انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية "تمكين" بجامعة طنطا    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    "سلامة الغذاء": دعم مصنعي ومصدري التمور لتعزيز تنافسية المنتج المصري عالميا    مطالب بالتوسع فى إنشاء شراكات صناعية وزراعية وسياحية مع إفريقيا لزيادة حجم الصادرات    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    ترامب يعلن من الدوحة: قطر حليف عظيم للولايات المتحدة الأمريكية    93 شهيدا و324 مصابا منذ وقف إطلاق النار ..58% من الصهاينة يرفضون دخول قوة دولية إلى غزة    القاهرة الإخبارية: لا بيان رسميًا من "القسام" بشأن تسليم جثماني رهينتين إسرائيليتين    محمد صلاح يقود تشكيل ليفربول أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي    مسئول إسرائيلي: هناك تقدم بمحادثات إعادة رفات المحتجزين    غيابات بالجملة في قائمة برشلونة أمام ريال مدريد بكلاسيكو الليجا    إصابة خطيرة لطفل فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي بالضفة    مودرن سبورت يتعادل مع المقاولون 0 - 0 فى الشوط الأول    أمين استثمار الزهور: نستهدف مواكبة التطورات الاقتصادية والاستدامة المالية    تشيلسي يقتحم سباق التعاقد مع نجم بايرن ميونخ    مشاجرة بين سائقي أجرة بسبب أولوية التحميل في القاهرة    إصابة سيدة بكدمات إثر تعدى شخص عليها بالضرب بمركز طما سوهاج    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    غياب صابرين عن تكريمها بملتقى المسرح الجامعى بسبب سفرها خارج البلاد    أقنعوها ببيع منزلها ثم تخلّوا عنها.. التضامن تنقذ سيدة بلا مأوى في طنطا    الرئيس السيسي: قضيتنا عادلة واتفاق شرم الشيخ خير دليل على ذلك    هبة يسرى تهنئ منة شلبى على زواجها.. والأخيرة: هنكمل فرحنا أما نعمل حنتنا    عاجل- في لفتة أبوية مؤثرة.. الرئيس السيسي يلتقط صورة تذكارية مع طفل فور وصوله دار الأوبرا بالعاصمة الإدارية خلال احتفالية «وطن السلام»    كيف يتعلق قلب المريد بالحبيب النبى صلى الله عليه وسلم؟.. يسرى جبر يجيب    هل تصل الفاتحة إلى الميت؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    جامعة قناة السويس تطلق حملة طبية بمديرية التعليم وتقدم الكشف والعلاج مجانا    طريقة تحضير الكوكيز في الميكروويف    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    بعد نقله للعناية المركزة.. النيابة تنتقل إلى المستشفى للاستعلام عن الحالة الصحية لضحية «دهس الشيخ زايد»    من عائلة فنية وبدأ مع نيللي كريم.. أبرز المعلومات عن عمر رزيق بطل فيلم «ولنا في الخيال حب»    دعم وحماية لمن حولهم.. أبراج تجلب السعادة والدفء للآخرين (من هم؟)    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    نجم أهلي جدة يقترب من العودة أمام الباطن    «تعليم الغربية» تعلن جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية    وزير المالية الكاميروني: «أفريكسيم بنك» يمول مشروعات تنموية ب480 مليون يورو في بلادنا    مسيرات بالطبل والمزمار ومؤتمرات تنظيمية لدعم مرشحي مجلس النواب 2025 بالمنيا (تفاصيل)    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    إصابة 13 شخضاً في حادث تصادم بكفر الشيخ    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    لاعب بتروجت: أتمنى الانضمام للأهلي.. وفخور بتشبيهي ب علي معلول    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    سفير مصر بكينيا يشارك في افتتاح معرض الفن المفتوح    تحرير محضر ضد مدرس وصاحب عقار استخدما سطح مبنى مركزًا للدروس الخصوصية بالشرقية    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    الأقصر تعلن فتح تراخيص ل 46 خط سير جديد لخدمة الأهالى    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    الشروط والمستندات.. ما هي وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد؟    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد حجاب في حواره ل"البوابة": هناك ملاحظات على أداء حلمي النمنم في "الثقافة".. وجابر عصفور قدم تصورًا شاملًا للسياسة الثقافية المصرية وتم وأده في المهد مواجهة الإرهاب بالفكر والسلاح معًا
نشر في البوابة يوم 06 - 04 - 2016

لا أحد يمل من الحديث مع الشاعر الكبير سيد حجاب، فالرجل الذى غرس فى العديد من الأجيال حب الوطن، من أوائل من نزلوا ميدان التحرير ضد حكم الرئيس الأسبق، مبارك، بينما انضم فى صباه إلى جماعة الإخوان، يتحدث دومًا عن خطورة الفكر التكفيرى الذى تجب مواجهته بتنقية المعارف قبل مواجهته بالسلاح حتى يتم تجفيف منابعه، كان هو نفسه الذى بنى جانبًا من حائط ثقافته على مسرحيات شكسبير وغيره من عمالقة الأدب الغربي، هكذا يُخرج لنا مزيجه الذى أبدع تيترات «ليالى الحلمية» و«المال والبنون» وغيرهما، وهى الأعمال التى تبقى فى ذاكرة الفن المصرى، بينما قرر أن يحجبها حتى يُعطى الفرصة للأجيال الموجودة كى تُعبر عن نفسها وفنها، وهو الفن الذى أُعجب به بينما كان المصريون يقيمون دولتهم الجديدة فى ميادين التحرير.
