يعد الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، احد فرسان القوافل الدعوية الأزهرية التى انطلقت فى ربوع مصر بعد نجاح ثورة يونيو لمواجهة مخاطر الفكر التكفيرى وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب. يؤكد أن الإسلام الوسطى لا يوجد إلا فى الأزهر الشريف، فهو المنبر الوحيد الذى يقبل كل المذاهب ولا يكفرها. ويرى أن هناك فتاوى «جارفة» تصدر من البعض، وهناك أشخاصا تسلقوا إلى الأزهر للحصول على شهادات علمية لإطلاق فتاوى شاذة وخارجة عن الإسلام، ويحذر من استمرار انهيار العملية التعليمية فى مصر ويقول إن طلاب الجامعات ثقافتهم هشة ومن السهل اختراقها وسط جو ردىء. ويطالب بإعادة تقييم المناهج الأزهرية وإطلاق حوار بين أتباع المذاهب الإسلامية ودعم التجربة الرائدة لبيت العائلة المصرية التى أطلقها الأزهر والكنيسة لمواجهة الخطاب الدينى المتشدد ونشر ثقافة المواطنة وقبول الآخر.. والى نص الحوار:
كيف ترى نزيف الدماء الحالى بين ابناء الوطن الواحد؟ انه لشيء مؤسف ان تراق الدماء بين ابناء الوطن الواحد خاصة ان وطننا فى هذه الآونة يمر بأصعب الشدائد والمحن التى يمر بها الانسان واشعر بالألم والمعاناة التى اصابت الوطن ونحتاج للإخلاص حتى نرفع عن وطننا الغبار الذى يعلق به ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا من خلال ان نعطى وطننا حقه وان تعود إليه نضارته وحيويته وحتى يكون سابقا بين الامم والحضارات لابد من توحد الجميع فيما بينهم على رفع شأن بلادنا اما ما نراه من هذا النزيف الذى يراق لأتفه الاسباب وبغير جرم فهذا تعد على حق حماية الانفس التى اتفقت الشرائع السماوية جميعها على حفظها والآيات الكريمة والاحاديث الشريفة كثيرة فى هذا الشأن لحفظ وصيانة الانفس وهنا نجد ان التعاون قد تم ويتحقق الهدف لدى الجميع لرفع راية وطننا الحبيب. ما دور الأزهر فى احلال السلم المجتمعى فى ظل الاعمال الإرهابية التى تشهدها البلاد؟ للأزهر دور كبير فى كل مناحى الحياة خاصة فى الوضع الحالى الذى تراق فيه الدماء من خلال خطابه الوسطى المستنير بعد قرار وزارة الاوقاف باسترداد المنابر واغلاق الزوايا ومنع غير الازهريين من الخطابة هل هذا سيوقف ظاهرة ( فوضى الفتاوى ) المنتشرة حاليا ؟ ظاهرة فوضى الفتاوى ظاهرة جديدة ومنتشرة وهى وليدة التقدم التقنى بعد انتشار القنوات الفضائية وظهور عدد من الدعاة غير المؤهلين للافتاء وظهرت الفتاوى الشاذة والمتطرفة فى شتى المجالات الاجتماعية والاسرية والمعاملات وغيرها مما اشاع القلق والضيق بالكثيرين وعقدت وزارة الاوقاف مؤتمرا دوليا بعنوان (ظهور الفكر التكفيرى والفتوى بدون علم) ومن اهم توصيات هذا المؤتمر وضع ضوابط لمن يتصدر للافتاء وايضا وضع عقوبة رادعة لمن يفتى للناس بغير علم واتخاذ الاجراءات القانونية مع الجهة او القناة الفضائية التى سمحت بالإفتاء الشخصى دون مراعاة الضوابط اللازمة لذلك وامل ان ترى هذه التوصيات النور حتى يتم ضبط عملية الافتاء وان هناك جهات مؤهلة