لم يعرف العالم أفضل من القطن المصرى «طويل التيلة» الذى حقق شهرة جعلته الأول والأكثر طلبًا فى العالم، وأحد أهم مصادر الدخل القومى فى الستينيات، قبل أن يواجه مرحلة من الاضمحلال نتيجة عدد من المشكلات التى ساهمت فى تراجعه فى السوق العالمية. ويواجه الفلاحون كل عام الكثير من العقبات، أهمها عدم ربط عملية بيع القطن بين الفلاح، ووزارة الزراعة، بجانب أسعار الأسمدة وعدم توافرها، وجشع التجار، وهو ما يهدد زراعته ويؤثر على جهود النهوض بالإنتاج، ويدفع الكثير من المزارعين للإحجام عن زراعته خشية الخسارة. وقال «أبو سعدة» فلاح من مدينة بلقاس، تكلفة زراعة الفدان تصل ل 3000 جنيه شاملة الأسمدة والزراعة والمبيدات، بينما تسعيرة الحكومة للحصول على المحصول من الفلاحين أقل من ذلك بكثير، وتجار السوق السوداء يتحكمون بالأسعار، ويشترونه بثمن بخس. والتقط «السيد أبوسالم» فلاح من بلقاس طرف الحديث قائلا: «ليس هناك التزام من الجمعيات باستلام المحاصيل من الفلاحين ويضطرون لبيعها فى السوق السوداء». وقال «عبده المرسى»، 55 عامًا، فلاح من تمى الأمديد: الفلاح يتكبد الكثير من المتاعب والجهد لجنى محصوله، لكنه فى النهاية لا يجد مكسبا بل خسارة. وأكد «محمود كامل» رئيس لجنة الإعلام بالنقابة العامة للفلاحين أن تسعيرة القطن لا تعود على الفلاح بهامش ربح، الأمر الذى يضطره إلى اللجوء لزراعة الأرز، مما أدى إلى إنخفاض مساحته العام الماضى، ومع ذلك فوجئ معظم المزارعين بعدم توافر المياه اللازمة لرى المحصول. وانتقد إهمال زراعة القطن، قائلا: تكثيف زراعة القطن يعود بعدة فوائد على الدولة، وأبرزها تشغيل جميع مصانع المنسوجات ومحاربة البطالة، وإدخال العملة الصعبة لمصر. وقال «مجدى حسين» 52 عامًا، فلاح: إن مأساة الفلاحين لا تنحصر فى تسعيرة القطن فقط، وإنما يعانى الفلاحون من العديد من المشاكل، ومن ضمنها عدم كفاية الأسمدة المقرر صرفها للفلاحين من الجمعيات الزراعية لزراعة الأفدنة، ويضطرون للجوء إلى شراء الأسمدة من تجار السوق السوداء بضعف الثمن. وأكد نسيم البلاسى، نقيب الفلاحين بمحافظة الدقهلية، أن مشكلة الأسمدة تكمن فى عدم كفاية الحصة المحددة من وزارة الزراعة للأرز والبنجر بمعدل «شيكارتين» للفدان، فيما يحتاج محصول الأرز ل4 «شيكارات»، والبنجر إلى 8. وأضاف أن فدان القطن ينتج 6 قناطير بحوالى 12 ألف جنيه للقنطار، ما يعنى حصول الفلاحين على هامش ربح، وتحرير سعر الدولار عاد بالنفع على الفلاحين، لكن الأسعار ارتفعت بشكل غير مسبوق، وبيع المحاصيل حسب العرض والطلب. وكان المهندس محمد المنسى، وكيل وزراة الزراعة الأسبق بالمحافظة، أعلن منذ فترة زيادة نسبة المساحات المزروعة من محصول هذا العام بفارق 12 ألف فدان. وفى وقت سابق، أكد الدكتور «عبدالمنعم البنا»، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن الوزارة تولى اهتمامًا خاصًا بمحصول القطن لإعادته إلى عرشه، ونعمل على التوسع فى المساحات المخصصة لزراعته ل 250 ألف فدان، بما يحقق الاستفادة من القيمة المضافة للمحصول خلال مراحل التداول، من خلال التنسيق مع وزارات التجارة والصناعة والاستثمار والتعاون الدولى وتطوير مصانع الغزل المصرية لزيادة قدراتها الإنتاجية لاستخدام القطن المحلى بدلًا من المستورد خلال السنوات المقبلة.