يرى حجاب أن الشباب المصرى عندما قام بثورته الأولى طرح «أسسًا لثورة ثقافية قادمة من ميادين التحرير»، حسب قوله، حيث قام الشعب فى ثورة 25 يناير برفض منظومة القيم القديمة، وفى تلك الأيام قام بتطهير نفسه وطرد كل مُدّعى الثورة من ميدان التحرير، وبدأ ترسيخ ثقافة وطنية جديدة أساسها الوحدة الوطنية المصرية، ظهرت من خلال الإبداعات المتنوعة التى انتشرت فى الميدان، من فن الجرافيتى، واللافتات، رسم الوجوه، وكذلك فن المسرح الحر مثل المحاكمة الشعبية ومشهد صرف العفريت، كما ظهرت فى العديد من الأغانى والأشعار التى ألقيت على «المنصة»، هكذا رأى صاحب قصيدة «السلم والكرسي» أن الأمور كانت تُبشّر بثورة ثقافية جديدة، ترفض القديم وتتجه نحو آفاق جديدة «ولكن مع سرقة الثورة للمرة الأولى من قِبل المتطرفين حدث التفاف لهذه الثورة العريقة، لذلك نرى أن هناك تشتتًا بين شباب المثقفين ومسافة بعيدة بينهم وبين مؤسسات الثقافة الرسمية، ومن المؤسف أن الجهات المسئولة عن دعم إبداع الثقافة ليست بيد المثقفين، والذين هم خارج وزارة الثقافة.
طرح حجاب، وهو الشاعر الغنائى الذى نشأ جيل كامل على أغنيات من كلماته، مثالًا على حالة الاحتواء التى يريد كثيرون فرضها على الشباب «فالجهات المنتجة للغناء الآن هى المحطات الخاصة التى تُساهم فى توجيه الجمهور، وتحاول أن تلتف على الفنون الجديدة التى طرحها شباب الثورة، وتقديم نفس الرموز والفكر الفنى القديم بشكل مُلِح وضاغط، مما جعل ممثلى الثقافة الشابة من المبدعين والمفكرين يلجأون إلى صفحات التواصل الاجتماعى، مثل يسرا الهوارى، ياسر المناوهلى، فرقة مسار إجبارى، فرقة مشروع كورال، وغيرهم»، مؤكدًا أن الساحة الثقافية فى ظل الوضع الراهن مفتوحة لما هو قديم فى مواجهة شباب قدموا أنواعًا مبتكرة من الفكر الإبداعى.
يعود حجاب بذاكرته إلى ما قبل إسقاط نظام الإخوان، عندما أقام المثقفون اعتصامهم المفتوح فى مقر وزارة الثقافة «احتجاجًا على ما تمر به الثقافة والمثقفون من عملية تراخ ملحوظ»، حسب قوله، وهو الاعتصام الذى اندمج فى الموجة الثورية فى 30 يونيو التى انتهت بعزل الجماعة الراديكالية، وفى أعقاب الإطاحة بالإخوان تم تغيير أكثر من وزير لتولى حقيبة الثقافة «والذين أعتقد أن الكثير منهم جدير بشغل هذا المنصب، وأجدر بالتعامل مع المثقفين، ومن ضمنهم حلمى النمنم، والذى بالرغم من وجود بعض الملاحظات على أدائه، إلا أنه كاتب صاحب تاريخ مشرف فى التصدى لكل الدعوات الظلامية، ويطمح إلى نوع جديد من التنوير الثقافى»، مؤكدًا أن الأمر فى الوضع الراهن غير متعلق بشخص النمنم، بل فى تحديد السياسة الثقافية للدولة المصرية «والتى قدم الوزير الأسبق الدكتور جابر عصفور تصورًا لها فى وقت سابق، ثم تم وأد هذا التصور وهو فى المهد، ومن الواجب الآن على المنظومة الثقافية أن تحدد سياسة ثقافية للدولة، لتحديد منهج محدد للوزارة، فإذا كان دور الوزارة تقديم خدمات ثقافية للمواطن المصرى، فعليها تفعيل مواد الدستور الخاصة بالثقافة، والتى تؤكد أن الثقافة حق لكل مواطن، وأن وزارة الثقافة تلتزم بتقديم هذه الخدمة للمواطن المصرى، دون النظر إلى قدراته المالية أو موقعه الجغرافى».
