ارتفاع أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. والبلطي يصل إلى 100 جنيه للكيلو    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للقضية الفلسطينية    جوارديولا يكشف مفاجأة بشأن إصابة هالاند    حبس المتهم بقتل زوجته في منطقة أبو الجود بالأقصر على ذمة التحقيقات    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    قيادي بحزب الشعب الجمهوري: زيارة الرئيس السيسي لموسكو تعكس عمق العلاقة وتعزز الشراكات الاستراتيجية    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تفضح مافيا القمح
نشر في البوابة يوم 01 - 12 - 2015

توريد أقماح مستوردة على أنها «محلية» والاستفادة من 1000 جنيه «فرق سعر» للطن
وزير التموين سمح بالسحب من القمح المحلى أثناء التوريد وأعطى إشارة بتسلم المحصول المصاب بالحشرات
«مثلما اعتاد فى نهاية كل موسم شتوى وقف عم عبدالفتاح عزالدين، أحد فلاحى محافظة سوهاج على باب صومعة طهطا لتوريد الأقماح ليسلم محصول الفدان الذى ورثه عن والده بقرية سلامون، ولأن طابور المنتظرين كان طويلًا، فقد راح رب الأسرة الفقيرة يفكر فى أوجه إنفاق مبلغ ال7 آلاف و600 جنيه، هو إجمالى ثمن المحصول الذى بلغ 18 إردبًا بسعر 420 جنيهًا للإردب وفق ما أعلنته الدولة، وبينما هو على هذه الحال إذا به يفيق على صوت يأتى من بعيد قائلًا «باب التوريد اتقفل يا جماعة».
لم يجد الفلاح البسيط أمامه بعد رحلة الانتظار أمام باب الصومعة، التى استمرت أكثر من 5 أيام، إلا التوجه لتجار سوق الغلال السوداء الذين اشتروا منه المحصول بسعر 300 جنيه للإردب ليصبح إجمالى السعر 5 آلاف و400 جنيه فقط، ويخسر ألفى جنيه عن سعر الدولة الذى حددته دعمًا للفلاح.
لم تكن حالة عم عبدالفتاح الأولى من نوعها، بل إن ما حدث معه تكرر مع آلاف الفلاحين فى كل محافظات الجمهورية، حيث تاه دعم الدولة عنهم وذهب لجيوب مافيا تجارة الغلال، التى كشف تقرير حديث صادر من الجهاز المركزى المحاسبات عن أنها استولت على ما يقرب من 1.7 مليار جنيه فى عام 2015 وحده من جيوب الفلاحين.
«البوابة» تقصت تفاصيل الحكاية لتكتشف مفاجآت عديدة فيما حدث خلال موسم 2015 على يد الدولة، ممثلة فى وزارة التموين ومافيا تجارة الأقماح، التى وردت أقماحًا مستوردة للدولة باعتبارها محلية، واستفادت من فارق الأسعار الذى يصل لقرابة الألف جنيه، نتيجة انهيار السعر العالمى للقمح هذا العام، فقد وصل سعر القمح المحلى إلى 2400 جنيه للطن، فى حين لم يتجاوز سعر المستورد منه 1500 جنيه، هذه المفاجآت والتفاصيل برمتها قيد التحقيق من قبل الجهات الرقابية فى الدولة ممثلة فى هيئة الرقابة الإدارية وجهاز الأمن القومى.
البداية كانت من الأرقام النهائية لمعدلات التوريد السنوى للقمح التى انطوت على مفارقة كبيرة، إذ يصل معدل التوريد السنوى إلى 3.7 مليون طن، فى حين أن ما تم توريده بعد شهرين فقط من بدء موسم التوريد هذا العام وصل إلى 5.5 مليون طن، دون أن تكون هناك زيادة فى الرقعة المزروعة، أو استخدام سلالات محسنة أو ذات معدلات إنتاجية أعلى من قبل وزارة الزراعة، وهو ما دفع مجلس الوزراء للتدخل وغلق باب التوريد مبكرًا، ما تسبب فى خسارة آلاف الفلاحين فى أنحاء الجمهورية لحرمانهم من توريد محصولهم، بسبب زيادة أرقام التوريدات المزيفة التى زادت لقرابة 1.7 مليون طن.
