يستيقظ كل صباح قبل أن ينشر الفجر راياته على ربوع الأرض، تبث العصافير زقزقاتها فى أذنه، بينما هو يبث العلم والثقافة وأخبار اليوم فى آذان وأعين زائريه، ممن يحرصون على عادة يرى البعض أنها ستنقرض، ويرى هو أنها ستظل حتى يوم يبعثون. كشك صغير يقف بداخله فتحى عطية، منذ 20 عاما، تغير رؤساء تحرير، سقط بعضهم فى زلات قلم، ورحل بعضهم بعدما أدى ما عليه تجاه القلم، ذاكرته تشهد على كل ذلك، وتختزن بداخلها تاريخ بيع الصحف المصرية بعدما توالت النكسات مرة والانتصارت تارة أخرى. أصاب الصحافة والعاملين بها ركود مثلما أصاب الكثير من المهن، يحكى فتحى محمد عطية، صاحب ال60 عاما، تاريخ آخر 20 عاما من عمله فى بيع الصحف قائلا: «الزمن بيتغير والناس بتتغير بس فضل شراء الصحف ثابت، ولكن من سنتين بدأت حركة بيع الصحف تتراجع، لأن الصحف غالية، فقل الشراء إلا لو كان حدث سياسى أو كروى. ويتابع: «كتير فاكرين إن الصحف الورقية هتختفى وده مفهوم خاطئ، لأن الصحافة بتطور نفسها، وزمان أول ما ظهر التليفزيون قالوا الراديو هيختفى لقينا الناس بتستخدم الراديو فى العربيات تسمعه أو فى التليفونات تشغله، فزاد الإقبال، لو رجعت الصحافة تبيع بسعر أقل والكاتب يفرق بين إنه يكتب موضوعه على النت والفيسبوك ويكتفى بأنه يكتبه فى الصحيفة الورقية، وكل جريدة تنفرد بكاتب معين ليه شعبية والناس بتقرأ له، وتمنع الناس اللى بيصدرولنا مقالات تكرهنا فى القراءة هترجع أقوى من الأول بكتير وهيبقى القارئ ملوش مفر إلا إنه يشترى الجورنال عشان يقرأ لكاتبه المفضل ويقرأ اللى مش هيلاقيه على المواقع، وفوق كل ده ينزلوا أسعار الجرايد». وتابع: «كنت ببيع كل يوم أكتر من ألف نسخة لحد سنتين ومن يوم ما غليت أثر ده عليا وعلى معيشتى ودخلى وبقيت ببيع من 200 ل 400 نسخة بالكتير، فبقيت أعانى أنا واللى بيشتغلوا فى المهنة دى وأخاف يسحبوا منى الترخيص لأن الإقبال قل وأنا مليش مصدر غيره وأولادى لسه بيدرسوا فياريت يبصوا لينا بردوا لأننا بنعانى أكتر بعد ما خدمنا الصحافة بنص عمرنا».