الروائي مكاوي سعيد في حواره ل “,”البوابة نيوز “,”.... - المعتصمون رفضوا “,”عرب“,” ثم قبلوا به بعد سقوط الإخوان - اعتصام الثقافة يشبه نكته الحاخام اليهودي - الفساد في الثقافة كالجرح الوسخ الذي لم ينظف - “,”عرب “,”رحب بدستور الإخوان ولم يعترض وتولى الثقافة بعد 30يونيه - ما حدث بعد 30يونيه إعادة تدوير للفساد - تجربتي بالنشر في هيئة الكتاب فاشلة لسيطرة “,”الشللية“,” عليها - “,”أحوال العباد “,”خارج التصنيف و“,”كراسة التحرير“,” ستفضح إعلاميين - ترديد أننا مجتمع غير مهيأ للديمقراطية إعادة لإنتاج الأكذوبة يجلس على مقهى “,”زهرة البستان“,” لتفقد “,”أحوال العباد“,”، ولم يترك سنواته تهدر على القهوة دون جدوى. تسكع على مقاهيها وأحيا ذكرياتها بكتابة “,”مقتنيات وسط البلد“,” . استفزته الوجوه الكادحة بميدان التحرير فكانت “,”كراسة التحرير“,” نتاجا لفضح أسرار عدد كبير من الإعلاميين؛ رفض ذكر أسمائهم قبل صدور كتابه قريبا. هاجم وزارة الثقافة بل اتهم بعض المثقفين بإعادة تدوير الفساد بعد ثورة30 يونيه عبر اعتصامهم الذي وصفه بالمشرف، والذي تحول في نهاية الأمر للعبة لتقسيم الكراسي . هاجم “,”عرب“,” لأنه قبل بدستور الإخوان ثم جاء ليتولى الثقافة بعد 30يونية . أكد أن الثقافة تشبه الجرح الذي لم ينظف حتى الآن ..... هل تعتقد أن الأحداث السياسية قد انعكست بالسلب على الإنتاج الأدبي وساهمت في انحساره؟ الأحداث السياسية الغير مسبوقة والمكثفة على مدار ثورتين قامت بعزل الكاتب عن الكتابة، وجعلته غير متفرغ للأدب الحقيقي ؛لأنه مسئول عن مصائر حقيقية، وما أراه الآن يشعرني أننا في فترة صحية؛ لأننا مازلنا في حالة تأمل للأوضاع، وهو ما يجعل الإنتاج الأدبي يتزايد بعد مرحلة التأمل تلك، إنما النتاج المتعجل سيصبح مشوها، والأعمال الأدبية التي تكتب عن الثورة الآن غير مكتملة ؛ لأن هناك مسائل مازالت غير مفهومة، وهو ما سيجعل الكتابة غير حقيقية ،وتعتمد على خيال وتجارب بلدان أخرى لا تشبهنا، وليس معنى كلامي أنه لا يوجد حاليا ما يمس الناس ،ولكن لابد من تصفية الأدب . مؤخرا أصدرت كتابك “,”أحوال العباد“,” لماذا وصفته بأنه خارج التصنيف ؟ لأنه بعيد عن قوالب القصة والمقال والرواية، وأراه تصنيف مختلف، وعلى النقاد أن يضعوا تصنيفا له . تصف الكتابات التي تتناول الثورة على أنها كتابات غير معبرة ومشوهة، ولكنك تستعد لكتابة “,”كراسة التحرير“,”.. ألا يبدو تناقضا؟ هي كتابة أيضا خارج التصنيف الأدبي، بل مكاشفة، بها أسرار تقال لأول مرة . هل من الممكن أن تمنحنا بعضا من هذه الأسرار؟ ستعرفون بعضا منها عند صدور الكتاب لأنه يتحدث عن شخصيات رأيتها بعيني منها الحقيقي، ومنها المزيف ،منهم إعلاميون شاهدتهم في مواقف مختلفة، وكتبت رؤيتي عنهم .ورصدت تناقضاتهم وسط موجة من التناقضات، والكتاب يتطرق كذلك للشخصيات الحقيقية التي لم يلق عليها الضوء، بنفس أسلوب الحكاية حتى لا تكون كتابة تقريرية . مؤخرا صدرت مجموعتك القصصية “,”اللا مرئيون“,” عن الهيئة العامة للكتاب لماذا أصريت على طباعتها بالهيئة رغم عدم وجود مشكلة لديك مع النشر الخاص؟ أردت أن يصل كتابي للفقراء في المحافظات، الشغوفين بالقراءة، وليس في استطاعتهم شراء الكتاب عبر دور نشر خاصة، ولذا أردت أن تصدر عبر دور نشر رسمية، وللأسف “,”اللا مرئيون“,” ظل في الهيئة لمدة قاربت الثلاث سنوات قبل صدوره، وكل رئيس جديد للهيئة يلقي اللوم على من سبقه لعدم صدور الكتاب، وكل مرة كان على وشك الصدور يتغير رئيس هيئة . لكنك قمت بكتابة مقال “,”تغريدة البجعة“,” التي منحتك سمعة طيبة بين القراء، وهو ما يشجع أي دار نشر حكومية على طباعة مؤلفاتك ؟ هناك حسابات داخل الهيئة العامة للكتاب .لأنني لا أنافقهم ،ولا أكتب عنهم في مقالاتي ،وهذا يثيرهم ،ولو استطاعوا أن يقوموا بتعطيل شيء لقاموا بتعطيله، وعمري ما رفعت سماعة الهاتف على أي مسئول وسألته عن سبب تأخير كتابي وعادة دور النشر تشتري كتبي مقدما، وكوني أقدم مؤلفاتي للهيئة؛ فأنا أقدمه لقرائي في الريف والمدن، وهم غير قادرين على شرائها وهي صادرة عن دور نشر خاصة، وأتمنى أن يكون في مكتبات الهيئة مؤلفاتي ، وحينما خضت التجربة كانت فاشلة، ولست قادر على فهم المسألة ؛ ففي الوقت الذي صدر كتاب لي عن قصور الثقافة بيع منه أربعة آلاف نسخة؛ لم يتخذ أحد قرارا بطباعته مرة ثانية، وكأنهم “,”مرتاحين“,” أن يكو ن مستواهم متواضع . هل هذا ما جعلك تعزف عن المشاركة في اعتصام المثقفين ضد علاء عبد العزيز؟ لم أعزف عن المشاركة ولكن وجهك لم يكن حاضرا بقوة حينها ؟ شاركتهم ،ولكني لم أدخل من الباب لأجلس على طرابيزة لتقسيم التركة من عليها أليس هذا تشكيك في نية قامات عظيمة شاركت في الاعتصام ومشهود لها بمواقفها المحترمة والمعارضة لسياسات وزارة الثقافة قبل مجيء “,”علاء عبد العزيز“,”؟ أنا لا أشكك في نوايا تلك القامات ،وهناك من كان يشارك بصدق ، وآخرون مدعون ؛أنا عجبني موقف رفضهم ل “,”علاء عبد العزيز“,” ووقوفهم ضده ؛ولكن لم أحترم التبعات التي لحقت تلك الوقفة المحترمة ؛ أن أظل رابضا في الوزارة بحجة الدفاع عنها بعد سقوط الإخوان، ثم أنتظر مصيري من الوليمة ؛هذا ما رفضته وأرفضه . هل تعتقد أن الاعتصام بدأ بشكل مشرف ثم تحول لوليمة فيما بعد ؟ طبعا، وما حدث بعد الاعتصام إعادة تدوير للفساد داخل وزارة الثقافة، والرموز التي كانت معوقة ومعطلة بوزارة الثقافة عادت من جديد . ولكن القائمين على مؤتمر“,” ثقافة مصر في المواجهة“,” هددوا “,”عرب“,” بالعودة للاعتصام إذا لم ينفذ توصياته ،وبه نفس الشخصيات التي وقفت ضد الهجمة الإخوانية على مقر الثقافة؟ أولا لم توجه لي دعوة لحضور المؤتمر رغم استضافتهم لعدد كبير من المثقفين وصل ل 128 شخصية، وغالبا هم فاهمين إن أفكاري لن تلتقي مع أفكارهم الإصلاحية؛ التي بلا مغزى أو هدف، وفكرة العودة إلى الاعتصام من جديد يشعرني أن المثقفين تحولوا لمبتزين ، وهذا ما أرفضه ، فكيف تبتز وزير الثقافة ،وفي نفس الوقت وافقت علي مجيئه، وصدقت على ذلك ،أنا أريد من المثقفين الحقيقيين الجلوس على مائدة دستور ثقافي حقيقي لألمع مثقفي مصر حتى يتم تطبيقه . تقصد بذلك أنك تريد منهم أن يجتمعوا على مائدة لتحقيق مطالب عامة تخدم الثقافة وليس مطالب شخصية ؟ بالفعل ،هذا ما أتمناه، وأرفض رؤية تقسيم الكراسي فيما بينهم ، الثقافة لا تدار هكذا. - لماذا تعترض على وزير الثقافة الحالي رغم أنه اختير من قبل الجماعة الثقافية التي وافقت عليه واعترضت على علاء عبد العزيز؟ الذي يثير لدي الجنون ؛ هو أن المثقفين الذين اعتصموا رفضوا “,”صابر عرب“,” وقت توليه الوزارة في زمن الإخوان ثم قبلوا به بعد رحيلهم ؛ لمجرد أنه كان على خلاف مع “,”علاء عبد العزيز“,” أليست هذه ازدواجية ؟ أليس “,”عرب“,” هو نفس الوزير الذي قبل بدستور الإخوان، ولم يعترض عليه وظل في منصبه وقت توليهم الحكم. ولكن الظروف السياسية التي لحقت بالبلاد لم تترك للمثقفين حرية الاختيار فكان القبول ب “,”عرب“,” قبول مبدئي لأنه من داخل الجماعة الثقافية ؟ دي مسألة خاطئة “,”المفروض جرح في وساخة -لا مؤاخذة - يتنظف “,”.“,”عرب“,” قبل بدستور “,”مرسي“,”، وأعطى الورق ل “,”الغرياني“,”، ورحب بالدستور، وفي كل لقاءاته كان مرحبا بكل ما قام به الإخوان ولم يعترض، وكان مبسوط جدا يبقى عملنا إيه ؟ كلامك هذا يعني أن اعتصام الثقافة فشل ولم يحقق هدفه ؟ اعتصام الثقافة يشبه النكتة ؛التي تتحدث عن حاخام يهودي، لم يجد غرفة تتسع لأولاده ولا لعائلته، وكان يقول للناس مش قادر أعيش فقالوا له “,”ضع خنزيرا معك“,”، ووضع الخنزير وبعد أسبوع قال له الناس “,”كيف أخبارك“,” فرد عليهم “,”مش طايق“,” ،فقالوا له ضع خنزيرا جديدا وشوف الجو، وظل يضيف خنزيرا جديدا لمده ثلاثة أسابيع ، وبعدها أعلن أنه لم يعد يطيق ، وما نتج عن اعتصام الثقافة يجعلني أتذكر هذا المثل ،فلم نفعل شيئا ولم نغير؛ “,”علاء عبد العزيز “,”كان يريد تحويل الثقافة لمطية للإخوان ، وعندما رحل كأننا نريد أن يبقى الوضع كما هو عليه داخل الثقافة . ولكن البعض ينادي بأن علينا ألا نتوقف كثيرا في المرحلة الانتقالية لأن حكومة الببلاوي مرتعشة وغير صالحة لإكمال خارطة الطريق ،وكل ما علينا هو الصبر على رحيلها قريبا ده اللي “,”مصبرنا“,” ، بس ده لا يجعلني أبلع وجوه قديمة ، من زمان تم تقديم المجلس الأعلى للثقافة على أنه البديل لوزارة الثقافة وفي الآخر صار تابعا لوزارة الثقافة. - ولكنك لست في دولة متقدمة حتى تنادي بإلغاء وزارة الثقافة مثلما نادى البعض بهذا وأخذوا فرنسا مثالا؟ فكرة أننا مجتمع نامي، ولسنا قادرين على إلغاء وزارة الثقافة أكذوبة كبرى؛ مثلما رددوا من قبل إبان حكم “,”مبارك“,” إننا مجتمع غير مهيأ للديمقراطية ،والبديل هو الفوضى وليس هذا صحيحا ، ليس من المفروض إعادة إنتاج الأكذوبة ؛لأن الشعب به مستنيرين كثر، وناس على مستوى وعي رهيب ؛والدليل على ذلك نجاحهم خارج مصر ،فأين نجاحنا نحن ؟ المؤسسات الثقافية تمشي بفكرة القرابة ،لا أحد يعطيك حقوقك .حقوقنا أخذناها من البلاد العربية والغرب اللذين اهتموا بكتابتنا . كان هناك اقتراح من قبل عدد كبير من المثقفين أن تقوم المؤسسات الثقافية بتوزيع الأدوار وينفصل الأعلى للثقافة عن الوزارة .هل تؤيد هذا الاقتراح وتراه مجدي للتغيير؟ طبعا ..لا يعقل أن تقوم الهيئة العامة لقصور الثقافة بالنشر ،ثم تقوم باقي القطاعات بنفس المهمة وتعقد الندوات بجميع قطاعاتها دون تنسيق، ورسم أهداف، وأدوار محددة لكلا منهم . هل تتفق مع الدكتور “,”عماد أبو غازي“,” الذي طالب المجلس الأعلى للثقافة بالاكتفاء برسم السياسيات الثقافية؟ هذا جزء يعبر عليه غير المتحققين، متوسطي الموهبة ؛ اللذين يقومون بطباعة الأعمال الكاملة بقطاعات الثقافة ، حرام الدولة تتحمل أجزاء أكثر من ألفين صفحة لمجرد وساطة ، ده إهدار مال عام ،وإهدار عقول، ويجعل الأجيال القادمة تقول عن إبداعنا أنه سخيف ؛ ولكن الحقيقيين يحاربون بشكل كبير ؛حتى على مستوى مكتبة الأسرة الاختيارات “,”شلليه“,” . هل تعتقد أن المؤسسات الثقافية الخاصة والتي ظهرت مؤخرا قادرة على منافسة وزارة الثقافة ؟ المؤسسات الثقافية التي ظهرت مؤخرا مثل “,”دوم“,” مثلا تعتمد علي تمويل ذاتي، وجميع المؤسسات الثقافية بعد انتهاء تمويلها الذاتي ؛قد تضطر للجوء لتمويل من قبل جهات قد تفرض عليها اتجاهات معينة ؛تضطرها لمنافقة حكومة مثلا، وبالتالي قد تفقدها قدرتها على التوجه باستقلالية في رؤيتها الثقافية .