آخر تحديث لسعر الذهب الآن في الأسواق ومحال الصاغة    قبل تفعيله الثلاثاء المقبل.. ننشر المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء    «العمل»: التواصل مع المصريين بالخارج أهم ملفات الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    «القاهرة الإخبارية»: جيش الاحتلال يطالب سكان شرق رفح الفلسطينية بمغادرة المنطقة    الرئيس الصيني شي يلتقي ماكرون وفون دير لاين في باريس    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    مفاجأة بشأن مستقبل ثنائي الأهلي    «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة الطقس في شم النسيم    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    تحذير من خطورة تناول الأسماك المملحة ودعوة لاتباع الاحتياطات الصحية    محمد صلاح يُحمل جوزيه جوميز نتيجة خسارة الزمالك أمام سموحة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    تزامنا مع بدء الإخلاء.. تحذير من جيش الاحتلال إلى الفلسطينيين في رفح    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    عاجل.. أوكرانيا تعلن تدمير 12 مسيرة روسية    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    نيرمين رشاد ل«بين السطور»: ابنة مجدي يعقوب كان لها دور كبير في خروج مذكرات والدها للنور    تراجع سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الإثنين 6 مايو 2024    أخبار التكنولوجيا| أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب وإمكانيات هتبهرك تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo وOnePlus Nord CE 4 Lite    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.على جمعة: تطويع الإخوان الدين لمصالحهم حرام شرعًا

المفتى السابق: دار الإفتاء منذ إنشائها لم تحابِ النظام الحاكم يومًا على حساب الدين
وثيقة الأزهر ليست تدخُّلًا فى السياسة.. والمؤسسة لن تلتفت إلى دعاة الهدم
مفتى الجمهورية المنتهية ولايته الدكتور علِى جمعة لم تكن لديه رغبة فى الاستمرار فى منصبه منذ نحو عام، ورغم أنه لم يكن هناك موانع قانونية تحول دون بقائه فى منصبه لفترة أخرى، فإنه آثر الرحيل، فالمقربون من الشيخ الجليل يؤكدون أن الوضع العامّ فى مصر لم يعُد يرضيه، وأنه كان يتجنب الأضواء طوال الفترة الماضية، وربما يفسر ذلك غيابه عن المشاهد البروتوكولية لتوقيع الوثائق التى كانت تصدر عن الأزهر بعد الثورة.
بعد أن لملم علِى جمعة أوراقه ورحل، وبعد أن ألقى عن كاهله أعباء المنصب الرسمى، تلتقى «التحرير» المفتى السابق.
■ بعد «الإفتاء».. ما نشاطك للمرحلة القادمة؟
- عالِم الدين لا ينقطع علمه ولا يتوقف عطاؤه فى سبيل خدمة دينه وأمته، سواء كان فى منصبه أو بعد أن يتركه، أو بعد أن يرحل عن الحياة كلها، فالعلماء يعملون فى أماكنهم لخدمة دينهم، علاوة على أنهم يتركون من العلم والأثر النافع ما يعود بالخير والمنفعة على الأمة والإسلام إلى يوم القيامة، فهم حريصون على بذل مزيد من الجهد وعلى أن لا تنقطع هذه الجهود أو تتوقف عن خدمة الإسلام فى كل مكان، نحن نخدم الإسلام من خلال وجودنا فى مواقعنا ونخدم الإسلام حتى بعد رحيلنا عنها وعن الدنيا وشغلنا الشاغل هو رفعة هذا الدين والذود عنه وصد كل وسيلة من الوسائل التى تريد أن تنال منه وتفت فى عضد الأمة الإسلامية، وينبغى أن تشغلنا فى الوقت المقبل هموم الوطن والإسلام لا غيره، هى رسالة حملناها على عواتقنا ولن نضعها إلا بعد أن يستردّ الله وديعته.

