جاءت زيارة الوفد السعودي (رفيع المستوى) برئاسة مستشار العاهل السعودي أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل إلى لبنان لتكون بمثابة المحطة الأخيرة في إذابة جبل الجليد في العلاقات الثنائية بين السعودية ولبنان والتي توترت خلال الشهور الأخيرة الماضية بشأن ما اعتبرته السعودية مواقف لبنانية مناهضة لها في المحافل الدولية والإقليمية، على خلفية امتناع لبنان عن التصويت ضد حزب الله باعتباره منظمة إرهابية خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب، ما أثار غضب "المملكة" وحفيظتها، مما ترتب عليه تجميد المساعدات السعودية للجيش اللبناني. وسارعت "المملكة" بزيارة رفيعة المستوى بعد أن فاز العماد ميشال عون برئاسة الجمهورية اللبنانية بعد فراغ رئاسي استمر عامين ونصف العام، رغم أنها سبق وأرسلت وزير شؤون الخليج لدى المملكة ثامر السبهان قبل انتخاب "عون" بثلاثة أيام في مشهد واضح أن المملكة باركت صفقة زعيم التيار السني سعد الحريري (المقرب من السعودية) مع الجنرال عون ليكون هو رئيس الوزراء مقابل أن يؤمن "الحريري" كتلة من تياره بمجلس النواب اللبناني ليفوز عون بمنصب الرئيس، وهو ما تم فعلا. وفي زيارة الوفد السعودي أعلن الأمير خالد الفيصل أنه جاء حاملا رسالتين من العاهل السعودي،الأولى، لتهنئة الرئيس عون، والثانية، تقديم دعوة رسمية لزيارة المملكة العربية السعودية، وهو ما رحب به "عون"، حيث ستكون السعودية هي الوجهة العربية الأولى للرئيس عون، في رسالة واضحة على أن العلاقات الاستراتيجية بين السعودية ولبنان لا يمكن أن تنفك بسهولة، ولا يمكن للسعودية أن تترك لبنان ليستأثر بها القرار الإيراني من خلال حليفه وتابعه حزب الله اللبناني. وتزامنت الزيارة مع التوترات والخلافات التي ظهرت في طريق تشكيل حكومة الحريري الجديدة، والتي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مما عطل ظهور الحكومة التي كان من المفترض أن تظهر للنور قبل ذكرى عيد الاستقلال. وقد فسر مراقبون أن من أهداف زيارة الوفد السعودي هو دعم الحليف اللبناني للسعودية سعد الحريري والدفع بإنها الخلافات القائمة بشأن الحقائب الوزارية وبخاصة السيادية منها، حيث التقى "الفيصل" خلال زيارته الرئيس نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام. كما أقام له رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مأدبة عشاء على شرفه ووفده المرافق، وقد وجه "الحريري" كلمة للفيصل قال فيها: " حضوركم بيننا اليوم يؤكد التزام السعودية شعبا وقيادة بالعلاقات الأخوية التي تربطها بكل اللبنانيين وعلى رعايتها الدائمة للبنان والدولة اللبنانية بصفتها الممثل الجامع لإرادة كل اللبنانيين وقرارهم الوطني". وأضاف "الحريري" في كلمته: " اللبنانيين الخارجين للتو من فترة طويلة من الفراغ الرئاسي والمتطلعون إلى استكمال مؤسساتهم الدستورية يستبشرون خيرا بزيارتكم لبلدنا لأن السعودية كانت دائما مملكة الخير للبنان وكانت لها الأيادي البيضاء في وقف الحرب الأهلية وفي إعادة الإعمار بعدها وبعد كل عدوان إسرائيلي".