أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، في تصريحات خاصة ل“,”البوابة نيوز“,” أن دار الإفتاء المصرية عليها أن تمارس دورها لإعادة الوعي للشارع المصري، وأن من يحاولون اتهام علماء الأزهر بأنهم علماء السلطة إنما يريدون نشر التشدد والقضاء على الوسطية التي يمثلها الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أنه يجب في الفترة القادمة أن تسعى المؤسسة الدينية، وهي دار الإفتاء، لإعادة ثلاثة مناحٍ إلى الشارع المصري والعربي، وهي: العلم، والدعوة، والعبادة، بطريقة صحيحة، فتكون البداية أولًا بنشر المنهج الوسطي في المجتمع والعمل على ألا تنتشر الأفكار التي تقدم التدمير على التعمير والتي تقدم المساجد على الساجد. فنحن نريد تقديم الوعي قبل السعي والبناء والتعمير لا التدمير، وهذه المناحي الثلاثة (العلم الصحيح، والعبادة الصحيحة، والدعوة الصحيحة) هي التي ستكون برنامجًا للاتصال مع الجماهير لنقل المنهج الوسطي الذي هو نموذج يحتاج إليه العالم كله الآن. مؤكدأ، أن الأزهر لن يتأثر بالخلافات بين التيارات الإسلامية، فلن يحدث أي تغيير لوضع الأزهر في المرحلة القادمة أيًّا كان من يصل إلى الحكم، وأن ثقة جموع المسلمين في الأزهر لن تهتز وسيظل المنهج الأزهري الوسطي كالهرم، يتجاوز الزمان والمكان وسيظل هرمًا. وتابع أن من يطلقون على الأزهر وعلى علمائه فقهاء السلطان هم المتشددون الذين يريدون أن يقضوا على وسطية الأزهر الشريف الذي تضرب جذوره في التاريخ عبر ألف عام ويحلوا مكانه الفكر المتشدد والمتطرف، لكن الأزهر سيظل قامة كبيرة، ولن يستطيعوا النيل منه، وأنا لم يحدث أبدًا أن أصدرت أي فتوى لصالح الحاكم ولم أصدر فتوى إلا بالقواعد الشرعية، وأنا أتكلم وأعلم جيدًا أن الشعب المصري لم يفقد ثقته في المؤسسة الأزهرية بدليل أنه يعود إليها في النهاية، ولكنها تحتاج إلى تجديد وتطوير يتماشى والمرحلة الجديدة في الوطن. وأشار المفتي السابق إلى أن الفترة الماضية شهدت تعزيزًا لدور الأزهر الوطني في المشهد المصري بقيادة الإمام الأكبر، وأصبح الأزهر مظلة تجمع جميع الأطياف تحت رايته الوسيعة. وأشار فضيلته إلى أن من أبرز النتائج المحورية لمرحلة ما بعد الثورة استعادة هيئة كبار العلماء ككيان مكتمل الأركان له لائحته الداخلية المنظمة لأعماله، مما سيمكنها من توسيع دورها ليس فقط في مصر وحدها بل في العالم كافة. مشيرًا إلى أنه ينبغي أن يظل عالم الدين أو رجل الدعوة بعيدًا عن السياسة بمعناها الحزبي، وأن يترك الاختيار للشعب ويبقى ملكًا لكل الأطراف، وأن يضطلع بدوره في توعية الجماهير وقيادتها نحو ممارسات صحيحة، تتفق والقيم العليا، لتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفي هذه المرحلة يجب على العلماء والمفكرين السعي جاهدين لتحقيق وحدة الصف الإسلامي والبعد عن روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية، والحض على تعاليم الإسلام السمح واتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده، وبالتالي يتدخل في السياسة في حالة ما إذا كانت تعني رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، ولا يتدخل إذا كانت بمعنى السياسة الحزبية التنافسية والصراعية التي قوامها البرامج التنافسية والخلافات. منوهًا باهتمام علماء الإسلام بعملية الإفتاء اهتمامًا عظيمًا، حيث جعلوها في مكانة عالية لعظمة دورها، فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يتولى هذا المنصب في حياته، باعتباره التبليغ عن الله، وقد تولى هذه الخلافة بعده أصحابه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم، وعلى الرغم من ذلك فإن الساحة الدينية اليوم تعاني فوضى في الفتاوى وفوضى في الخطاب الديني، نظرًا لتصدر غير المتخصصين للإفتاء، ونتيجة لتلك الفوضى التي حدثت في الفتاوى الدينية خصوصًا المنتشرة عبر الفضائيات والتي تصدر عن أناس غير مؤهلين للإفتاء من الأساس، مما تسبب في حدوث بلبلة وتشكيك للناس في أمور دينهم، ولابد من قصر الأمر على المتخصصين من العلماء، وتأهيل العلماء للإفتاء من خلال المعايير التي ينبغي أن تتوفر فيمن يتصدر لهذه المهمة العظيمة.