لم يقدم رفيق «البحار مندي» تقييمًا واضحًا للمشهد الثقافى فى مصر. اكتفى بالقول إن الجميع حتى الآن فى مرحلة الاستكشاف «ولا ننكر ظهور النوايا الطيبة للسيد حلمى النمنم والمثقفين بشكل عام، ويعد أول تلاقى بينهما هو ما حدث فى المؤتمر الذى اعترض الجميع فيه على الحبس فى قضايا النشر المتعلقة بالمثقفين، ما جعل هناك أملًا فى تلاقى وزارة الثقافة والمبدعين المصريين». فى الوقت نفسه، ورغم أنه كان واحدًا ممن نادوا بأهمية اللقاء الدورى بين الرئيس السيسى والمثقفين، إلا أنه لم يستطع حضور اللقاء الأخير رغم توجيه الدعوة إليه رسميًا «لم يحالفنى الحظ للمشاركة نظرًا لوجودى خارج البلاد فى ذلك الوقت، ولكن أظنها بادرة طيبة، وخلال متابعتى لهذا اللقاء وجدت كثيرًا من المثقفين الحقيقيين، وبالرغم من تحفظى على بعض الوجوه التى لا تنتمى إلى الجماعة الثقافية، ولكن فى مجمله يُمكن القول إنه كان لقاءً مثمرًا عن خطوات نحو سياسة ثقافية أفضل»، لكنه بدوره أشار إلى أن ما افتقده اللقاء هو عدم وجود ممثلين للشباب تقريبًا.
رفض حجاب قول البعض إن مصر دولة مثقفين بلا ثقافة، لافتًا إلى أن ثورة 25 يناير أسست العقل المصرى الجديد، والذى - حسب قوله - فتح المجال للمناقشة العامة فى كل الأمور المتعلقة بالشأن العام على جميع الأصعدة، وساعدت أيضًا على وصول جيل جديد من الشباب يرفض الوصاية على عقله وفكره، ويرفض أى وصاية يحاول صاحب مقام كبير أو سلطة عالية فرضها، وهو الأمر المهم الذى تبنى عليه أساسيات وجود الثقافة «والشباب مكسب أساسى كنا نأمل به منذ بدايات النهضة المصرية فى زمن رفاعة الطهطاوى وحتى الآن، ويُعتبر الوقوف من قِبل عبيد الماضى فى وجه هؤلاء الشباب، هو وقفة ضد العقل النقدى الذى يفتح آفاق الحداثة، كذلك أكد أن الثقافة كما هى فعل وإبداعات المثقفين، فإن دور الوزارة يُحتم عليها أن تتيح لهذه الجهود المنابر المختلفة، وأن تضع إمكانياتها لخدمة هذه الجهود وليس مهمتها التخطيط للثقافة «كل ما هو مطلوب إذا كانت وزارة الثقافة جادة فى خدمة الثقافة، أن تضع كل إمكانياتها المتاحة والقادرة على خلقها فى خدمة المثقفين، وكنا نأمل حين تأسس المجلس الأعلى للثقافة أن يكون هو مخزن أفكار الوزارة غير الخاضع للمواءمات، والتى تمثل نوعًا من رسم السياسات الاستراتيجية للثقافة، وأن يكون المجلس مكوّنًا من المثقفين وتكون وزارة الثقافة تابعة له، ولكن من المؤسف أنه قد تم خلط الأوراق وأصبح المجلس الأعلى للثقافة تابعًا للوزارة فحسب، وأصبح وجوده لمعاونة وزير الثقافة فى أداء مهامه الوظيفية، وكنت آمل فى الرجوع للائحة التنفيذية للمجلس الأعلى للثقافة، حتى ندرك أن الثقافة همّ استراتيجى لا يرتبط بتغيّر الحكومات، وضرب حجاب مثالًا يكاد يكون شخصيًا، فأشار إلى أنه بشكل عام، وفى كل أنحاء مصر لا يزال شعراء العامية، وهم جزء أساسى فى البنيان الثقافى المصرى، يلعبون دورًا فى حياة الناس، ولا يزالون يتواصلون معهم ويستولون على قلوبهم «لكن المشكلة تكمن فى وسائل الإعلام التى تحجب ما تشاء حجبه، وتقوم بتسليط الضوء على من تشاء دون معايير ثابتة غير الحب والكره والمعارف، هذا بجانب ضعف دور وزارة الثقافة المنوط بها تبنى المواهب».
