تحل اليوم الذكرى ال58 على تدشين أكبر وأهم مشروع للتخزين المستمر لمياه النيل والأول من نوعه في دول حوض النيل وهو مشروع "السد العالي"، الذي يعد أحد أعظم مشاريع القرن العشرين فى مجال الهندسة والإنشاءات. ويعد العالم العربي "الحسن بن الهيثم" أول من فكر في إنشاء مشروع السد العالي، حيث اقترح على الخليفة الفاطمي بناء سد للتحكم في تدفق مياه النيل ولكن قابل الخليفة اقتراحه بالرفض، وتجددت الفكرة من جديد عندما تقدم المهندس أدريان دانينوس اليوناني الأصل إلى مجلس قيادة ثورة 1952 بمشروع إنشاء سد ضخم في أسوان لتخزين مياه فيضان النيل وتوليد الكهرباء. وقد نظرت قيادة الثورة للمشروع بعين الأعتبار وتولى أمره كلًا من المهندسين محمود يونس وسمير حلمي لدراسة المشروع من كافة جوانبه، وبالتالي شكلت لجنة عليا ضمت العديد من الخبراء في هذا الشأن برئاسة المشير عبد الحكيم عامر. وأكدت الدراسات أن المشروع قادر على توفير احتياجات مصر المائية، وبناءًا على ذلك تقدمت شركتان هندسيتان من المانيا بتصميم للمشروع وتم الموافقة عليه بعد المراجعة من قبل لجنة دولية، وبعد ذلك طلبت مصر التمويل من البنك الدولي الذي أكد على جدوى المشروع وبالفعل قدم البنك عرض بمعونة تساوي ربع تكاليف الإنشاء ولكن بشروط مجحفة لمصر. وجاءت شروط البنك الدولي كالتالي: - تتعهد مصر بعدم إبرام أي اتفاقيات مالية أو الحصول على أي قروض دون موافقة البنك الدولي. - الموافقة على أحقية البنك الدولي في مراجعة ميزانية مصر. - تتعهد مصر بتركيز تنميتها على مشروع السد العالي فقط. - تخصيص مصر ثلث دخلها لمدة عشر سنوات لتنمية السد العالي. وقد أثارت تلك الشروط غضب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورفض الموافقة عليها، ووفقًا للرفض المصري قرر البنك الدولي الانسحاب من تمويل مشروع السد العالي. وفي ديسمبر 1958، وقعت مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي تقرر فيها منح مصر مبلغ 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الاولى من السد، وفي 1959 تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان. وتم وضع حجر الاساس لبناء السد العالي في 9 يناير عام 1960، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الاولى، التي شملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة، وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب 130 مترًا. تكلف المشروع 400 مليون جنيه، وفي يوليو 1970، تم الانتهاء من بناء السد العالي وأقيمت احتفالية كبيرة حضرها الرئيس الروسي نيكاتا خروشوف، وفي 15 يناير 1971 بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر تم الأحتفال بأفتتاح السد العالي وتشغيله.