يستضيف الدكتور خالد عزب الشاعر والروائي علي عطا في حلقة برنامج "رحلة مع الكتب" التي تذاع في الخامسة مساء غد الخميس على قناة "الناس". ويرى الدكتور خالد عزب أن رواية "حافة الكوثر" الصادرة مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية قد تكون كاشفة لقدرات علي عطا في السرد، لكن الأكثر أهمية هي أنها تقدم رؤيته للحياة. ويضيف: "في رواية حافة الكوثر؛ نجد مستويات متعددة من الحكي، باستدعاء الماضي تارة أو بإثرائها بالشخوص والأحداث، هنا أستطيع أن استدعي عبر صفحات الرواية شيئا آخر مهما، هو قدرة الراوي في التعبير عن أزمة جيله، هو يدخل مصحة نفسية للاكتئاب، لكنه يؤكد أن الاكتئاب مرض شائع، وقد لا يكون ضروريا أن يدخل صاحبه مصحة، لكن شيوع الاكتئاب له أسباب متعددة، في حالة الراوي، هي سبب اجتماعي وفي حالات أخرى قد يكون اقتصاديا أو سياسيا، فهل عبر الراوي عن أزمة جيل في حقيقة الأمر؟ ويذهب خالد عزب إلى أن من ولدوا في ستينيات القرن العشرين في مصر وامتد بهم العمر إلى الآن؛ مروا بأزمات واضطرابات اجتماعية وسياسية عديدة، وتحولات اقتصادية، فضلا عن انسداد أفق الصعود السياسي لمن يطمحون لممارسة العمل السياسي، أو انسداد أفق الصعود الاجتماعي لتحول المجتمع لطبقية جديدة، هي طبقية الوظائف المغلقة على أسر معينة، فهل كان علي عطا في حافة الكوثر يعبر عن هذا بصور مختلفة عبر المصحة التي يرتادها عدد من شخوص روايته. ويضيف أن هذا سؤال لا تجيب عنه الرواية، لكن الراوي يتركك لكي تسأل نفسك، وتتخيل أحداثا إضافية، فهل علي عطا هنا يستخدم تقنيات السرد الرقمي التي يشترك فيها المبدع والقارئ في بناء واستكمال العمل الأدبي، لعله قصد ذلك. ويلاحظ خالد عزب أنه في ثنايا الرواية قد تستطيع أن تقرأ أن المؤلف بصدد عمل روائي آخر يمهد له، فهو بقدر ما أعطى فقرات متناثرة مترابطة مع النص عن ذكرياته في مدينة المنصورة، إلا أنه ترك القارئ شغوفا لكي يعرف المزيد عن ذكرياته الراوي في هذه المدينة. "حافة الكوثر"، كما يقول عزب؛ جسدت جزءا مهما من تاريخ أعماق المجتمع المصري عبر قرونه وتشابكاته، فالرواية شبه سيرة ذاتية لشخص الراوي، الزمان والمكان كلاهما حاضران، لكن على قدر بطولة الراوي تبدو بطولة المكان وهو المصحة النفسية. ويرى عزب كذلك أن الرواية تجعل من المرض النفسي مرضا يشفي منه الإنسان، لكن الراوي يرى أن العلاج بالكتابة قد يكون هو الحل، إننا هنا أمام أزمة طبقة متعلمة في مصر، طبقة مبدعة، لم تستطع أن تعبر عن نفسها، فاعتصرها الاكتئاب، فهل الراوي يحذرنا، أم أنه يبحث عن شفاء، فأزمته حتى في سكنه الذي حلم به ويعاني من إهمال الدولة، وأزمته في صراعاته مع زوجتين تعكس اضطراب العلاقات الزوجية، وأزمته في التواصل مع موطنه، حيث ولد جسدها بأنها أصبحت إرسال الأموال للأهل أو الذهاب في حالات الوفاة، فهل هو يعبر عن لحظة تفكك المجتمع، أسئلة عديدة تطرحها هذه الرواية.