فيما المعروف أن الدولة تستهلك بحسب أرقام وزارة التموين 15 مليون طنا سنويًا، منها 11.6 مليون طن توردها الحكومة على مدار العام، لأن أقصى سعة تخزينية من الشون والصوامع للحكومة يصل إلى 3.8 مليون طن، لكن هذه الأرقام تم تجاوزها بنسبة 40٪.
تساؤلات حول قرارات الوزير
«البوابة» حصلت على مستند «تعليمات» لم ينكره الوزير حين مواجهته به من قبل أكثر من خبير، تضمن قرارًا لوزير التموين، الدكتور خالد حنفى، بالسماح بالسحب من القمح المحلى أثناء موسم التوريد، على الرغم من منع هذا الإجراء منعا باتا فى هذا التوقيت من كل عام، لمنع التلاعب أو تبديل الأقماح المحلية بأخرى مستوردة لحين مطابقة ما تم دفعه والكميات الموجودة فى الشون والصوامع، لأن هناك من أشار إلى أن ذلك يمثل ثغرة يتم خلالها تبديل السيارات المحملة بالأقماح المحلية أثناء سيرها من الشون والصوامع إلى المطاحن بأخرى محملة بأقماح مستوردة، وهو ما يمكن أن يعكس سوء الإدارة أو تعمد الفساد.
البند الجديد الذى وضعه الوزير لأول مرة باستلام القمح المصاب بالحشرات، مع عدم تحديد نوعه، فضلًا عن عدم رفض أي عينات قمح «محلى» بسبب الإصابات الحشرية أو المرضية، مع السماح بتبخيرها وغربلتها، ثم إعادة توريدها على عكس التعليمات التى تصدر سنويا، ضمن شروط التسليم من الفلاحين.
وكما تقول المصادر الخبيرة فإن القمح المحلى «الطازج» من الحقول ليست به أي إصابات أو فطريات، كما أن هذه الاشتراطات تم وضعها لمنع دخول القمح المخزن أو ما يورده المستوردون ولمنع خلط المحلى بالمستورد، بينما يأتى قرار الوزير مثيرًا للشكوك حول تسهيلات مقدمة من الوزارة لدخول جميع أنواع القمح وتسهيل إجراءات الخلط.
كارثة خسارة مليارات
فى المقابل كشف الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره الصادر منتصف أكتوبر الماضى عن تقدم الشركة القابضة للمواد الغذائية التابعة للوزير لاقتراض ما قيمته 2.5 مليار جنيه، بفائدة تصل إلى 9٪ لسداد مديوناتها، رغم أن ودائعها فى 2013 سجلت 2 مليار جنيه، وهو ما يعنى خسارتها لذلك المبلغ ومبالغ أخرى، وبحسب التقرير فإن حجم الاستهلاك الشهرى لدقيق الخبز كان يصل إلى 700 ألف طن شهريا، وكان متوقعا أن يقل حجم الاستهلاك بعد تطبيق منظومة الخبز، لكن المفاجأة كانت فى ارتفاعه ليصل إلى 960 ألف طن، بزيادة قد تصل إلى 30٪، وكما يؤكد الخبراء فإن ما يحدث هو الناتج الطبيعى للسحب من المخزون الاستراتيجى بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء القاضى بضرورة وجود هذا المخزون ليكفى مدة 6 شهور.
والدليل هو المستند الذى حصلت عليه «البوابة» ويكشف عما وصل إليه الحال من خطورة من حيث حجم المخزون الاستراتيجى للقمح، حيث تم رفع تقرير للرئيس أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، أكد أن تسع محافظات على مستوى الجمهورية وصل رصيد المخزون القمحى بها إلى النقطة «صفر»، علاوة على أن 5 محافظات فقط هى «القاهرة والجيزة والإسكندرية وبنى سويف والفيوم» كان لديها ما يكفيها لمدة 10 أيام فقط.
فيما فسر كثير من الخبراء قرار الوزير بأنه كان لإخفاء كارثة عدم وجود مخزون استراتيجى، فيما أثبت الواقع أنه تسبب فى تسهيل عملية الاستيلاء على المال العام، بداية من إلغائه لقرار وقف استيراد القمح أثناء التوريد المحلى المعمول به كل عام، وانتهاء بالسماح للتجار بتوريد القمح المستورد أثناء فتح باب موسم توريد المحلى، الذى يبدأ من منتصف أبريل حتى آخر يوليو من كل عام.
