قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    ترامب: أتوقع التوصل إلى اتفاق قريب مع الرئيس بوتين    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالمقطم    غيبوبة سكر.. نقل الجد المتهم في الاعتداء على حفيده للمستشفى بشبرا الخيمة    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات السبت 17 مايو 2025    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    إبداعات المنوفية| دمية.. قصة ل إبراهيم معوض    إبداعات المنوفية| بين الشك واليقين.. شعر ل وفاء جلال    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم السبت 17 مايو 2025    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    بعد رباعية الجونة.. إقالة بابا فاسيليو من تدريب غزل المحلة    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    رئيس الوزراء العراقى لنظيره اللبنانى : نرفض ما يتعرض له لبنان والأراضى الفلسطينية    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    رويترز: إدارة ترامب تعمل على خطة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    غرق طالب بترعة الكسرة في المنشاة بسوهاج    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    "بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فخ الإرجوت".. "البوابة" تنشر القصة الكاملة للفطر القاتل
نشر في البوابة يوم 21 - 09 - 2016


مصادر: الحكومة تبحث التراجع عن شرط «زيرو إرجوت»
«الصحة» تؤيد نسبة ال0.05 %: يتم التخلص منها قبل الطحن.. وقرار المنع لا علاقة له بصحة المواطنين
«الفاو»: البيئة المصرية غير مناسبة لتوطين الفطر.. والمخاطر لا تستحق تدابير وقائية
تشريعات هيئة الدستور الغذائى العالمى و«الأيزو» و«المواصفة القياسية المصرية»: ال0.05 % مسموح بها دوليًا
وزير الزراعة فى يونيو الماضى: التقارير والدراسات أثبتت أنه لا توجد مخاطر ل«الإرجوت» على الصحة النباتية
«إما قمح بالإرجوت أو الجوع»
كان هذا هو العنوان الأسخن بعد إعلان الهيئة العامة للسلع التموينية إلغاء مناقصة طرحتها، الأحد، لشراء القمح، لعدم تقدم أى شركة بعروض للبيع.
كانت هذه المناقصة هى الثالثة على التوالى التى يتم إلغاؤها منذ تغيير الحكومة شروط استيراد القمح من الخارج، إذ قررت فى أغسطس الماضى، منع دخول القمح المستورد المصاب بأى نسبة من فطر الإرجوت، بعدما كانت قد وافقت فى يوليو الماضى، على السماح بدخول أقماح مصابة بالفطر وفق النسبة العالمية المقررة فى استيراد القمح وهى 0.05٪.
وألغيت المناقصة الأولى، الجمعة، بعد عزوف الموردين عن تقديم عروض لبيع القمح، وألغيت الثانية فى 31 أغسطس الماضى، بعد تلقى عرض وحيد من شركة فينوس إنترناشيونال.
وكانت هذه العطاءات فى السابق تتسم بالمنافسة الشديدة إذ تصل عروض البيع بالمئات.
فى تفسيره للعزوف عن التقدم بعروض لبيع القمح يقول أحد التجار الذين تحدثوا إلى «رويترز»: «إن المخاطرة بالدخول فى مناقصة للتوريد للحكومة المصرية مرتفعة بنسبة كبيرة فى الوقت الحالى، فمن الحماقة أن تتقدم لشىء أنت لا تستطيع الإيفاء به، والقمح الخالى من الإرجوت بشكل كامل غير ممكن بل مستحيل».
لماذا وصلت الحكومة إلى حد طلب المستحيل إذن؟
هذا ما نحاول الإجابة عنه فى هذا التقرير.
■ ■ ■
ما هو الإرجوت؟
هو فطر طفيلى ينمو على كثير من المحاصيل الزراعية مثل الشعير والقمح، ويحتوى على مواد فعالة تختلف فى تركيباتها وأثرها على الجسم، وقد يتسبب فى التسمم خصوصًا لدى المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد والكلى.
ووجد «الإرجوت» منذ سنوات طويلة، ويستعمل فى تصنيع بعض العقاقير الطبية، إذ أنه ذو فاعلية سمية.
