جاء تحذير مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى، من ارتفاع نسبة العجز في الحساب الجارى لمصر، بمثابة دق ناقوس خطر في آذان القائمين على المؤسسات المالية المصرية، بعدما قفزت نسبة العجز بأكثر من الضعف إلى 8.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، مقابل 4.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. من جانبها قررت إدارات عدد من البنوك المصرية تقليص حجم استثمارها في أدوات الدين الحكومى، تطبيقا لتوجيهات البنك المركزى بتوجيه الجزء الأكبر من محافظ البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يسهم أيضا بشكل كبير في تحسن معدلات التصنيف الائتمانى لمصر. التوجه الجديد للبنوك يعد خطوة استباقية في ضوء تحذير المؤسسة الدولية من الأثر السلبى لتراجع تصنيف المؤسسات المالية على التصنيف السيادى لمصر، وهو التصنيف الذي تتحكم فيه بعض المتغيرات الاقتصادية الأخرى التي طرأت على الساحة. هذه العوامل يحددها عمرو حسنين، رئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى «ميرس»، قائلًا إن التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى، يتأثر بعدة عوامل يأتى على رأسها المؤشرات المالية والاقتصادية للدولة، ومنها عجز الموازنة والاحتياجات المالية، لافتًا إلى أن مصر تعانى من تفاقم عجز الموازنة، والذي ينعكس بشكل سلبى على الاحتياجات المالية للدولة ويؤدى إلى زيادتها، ما يدفع الحكومة إلى الاقتراض المحلى من البنوك عن طريق طرح أذون وسندات خزانة محلية لسد العجز، ما يظهر الدولة المصرية غير قادرة على تلبية احتياجاتها المالية بشكل كاف ويؤثر سلبًا على التصنيف الائتمانى لمصر. وأضاف حسنين ل«البوابة نيوز»، أن من أبرز المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصرى، وتعد من أهم عوامل انخفاض التصنيف الائتمانى، درجة تأثر الاقتصاد المحلى بالمخاطر حوله، حيث إن مصر تتأثر دائما وبدرجة مرتفعة بالمتغيرات العالمية، ما حدث عند انخفاض أسعار النفط، وهو ما يجب مواجهته بتقوية وتدعيم الاقتصاد المصرى، حتى لا يصبح عرضة للمخاطر الخارجية. وأشار إلى أن مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية تأخذ في الاعتبار أيضا أداء مؤسسات الدولة ومدى قوتها، وقدرتها على الخروج من الأزمات وإدارتها بالقوة الكافية، وهو ما تحصل فيه مصر على تصنيف متراجع. وأوضح أن التصنيف الائتمانى للاقتصاد يعتمد أيضًا بشكل كبير على درجة الاستقرار السياسي والأمنى داخل البلاد، وهو ما تحصل فيه مصر على درجة مرتفعة خلال الآونة الأخيرة، في ظل حالة الاستقرار الأمنى التي سادت البلاد. وقال حسنين، إنه يجب العمل على التقليل من الاحتياجات المالية للدولة وتقليص معدلات الاقتراض سواء الداخلى أو الخارجى، بما يعمل على تقليص حجم الديون، وتحسين المؤشرات الاقتصادية وقدرة الدولة على التأثر بالمخاطر الخارجية، لافتًا إلى أن تصنيف القطاع المصرفى يتأثر بشكل كبير بتصنيف الدولة، في ظل اتجاه البنوك للاستثمار في أذون وسندات الخزانة الحكومية، إضافة إلى أنه في حال تواجد مشكلات تتعلق بالسياسة الداخلية للبنوك فإن ذلك يؤثر سلبيا على التصنيف الائتمانى للقطاع المصرفى. وأضاف أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الاقتصاد المصرى، وتؤدى إلى تفشى العقبات السالف ذكرها، هي عدم قدرة الدولة على استغلال الموارد المتاحة سواء موارد طبيعية أو بشرية، والاعتماد على الاستيراد بالدرجة الأولى، لافتًا إلى أن مصر تمتلك من الموارد على اختلاف أنواعها ما يؤهلها للحصول على مراكز متقدمة في مجالى الصناعة والتجارة وغيرهما من المجالات. وأشار إلى أن التراخى والامتناع عن العمل ساد المجتمع في الآونة الأخيرة، والتفرغ لنقد الأوضاع الحالية فقط، مما أثر سلبًا على الوضع الاقتصادى لمصر. من جانبه، أشار الخبير المصرفى عبدالرحمن بركة، إلى أن إجراءات البنك المركزى الأخيرة، برئاسة طارق عامر، التي اتخذها في سبيل توحيد سعر الصرف والقضاء على أزمة الدولار، من شأنها أن تساهم في نظرة إيجابية من جانب مؤسسات التصنيف الائتمانى، حيث إنها ترسل رسائل اطمئنان للمستثمر الأجنبى، بدخول وخروج أمواله من مصر وقتما شاء دون مواجهة عقبات. وأشار بركة إلى أن إجراءات المركزى في سبيل دعم التصنيف الدولى للقطاع المصرفى المصرى، من شأنها أن تسهم في إحداث توازن، في ظل تردى المؤشرات الاقتصادية للدولة. أما مجدى عبدالفتاح، الخبير المصرفى، فقد أكد أن البنك المركزى يتخذ ما يخص عمله من إجراءات اقتصادية لدعم موقف مصر الدولى وإضفاء نظره تفاؤلية على التصنيف الائتمانى، ولذا يجب أن يتم التعاون بين السياسة المالية والنقدية لتحقيق النتائج المرجوة. وأوضح أنه من بين الإجراءات التي تجب الإشادة بها في مجال دعم التصنيف الائتمانى لمصر، إلزام البنوك بمنح قروض وتسهيلات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعدم التركيز على كبار العملاء فقط أو الاستثمار في سندات وأذون الخزانة الحكومية، وتخفيض الحد الأقصى للتوظيفات لدى العميل الواحد. وأشار إلى أن إجراءات المركزى أيضًا في سبيل القضاء على أزمة الموارد الدولارية، ومواجهة السوق السوداء لتوحيد سعر الصرف، تعد أيضًا من أهم عوامل رفع التصنيف الائتمانى للقطاع المصرفى المصرى.