■ هل حدث أن تراجعت فى فتوى لظروف سياسية، أو لخطأ فى الفتوى؟
- دار الإفتاء المصرية منذ إنشائها عام 1895م، لم تحابِ يومًا النظام الحاكم على حساب الدين والشرع، لأنها مؤسسة راسخة تَوَلَّى الإفتاء فيها عبر القرون خيرة العلماء، ولها طريق واضح محدد فى ما يتعلق بمصادرها وطرق البحث وشروطه، كما أنها صاحبة عقلية علمية عبر هذه الفترة وما قبلها، لها جذور فى التاريخ ولها خبرة إدراك الواقع، لذا فهى لا يمكن أن تهتز لاتباعها منهجًا وسطيًّا ولا يمكن أيضا أن تتراجع فى فتوى أصدرتها، لأنها مؤسسة لديها قدرة على إدراك مصالح الناس فى مقاصد الشرع.
■ بصراحة.. ألم يكن نظام مبارك يضغط على دار الافتاء لإصدار فتاوى بعينها؟
- لماذا نذهب بعيدًا؟ دار الإفتاء كان لها موقف مع النظام السابق وهو رفضها للتوريث وتصدير الغاز لإسرائيل، وكان ذلك سببًا لغضب النظام السابق عليها، أما بخصوص التراجع بسبب خطأ معين فى الفتوى فهذا أمر غير صحيح، فدار الإفتاء لها منهج معتمد فى الفتوى تلتزم به، ولذلك لا يكون هناك خطأ فى الفتوى، ومن يُلقِ بهذه التهم قد لا يكون ملمًّا بشروط الفتوى، إذ يقوم على عملية الإفتاء فى الدار مجموعة من العلماء المتخصصين، ذوى الكفاءة والخبرة، حيث تخرج الفتوى واضحة لا لبس فيها لألا يقع السائل فى حيرة، أو يستغلها الذين يبغون إثارة الفتن بين المسلمين، وبناء على ذلك فإن الدار لم تصدر أى فتاوى خاطئة من قبل.
■ فضيلة المفتى: وُجه إليكم وإلى علماء الأزهر اتهام بأنكم علماء السلطان.
- آراؤنا وفتاوانا تأتى بما يتفق مع الشرع الحنيف وتحقق المصالح والمقاصد والمآلات، ولم ولن ننحاز يومًا لأحد على حساب الشرع، ومن يصفون الأزهر وعلماءه ب«فقهاء السلطان» هم المتشددون الذين يريدون أن يقضوا على وسطية الأزهر الشريف، التى تضرب جذورها فى التاريخ عبر ألف عام ويُحِلُّوا مكانها الفكر المتشدد والمتطرف، لكن الأزهر سيظل قامة كبيرة ولن يستطيعوا النيل منه، ولم يحدث قط أن أصدرت أى فتوى لصالح الحاكم ولم أصدر فتوى إلا بالقواعد الشرعية، وأتكلم وأعلم جيدًا أن الشعب المصرى لم يفقد ثقته بالمؤسسة الأزهرية، بدليل أنه يعود إليها فى النهاية ولكنها تحتاج إلى تجديد وتطوير يتماشى والمرحلة الجديدة فى مسيرة الوطن.
■ هل ترى أن الدستور الجديد أقحم الأزهر فى الصراعات السياسية؟ وهل لديك تخوف من سيطرة الإخوان على الأزهر؟
- لن يتغير وضع الأزهر والمؤسسة الدينية فى المرحلة القادمة ولن يكون هناك صدام مع أى تيار، علاوة على أن ثقة جموع المسلمين بالأزهر لن تهتز وسيظل المنهج الأزهرى الوسطى كالهرم، يتجاوز الزمان والمكان، وسيظل هرمًا إن شاء الله تعالى، فالمؤسسة الدينية فى مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف قدمت أعمالًا جليلة وإسهامات عظيمة من أجل رفعة الأمة ونهضتها،‏ والأزهر معروف عنه أنه منذ إنشائه يتميز بالوسطية والاعتدال والفهم الصحيح المبنى على المنهج العلمى الرصين لنصوص الدين‏ والفهم الواقعى للحياة، فهو يؤدى رسالته مع الحفاظ على هويته على الرغم من التطورات التى حدثت حوله، وأتمنى أن يتلاقى الجميع تحت مظلة الأزهر الشريف، وأن يكون شكل العلاقة بين الأزهر والمصريين كافة علاقة تقدير وإجلال نعلى من خلالها قيمة الوطن، وما نشاهده اليوم خير دليل على تفاعل الأزهر مع هموم الوطن من خلال وثيقة الأزهر وأيضًا سعيه لتوحيد