"بدأنا نلحظ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وجوهًا أجنبية بكثافة نسبية في الشوارع التونسية عما كان عليه الوضع في مطلع هذا العام.. وجوه أجنبية غربية من أوروبا وروسيا لكن تبقى الأكثرية عربية.. أما الجزائريون بكل تأكيد فهم في تونس بشكل يومي، وكذلك يفعل الليبيون".. بهذه العبارات عكَس سائق تاكسي بمنطقة سيدي بوسعيد السياحية التحسن الملموس في حركة السياحة الوافدة إلى تونس وخطوها خطوات كبيرة نحو التعافي تزامنًا مع استقرار الأوضاع السياسية وتحسُّن الأوضاع الأمنية. كلمات سائق التاكسي لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس، لم تكن هي الحسم بعودة السياحة وتعافيها في تونس لكن توجهنا إلى مسئولي وزارة السياحة التونسية لطلب إحصائيات عن عدد السياح الوافدين إلى تونس عن العام 2016، وبالتحديد منذ الأشهر التي أعقبت حادث متحف باردو الإرهابي قبل عام كامل من الآن (18 نوفمبر 2015) والتي راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلًا ليؤكدوا بالأرقام أن هناك تعافيًا نوعيًّا على صعيد الأرقام وعدد السائحين، لكن ربما تظل العوائد أقلَّ عما كانت عليه؛ وذلك لأسباب تتمثل في نوعية السائحين الوافدين. بيانات وزارة السياحة التونسية أظهرت أن إجمالي عدد السياح الذين زاروا تونس منذ مطلع 2016 وحتى نهاية سبتمبر الماضي بلغ أكثر من 3ر4 مليون سائح، بعدد ليال 84ر14 مليون ليلة، بعائدات تجاوزت 8ر1 مليار دينار، فيما بلغ إجمالي عددهم خلال عام 2015 بأكمله 2ر4 مليون سائح، بعدد ليال 14 مليون ليلة، وعائدات 9ر1 مليار دينار، لكنه يبقى بعيدًا عن عام 2014 حيث زار تونس 8ر5 مليون سائح بعدد ليال 2ر24 مليون ليلة، بعوائد 75ر2 مليار دينار. هذا التحسن الملحوظ في أعداد السائحين الوافدين إلى تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالى، مقارنة بعام 2015 بأكمله، وربما مع نهاية العام يصل إلى الرقم الذي سجله في 2014 لكنه يبقى بعيدًا بشكل كبير عن أرقام 2010 والأعوام التي سبقت ثورات الربيع العربي حيث تَجاوز عدد السائحين الذين زاروا تونس في 2010 نحو 7 ملايين سائح قضوا 5ر35 مليون ليلة سياحية، بمداخيل 5ر3 مليار دينار (كان الدولار وقتها يعادل دينارًا تونسيًّا تقريبًا، بعكس الآن حيث يعادل الدولار 23ر2 دينار). ويقول محمد الهادي، سائق تاكسي بالعاصمة تونس، لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط: "في مستهل هذا العام لم يكن هناك سياحة أجنبية تقريبًا وكانت مقتصرة فقط على الجزائريين الذين يعتبرون تونس امتدادًا لهم، وأيضًا على الليبيين الذين يأتون إلى تونس إما هربًا من جحيم ما يجري على الأراضي الليبية من اقتتال، أو يأتون إلى تونس من أجل تلقي العلاج". وأظهرت إحصائيات المركز الوطني التونسي للسياحة أن الجزائريين تصدروا حركة السياحة الوافدة إلى تونس في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي بنحو 3ر1 مليون سائح، تلاهم السائحون الوافدون من الاتحاد الأوروبي بما يزيد على مليون سائح، ثم الليبيون بأكثر من 950 ألف سائح ليبي، ومن روسيا ما يزيد على 450 ألف سائح روسي، والبقية من جنسيات أخرى. وقالت وزارة السياحة التونسية إن عدد السائحين الذين زاورا تونس خلال سبتمبر الماضي بلغ أكثر من 800 ألف سائح من جنسيات مختلفة مقابل 300 ألف سائح فقط في مارس الماضي ، وهو ما يوضح التحسن الكبير في أعداد السائحين. ويفسر هيثم العذاري، المسئول بإحدى شركات السياحة بمنطقة سوسةالتونسية، عدم تحسن الإيرادات السياحية لتونس رغم تحسن أعداد السائحين الوافدين في تونس إلى نوعية السياحة الوافدة ؛ حيث إن السائح الأوروبي أكثر إنفاقًا وهم يرتادون الفنادق للإقامة، وهذه النوعية من السياح باتت قليلة الآن ولم ترجع إلى معدلاتها السابقة بعد. وأشار العذاري إلى أن أغلب السائحين الذين يأتون إلى تونس الآن من الجزائر وليبيا، وقليل منهم مَن يرتاد الفنادق، وأغلبهم يمتلكون أو يستأجرون شققًا سكنية في المناطق المختلفة من تونس.. قائلًا: "وحتى السياحة الروسية هي سياحة فقيرة، ومتوسط إنفاق الروس ضعيف جدًّا مقارنة بالسائح الأوروبي أو الأمريكي، وهو ما يعكس عدم تحسن مداخيل السياحة". وفي 2012 أعلنت الحكومة التونسية عن استراتيجية لاستقطاب 10 ملايين سائح سنويًّا بحلول عام 2016 تضمن الاستراتيجية حملات ترويجية إلى أغلب مناطق العالم مع بدء تحسين البنية التحتية السياحية، وخطت تونس بالفعل خطوات جادة في هذا الاتجاه لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وبعد البدء في التحسن جاء حادث متحف باردو نوفمبر 2015 وفندق سوسة يوليو 2015 لتشكل ضربة جديدة للسياحة التونسية.