في الوقت الذي تجتمع فيه الأطراف اليمنية المتحاربة في العاصمة الكويتية لبحث سبيل للسلام، من أجل حل الأزمة اليمنية الراهنة توجه الأنظار أيضا إلى سلطنة عمان والتي تعتبر بمثابة عاصمة من عواصم الحل فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، وغيرها من الأزمات الراهنة التي تعصف بالمنطقة في الوقت الراهن. موقف السلطنة من حوار الكويت برز في كلمة السفير خليفة الحارثى، سفير سلطنة عمان لدى مصر، ومندوبه لدى جامعة الدول العربية في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، والذي التأم الخميس الماضى لبحث الموقف من التهديد الذي أطلقة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، حول الجولان السورى المحتل، وعقده اجتماع مجلس الوزراء هناك لأول مرة منذ احتلال الجولان. الحارثى أكد في كلمته على ترحيب بلاده بحوار الكويت، والذي بدأ بعد مماطلة من جانب المتمردين الحوثيين، مؤكدا استمرار عمان في دعم ومساندة كل المساعى الرامية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية المختلفة، إضافة إلى دعمها للعملية السياسية الساعية لحل المسألة السورية في ظل محادثات جنيف بين الحكومة السورية والمعارضة. ويأتى حديث السفير العمانى تأكيدًا على تصريحات سابقة لمصدر مسئول في الخارجية العمانية أكد على أن السلطنة قامت ومنذ بداية الأزمة بمساع مع مختلف الأطراف لتقريب وجهات النظر، كما قامت بكافة التسهيلات لدعم جهود الأممالمتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، لإنهاء حالة الحرب الحالية والتوصل إلى تسوية سياسية بين الفرقاء. وأكد المصدر العمانى على استمرار بلاده في تلك المساعى، معربة عن تطلعها إلى نجاح المشاورات الجارية في الكويت بما يضمن عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن. وعملت عمان باستمرار على القيام بدور إطفاء الحرائق المحيطة بها عبر سياسة السلام، والتي تتخذها إطارا لسياستها، فترفض أن تقف في حالة عداء أو في موقف معارض من أي من دول الجوار أو غيرها، لكنها في الفترة الأخيرة، وبالرغم من محاولاتها الجاهدة لجمع الأطراف اليمنية المتحاربة لم تستطع أن تجعل الأطراف - التي قطعت شوطا كبيرا من مشاوراتها ومباحثاتها على أرضها - تصل لحالة السلام التي تعمل على نشره بين الجميع. وبالرغم من علاقة عمان الطيبة أيضًا مع إيران، لم تخرج حتى الآن بحل للأزمة اليمنية التي دخلت عامها الثانى، إلا أن وزير خارجيتها يوسف بن علوى يرى أن ثمة بادرة أمل تلوح في الأفق، ليس على صعيد الأزمة اليمنية فحسب، لكن وعلى صعيد الأزمة الخليجية الإيرانية أيضا. بن علوى أكد خلال مقابلة له مع قناة «فرأس 24» على أن هناك رغبة خليجية من جانب وإيرانية من جانب آخر للخروج من هذا الواقع المتأزم، إلا أن الأمر يتطلب توفر الظروف التي تبرر كل خطوة وفقًا لقوله. وأشار بن علوى إلى وجود مبادرات مختلفة من إيران وحتى من بعض دول الخليج ومن إدارة الرئيس الأمريكى الحالى «باراك أوباما»، وكلها تدل على رغبة حقيقية من جميع الأطراف للخروج من هذه الأزمات التي أصبح لها ثقلًا وتأثيرًا على الجميع، وذلك بالإشارة للقطيعة بين دول مجلس التعاون وإيران على خلفية الأزمة الدبلوماسية مع السعودية والتي خلفها الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها العامة في مدينة مشهد، والتي تسببت في إعلان قطع العلاقات. وقال بن علوى إنه ليست هناك اتصالات للوساطة والحل بشكل منظم، وإن الأمر ربما يحتاج لبضعة أشهر لبدء نوع من الاتصالات الخليجية الإيرانية، مؤكدًا أن التوتر الخليجى الإيرانى ذاهب باتجاه التهدئة، وأن هناك دفعًا باتجاه الخروج من هذه الأزمة بمنطق لا غالب ولا مغلوب. وحول التعثر الذي رافق محادثات الكويت للحوار اليمني بين الوفد الحكومى ووفد الحوثى وصالح، قال: «تأجيل الاجتماع ليس لأسباب جوهرية ربما لأسباب إدارية أو تتعلق ببعض التفسير هنا أو هناك»، لافتا إلى أنه كانت هناك بعض الفقرات على جدول الأعمال ربما قد لا تكون بالضرورة مطروحة خلال هذا الاجتماع، من بينها كيف ينفذ قرار مجلس الأمن 2216. وحول إذا ما كانت السلطنة قد تدخلت لحث الطرف الحوثى على الذهاب وتغيير موقفه قال: «نحن لا نتدخل في آراء الأطراف، لكننا نسعى إلى تقريب المواقف». وذهب بن علوى إلى أنه وبعد عام على الحرب فإن «الكل رأى الحقيقة وهى أن الحرب لا تصلح شيئًا.. وأثق أن اليمنيين جميعًا لو كانوا يعلمون الغيب لما كان هذا حصل، فقد كانت كلها حسابات خاطئة». وحول إذا ما كان يقصد حسابات السعودية أجاب: «بل من اليمنيين، فالسعودية لم تتدخل، هي تدخلت من أجل إنهاء الأزمة، وأى دولة عندما ترى جارة تنهار تتدخل، وهذه ليست المرة الأولى فهناك سوابق في العالم، وكمثال فهناك باكستانالغربية، فعندما بدأت الهند تشعر أنها تشكل لها تهديدًا بعثت لها قوات وتحررت وبقت بنجلاديش بعد الانفصال». وأكد بن علوى أن الحروب التي منيت بها المنطقة أدت إلى ظهور داعش والقاعدة وتنظيمات أخرى متطرفة تجمع الدول المختلفة على محاربتها، إلا أن الظروف غير مواتية. ونفى بن علوى أن يكون قد نقل للرئيس السورى بشار الأسد مبادرة بمجلس رئاسى مختلط يكون فيه الأسد، لافتا إلى أن السلطنة وقبل التدخل الروسى كان لديها موقف وهو كيف يمكن مساعدة السوريين على استكشاف وسائل غير القائمة في هذا الوقت، عبر الجمع بين الأطراف السورية، وكانت السلطنة تنسق مع الأممالمتحدة مبعوثها إلى سوريا ستيفان دى مستورا، وكانت هناك بعض الأفكار التي لم تعد لها قيمة الآن، وفقا لقوله. وحول حالة التعثر التي تعترى مفاوضات جنيف يقول: «متوقع تعثرها لأنهم يتكلمون في تفاصيل لكن هذا التعثر من أجل إيضاح أكبر»، لافتا إلى أن المفاوضات محددة بمدة 18 شهرًا، وأن الخطة تسير وفقًا لما خطط لها، معربا عن أمله بأن تؤدى المفاوضات إلى دستور جديد وآليات لدولة وانتخابات، لكنه بالرغم من ذلك يقول بأنه متاح أن تكون هناك عقبات في المسار التفاوضى.