سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المثقفون يصبون غضبهم على جهاز التنسيق الحضاري....الخميسي: بيوت المبدعين تحولت لخرابات.. عبدالخالق يطالب "السيسي" بمحاسبة المتقاعسين.. وعمران: أصحاب المصالح والمقاولون الجهلة السبب
لا يكاد يمر يوم إلا ويتنامى إلى أسماعنا ؛ أن معاول الهدم تنشب أظفارها في أحد المباني المهمة أو الفلل الأثرية أو الأماكن الثقافية والفنية، التي تمثل جزءا من وجدان الأمة؛ فقد كان آخر المباني التي اندثرت مسرح السلام بالإسكندرية ومن قبله منزل الشاعر الكبير أحمد رامي وبيت الشاعر الكبير بيرم التونسي وبيت الشاعر الكبير سامي البارودي، وغيرهم كثيرون يتساقط أثرهم وموروثهم بشكل يومي؛ بينما الجهاز القومي للتنسيق الحضاري باعتباره الجهة المسئولة عن حماية هذه المباني في ذمة الله، يلفه صمت القبور دون صد أو رد على كمية الانتهاكات اليومية التي يواجهها الذوق المعماري المصري. وبعد أن كانت حجة القائمين على الجهاز في وقت سابق أن القانون لا يمكنهم من القيام بدورهم لم يعد لهذه الحجة مكان الآن بعد أن حصل الجهاز على صفة الضبطية القضائية مؤخرا وهي ميزة تمكنه من أن يمنع أي تعد على مكان ذي قيمة جمالية في مصر؛ ومن ثم إعادة صياغة الرؤية الجمالية لكافة مناطق الدولة والعمل على إزالة التشوهات الحالية في إطار تحقيق أهداف الجهاز المتمثلة في حماية القيم الجمالية للشكل الخارجى للأبنية والفراغات العمرانية والأثرية وأسس النسيج البصرى للمدن والقرى وكافة المناطق الحضارية للدولة، بما في ذلك المجتمعات العمرانية الجديدة. "البوابة نيوز" استطلعت آراء العديد من المثقفين حول القضية فإذا بهم يفتحون النار على دور الجهاز المفقود، الناقد الكبير أحمد الخميسي قال: لا أدري بالضبط ما الذي يقوم به الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في مصر، وأظن أنه ديكور مثله مثل المجلس القومي لحقوق المرأة وغيره من الديكورات، أقول ذلك لأننا نرى كيف تتهدم وتتساقط آثارنا كل يوم من دون أن يحرك أحد ساكنا. وعدد الخميسي الأماكن التي تم هدمها هم: فيلا أحمد رامي التي هدموها في حدائق القبة، ومن قبلها في الإسكندرية بيت بيرم التونسي، ثم بيت سيد درويش في كوم الدكة الذي تحول إلى خرابة ومأوى للقطط وحظيرة ماعز بالمعنى الحرفي، هناك بيت البارودي رب السيف والقلم المعرض للانهيار، وهناك متحف هدى شعراوي في المنيا يتهدم من الإهمال، ثم متحف أحمد عرابي الذي تحول حسب قول حفيد عرابي إلى وكر لمدمنى المخدرات! وأضاف: الأمثلة كثيرة ولا تنتهي وكلها تشير إلى غياب دور الدولة التي يتم في ظل سياساتها الثقافية ترميم ذقن تمثال فرعوني بصمغ اعتيادي رخيص، وتحويل مسرح السلام إلى فندق، والتفاصيل كثيرة، ولكني ألوم الحركة الثقافية أيضا التي لم تقدم مبادرة لإنقاذ أي شيء، ألوم أنفسنا، ففي ألمانيا قام المواطنون بشراء بيت بيتهوفن وترميمه حتى أصبح متحفا. أما عندنا، فلا نحن نفعل شيئا كمثقفين، ولا الدولة، ولا وزارة الثقافة، ولا التنسيق، وأصبحت آثارنا مثل قطط على سطح مركب تغرق، ولا أحد يفكر في إنقاذ أي شيء. للأسف. ومن حيث انتهى الخميسي بالأسف بدأ المنتج والسيناريست محمد عبدالخالق بالأسف أيضا قائلا: للأسف أن المسئولين عن أخطر الأمور الحضارية والفكرية في مصر موظفين من "اللي بيروحوا" بيوتهم الساعة 3 أو أنهم يوقعون ثم ينصرفون إلى منازلهم ولذا فمن يريد أن يهدم أعظم الأشياء في مصر فعليه أن ينتظر إلى أن ينصرف الموظف فكيف يحمي الحضارة من اعتاد أن يغفل وينام. وأضاف عبدالخالق: اسألوا رئيس جهاز التنسيق الحضاري كيف ينام منذ تولي مسئوليته، بينما تخسر