رغم كونه واحدًا من أعضاء اتحاد الكتاب، ابتعد «عم سيد»، كما يُحب أن يناديه مُعجبوه، عن التعليق على ما يحدث فى الاتحاد من أزمات عصفت بمجلس الإدارة حتى وصلت إلى تراشق عبر وسائل الإعلام ومطالبة علنية من بعض الأعضاء بالإطاحة بالمجلس «أنا مبتعد تمامًا فى الفترة الأخيرة عن كل ما يثار بداخل الاتحاد، فلا أستطيع أن أتحدث فى هذا الأمر، ولكن من المؤكد أن من حق الجمعية العمومية فى أى كيان مجتمعى، أن تقدم كل ما تشاء من أفكار واقتراحات، ولكن يجب أن تكون لديها الأدلة الكافية لإثبات أى ادعاء أو نفيه»، مؤكدًا أن هذه الأزمات وغيرها لا يجب أن تمتد وتطغى على معركة رئيسية تخوضها الثقافة المصرية حاليًا وهى الحرب ضد الإرهاب «فلا يمُكن مواجهة الإرهاب إلا بالسلاح وبالفكر، الثقافة المصرية التنويرية قادرة على مواجهة الفكر التكفيرى التفجيرى السائد فى العالم أجمع، لكن لكى نقضى على الإرهاب لا بد أن نواجهه بالسلاح، وهذا هو الجزء الخاص بالجيش المصرى، والذى يقوم به على أكمل وجه، ولكن ينبغى فى الوقت نفسه تجفيف منابع الإرهاب، عن طريق التصدى للفكر التكفيرى المتغلغل فى الكثير من المعاهد التعليمية، خاصة المعاهد الأزهرية»، مُضيفًا أن هذه المعاهد هى التى تقوم بتدريس الفكر السلفى، حسب قوله «فتقوم بتدريس فكر محمد ابن عبدالوهاب، وابن تيمية، واللذين يعتبران من مؤسسى الفكر التكفيري»، لافتًا إلى أنه ينبغى إعادة النظر فى المناهج التعليمية الأزهرية وتنقيتها «فالكثير من هذه المناهج هى التى تشكل الظهير الفكرى لجماعات الإرهاب».
وأشار عضو لجنة الخمسين، والذى كان واحدًا ممن وضعوا الدستور الجديد، إلى أنه ينبغى تفعيل ما تنص عليه مادة الدستور المتعلقة بالتعليم والتى تهدف لبناء الشخصية الوطنية المصرية المتأسسة على المنهج العلمى «كما ينبغى إنهاء المظالم الاجتماعية التى تساهم فى خلق بيئة حاضنة للإرهاب، كالمظالم الاجتماعية الواقعة على الفقراء التى تؤهل سكان المناطق العشوائية إلى استقبال الفكر التكفيرى كأنه سبيل للخلاص من الفقر»، وعاد للتأكيد على أن البلاد فى مرحلة من الصراع بين قوى الماضى وقوى المستقبل، وبين الثورة المضادة المتشبثة بمواقعها داخل أروقة الدولة، وقوى المستقبل الطامحة لبناء دولة تجسد أحلام هذا الشعب «ولأن ثورتى 25 يناير و30 يونيو قدمتا مكسبين أساسيين، وهما جيل الشباب الطامح الدءوب، والدستور الذى يعد من أهم إنجازات الثورة، والذى يرسم خارطة المستقبل، وحصل على أعلى نسبة توافق مجتمعى، ولهذا نجد أن الثورة المضادة هدفها الأساسى تحطيم هذين المكسبين من خلال قهر الشباب ودفعهم لليأس، وأيضًا من خلال العدوان على الدستور والالتفاف عليه، فحلم كل قوى الماضى أن تسرق هاتين الثورتين وتشوههما وتقهر من قام بهما.