صف الوطن والقضاء على سياسة التهميش والتخوين، لكى تعبر الأمة إلى بر الأمان، وهذا ليس معناه إقحام الأزهر فى السياسة فالأزهر باعتباره مرجعية كبيرة أصبح قادرًا على تقديم النصيحة العلمية والاجتماعية وغيرها لتصل بنا إلى صحيح الإسلام، وحل مشكلات المسلمين، كما أن مرجعيته تجعله قادرًا على تقديم اقتراحات للدول والحكومات، ولتصحيح مناهج التعليم، أو الاشتراك فى وضعها عندما تتعلق بالمسلمين، ونحو ذلك من الخدمات التى لها أثر فى استقرار أوضاع المسلمين، وفى شيوع السلام الاجتماعى، وفى اندماج المسلم فى مجتمعه، وفى مساعدته لأن يكون مواطنًا صالحًا نافعًا لأهله ووطنه، مشاركًا فى بناء الحضارة الإنسانية. والأزهر لا يلتفت إلى الأصوات التى ترتفع من أجل الشعارات وتنتهج ثقافة الهدم لا البناء، وهو ماضٍ فى طريقة لا يثنيه عنه تلك الأصوات التى تريد أن تنال منه ومن أبنائه.

■ هناك تخوُّف لدى العاملين فى المجالات الفنية والأدبية من سيطرة تيارات الإسلام السياسى على السلطة فى مصر.. كيف ترى دور الأزهر فى مواجهة هذه المخاوف؟
- هذا الأمر يندرج تحت «الفوضى فى الخطاب الدينى»، وستنتهى بلجوء المواطنين إلى المتخصصين والعلماء عند الحصول على الفتاوى، ومن ثَم عدم الانسياق وراء هذه العشوائية التى تصيب الناس بالبلبلة والتشويش، لأن هذه الفوضى تحدث عندما نسمى الإجابة عن أى سؤال بأنها فتوى، أو نصور الرأى على أنه فتوى، لذا فنحن نؤكد أن الفتوى أمر يتعلق بالعمل، والتفريق بين المسائل والقضايا وبين الرأى والفتوى وإجابة السؤال أمر مهم جدًّا، وهذا سيكون من خلال المؤسسة الرسمية المسؤولة عن الفتوى، ونسأل الله تعالى أن ينعم على أهل مصر بالأمن والأمان والاستقرار فى عهدها الجديد.. وعلى الجانب الآخر نرى الأزهر الشريف بمرجعيته الدينية الوسطية يحاول الحفاظ على الوسطية البعيدة كل البعد عن التشدد والمغالاة، ويحاول تقديم روح الدين البعيدة عن هذه العصبية المقيتة انطلاقًا من رسالته الوسطية، لما له من ثقل فى الداخل والخارج ولما له من مكانة فى قلوب مسلمى العالم كافة والمصريين على وجه الخصوص.
■ ما رأيك فى الفتاوى التى تحرِّض على قتل المخالفين للسلطة بدعوى تطبيق حد الحرابة أو غيره من الحدود؟
- أرفض هذه الآراء، ويجب أن لا نطلق عليها فتاوى، فالفتوى لا بد أن تصدر من متخصصين، وأتمنى أن تنتهى هذه الفوضى عما قريب.
■ وسط حالة الاستقطاب التى تمر بها مصر، ما المنطقة التى يجب أن يقف فيها عالم الدين؟
- ينبغى أن يظل عالم الدين بعيدًا عن السياسة بمعناها الحزبى، وأن يترك الاختيار للشعب ويبقى ملكًا لكل الأطراف، وأن يضطلع بدوره فى توعية الجماهير وقيادتها نحو ممارسات صحيحة تتفق والقيم العليا، لتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفى هذه المرحلة يجب على العلماء والمفكرين السعى جاهدين فى تحقيق وحدة الصف الإسلامى والبعد عن روح الشَّحناء والتفرقة والنعرات الطائفية،‏ والحضّ على تعاليم الإسلام السمح واتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة فى الدعوة إلى الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده، ومن ثَم يتدخل فى السياسة فى حالة ما إذا كانت تعنى رعاية شؤون الأمة فى الداخل والخارج، ولا يتدخل إذا كانت بمعنى السياسة الحزبية التنافسية والصراعية التى قوامها البرامج التنافسية والخلافات.