تقرير المركزى للمحاسبات كشف مفارقات أخرى قامت بها الوزارة، حيث أقدمت على استئجار شون ترابية من الشركات الخاصة، فى حين أن شون الشركة التابعة لها فارغة، وتفيد المستندات التى حصلنا عليها استئجار وزارة التموين لشون وصوامع من شركة «التيسير للحاصلات الزراعية»، شركة خاصة، ومنها صومعة كفر حمزة على طريق مصر بلبيس الشرقية بمحافظة القليوبية، وشونة المصنع بسرياقوس، فيما بدا الأمر غريبا حيث إن هذه الشركة متهمة بالتلاعب فى توريد 212 ألف طن قمح مستورد باعتبار الشحنة التى يقدر ثمنها ب600 مليون جنيه تحتوى قمحا محليا.
الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق، علق على ما قاله الوزير «حنفى» مدافعًا عن قراره المشار إليه سالفًا، من أن عمليات الخلط للقمح المحلى والمستورد تجرى كل عام، قائلًا: «هذا صحيح لكنها كانت تخلط على استحياء وبكميات لا تتجاوز من 200 إلى 250 ألف طن، لكن هذه المرة حدثت طفرة لتصل الكميات لمليون و700 ألف طن دون أى مبررات مقبولة، فلا زيادة فى المساحة المزروعة للقمح، ولا أعلنت وزارة الزراعة عن بذور عالية الإنتاجية.
ويضيف «نادر نور الدين» أنه على الرغم من خفض وزن الرغيف من 130 جرامًا إلى 90 جرامًا فقط، ووعد الوزير بأن الخفض داخل منظومة الخبز سيؤدى إلى نقص كمية استهلاك الدقيق بنسبة 30٪ على الأقل، وخفض دعم الغذاء بنسبة 30٪ على أساس أن تخفيض وزن الرغيف وتحديد 5 أرغفة حدًا أقصى للفرد، إلا أن التطبيق دون ضوابط كما يحدث فى العالم كله تسبب فى زيادة معدل الاستهلاك، إلى 12 مليون طن بدلًا من 9 ملايين طن قبل تطبيق المنظومة.
ويضيف: كانت هناك أربعة ملايين طن قمح فى مخازن وصوامع الدولة مفترض عدم المساس بها كمخزون استراتيجى لمصر وقت الكوارث أو الجفاف أو ارتفاع أسعار القمح، إلا أن الوزير قام بسحب هذه الكمية كاملة ليخفى العجز الناتج عن خطأ تطبيق منظومة الخبز، فيما سدد الكمية البديلة مرة أخرى رغم سابقة تسديد السعر لها فى أيام الوزير السابق الدكتور محمد أبوشادى، وبالتالى لن تظهر فى قوائم الاستيراد، وهذا الأمر أدى إلى إخفاء القمح المستورد المورد على كونه قمحًا محليًا، لأنه تم طحنه فورًا وأصبح خبزًا وبذلك تم إخفاء دليل الاستيراد، بل وسداد الثمن مجددًا، لأن ما هو موجود فى الصوامع والشون قمح محلي فقط.
كما أن سوق استيراد الأقماح فى مصر تصل ل5 مليارات دولار، حوالى قرابة 40 مليار جنيه، كما كشفت تقارير وزارة الزراعة الأخيرة بأن ما تستورده مصر من القمح يصل لضعف ما يستورده الاتحاد الأوروبى، ففى شهر فبراير الماضى استوردت مصر من فرنسا وحدها 382 ألف طن قمح، الأمر التى يجعل أكثر من 7 شركات كبرى وشركات أجنبية تتنافس على سوق التوريد لمصر.
الدكتور وليد فؤاد، الخبير الزراعى، قال إن شركات استيراد القمح بدأت فى التوحش وبناء ثرواتها منذ أيام وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد، الذى سمح لها بالاستيراد والتوريد لهيئة السلع التموينية، وعلى سبيل مثال شركة «فينوس»، التى كانت المستورد الرسمى من كازاخستان، ورغم وجود بروتوكول بين وزارتى التموين والزراعة بمقتضاه يمنع استيراد القمح أثناء موسم التوريد، لإعطاء الفرصة للفلاحين لتوريد أقماحهم، إلا أن الشركة عبر علاقتها مع لجان الفرز ومسئولين داخل الموانئ تمكنت من الالتفاف على القرار.
