انتقد عدد من خبراء الجيولوجيا والأراضي القرار الذي اعتمدته وزارة الري مؤخرا، بتحديد المساحة المزروعة بالأرز ب 700 ألف فدان فقط، مؤكدين أنه سيؤدي إلى تدمير أراضي الدلتا بفعل الملوحة المتزايدة والتى تحتاج إلى زراعة الأرز لتقليل الملوحة. وقال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن العجز المائي الذي تعانيه مصر هو ما دفع وزير الري لاتخاذ هذا القرار، حيث أن لدينا عجز مائى يصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا من المياه، بمعنى أنّ استخداماتنا من المياه تفوق حصتنا المائية بهذه الكمية، وأنّ الدولة مضطره بالإضافة الى المياه الجوفية إلى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى فى جميع الأغراض. وقال وزير الري الأسبق، بالإضافة لهذا القرار كان لابد من اتخاذ قرر مماثل مع ملاعب الجولف، ومع البحيرات الصناعية فى المدن والقرى المخصصة للأغنياء، مشيرا إلى أنه سبق إعداد مشروع تعديل لقانون الرى والصرف يأخذ كل هذه الأمور فى الاعتبار، ووافق عليه مجلس الوزراء، إلا أنه مازال مجمدا في البرلمان منذ 2010. وقال الدكتور رضا الجمال، استشاري الجيولوجيا والتعدين: إن زراعة 1.6 مليون فدان أرز سنويا علاج استراتيجى لتحسين الترية الزراعية من التمليح، ولا يمكن التقليل من هذه المساحة بل العمل على زيادتها، مطالبا الدولة بالتصدي لملوحة التربة بخطة علمية وعملية أيضا للحد من بوار الكثير من أراضى الدلتا وعدم تأكل الرقعة الزراعية بتغول مياه البحر بها. وأوضح الجمال أن سبل العلاج متعددة باشتراك علماء التربة والمياه الجوفية والسطحية والبيئة والرى والزراعة، كل في مجاله لوضع حد لملوحة التربة، مطالبا الدولة بوضع ملوحة التربة على رأس أولوياتها للحفاظ على أراضي الدلتا. وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الإراضي والمياه بكلية الزراعة بجامعة القاهرة: إن الدلتا المصرية هي رأس مال مصر الزراعي حيث تبلغ مساحات الأراضي الزراعية بها 4.5 مليون فدان، في حين أن الصعيد بأكمله به 1.5 مليون فدان فقط، تضم 8 محافظات يسكن بها 55% من سكان مصر وتنتج 72% من غذائنا وإنتاجنا الزراعي، ونسبة الأراضي التي تملحت وتأثرت بجوارها للبحر المتوسط في شمال الدلتا تبلغ 47%، وفي وسط الدلتا تبلغ 37% وفي جنوب الدلتا 24% والمتوسط العام للأراضي التي تملحت في الدلتا تبلغ 37% أي أكثر من ثلث أراضي الدلتا أي نحو 1.6 مليون فدان، لا بد من زراعتها سنويا بالأرز؛ لأنه أصبح البديل الوحيد للفيضان بعد السد العالي الذي يغسل الأراضي من الأملاح ومتبقيات المبيدات والأسمدة والتلوث. وأضاف نور الدين، أن الفرد في مصر يستهلك 40 كيلو جراما من الأرز سنويا، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 65 كيلوجراما، وبالتالي يستهلك المصريون 3.6 مليون طن أرز أبيض سنويا تنتج من نحو 5 ملايين طن أرز شعير بنسبة تصافي 70%، وهذه الكمية تحتاج زراعة 1.5 مليون فدان بالأرز لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز وحماية أراضي الدلتا من التدمير بمياه البحر وبوارها. وأشار نور الدين، الي أن مصر ستستورد 50% من احتياجاتها من الأرز أي نحو 2 مليون طن وبالسعر الجديد للدولار، أى ان سعر كيلو الأرز سيصل إلى 20 جنيها، وترك أراضي الدلتا لتدمرها مياه البحر المالحة حيث لابد أن نزرع ثلثها سنويا بالأرز لغسيلها والحفاظ عليها، مشددا أن توفير المياه لا يكون على حساب فقدنا لأراضينا الزراعي، لافتا إلى أن نصف الأرز يزرع على مياه الصرف الزراعي أي لا يكلف الدولة مياه لأنه متحمل لملوحة المياه وملوحة التربة ويعطي 4 أطنان للفدان وهو المحصول الوحيد من الحبوب الذي يعطي 4 أطنان للفدان بمياه المصارف. وكان الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، قد أصدر قرارا بتقليل المساحة المقررة لزراعة محصول الأرز على مستوى الجمهورية الي 700 ألف فدان بدلا من 1.2 مليون فدان العام الماضي، لترشيد المياه، نظرا لما تشهده البلاد حاليا من الشح المائي، خاصة وأن الأرز يعتبر من اكثر المحاصيل الشرهة للمياه.