للافتاء وهى دار الافتاء ومجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء وتم تخصيص عدد معين من المفتين فى كل محافظة للافتاء فى المنطقة الازهرية لتقنين هذه العملية وللأزهر دوره المهم فى بيان حقيقة الفتاوى الصحيحة وغيرها التى تستند الى الادلة القوية والتى لا تهدف الى نصرة مذهب معين او نشر غاية معينة والازهر اكتسب وسطيته وحب العالم له بسبب وسطيته لأنه لم يهدف أبدا لنشر مذهب معين وهو عمل جاهدا فقط على بيان الشريعة الاسلامية الوسطية فلاقى هذا المردود الطيب لدى الطباع البشرية فى شتى الافاق حتى غير المسلمين فيطمئنون الى فتاوى الازهر والى علمائه وبتوجيهات من فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب تحركت القوافل الدعوية من مشيخة الازهر والجامعة ووزارة الأوقاف إلى شتى المحافظات. ما الهدف من هذه القوافل؟ هذه القوافل تعمل فى شتى المحافظات واشتركت فى هذه القوافل فى السويس والاسماعيلية وبورسعيد ومطروح وبينت للناس هناك ما يدرس الازهر من تراث فقهى وعقدى مما يدل على ان الازهر قمة السلفية أى الفكر السلفى الصحيح وان الازهر يمثل الفكر الوسطى الصحيح ويسعى الأزهر للحفاظ على التراث الفقهى وبيان أن شريعتنا وسط والأزهر ينهج الوسطية وارى الاقبال الطيب على هذه القوافل الدعوية وبهذا يؤدى الازهر دوره فى توصيل رسالة الاسلام الى كل مواطن فى شتى انحاء الجمهورية وآمل ألاًَ تبخل الدولة على الازهر فى الدعم المادى والمعنوى حتى يؤدى دوره المنشود ان شاء الله يعانى شبابنا من تسطيح للوعى وغياب واضح لمنظومة الاخلاق فكيف نعيد هذه المنظومة الاخلاقية لمجتمعاتنا من جديد؟ الشباب هم عصب الامة وهم من يبنون المجد للوطن فالمجتمع لا يستغنى عن همة وقوة الشباب ولا يستغنى عن حكمة وفكر الشيوخ واتمنى ان ارى فى مجتمعنا شابا يتولى وزارة او محافظة ولا يكون ذلك الا اذا اعددنا الشباب اعدادا جيدا حتى ينهض بأمته وان نعيد تقييم المنظومة التعليمية كلها سواء فى التعليم الابتدائى او الإعدادى او الثانوى وان نراعى ما يقدم لشبابنا فى الصحف والاعلام المرئى والمسموع وان يكون كل ذلك فى اطار منظومة واحدة تعمل على نهضة بناتنا وابنائنا وجميع من يقيم على ارض مصر . لقد خطا بيت العائلة المصرية خطوات جادة بهدف ارساء قواعد لتجديد الخطاب الدينى بالتعاون بين الازهر والكنيسة فما دوره الحالى فى هذه اللحظات الفارقة التى تعيشها البلاد ؟ ما خطاه شيخنا فضيلة الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر من انشاء بيت العائلة المصرية المكون من شقى الوطن مسلمين ومسيحيين ينهى خطوة طيبة تدعو الى التلاحم والتعاون بين ابناء الوطن الواحد وانه لا فرق فى المواطنة بين المصريين وان الاسلام يعرفه المسلم الحقيقى والعالم بحقيقة الدين يعلم ان غير المسلم الذى يقيم فى ارض الاسلام ليس بعيدا عن هذا الوطن بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن والاسلام امرنا بمعاملة اهل الكتاب بالبر والتعاون لرفعة وطننا وما فعله الامام الاكبر من خلال بيت العائلة المصرية هو تجربة واعدة ينبغى ان نحرص على اذكائها وتعميمها بشتى المحافظات والمراكز والقرى لان انتشار هذه المجالس انما يجمع الحكماء والعلماء من جميع الطوائف بهدف تحقيق المصلحة العامة للوطن والمحافظة عليه. كيف يمكن للأزهر استعادة دوره كأكبر مؤسسة دينية فى العالم ؟ حتى يستعيد الازهر دوره وريادته ينبغى حصر السلبيات والمآخذ التى حالت دون تحقيق هذا الامل لكى تعالج وتصوب والبداية فعلها الامام الاكبر منذ عامين تقريبا اذ دعانا الامام فى مؤتمر عام فى مايو 2012وكان هذا المؤتمر بداية لتطوير الازهر من خلال النظر الى المناهج الدراسية ودراسة النواحى الادارية وهى اشارة لبدء التطوير وحضرها عدد كبير من قيادات الازهر وليس هناك ما يحول دون التطوير خاصة اننا فى عصر الجودة والاعتماد والجامعات الاسلامية تتنافس فى تحقيق الجودة والاعتماد وليس غريب على الازهر ان يعود من جديد لدورة الريادى على مستوى العالم لأنه اصل لذلك. هل نحتاج لحوار داخلى بين اتباع المذاهب الاسلامية ام اننا بحاجة الى حوار بين الحضارات؟ الازهر يدرس لطلابه المذاهب الاسلامية فى المراحل التعليمية المختلفة بحيدة ودون تعصب وهذا كان يتم فى كليات الشريعة والقانون، والازهر لا يتعصب لنشر فكر معين وهذا من معالم الازهر انه لا يتعصب لأى مذهب ومن ثم فإننا نحتاج الى حوار بين المذاهب لان العامى مذهبه مذهب شيخه او مفتيه فالعامى لا يحتاج لهذا الحوار وانما هو يتلقى الفتوى عن شيخه فالاختلاف بين المذاهب الفقهية ليس عيبا بل هو تيسير وانما هو تعدد للآراء فيما يسمح به الشرع الشريف. كيف يمكن مواجهة الفكر التكفيرى ؟ مواجهه الفكر التكفيرى مهمة من اخطر المهام فى العصر الحديث ونحتاج الى ان نشمر سواعدنا لإزاحة الغبار عن الفكر الإسلامى الصحيح واننا قصرنا فى بيانه وتوضيحه لأبنائنا واخواننا وكيف وصلت بهم الحال الى ان كفر بعضهم البعض والدولة فيها الازهر والمساجد وفيها تقام الصلوات فكيف نكفر بعضنا بعضا فدعوة التكفير من اصعب الامور وللأسف تأتى ممن قصر فهمه عن تأويل معين لبعض الآيات القرآنية وبعض الأحاديث الشريفة ولم يقبل باقى الآراء فى المسألة الواحدة لذا وجب على العلماء الافاضل واهل الذكر والاختصاص ان يعقدوا المؤتمرات والندوات لبث كل ما يتعلق بهذا الفكر الضيق ومواجهته بنشر الفكر المستنير . تردد فى الآونة الاخيرة مفهوم (الإسلام السياسي) فما المقصود به؟ هذا الاصطلاح تم تداوله منذ فترة وربما يصعب على غير المتخصص فهم هذا الاصطلاح وكثير من المصطلحات الشائعة تحتاج الى بيان وان الاسلام دين عملى ولا يعرف الرهبانية واقول دائما هناك فرق بين من يفتى فى الدين بغير علم وبين من يعمل بالسياسة فمن يعمل بالسياسة عليه ان يراعى الضوابط الشرعية التى وضعها القرآن الكريم والسنة الشريفة والامة الاسلامية تتقبل النظم الحديثة والمعاصرة بشرط ان تتوافق مع الضوابط العامة للشريعة الاسلامية فالإسلام دين ودولة ونجده فى كل مجالات الحياة.