■ ما شكل العلاقة التى ينبغى أن تكون بين رئيس الدولة ورجل الدين؟
- لا بد أن يحكم العلاقة بين رجل الدين والحاكم أمران، أولهما استقلال رجال الدين وعدم الوصاية عليهم، وثانيها أن يقدم رجل الدين النصح للحاكم فى وسط المناخ الديمقراطى الذى أصبحت تتمتع به مصر عقب ثورة يناير، فالمؤسسات الدينية الرسمية لا بد أن تعمل باستقلالية تامة، انطلاقًا من دورها ورسالتها بعيدًا عن الإملاءات والوصاية عليها من قبل السلطة بغرض تطويع الدين لخدمة أغراض سياسية، لكن على رجل الدين أن يبذل النصيحة للحاكم لقول صلى الله عليه وسلم: («الدين النصيحة»، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»).
■ ما السبب الرئيسى فى ما وصلت إليه الأحوال فى مصر؟ وهل من سبيل للنهوض بها؟
- مشكلة التعليم تُعتبر أهم أسباب تخلف أى أمة، لأن قضية التعليم مهمة ومحورية لنهضة الأمة الإسلامية، فالأمية عائق للتواصل والفهم والقراءة والتعلم، وأمتنا الإسلامية قامت على مفاهيم النبى صلى الله عليه وسلم وعلمت الناس، والمسلمون ما دخلوا بلادًا إلا وبدؤوا بالتعليم، حتى انتشر من الأندلس إلى الهند، وأنهم لم يقهروا الناس على ترك لغاتهم أو يفرضوا عليهم العربية، ولكن فرضوا عليهم العلم، فتعلموا وأسرعوا فى تعلم اللغة العربية، فالتعليم والبحث العلمى خصوصًا لا بد أن يكون هو المشروع القومى الأول للأمة، لأنه لا حياة ولا وجود لنا من دون العلم، إن اللغة التى يعترف بها العالم الآن هى لغة العمل والإنجاز، التى لا بد أن تتوفر لها قاعدة علمية سليمة، ونحن بفضل الله تعالى لدينا من الإمكانيات الهائلة والقدرات البشرية ما يؤهلنا لأن نكون من أفضل الأمم تحضرًا ورقيًّا على المستوى الحضارى والإنسانى، وآن لنا أن نفعل وننفذ الاستراتيجيات والخطط والإجراءات الفعلية فى مجال البحث العلمى والتعليم.
■ كيف تتخطى البلاد ما يعترضها من أزمات؟
- على الجميع التكاتف والتوحد وتنحية الخلاف جانبًا فى المرحلة القادمة، من أجل أن نصل بالمجتمع إلى بر الأمان، وعليهم أيضًا لمّ الشمل المصرى، والاجتماع على المشتركات الوطنية، وذلك من خلال الوفاق الذى يعنى الوصول إلى مشترك بين أبناء الوطن الواحد، ونبذ الفرقة وتبادل الاتهامات فى ما بينهم، وأيضًا من خلال التصافى بمعنى أن نتفق على البعد عن لغة التخوين وأن نتوحد من أجل هذا الوطن ونتسامح فى ما بيننا ويبدأ كل منا بنفسه بالتخلى عن أى خصومة من أجل التصدى للفوضى والفتنة وبناء دولة حديثة، كما أنه ينبغى لنا أيضًا عدم إثارة القضايا السطحية التى لا طائل ولا منفعة للوطن من ورائها، وأن نجعل من حب الوطن قاسمًا مشتركًا بين جميع الأحزاب والقوى السياسية، وأن هذا الحب والانتماء لا بد أن يُترجَم إلى أفعال تصبّ فى الصالح العام، لا لمصالح حزبية ضيقة، وأيضًا على كل القوى والفئات البحث عن المشترك فى ما بينهم، وكانت هذه هى فحوى «مبادرة الوفاق والتصافى» التى أطلقناها فى وقت سابق للوصول إلى الوفاق بين أبناء الوطن، وفيها طالبنا أيضًا بميثاق شرف إعلامى تبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند أو دليل وإفساح المجال أمام مؤسسات الدولة المنتخبة لممارسة دورها الفاعل خلال المرحلة المقبلة.
