف يوليو لعام 1956 سحب البنك الدولي عرضه بسبب ضغوط الدول الاستعمارية بعد التقارب المصري الروسي والذي رأته دول كبرى مثل أمريكاوبريطانيا خطرا يهددها فأرادت الضغط على عبد الناصر إلا أن الأخير رد عليهم بتأميم قناة السويس ما أدى لاشتراك بريطانيا التي كانت تتولى إدارة القناة بالاشتراك في العدوان الثلاثي على مصر. وبعد انتهاء العدوان الثلاثي وقعت مصر والاتحاد السوفيتي سابقا اتفاقا لإقراض مصر 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الأولي من السد، وراجع الخبراء السوفييت تصميمات السد واقترحوا بعض التحويرات الطفيفة التي كان أهمها تغيير موقع محطة القوي واستخدام تقنية خاصة في غسيل وضم الرمال عند استخدامها في بناء جسم السد. ووقع الطرفان في ديسمبر لعام 1959 اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، ثم بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولي من السد في 9 يناير 1960 وشملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتي منسوب 130 مترا. وبعد بدء الحفر بنحو سبعة أشهر وقعت مصر اتفاقية ثانية للإقراض مع روسيا لتمويل المرحلة الثانية من السد بمبلغ 500 مليون روبل إضافية، واستمرت أعمال الحفر فتم تحويل مياه النهر إلي قناة التحويل والأنفاق وإقفال مجري النيل والبدء في تخزين المياه بالبحيرة، وأتمم إنشاء جسم السد حتي نهايته وكذلك الانتهاء من بناء محطة الكهرباء وتركيب التربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهربا. وفي أكتوبر من عام 1967 انطلقت الشرارة الأولي من محطة كهرباء السد العالي ليبدأ تخزين المياه بالكامل أمام السد العالي منذ عام 1968، لينتهي العمل به تماما عام 1970 بتكلفة إجمالية بلغت نحو450 مليون جنيها، بطول 3830 متر منها 520 مترا بين ضفتي النيل ويمتد الباقي علي هيئة جناحين علي جانبي النهر. وتوضح وزارة الموارد المائية والري بقية مواصفات السد فيبلغ ارتفاعه نحو 111 مترا فوق منسوب قاع نهر النيل وعرضه عند القمة 40 مترا، فيما تقع محطة الكهرباء علي الضفة الشرقية للنيل معترضة مجري قناة التحويل التي تنساب منها المياه إلي التربينات من خلال ستة أنفاق مزودة ببوابات للتحكم في المياه بالإضافة إلي حواجز للأعشاب. وقالت إن محطة الكهرباء تنتج طاقة كهربائية تصل إلى 10 مليار كيلووات ساعة سنويا، أما فيما يخص بحيرة ناصر فأوضحت أنه طولها 500 كيلومترا، ومتوسط عرضها 12 كيلومترا تغطي النوبة المصرية بأكملها وجزءا من النوبة السودانية، تستطيع أن تخزن بها نحو 183 متر من المياه. فيما تبلغ السعة التخزينية للسد العالي الذي يعد الأضخم في العالم بنحو 169 مليار متر مكعب، توزع كالتالي 31.6 مليار متر مكعب سعة التخزين الميت المخصص للإطماء، و89.7 مليار متر مكعب سعة التخزين التي تضمن متوسط تصرف سنوي يعادل 84 مليار متر مكعب موزعة بين مصر والسودان-55.5 مليار متر مكعب لمصر و 28.5 مليار متر مكعب للسودان- وتشمل أيضا 47.7 مليار متر مكعب سعة التخزين المخصصة للوقاية من الفيضانات. وعمل السد العالي على التوسع في المساحة الزراعية نتيجة توفر المياة والتوسع فى استصلاح الأراضي وزيادة مساحة الرقعة الزراعية من 5.5 إلي 7.9 مليون فدان، وساعد أيضاً على زراعة محاصيل أكثر على الأرض مثل الأرز وقصب السكر وأدى إلى تحويل المساحات التي كانت تزرع بنظام الري الحوضي إلى نظام الري الدائم .