ووفقا للمعايير التى تحددها منظمتا الصحة العالمية والأغذية والزراعة التابعتان للأمم المتحدة، فإن الحد الأقصى المسموح به من الفطر فى القمح هو 0.05٪.
ومن المعلوم أن أكثر من 95٪ من القمح المتداول عالميًا به هذه النسبة من «الإرجوت» فى القمح الخام.
وبحسب معهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية، فإن هناك 5 مصادر يأتى من خلالها القمح غير مصاب بأى فطر مثل «الإرجوت»، هي: روسيا، وأوكرانيا، ولاتفيا، ومولودفا، وليتوانيا.
وحدد المعهد 15 دولة موبوءة بفطر الإرجوت هي: الولايات المتحدة الأمريكية، والبرازيل، وأستراليا، والأرجنتين، وكازخستان، وبلغاريا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، والمجر، وتركيا، وبولندا، ورومانيا، وصربيا، وأورجواى.
كيف بدأت الأزمة؟
فى السادس من يناير 2016 أعلنت الإدارة المركزية للحجر الزراعى بوزارة الزراعة أنها سترفض أى شحنات من القمح المستورد الذى يحتوى على أى نسبة من «الإرجوت»، لتنهى بذلك جدلًا قد أشعلته الهيئة العامة للسلع التموينية نهاية العام الماضى حينما قالت إنها ستقبل القمح الذى يحتوى على 0.05٪ من الفطر.
أمام ذلك حذر تجار من أنه إذا طبقت مصر -أكبر مستورد للقمح فى العالم- سياسة تقضى بضرورة خلو القمح من «الإرجوت» فسيستحيل تقديم عروض فى مناقصاتها، غير أن وزارة الزارعة قللت من الأزمة بتأكيدها تلقى شحنات كثيرة خالية من الفطر.
بعدها ب8 أيام أعلنت وزارة التموين أن مصر ستسمح بدخول شحنات من القمح المستورد لا تزيد فيها نسبة «الإرجوت» على 0.05٪.
تواصل الجدل لأشهر - فشلت خلالها مناقصات القمح الحكومية بعدما أصرت إدارة الحجر الزراعى على ضرورة خلو القمح تمامًا من «الإرجوت»- حتى أعلن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، فى 21 يونيو الماضى، السماح باستيراد شحنات القمح التى لا يزيد فيها «الإرجوت» على 0.05٪، منهيًا بذلك الصراع بخصوص قواعد الاستيراد مما أضر بقدرة البلاد على شراء القمح من الخارج.
كيف جاء قرار السماح بدخول القمح المصاب ب«الإرجوت»؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب العودة إلى القرار الوزارى رقم 1117 لسنة 2016 الذى سمح بدخول شحنات القمح المستورد التى لا تزيد فيها نسبة «الإرجوت» على 0.05٪.
اتخذت وزارة الزراعة قراراها استنادًا إلى تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، وهيئة دستور الغذاء العالمى «كودكس» الذى يؤكد أن نسبة 0.05٪ من «الإرجوت» فى الأقماح مسموح بها، وهو ما اتفق مع ما أقرته المواصفة القياسية المصرية حيث لا ينتج عنها أى خطر على الصحة العامة للإنسان وذلك بالنسبة للأقماح غير المعدة للطحن.
ما الذى ذكره تقرير «الفاو» حول «الإرجوت»؟
بتاريخ 22 إبريل الماضى وجه الممثل الإقليمى للشرق الأدنى وشمال إفريقيا بالمنظمة، عبدالسلام ولد أحمد، تقريرًا إلى وزارة الزراعة حول مخاطر الإرجوت المرتبط بالقمح المستورد إلى مصر، انتهى إلى أن آفة الفطر لا تستوفى كل المعايير ليتم إدراجها كآفة حجر خاصة أن البيئة فى مصر غير مناسبة لتوطينها واستقرارها، إذ أن البيئة المناسبة لإنبات الأجسام الحجرية لفطر الإرجوت من صفر إلى 10 درجات مئوية لمدة 25 يوما على الأقل وهى ظروف غير متوفرة بالبيئة المصرية.
