انتهت وزارة المالية من إعداد تقرير عن تطورات الوضع الاقتصادي، وإصلاحات السياسات المالية، وما نفذته الوزارة ومصالحها على مدى عام كامل من إجراءات وبرامج ضمن برنامج الحكومة لتنشيط الاقتصاد وتحويل مساره في الاتجاه الصحيح، ووضعة على نقطة البداية، نحو أداء يواكب إمكاناته وذلك لرفعه لرئس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل. وأكد عمرو الجارحي وزير المالية - في بيان اليوم الخميس - أن المرحلة التي يمر بها الاقتصاد المصري برغم أنها من أدق المراحل التي تمر بها البلاد إلا أنها ليست الأولى من نوعها حيث مرت مصر بمراحل ربما تكون أشد صعوبة من الوضع الراهن، لافتا إلى أن مصر تتمتع باقتصاد واعد لديه من الموارد والطاقات ما يؤهله للمنافسة مع الاقتصاديات الصاعدة، إلا أن إصلاح ما تراكم به من اختلالات عبر سنوات عديدة لا يتطلب فقط الوقت وإنما يتطلب تضافر جهود كل الأطراف والمشاركة في تحمل الأعباء إذ أن البرنامج الاقتصادي الذي يطبق لابد أن يسانده دعم الجميع ويحظى بثقة المواطنين. وأضاف أنه بهذه الروح عملت وزارة المالية على مدار عام كامل بشكل متواصل تنتقل من مهمة لأخرى من خلال فرق عمل متخصصة تتكامل فيما بينها لتحقيق الأهداف المرجوة للسياسة المالية للدولة ممثلة في حفز معدلات النمو وزيادة التشغيل وتعظيم الإيرادات العامة وترشيد المصروفات العامة للسيطرة على معدلات العجز والدين العام ودفعها نحو الانخفاض، فضلا عن الرقابة على برامج الإنفاق العام ومتابعة التدفقات النقدية للحسابات الحكومية وتيسير حركة التجارة الخارجية لمصر وإستيداء حقوق الخزانة العامة للدولة. وأشار إلى أن وزارة المالية شرعت منذ العام المالي 2014 /2015 في اتباع سياسات إصلاحية هيكلية تعتمد على التنوع والتدرج في خططها مع مراعاة البعد الاجتماعي في جميع إجراءاتها، مؤكدا استمرار الوزارة في تنفيذ هذه السياسات الإصلاحية وتنويع مصادر التمويل وإدارة أكثر كفاءة للدين العام، لافتا إلى أن التقرير الذي قدم لرئيس مجلس الوزراء يعرض بشكل تفصيلي جهود وزارة المالية وما تم اتخاذه من إجراءات وتكاملها مع برنامج الحكومة الاقتصادي الذي يستهدف في مجمله الخروج الأمن من هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن. وأوضح الوزير أن التقرير يعرض في 9 محاور أساسية جهود وأداء الوزارة على مدى عام كامل، والمحور الأول يتناول سياسات إصلاح وضبط إدارة المالية العامة التي أخذت حيزًا كبيرًا من اهتمام الوزارة إلى جانب جهود التنسيق بين السياستين المالية والنقدية، كما يتناول المحور الثاني الإصلاحات التشريعية والمؤسسة التي قامت بها وزارة المالية عام 2016 سواء باستحداث قوانين جديدة مثل قانون إنهاء المنازعات الضريبة أو تعديل قوانين قائمة مثل التحول إلى نظام الضريبة على القيمة المضافة بدلا من ضرائب المبيعات. وأشار إلى ما يجري إعداده من قوانين أخرى مثل مشروع قانون للمحاسبة الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروع قانون جديد للجمارك وتعديلات تشريعية جديدة على قانون الضرائب على الدخل من أجل مزيد من الشفافية والوضوح لبعض بنوده ومشروع قانون كامل للمناقصات والمزايدات ليحل محل القانون الحالي من أجل تحقيق أهداف السياسات المالية المختلفة، إلى جانب ذلك يتم العمل بالتنسيق مع باقي الجهات المختصة على تطوير الإطار المؤسسي والرقابي للقطاع المالي والانتقال إلى سوق تنافسية للكهرباء والغاز الطبيعي وتعزيز الاستثمار في هذين القطاعين وتقوية نظام