«البوابة» حصلت على مستندات «يحقق فيها النائب العام حاليا وتحمل رقم 16293 عرائض النائب العام»، تفيد أن شركة كبرى هى «التيسير للحاصلات الزراعية»، تمكنت منذ منتصف أبريل الماضى من توريد كميات كبيرة من القمح على الأوراق فقط، غير أن الكميات التى تورد فعليًا ليست بنفس القدر أو النوعية، فضلًا عن التلاعب فى أرقام وبيانات الكميات التى سجلت دخولها بالمخالفة للسعة التخزينية، التى أقرتها اللجان الأخرى أو الحقائق العلمية لأقصى سعة تخزينة للصومعة، وتسجيل أرقام سيارات وهمية غير مسجلة فى إدارة المرور قامت بنقل القمح من الشون إلى المطاحن.
هذه الكارثة دفعت أحمد جاد، المحاسب فى إحدى شركات توريد القمح، لأن يتقدم بعدد من البلاغات للجهات المختصة وهى المقيدة بأرقام 16293 عرائض النائب العام، 7787 فى 9/9/2015 وزارة التموين والنائب العام ورئاسة الجمهورية ومباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية، وما زالت القضية رهن التحقيقات، وحصلنا على نسخة من تحقيقات الإدارة العامة لمباحث التموين بقسم المطاحن و 4 محاضر بأرقام 20561 و2559 و20562 جنح الخانكة والتى تمت بخصوص شونة المزرعة بالعبابدة «سرياقوس» بالشرقية، التابعة لشركة التيسير للحاصلات الزراعية بمعرفة العقيد عماد عرفات، رئيس قسم المطاحن والشون، التى كشفت عن مفاجأة التلاعب بالأرصدة داخل الشون التابعة للشركة، وتسجيل واستلام كميات من الأقماح ضعف السعة التخزينية للشونة الأصلية، التى حددتها معاينات سابقة من وزارة التموين فى أوقات سابقة فى 2013، لتؤكد وجود تشكيلات عصابية تخصصت فى خلط الأقماح المحلية بالمستوردة والتربح من فارق السعر وفى النهاية أصدرت تعليماتها بتشميع الشون، وأخذ عينات وأرسلتها للمعامل.
لم ينته الأمر عند هذا الحد، فيقول «جاد» إننى قابلت وزير التموين فى 9/9 الماضى وسلمته الشكوى، وأكدت له مخالفات الشركة ووعدنى بالنظر فى الشكوى ولم يتحرك أحد إلا أن تمت مطاردتى وفتح النار عليا ما تسبب بإصابتى بطلق نارى فى الجانب الأيمن، وتم نقلى لمستشفى عين شمس التخصصى فى القضية رقم 21154 لسنة 2015 جنح الخانكة.
ويضيف «جاد» أن شركة التيسير تعاقدت مع الشركة العامة للصوامع والتخزين على توريد الأقماح على 6 مواقع للشركة، 5 شون وصومعة، تستورد الشركة أقماحها من روسيا وأوكرانيا وبولندا، كما قامت بتوريدات تمت على الورق فى كل كميات القمح على مدار 6 سنوات لوزارة التموين وصلت لأكثر من 212 ألف طن، تربحت منها قرابة 595 مليون جنيه و678 ألفًا، ما يقارب من 600 مليون جنيه، للأقماح المحلية التى يصل سعرها إلى 2800 جنيه بعد دعم الدولة، وقد جمعت من هذه الكميات التى من المفترض أن تسلمها وقبضت أثمناها، إلا أن الموجود لديها لا يتعدى أكثر من 10٪ وتستغل قرارات الوزارة وتسلم أقماحًا مستوردة، فارق السعر عنها يصل إلى 1000 جنيه.