وذكر تقرير «الفاو» أنه «بما أن الفطر لا يمكن أن يستوطن فى مصر، ولا يمكن أن ينتشر، وبالتالى لا يمكن أن يتسبب فى خسائر اقتصادية فإنه من غير الضرورى التقدم باقتراح تدابير وقائية لإدارة مخاطر ضئيلة لا تذكر».
واستندت وزارة الزراعة أيضًا إلى تقرير قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة المؤرخ فى 20 يونيو الماضى.
يذكر تقرير وزارة الصحة أن القمح الوارد إلى البلاد قمح خام وغير معد للطحن ويخضع لعمليات إعداد قبل الطحن من حيث التبخير والتهوية والغربلة والنقاوة والغسيل، حيث إن القمح المعد للطحن يجب أن يكون خاليًا من الحشرات الحية والعطن والعفن وأى شوائب ومنها الإرجوت، بينما القمح الخام يحتوى على مجموع شوائب بنسبة لا تتعدى 5٪ طبقا للمواصفة القياسية 1601/ 1 لسنة 2010 وهى «شوائب عضوية (بذور غريبة، بذور حشائش، قش، حشرات ميتة وأجزاء حشرات، مخلفات قوارض، ومخلفات حيوانية)، وشوائب غير عضوية (حجارة، رمل، زلط، برادة حديد، وقطع زجاج)، وحبوب مصابة بالآفات (حبوب معيبة متعفنة، تالفة حراريًا، مصابة فطريًا، حبوب ضامرة ومكسورة، بذور نخلية أخرى خلاف القمح، حبوب متفحمة، بذور سامة أو ضارة، وإرجوت)».
ويضيف التقرير أن القمح يخضع قبل الطحن لعمليات المعالجة السابق ذكرها وتؤخذ منه عينات بواسطة الجهات الرقابية ويتم فحصها بالإدارة المركزية للمعامل للتأكد من خلوها من جميع الشوائب ومن بينها «الإرجوت» طبقا لقانون 10 لسنة 66، وفى حالة وجود أى نسب من الشوائب ومن بينها «الإرجوت» تكون العينة غير صالحة للطحن بحالتها الراهنة.
ويؤيد تقرير الوزارة ما جاء فى المواصفة القياسية المصرية 1601/ 1 لسنة 2010 فيما يخص نسبة 0.05٪ للإرجوت بالقمح، إذ أن «نسبة الإرجوت 0.05٪ بالوزن المسموح بها فى المواصفة القياسية المصرية هى للقمح الخام غير المعد للطحن ويتم التخلص من هذه النسبة أثناء المعالجة قبل الطحن ولا يسمح بوجود هذه النسبة من الإرجوت فى القمح المعد للطحن».
وتذكر «الصحة» أن القمح الخام غير المعد للطحن يمر بعمليات غربلة وغسيل لمدة 6 ساعات ثم يتم تجفيفه ومروره على وحدة لفصل كل أنواع الشوائب بما فيها الأجسام الحجرية لفطر الإرجوت ويتم إعدامها فورًا تحت إشراف مندوب الحجر الزراعى والجهات الرقابية ذات الصلة بالمطحن وعلى نفقة صاحب الشأن بحيث يكون القمح المعد للطحن خاليا تمامًا من أى شوائب أو من كل ما يخالف القمح فى اللون.
لماذا لا تخشى وزارة الصحة من وجود نسبة ال 0.05٪ إرجوت؟
وفق تقرير قطاع الطب الوقائى فإن هناك 4 أسباب لعدم الخوف، أولا: اتفاق هذه النسبة مع ما جاء بتشريعات هيئة الدستور الغذائى العالمى (الكودكس)، والتى تشترك فيها 187 دولة بينها مصر بالإضافة للاتحاد الأوروبي، ثانيًا: اتفاق هذه النسبة مع ما جاء بمنظمة الأيزو العالمية رقم 7970 لسنة 2000، ثالثًا: المواصفات القياسية الدولية تسمح بوجود هذه النسبة، وأخيرًا إن القائم بإعداد المواصفة القياسية المصرية التى سمحت بنسبة ال0.05٪ لجنة مشكلة من جميع الجهات المعنية المتضمنة فى عضويتها (الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، وزارة الصحة، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، وزارة التضامن الاجتماعى، هيئة السلع التموينية، هيئة التسليح، وزارة الدفاع، والعديد من المعاهد البحثية المتخصصة».