يتذكر حجاب خلال حديثه الفترة بالغة القِصر التى ارتبط فيها بجماعة الإخوان «وكنت حينها لا أزال فى سن الثالثة عشرة، ولكنى لم أستطع البقاء معهم لأننى كنت مكلفًا بتوزيع منشور للجماعة ضد اتفاقية الجلاء التى أبرمها عبدالناصر والتى كانت حلم الآباء والأجداد، ولم أعد مرة أخرى لتلك الجماعة لإدراكى للتناقض فى أفكارها ورفضها للحلم الذى تمنته أجيال من المصريين، والمتمثل فى الشعار الشهير «الاستقلال التام أو الموت الزؤام»، وأحمد الله أننى ولدت فى بيت يدرك معنى الديمقراطية والحوار ولا يعترف بالتلقين دون التفكير وإعمال العقل»، ولفت إلى أنه من جيل الستينيات الذى رأى الكثير من أبنائه أن خلاصه سيأتى من خلاص مجتمعه من الهموم التى تثقله، لذا كان من المعتاد فى تلك الفترة أن يلجأ الجميع للدخول فى تنظيمات سياسية متعددة «وبالنسبة لى انضممت إلى جماعة الإخوان المسلمين فى طفولتى، ثم التحقت بحزب مصر الفتاة، ثم انضممت فى فترة الدراسة الجامعية إلى تنظيمات سياسية نسميها «يسار اليسار»، وبسبب انتمائى هذا تم اعتقالى عام 1966، وكنت ضمن تنظيم سياسى صغير يرى فى عبدالناصر زعيمًا وطنيًا، لكنه لا يرى فى واقع البلاد وقتها سياسات اشتراكية حقيقية وإنما رأسمالية دولة، وأن رأسمالية الدولة هذه مهددة بالانقلاب عليها من بعض الطبقات التى كانت تولد وقتها، وكنا نرى أن حماية منجزات ثورة يوليو لن تأتى إلا بسيادة الديمقراطية والمشاركة الشعبية وعدم احتكار حق الاجتهاد فى الشأن الوطنى، ولذلك تم اعتقالنا لتصفية ذلك التنظيم اليسارى المشاكس الذى انتميت إليه».
على ذكر النزاعات، يقودنا الحديث إلى قضايا النزاع حول الأعمال الفكرية، عندها أبدى من ذكر الحرية مرارا وتكرارا فى أغانيه أسفه لأن جمعية المؤلفين والملحنين يتوقف دورها عند حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والملحنين والموسيقيين الناشئين، ولكنها تحاول بقدر المستطاع أن تعدل من آلياتها لترويج فكرة حقوق الملكية فى أجهزة الدولة، التى كانت أول من يعتدى على الملكية الفكرية من فترة طويلة، ونحن بصدد إعادة صياغة آليات لائحة نصوص الجمعية كى تستطيع أن تدعم أفكارها ليكون لها دور فى الدفاع عن المثقفين وحقوقهم»، وهنا كان لا بد من سؤال من نشأ الجيل الحالى على كلماته فى تتر مسلسل «ليالى الحلمية» عن سبب رفضه للمشاركة فى الجزء السادس، كان الرجل بسيطًا عندما أكد أن الأجزاء السابقة للمسلسل شارك فيها جيل متناغم فكريًا «ومعظمنا من أبناء التجربة الناصرية، وبدأنا وقتها فى العمل بالتليفزيون، الذى أنتج العديد من الأعمال التى تهدف إلى التسلية مثل الأعمال الكوميدية الهابطة مثل «شنبو فى المصيدة»، الذى أدى إلى خلق جيل جديد، وكان الهدف من هذه الدراما التسلية والتنوير والدفاع عن نضال وحقوق الشعب المصرى، وأبدعت وقتها «ليالى الحلمية» فى هذا الإطار، كانت هناك مجموعة من المفكرين والمبدعين الذين ينتمون لفكرة واحدة شديدة الانتماء للوطن ولطموحات الشعب المصرى، وبالتالى حينما كتبت أغانى المسلسل، كانت من خلال رؤية هذا الفريق للواقع، مؤكدًا أن الوقت الحالى به مبدعون جدد يرون أن من حقهم البناء على ما سبق «ولا أحد يستطيع أن يُصادر حقهم، ولكن من حقنا كشعراء وملحنين قمنا بإبراز هذا العمل، أن نحجب ملكيتنا عن هؤلاء القادرين على التعبير عن رؤية جيلهم دراميًا وغنائيًا، لأننا جيل مختلف ورؤية مختلفة، وقانون حق الملكية ينص على أحقية المؤلف والملحن لما قاموا به من تترات، ولا يجوز التنازل عنه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.