تلاعب في السعات التخزينية
فيما حصلنا على نسخة من الشكوى المقدمة للرقابة الإدارية التى تكشف تلاعب شركة التيسير فى السعات التخزينية والاستلام لكميات تصل لأضعاف الكميات التى سجلتها محاضر الفرز المشكلة من مباحث التموين وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات وهيئة المطاحن والصوامع فى عامى 2013 و2014، ولا تزال الشركة تسلم الدولة عن طريق 6 مواقع، أولا شونة هناجر المصنع بمحافظة القليوبية مركز الخانكة بقرية سرياقوس والتى تصل مساحتها إلى 10500 متر ما يعادل 2.5 فدان، وعلى الرغم من سعتها التخزينية التى لا تتعدى 9600 طن بعد المعاينات التى أجرتها وزارة التموين فى 2013 و2014، إلا أنه تم تسليمها 102 ألف طن أى ما يعادل 11 ضعف الكمية الفعلية التى تستوعبها الشونة.
فيما يؤكد عدد من الخبراء أن أى مستورد أو حكومة لا تستطيع تكييف صومعة تزيد قدرتها الاستيعابية على 30 ألف طن، إذا كانت معدنية و60 ألف طن إذا كانت الصومعة «أسمنتية»، لأنها عازلة للحرارة ولا تستقبل حرارة الشمس، أما القول بقدرة تكييف 102 طن فى صومعة، حتى لو كانت أسمنتية، فلا أساس له من الصحة، فى حين أن ما استقبلته الشون فعليا لا يتعدى 20 ألف طن، 3 أطنان من القمح المحلى و17 ألف طن من القمح المستورد الأسترالى.
الموقع الثانى «صوامع التيسير» بمحافظة القليوبية بكفر حمزة بمركز الخانكة التى سجلت كميات على الدفاتر وصلت لقرابة 35 ألف طن بقيمة تجاوز 96 مليون جنيه، دفعت للشركة من أموال الدولة بعد الدعم، فى حين أن الكميات المستلمة فعليا لم تتجاوز 18 ألف طن من الأقماح المستوردة سواء من «أستراليا أو روسيا أو أوكرانيا»، فضلا عما كشفته محاضر الفرز من قبل موظفى الشركة القابضة للصوامع والتخزين ومندوب وزارة التموين وموظف هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بأن أرقام السيارات التى حملت الأقماح من الشون إلى المطاحن غير موجودة بالمرور.
أما الموقع الثالث «شونة أبوزعبل» والتى تصل مساحتها إلى ألف و300 متر، وأجريت المعاينة عليها، وبينت قدرتها الاستيعابية لا تتعدى 10500 طن، وعلى الرغم من عدم عمل أي زيادة فى مساحة الشونة المذكورة إلا أن الكميات التى سجلت استلامها داخل الشونة ما يزيد على 176 ألف طن بزيادة حوالى 60٪ عن قدرتها الاستيعابية المقررة بمبالغ تزيد على 50 مليون جنيه، فضلا عن أن أرقام السيارات التى قامت بتحميل الأقماح وهمية، كما كشفت محاضر الفرز أن الكميات الفعلية التى دخلت الشونة لا تتعدى 50 طنًا من الأقماح المستوردة. ويأتى الموقع الرابع بشونة المزرعة بقرية العيادية مركز الخانكة، والتى تصل مساحتها إلى 4 آلاف متر، أقل من فدان، والتى بمساعدة موظفين معدومى الضمير، سجلوا دخول كميات تزيد قيمتها على 19 ألف طن بمبلغ قيمته يزيد على 52 مليون جنيه، فى حين أن الكمية الفعلية التى دخلت للشونة لا تزيد على 517 طنًا من الأقماح المستوردة. أما الموقع الخامس فهو صومعة الفجر بكفر دواد بمحافظة المنوفية، وتم استلام على الورق كميات تزيد على 18 ألف طن بمبالغ تزيد على 52 مليون جنيه، وكشفت محاضر الفرز من قبل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات غير مطابقتها على أرض الواقع، أما شونة «التيسير» الموقع السادس الخاص بشركة التيسير بمدينة الصالحية الجديدة بمركز فاقوس بالشرقية والتى سجلت دخول 20 ألف طن بمبالغ تصل إلى 56 مليون جنيه، فضلًا أن هذه الشونة تحتوى على الأقماح المحلية التى تعمل على تأمين الشركة ضد أى شكوى أو تفتيش ليتم نقل البضاعة إلى مكان التفتيش لسد العجز ومطابقة أرقام الشون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.