وتقول «الصحة» إنه فيما يخص إجراء دراسات علمية دقيقة لتحديد مدى خطورة فطر الإرجوت على الصحة العامة فإنها تكون دراسات مستقبلية طويلة الأمد باهظة التكلفة وتستغرق عشرات السنوات، وقد تحتاج أيضًا إلى دراسات تداخلية موازية لتحديد نسبة الفطر المسموح بها، ولذلك فإن إجراء مثل هذه الدراسات لهذا الغرض ليس منطقيا من الناحية العلمية فضلا عن أنه باهظ الثمن، كما أن هيئة الدستور الغذائى العالمى قد قامت بتحديد المواصفات العالمية المطلوبة المطبقة، والموصفات القياسية الدولية وجميع تشريعاتها مبنية على دراسات علمية ومعملية وبالتالى فلا جدوى من إجراء مثل هذه الدراسات لهذا الغرض.
هذا عن وزارة الصحة أما وزارة الزراعة فى تبريرها لقرار السماح باستيراد قمح مصاب ب«الإرجوت» فقد ذكرت وقتها أن التشريع الزراعى المصرى الذى كان يقضى بعدم السماح بدخول أى شحنات قمح مصابة بأى نسبة من فطر الإرجوت «لم يخضع لتحليل المخاطر كما هو متبع فى العالم كله حيث يخالف بذلك المواصفة القياسية المصرية وهيئة دستور الغذاء العالمى واللتين تسمحان باستيراد الأقماح التى لا تزيد فيها نسبة الإرجوت على 0.05٪».
وقال الوزير عصام فايد، فى تصريحات موجودة على موقع الوزارة، إن الأمر استلزم مراجعة التشريع الزراعى المصرى طبقًا للقواعد العالمية الصحيحة وفى ضوء أن وزارة الصحة والمواصفة القياسية المصرية توافقان على ألا تتجاوز نسبة الإصابة ب«الإرجوت» 0.05٪، وذلك منذ صدور المواصفة فى عام 2010، مؤكدًا أن التقارير والدراسات أثبتت أنه لا توجد مخاطر من هذا الفطر على الصحة النباتية.
ما الذى حدث بعد ذلك؟
فى 28 أغسطس الماضى قرر الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، منع دخول أى أقماح مستوردة مصابة بأى نسبة من فطر الإرجوت.
وأصدر «فايد» قرارًا وزاريًا حمل رقم 1421 لسنة 2016 نص على إيقاف العمل بالقرار الوزارى رقم 1117 لسنة 2016 بشأن التعامل مع فطر الإرجوت فى رسائل القمح الواردة من الخارج.
ونص القرار فى مادته الثانية على منع دخول الأقماح المصابة بفطر الإرجوت بأى نسبة، وذلك استنادًا إلى المادة الثانية من القرار الملغى، والتى تنص على أنه «فى حال ظهور ما يخالف النسب المقررة عالميًا بناء على دراسات مستقبلة يعاد النظر فورًا فى هذا القرار واتخاذ ما يلزم».
ما مبررات قرار منع السماح بأى نسبة من الإرجوت؟
بحسب وزارة الزراعة فإنه تم تشكيل لجنة علمية متخصصة من مركز البحوث الزراعية تضم معهد بحوث المحاصيل الحقلية قسم القمح، ومعهد بحوث أمراض النباتات قسم أمراض القمح، ومركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجددة، لإجراء دراسة تستند إلى الأساليب العلمية والمنهجية لدراسة أثر الفطر على الصحة النباتية تحت الظروف المصرية لحسم الجدل العلمى حول هذا الموضوع.
عكفت اللجنة خلال 3 أسابيع على إعداد تلك الدراسة، وأشارت إلى أن الفطر قد يحدث به أى تحورات أو تغيرات فسيولوجية، قد تؤدى إلى انتشار المرض، وبناء عليه يتم حظر دخول الفطر تماما، مع تطبيق القرار بأثر رجعى.