مصر يوميا من عمرها وحضارتها الكثير، وعليكم أن تسألوه عن الكوابيس فأنا متأكد أنه لا يحلم ولو كان يحلم ويقدر مسئولياته لما كان أحد عرف يهدم شيئا تحت عينه المصحصحة؛ ولماذا لم يقف رئيس جهاز التنسيق الحضاري بجسمه أمام معاول الهدم مع أن الدولة لو أوقفت صرف راتبه ساعتها فقط لن يستطيع النوم، ولكنه سينام حتى لو هدموا الهرم. وطالب الدولة بالإنصات إلى صوت جمعيات التراث المعماري التي بح صوتها من كثرة الصراخ والدولة لا تسمع، قائلا: أطالب الرئيس السيسي بمعاقبة المسئول واعتباره أسوأ انواع الفساد كالسرقة والرشوة، وهو التقاعس، ولكني أيضا أريد أن أسال للانصاف هل يمتلك جهاز التنسيق الحضاري سلطات قانونية تمكنه من أداء دوره، وإن لم يكن يمتلك هذه السلطات فلماذا لم يقف مسئولوه ويعترضوا، ولو من باب تسجيل الموقف. كما انتقد الشاعر على عمران مدير النشاط الثقافي لمتحف أحمد شوقي ؛ تقصير الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في حماية الأماكن الأثرية والحضارية وخاصة في القاهرة الخديوية؛ قائلا: السّينما المصرية القديمة خيرُ شاهدٍ على جمالِ القاهرة الخديوية، القاهرة التي عملَ الخديوي إسماعيل على أن تكونَ أجمل من أحياءِ باريس، وبالفعل نجحَ في ذلك نجاحًا كبيرًا، وعمل كل من جاء بعدَه على هذا الأمر، فرأينا شوارعَ مُنسَّقةً، وبيوتًا فخمة، وميادينَ جميلة، وكلُّ هذا ظهر جليًّا في الأفلام القديمة فهي الوثيقة الصادقة على بهاءِ تلكَ الأيام. وأضاف عمران: عندما صدرَ قرارٌ جمهوري بإنشاءِ الجهاز القومي للتنسيق الحضاري كان الغرضُ هو الإبقاء على جمالِ العاصمة من خلالِ وضعِ الضوابط التي تكفل عدم التغيير في الشكل المعمارى القائم بمنع الأضافات التي تتم على المبانى القائمة والتي تُشوّهُ المنظرَ العام، كذلك وضع الشروط اللازمة لشكل الإعلانات واللافتات بالشوارع والميادين وعلى واجهات المبانى من حيث المساحة والارتفاع والألوان والمكان الذي يوضع فيه الإعلان أو اللافتة، والعمل على إعادة صياغة الميادين العامة وفقًا لرؤيةٍ معمارية وبصرية تتَّفقُ والطابع المميز لكلّ منطقةٍ مع الاحتفاظِ بالشَّكلِ القديم الأصلى للميادين التي تُمثّلُ طابعًا معماريًا متميّزًا. وتابع: للأسف فشلَ جهازُ التنسيق الحضاري في فعلِ أيَّ شيء وترك الساحة لأصحاب المصالح والمقاولين الجهلة الذين شوَّهوا العاصمةَ بمبَانٍ لا تمُتُّ للجمال بأي صلة انتصارًا للمكسب المادي الكبير فطغى القُبحُ على المشهد، وتعرّضَ بيتُ الشاعر محمود سامي البارودي للهدمِ وكذلك بيت أحمد رامي ومسرح السّلام ولم يُحرّك الجهازُ ساكنًا بل وقف مكتوفَ الأيدي فضاعتِ القيمةُ من حياتنا واستبدَّ المال وذهب بهاء أجمل مُدنِ العالم في الأربعينات أدراجَ الرياح، ولم يبقَ إلا القبحُ، والعشوائيات، وأصبح لسانُ حالِ كُلّ مهمومٍ بما حدثْ وهوَ يشاهدُ جمالَ القاهرة في السّينما القديمة : عايزنا نرجع زي زمان، قول للزمان، ارجع يا زمان. أما الفنان التشكيلي الكبير عادل نصيف فقال: كارثة أن يكون لدينا جهاز قومى للتنسيق الحضارى ويتم هدم وتدمير المئات من اجمل المبانى التاريخيه بالقاهرةوالإسكندرية وكل المحافظات، فللأسف إن أردت ألا تفعل شيئا أنشأ جهازا أو لجنة أو هيئة، فتكون جزرا منعزلة وكل منها لايفعل شيئا. وأضاف نصيف: من المفترض أن يكون هناك قانون موحد للمبانى يشمل كل شيء من تراثى أو حديث حتى تخضع التصاريح الجديدة له ويكون جهاز التنسيق الحضارى جزءًا منها وله الأحقية والضبطية القضائية لتفيذ القانون فورا ولكن الكارثة أن ترسل مخالفة للشرطة أو للإسكان فيتم التحايل والتأخير إلى أن تهدم كل الأماكن التراثية.