أدي الانخفاض المستمر لأسعار النفط إلي تعليق أو إلغاء العديد من مشروعات النفط في مواقع كثيرة في العالم حيث سارعت شركات الطاقة إلي التكيف مع تدني الأسعار. وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن من شأن وقف المشروعات خفض إمدادات النفط في العالم في المستقبل ويقول محللون إن ذلك سيؤدي إلي عودة الأسعار إلي الارتفاع في حال استعادة الاقتصاد العالمي عافيته. وقد جعل الإضطراب الذي ساد أسواق البترول الأسعار ترتفع وتنخفض بصورة كبيرة يصعب معها علي الشركات التخطيط للمستقبل. ونتيجة لذلك تم خفض نفقات عمليات التنقيب التي كانت قد وصلت إلي مستويات قياسية هذا العام. ورغم أن هذا النمط الذي تسير فيه صناعة النفط أصبح معروفا فإن التطورات جاءت متسارعة هذه المرة. وفي يونيو الماضي توقع بعض المحللين وصول أسعار النفط إلي 200 دولار للبرميل وسعت شركات النفط للتنقيب في مختلف أنحاء العالم ولم يعلم أحد المدي الذي ستنخفض عنده أسعار النفط. ويقول رئيس معهد كامبردج لأبحاث الطاقة دانييل يرجين إن الأسعار هبطت بسرعة شديدة مما تسبب في صدمة لنظام الإمدادات. وأشارت نيويورك تايمز إلي أن قائمة المشروعات التي تم تأجيلها أخذة في الزيادة كل أسبوع كما أنه يتم حاليا إغلاق آبار في الولاياتالمتحدة وتأخير إنشاء مصاف في السعودية والكويت والهند وإعادة النظر في مشروعات للتنقيب عن النفط في سواحل أفريقيا. وقد زادت الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة مثل الوقود الحيوي في السنوات الأخيرة لكنها قد تتقلص بشكل كبير في حال استمرار انخفاض أسعار البترول وقد أصبحت البنوك تتردد في إعطاء القروض خاصة لمشروعات الطاقة المتجددة في وقت تنخفض فيه أسعار النفط مما يعني انخفاض ربحية مثل هذه المشروعات. ويقول محلل شئون الطاقة بمعهد كامبردج لأبحاث الطاقة بيتر جاكسون إن هذه التأخيرات في تنفيذ مشروعات الطاقة قد تمنع أربعة ملايين برميل يوميا من الوصول إلي الأسواق في الخمس سنوات القادمة. ومن الأسباب التي تؤدي إلي سرعة إلغاء المشروعات أن تكلفتها لا تزال عالية رغم انخفاض أسعار النفط وتنتظر الشركات انخفاض التكلفة قبل أن تقرر مشروعات أخري. ويقول مسئولو شركات الطاقة إن تقليص الإنفاق أمر لابد منه في ظل الظروف الحالية. وتقول مؤسسة بي إف سي للطاقة الاستشارية إن مجمل الاستثمارات في قطاع الطاقة في العالم عام 2007 بلغ 329 مليار دولار ويذكر مارفن أودام نائب رئيس قسم التنقيب والإنتاج في شركة شل إن الصناعة حاليا في حالة استرخاء لكن عندما يعود الوضع الاقتصادي العالمي للتعافي فإنها ستعود لتواجه التحديات مرة أخري. ويذكر أن أوبك منظمة الدول المصدرة للبترول قامت قبل أيام بخفض إنتاجها بمعدل 2.2 مليون برميل يوميا وهو أكبر خفض في تاريخ المؤسسة منذ إنشائها ومع ذلك لا تزال الأصوات تتجاهل هذا الخفض وتواصل الأسعار تراجعها. لكن محللين يحذرون من أن العالم لا يستطيع تحمل استمرار انخفاض الاستثمارات في قطاع إمدادات الطاقة. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن العالم يحتاج إلي 12 تريليون دولار لزيادة انتاج النفط والغاز لتوازي الزيادة في عدد السكان والاحتياجات المترتبة علي ذلك.