اعتبر الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، أن تقلبات أسعار النفط الحادة التي نشهدها حاليا مضرة جدا بالمنتجين والمستهلكين والعاملين في الصناعة البترولية على حد سواء، مشيرًا إلى أن تلك التقلبات ستؤدي بالنسبة للدول المنتجة التي تعتمد اقتصاداتها اعتمادا كبيرا على عوائد البترول إلى تقليص خططها التنموية وتعقيد إدارة اقتصاداتها الكلية في حين بالنسبة للدول المستهلكة ستؤدي إلى سيطرة حالةٍ من عدم اليقين حول البيئة العامة للاقتصاد الكلي وإلى خفض الاستثمارات وتكوين رأس المال إضافة إلى تقليصها لجدوى سياساتها الخاصة بالطاقة. وقال في كلمة ألقاها أمس الاثنين، خلال اجتماع الطاولة المستديرة السادس لوزراء البترول والطاقة لدول آسيا بالعاصمة القطرية الدوحة ونقلتها وكالة الأنباء السعودية، إن الأشهر القليلة الماضية كانت غير عادية بالنسبة للسوق البترولية إن لم تكن فريدة من نوعها فبعد عدة أعوام من الاستقرارِ النسبي بدأت أسعار البترول تنخفض في النصف الثاني من عام 2014 لتفقد ما يزيد على 50 في المائة من قيمتها في وقت قصير نسبيا. وأكد أن العالم يحتاج إلى جميع مصادر الطاقة بما فيها البترول والغاز والطاقة المتجددة والطاقة النووية والطاقة الشمسية لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب، مشيرًا الى ان كانت السعودية وما زالت ترى أن هناك الكثير من موارد الطاقة القادرة على تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب قد ثبت بكل بساطة خطأ النظريات التي تتحدث عن بلوغ إنتاج البترول العالمي ذروته وبدء مرحلة انخفاضه وهي النظريات التي هيمنت على الخطابات والطروحات المتعلقة بقطاع الطاقة خلال الأعوام القليلة الماضية التي تصرّ على أن الإنتاج العالمي من البترول قد بلغ ذروته ولن يتمكن من إنتاج المزيد. وأضاف أن الصناعة البترولية ومنظومة الإمدادات تتأثر بالتقلبات الحادة في الأسعار فقد ألغيت خلال العام الجاري وحده نحو 200 مليار دولار من الاستثمارات في هذا القطاع كما إن الشركات العاملة في قطاع الطاقة تخطط لتخفيض استثماراتها للعام القادم بنسبة تتراوح بين ثلاثة إلى ثمانية في المائة تعد المرة الأولى منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي التي يخفض خلالها قطاع البترول والغاز استثماراته في عامين متتاليين مشيرًا إلى أن تأثير الانخفاض الراهن الذي طال النفقات الرأسمالية لم يقتصر على الدول المصدرة للبترول فحسب بل طال الدول المستوردة أيضا حيث أدى انخفاض الأسعار إلى زيادة المخاطر على الشركات الآسيوية العاملة في قطاع البترول والغاز مما أثر سلبا على خططها الاستثمارية. ورأى نائب وزير البترول السعودي أن خفض النفقات الاستثمارية سيؤدي إلى تأثيرات كبيرة وطويلة الأجل على إمدادات البترول المستقبلية فقد تم بالفعل تأجيل أو الغاء مشاريع إنتاج نحو خمسة ملايين برميل يوميا، كما سيؤدي خفض النفقات الرأسمالية على حقول الإنتاج القائمة بما في ذلك النفقات المتعلقة بالاستثمار في مشاريع تحسين استخراج البترول إلى تفاقم معدلات انخفاض الإنتاج والتي تعد منخفضة حاليّا وخاصة في الحقول البحرية المتقادمة. وتابع "في الواقع وبعد ثلاثة أعوام من النمو الإيجابي فإنه من المتوقع أن تنخفض إمدادات الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك في عام 2016 أي بعد عام واحد فقط من تخفيض الاستثمارات أما بعد عام 2016، فإن انخفاض إمدادات الدول المنتجة من خارج أوبك سيكون بوتيرة أسرع لأن إلغاء المشاريع الاستثمارية وتأجيلها سيظهر تأثيره على الإمدادات المستقبلية كما سيتلاشى تدريجيا تأثير الاستثمارات في مجال إنتاج البترول التي جرت خلال السنوات الماضية". وشدد الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أن التأثيرات السلبية الناتجة عن عدم استقرار الأسعار لا تقتصر على قطاع البترول وحده بل تمتد إلى أجزاء أخرى من منظومة الطاقة مثل الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي ويعود السبب في ذلك إلى أن عدم استقرار الأسعار سيؤدي إلى تقليص جدوى سياسات الطاقة للمنتجين والمستهلكين معا والتي تهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة. وأكد أن السعودية تلتزم باعتبارها منتجا مسؤولا وموثوقا ذا رؤية طويلة الأجل بمواصلة الاستثمار في قطاع البترول والغاز وبصرف النظر عن الانخفاض الذي قد تشهده الأسعار كما تعمل حاليا على اتخاذ خطوات واضحة تؤدي إلى تخفيض كثافة استهلاك الطاقة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة من خلال تنفيذها لبرامج الترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة كما اتخذت خطوات لتنويع استخدامها لمصادر الطاقة ومن شأن هذه الإجراءات أن تعمل على ترسيخ ثقتنا بالأساسيات طويلة الأجل لأسواق الطاقة وتبين في الوقت ذاته الأهمية التي توليها المملكة العربية السعودية للمحافظة على إمكاناتها وقدراتها في مجال تصدير البترول مع الاحتفاظ بطاقة إنتاجية غير مستغلة.