دع عنك أننا لم نسمع عن «دراسات مستقبلية» تجرى فى 3 أسابيع ولنقرأ ما يقوله الدكتور عمرو قنديل، وكيل أول وزارة الصحة للطب الوقائى.
وفق «قنديل» فإن «القمح بعد أن يتم طحنه تكون نسبة الإرجوت به صفر».
وتعتبر مصر من أكثر الدول التى تقوم باستيراد القمح الخام ويتم استيراد القمح الخام منذ ستينيات القرن الماضى ثم يتم طحنه.
يقول «قنديل»: «إن أكثر من 95٪ من القمح المتداول عالميًا نسبة الإرجوت به 0.05٪، وهيئة منظمة الأغذية العالمية حددت نسبة ال0.05٪ من الإرجوت فى القمح»، مشيرًا إلى أن دراسة تحليل المخاطر لفطر الإرجوت التى تم إجراؤها بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة أظهرت أن البيئة فى مصر غير مناسبة لتوطينه واستقراره».
وينتقد وكيل أول وزارة الصحة للطب الوقائى بشدة قرار منع دخول القمح المستورد المصاب بأى نسبة من فطر الإرجوت ما تسبب فى أزمة كبيرة وخاصة مع روسيا من دون أى داعى، مؤكدًا أن «قرار منع استيراد القمح بحجة نسبة ال0.05٪ من الإرجوت لا علاقة له بالصحة العامة للمواطنين».
ما الذى حدث بعد ذلك؟
لقد أشعلت الحكومة النار من حولها بتطبيق قرار حظر استيراد القمح المصاب بأى نسبة من «الإرجوت» ما كان له انعكاس سلبى حتى لدى روسيا أقرب الحلفاء.
قبل أسبوع تقريبًا هددت الهيئة المعنية بمراقبة سلامة الغذاء فى روسيا بحظر استيراد الموالح من مصر.
ورغم أن موسكو لم تربط القرار برفض القاهرة شحنات من القمح الروسى إلا أن ذلك كان هو السبب الأساسى بحسب مصادر مطلعة على الملف.
وبالنظر إلى حجم الصادرات المصرية إلى روسيا من محاصيل الخضروات المختلفة فإن قرار موسكو سيترك انعكاسًا سلبيًا وبشكل كبير، فوفق تقرير صادر عن الإدارة المركزية للحجر الزراعى، فإن روسيا استوردت من مصر خلال الموسم الحالى نحو 2 مليون و403 آلاف و535 طنًا من محاصيل الخضروات المصرية التى تشمل البصل، والثوم، والخس، والطماطم، والجزر، والبسلة، والبقدونس، والبطيخ، والشبت، والفلفل، والفاصوليا، والبطاطا، والكرنب، والكسبرة، والكرات، والكرفس، والقنبيط، والبروكلى.
وبلغ إجمالى كميات الموالح المصدرة من مصر إلى روسيا العام الجارى نحو 307 آلاف و551 طنا، وهو ما يشكل نسبة 21٪ من إجمالى كميات الموالح المصدرة إلى باقى دول العالم.
وبرغم جهود حكومية واسعة لتطويق الخلاف إلا أن السلطات الروسية أعلنت وقف استيراد الحبوب الزراعية والفاكهة المصرية بدءًا من الخميس 22 سبتمبر الجاري.
ثم إن شركات دولية بدأت فى مطالبة مصر بتعويضات ضخمة كان من بينها شركة «سيريلكوم دولجى» الرومانية التى طالبت الحكومة برد مبلغ 500 ألف دولار، بعد عدم تمكنها من شحن القمح المتفق عليه مع البلاد، بسبب الخلاف حول القدر المسموح به من «الإرجوت».
وكانت الشركة الرومانية قد فازت فى مناقصة لهيئة السلع التموينية، 16 يوليو الماضي، بعقد لتوريد 63 ألف طن من القمح الرومانى المنشأ حيث تضمنت الشروط ألا تزيد نسبة الإرجوت على 0.05٪ وأن تصل الشحنة بين 20 و30 أغسطس مع تحميلها فى ميناء كونستانتا الروماني.