حوكمة الشركات من خلال تطبيق الممارسات الحديثة في مجال الحوكمة على الشركات المملوكة للدولة لتعمل على أسس اقتصادية. وقال الجارحي إن المحور الثالث من التقرير يتناول أثر الإصلاحات الاقتصادية على التقييم الدولي للاقتصاد المصري والذي شهد تحسنا ملحوظا، حيث أشادت معظم مؤسسات التصنيف الدولية بالإصلاحات المصرية وعدلت بالفعل تقييماتها للاقتصاد المصري والأهم نظرتها لآفاق الاستثمار في السوق المصرية من سلبية إلى إيجابية وهو ما نأمل في جني ثماره في 2017 عبر تدفقات قوية للاستثمار الأجنبي بدأت بالفعل مؤشراتها في تدفق قوي بقيمة تجاوزت المليار دولار في أول أسبوعين لتحرير سعر الصرف. وأضاف أن المحور الرابع يركز على عرض جهود وزارة المالية في مجال تحسين برامج الحماية الاجتماعية الذي يمثل محورا رئيسيا في برنامج الحكومة الاقتصادي وإصلاحات السياسات المالية فبجانب ما شهدته مخصصات البعد الاجتماعي من زيادات ملموسة العام المالي الحالي، فإن وزارة المالية حرصت على المشاركة بقوة وبما لديها من خبرات في صياغة منظومات الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية وغيرها من برامج للبعد الاجتماعي،فضلا عن رفع كفاءة الخدمات العامة وآليات توزيعها وتحديث البنية الأساسية (تطوير المواصلات العامة والإسكان الاجتماعي) وعدالة التوزيع الجغرافي. وأشار الوزير إلى أن المحور الخامس يتناول جهود الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص التابعة للوزارة في المشروعات القومية، حيث يكشف التقرير عن أكثر من 12 مشروعا يخطط لإقامتها بنظام المشاركة مع القطاع الخاص. وفيما يتعلق بتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، أشار الوزير إلى استمرار وزارة المالية في فض التشابكات المالية مع صندوقي التأمينات والمعاشات، حيث شهد العام الماضي إصدار الوزارة مجموعة سندات لصالح الصندوقين في أشهر يناير وأبريل ويوليو وأغسطس بقيمة إجمالية بلغت نحو 23 مليار جنيه لصالح الصندوقين. وأوضح أن المحور السادس للتقرير يتناول اهتمام وزارة المالية بآليات التواصل المجتمعي وتعزيز أطر الشفافية والإفصاح والذي يتجلى في حرصها على نشر تقارير منتظمة عن الأداء الاقتصادي وإتاحة جميع البيانات والمعلومات الخاصة بالسياسات المالية والموازنة العامة وتطورات تنفيذ برامجها المختلفة أمام المواطنين والباحثين إلى جانب الاستمرار في مبادرتها بنشر موازنة المواطن للعام الثالث على التوالي. وقال وزير المالية إن المحور السابع يتناول جهود التطوير المؤسسي والفني لوزارة المالية ومصالحها التابعة ممثلة في إصدارها حزمة من الإجراءات لمكافحة التهرب الجمركي واستكمال منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني للمدفوعات والمتحصلات الحكومية بما فيها رواتب العاملين بالدولة وصرف المعاشات والانتهاء من إعداد منظومة البطاقات الذكية لتوزيع المنتجات البترولية تمهيدا لإطلاقها وغير ذلك من جهود التطوير التي بذلتها الوزارة خلال عام 2016. وإيمانا بأهمية تقوية أواصر التعاون الدولي لتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، أشار إلى تركيز المحور الثامن لجهود وزارة المالية في هذا المجال والآثار الإيجابية المترتبة على الإصلاحات الاقتصادية، مضيفًا: "شاركنا في اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة الدول العشرين الكبرى في العالم، فضلا عن المشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وفي اجتماعات وزراء المالية