■ ما المطلوب من الشعب والحاكم الآن من أجل أن تستعيد مصر توازنها الاقتصادى دون أى معونات خارجية؟
- تستعيد مصر توازنها من خلال العمل والعلم والتنمية والسعى من أجل أن نعمر مصر بسواعد أبنائها، بعيدًا عن أى شكل من أشكال التدمير وتوصيل رسالة الأمل الفسيح إلى الناس، حيث إن كثيرًا من الناس قلق وخائف من المستقبل، لكن قضية الأمل هى التى ستجعل الناس تعود مرة أخرى إلى العمل وإلى السعى والاجتهاد، فمصر لديها من الخيرات والموارد والخبرات ما يجعلها فى غنى عن أى معونات خارجية لكن ذلك لن يتحقق إلا بالعلم والعمل.
■ كيف يمكن نشر مبدأ الوسطية فى المجتمعات الإسلامية؟
- يحدث ذلك عندما يستمع الجميع إلى المنهج الوسطى والمعتدل الذى يتصف به الإسلام، لأن الغلو والتطرف والتشدد ليس من طباع المسلم الحقيقى المتسامح المنشرح الصدر، ولا من خواص أمة الإسلام بحال من الأحوال، ومنهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين، ويرفض الغلظة والعنف فى التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، ومن خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب فى تدمير بنى شامخة فى حضارات كبرى، وهو بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذى يقوم على الاعتدال والتسامح، ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليًا متطرفًا ولا متشددًا، ولكى نبتعد عن الخلافات والانشقاق لا بد من جلوس كل التيارات والقوى للحوار وبحث وتدارس القضايا التى تنهض بالأمة، حتى نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق صالح البلاد والعباد، والوصول إلى مشترك فكرى يمكن فى إطاره إدارة الحوار البناء الذى ينهض بالبلاد والعباد حتى نتجاوز ما هو مختلف فيه، وضمان وجود السلام الاجتماعى الذى فى ظله ينعم الجميع بحياة آمنة.
■ ما رأيك فى تطويع جماعة الإخوان المسلمين لبعض الفتاوى مثل ما حدث مع قرض صندوق النقد الدولى، لتسيير مصالحهم، وللاستمرار بالحكم؟
- يوجد فرق بين أن يقوم الإخوان بهذا العمل بهدف التغيير فى أحكام الدين، ورغبتهم فى تحقيق غرض محدد لصالح الناس، بالإضافة إلى أن مفهوم القرض عند الناس غير واضح، وأرى أن ما يدّعون أنه قرض لا علاقة له بالقروض لأنه تمويل، والتمويل فى الأصل لا حرمة فيه، أما بالنسبة إلى الإخوان فإذا قاموا بتطويع الدين لتحقيق مصالحهم الخاصة فهو حرام شرعا ولا خلاف فى ذلك، ونحن فى الفترة الأخيرة للأسف شغلنا أنفسنا بقشور الدين، وتركنا الجوهر، فالدين يسعى لمصلحة الناس ودفع آلامهم وجلب المنافع لهم دون تعارض مع الدين، أو خروج على ما اتفق عليه المسلمون، وهذا يحتم علينا أن نفرق بين رجل الدين والذين يستخدمون الدين لخدمة أهداف بعينها، فبين التدين وعلم الدين فرق كبير، حيث إن عالم الدين هو الدارس للنصوص الشرعية والواقع وكيفية تطبيق هذه النصوص على هذا الواقع، بينما الشخص المتدين هو الشخص الذى يؤدى الفروض والطاعات التى فرضها الله عليه، ومن ثَم يجب على الجميع أن يكون متدينًا، لكن عالم الدين هو من يدرس النصوص الشرعية ويمزجها بالواقع لكى يكون حكمه مكتملًا، ليوجه هذا العلم الذى منّ الله تعالى به عليه لخدمة البشرية لا لخدمة أهداف أو توجهات أو تيارات بعينها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.