بالفعل بدأ التحميل فى 27 أغسطس وفى 28 أغسطس الماضى قررت سلطات الحجر الزراعى ألا يحوى القمح المستورد أى نسبة من الإرجوت.
وأعلنت شركة «بانج» التجارية فى الولايات المتحدة، أمس، أنها بدأت إجراءات التقاضى ضد الحكومة بعد رفض استقبال شحنة من القمح.
وكانت هذه الشركة قد فازت بعقد لتوريد 60 ألف طن من القمح الفرنسى المنشأ ووصلت الشحنة إلى ميناء دمياط، 21 ديسمبر الماضى، غير أن مفتشى الحبوب رفضوا إدخالها بعد العثور على آثار من فطر «إرجوت».
وبحسب الشركة فإن الشحنة المرفوضة التزمت بمعايير الجودة التى تشترطها الهيئة العامة للسلع التموينية (نسبة ال0.05 ٪).
وبينما لم تحدد الشركة ماهية المحكمة التى ستبدأ بها إجراءات التقاضي، فإن محمد شكرى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية، يقول إن أى دولة موقعة على دستور الغذاء العالمى «كودكس» من حقها اللجوء إلى التحكيم الدولى ضد مصر بسبب إلغاء تعاقدات القمح.
وينتقد «شكرى» التقييدات الحكومية فى مسألة «الإرجوت»، إذ أن الفطر لا ينمو طالما تم تخزين القمح فى درجة حرارة 35 درجة مئوية، مشيرًا إلى أنه «فى حال دخول المنتجات المصنعة فى الأفران يتم القضاء عليه نهائيًا، ولا يكون له تأثيرات على صحة الإنسان».
هو يرى أن قرار السماح بنسبة ال0.05٪ ثم إلغاء القرار يعكس غياب أى رؤية فى اتخاذ القرارات داخل الحكومة، محذرًا من أن هذه القيود ستؤدى إلى إغلاق نحو 15 سوقًا عالمية ما سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، إضافة إلى أن عددا كبيرا من المصانع سيظل مهددًا بالتوقف بسبب هذه الإجراءات الجديدة.
ويقول ممثل وزارة الزراعة الأمريكية بمكتبها فى القاهرة، إن قرارات الحكومة المتضاربة والعشوائية بشأن استيراد الأقماح تكلف مصر ما بين 82 إلى 85.5 مليون دولار، منذ مطلع العام الجارى، بعد رفع شركات توريد القمح العالمية الأسعار ب 5 – 7.5 دولار للطن، علاوة على تكاليف أخرى، ناجمة عن رسوم الدعاوى القضائية، والتعويضات التى تطلبها الشركات الأجنبية التى تضطر للعودة بشحناتها بعد أن ترفضها هيئة الحجر الزراعى.
ما الذى يمكن فعله الآن؟
وفق مصادر حكومية فإن هناك سيناريوهين يجرى بحثهما للتعامل مع الأزمة، الأول: الاستمرار فى سياسة الحظر لكن هذا يحمل مخاطرة كبيرة بالنظر إلى الغضب فى الأسواق الدولية وخاصة فى روسيا فضلا عن التعويضات وقضايا التحكيم الدولى. ثم إن لدينا مشكلة الوقت، فالمخزون الاستراتيجى من القمح يكفى حتى منتصف يناير 2017 وفى ظل العزوف عن التقدم بعروض للمناقصات التى تطرحها الهيئة العامة للسلع التموينية يمكن أن تصبح لدينا أزمة كبير حينما يطلب الشعب الطعام فى ظل فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك فنحن تستورد ما بين 9 و11 مليون طن قمح سنويا.
ولا يمكن أن نغفل هنا وجود تكتل واتفاق بين الموردين العالميين على عدم التوريد للهيئة، للضغط على الحكومة من أجل التراجع عن قرار «حظر الإرجوت».
أما السيناريو الثانى وهو الأرجح فيتضمن التراجع عن شرط «زيرو إرجوت» فى الأقماح المستوردة وهو «قرار سياسي» بيد مجلس الوزراء أكثر منه فنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.