العرب ومحافظي صندوق النقد العربي والصناديق العربية للتنمية إلى جانب توقيع وزارة المالية اتفاقيتين للاعتراف المتبادل بالمشغل الاقتصادي المعتمد وتبادل المعلومات الجمركية إلكترونيا بدول اتفاقية أغادير بالإضافة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي ووزارة المالية الفرنسية لتطوير إدارة المالية العامة في مصر وتدعيم منظومة الرقابة المالية". وأوضح أن المحور التاسع والأخير تناول المسئولية المجتمعية لوزارة المالية وما تقوم به من جهود في هذا المجال والمتمثلة في استضافتها لمعرض للمصنوعات الحرفية والتراثية والمنتجات الزراعية لأهالي المحافظات الحدودية بمقر الوزارة بالقاهرة لمعاونة أهالي هذه المحافظات على فتح آفاق جديدة لتسويق منتجاتهم. وحول الإجراءات الإصلاحية التي تضمنها التقرير في كل محور من المحاور التسع، أشار الوزير إلى أن أهمها مشاركة وزارة المالية في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي كللت بموافقة الصندوق على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار والأهم أشادته ببرنامج الإصلاحات المصرية وإعلانه تأييده ودعمه اللامحدود لها، فضلا عن ما تم تطبيقه من إجراءات إصلاحية تستهدف تعظيم الإيرادات العامة مثل استصدار وتطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة الذي يستهدف توسيع القاعدة الضريبية عبر إخضاع جميع الخدمات والسلع للضريبة ما عدا مجموعة السلع والخدمات التي تمثل الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وهو ما سيحقق إيرادات إضافية للخزانة العامة سنويا بنسب تتراوح بين 3 و4% من الناتج المحلي الإجمالي. ولفت إلى إعداد واستصدار قانون جديد لإنهاء المنازعات الضريبة والعمل على تطوير منظومة الضرائب العقارية واستصدار تعريفة جمركية جديدة تعلي من شأن حماية الصناعة المحلية أمام المنتج المثيل المستورد واستكمال إجراءات تقنين أوضاع أراضي الاستصلاح الزراعي التي تم استخدامها في التنمية العقارية. وقال إنه في إطار جهود وزارة المالية لتنويع مصادر تمويل الدين العام فقد شهد عام 2016 إصدار الوزارة بالبورصات العالمية سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار لصالح البنك المركزي المصري، كما تستعد لطرح سندات دولارية أخرى خلال الفترة القليلة المقبلة، إلى جانب دراسة الاعتماد علي هياكل تمويلية جديدة مثل سندات الساموراي بضمان JBIC #وسندات الباندا الصينية والقروض الميسرة متوسطة وطويلة الأجل. وحول الإجراءات التي تقوم بها الوزارة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أوضح الوزير أن الوزارة تعمل حاليا بالتعاون مع الجهات المعنية على صياغة مشروع قانون تنظيم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والذي سيتضمن بعض الحزم التحفيزية الضريبية والتأمينية والتمويلية التي ستقدم عبر إنشاء كيان موحد للإشراف على هذا القطاع المهم والحيوي لنمو الاقتصاد القومي، لافتا إلى توقيع مصلحة الضرائب أيضا بروتوكول تعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية لتيسير إصدار البطاقة الضريبية لتتاح من خلال مكاتب وفروع الصندوق الاجتماعي بالمحافظات المختلفة مع خفض المدة الزمنية لإصدارها. وكشف عن مشاركة الوزارة أيضا في إعداد مشروع قانون جديد للقطاع غير الرسمي بالتنسيق مع عدد من الوزارات المعنية حيث سيقدم القانون المقترح حزمة من الحوافز الضريبية والتأمينية والإدارية لتيسير دمج هذا القطاع في المنظومة الرسمية. وقال إنه فيما يتعلق بمكافحة التهرب الضريبي والجمركي فقد شملت الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في هذا الملف توقيع بروتوكولات تعاون بين مصلحة الضرائب وعدد من الجهات العامة مثل الهيئة القومية للتأمين الصحي والهيئة العامة للخدمات الحكومية والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ومصلحة الضرائب العقارية واتحاد البنوك والغرفة التجارية بالقاهرة ورفع كفاءة الإدارة الضريبية والجمركية للعمل على سد منافذ التهريب مع تطبيق أحدث أساليب الفحص والرقابة وتطوير عمل المناطق اللوجستية ونظم المعلومات لضبط الحصيلة الضريبية والجمركية. وتابع الجارحي قائلا:"كما انتهت مصلحة الجمارك من المرحلة الأولى من التكامل مع هيئة ميناء الإسكندرية وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات وجار تنفيذ المرحلة الثانية، مع التعاون مع البنك المركزي ووزارة التجارة من أجل تلقي نموذج 4 جمارك إلكترونيا وهو ما سيقضي على محاولات التلاعب والتزوير وتوقيع بروتوكول تعاون بين الجمارك وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات لتفعيل نظام الشباك الواحد في إنهاء إجراءات الإفراج الجمركي". وفيما يتعلق بالضرائب العقارية، أكد الوزير أنه يجري استكمال إنشاء قاعدة بيانات عن الثروة العقارية في مصر باستخدام بيانات لجان الحصر والتقدير، مما يسهم في تيسير تعامل ممولي الضريبة العقارية مع المصلحة حيث سيمكنهم التعامل على جميع الوحدات المملوكة للممول من أي مأمورية ضرائب عقارية بالجمهورية، مؤكدا على الاستمرار في توجيه نصف الحصيلة لتطوير العشوائيات والمحليات. وحول إنجازات مصلحة سك العملة التابعة للوزارة، قال الجارحي: إن الوزارة انتهت من إعداد مشروع كامل لتطويرها يشمل تحديث الماكينات والمعدات المستخدمة في خطوط التشغيل وتزويد المصلحة بمعدات جديدة إلى جانب تنفيذ برنامج لرفع كفاءة العنصر البشري وتوفير بيئة عمل مناسبة تتواكب مع المتطلبات التكنولوجية الحديثة ونظرا لما تقوم به من دور مهم في سك العملات المساعدة والتذكارية والأوسمة والأنواط والنياشين والميداليات والدروع وما تحتويه من معادن نفيسة فقد تم التعاقد مع إحدى الجهات السيادية لتأمين مقر المصلحة. ولتعزيز الإيرادات غير الضريبية ومن أهمها فوائض الهيئات الاقتصادية، أشار الجارحي إلى أن وزارة المالية تشارك هيئة الخدمات الحكومية في تنفيذ مشروع حصر أصول الدولة غير المستغلة ووضع خطة للاستفادة منها بالشكل الذي يحقق أقصى استفادة للدولة، لافتا إلى التنسيق مع الجهات المعنية لإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لتلك الأصول بما يسهم في إيجاد قاعدة بيانات موحدة مربوطة إلكترونيا تمكن صانع القرار من رسم سياسات وبرامج اقتصادية مبنية على معلومات دقيقة وحديثة. وأضاف أن هيئة الخدمات الحكومية تشارك أيضا في لجنة استرداد أراضي الدولة المستولي عليها، فضلا عن لجنة تفضيل المنتجات المصرية في العقود الحكومية. وأكد وزير المالية أن كل هذه الجهود والإصلاحات التي نفذتها الحكومة والبنك المركزي والدولة المصرية عموما كان لها أثر واضح لدى المؤسسات الدولية المختلفة فمثلا كل مؤسسات التصنيف الدولية أشادت بالإصلاحات المصرية وغيرت توقعاتها لمستقبل الاقتصاد المصري إلى إيجابية وعدلت درجة التصنيف لأعلى، كما أن صندوق النقد الدولي أصدر تقريرا يشيد بالإصلاحات الجمركية في مصر والتقدم الملموس الذي حققته مصلحة الجمارك رغم ما شهدته مصر من تحديات.