“,”لن أبرح الجبل الأخضر مدة حياتي، ولن يستريح الطليان حتى توارى لحيتي في التراب“,” كانت هذه أشهر كلمات محارب الصحراء عمر المختار أشهر من قاوم الاستعمار الإيطالي في ليبيا في العقد الثاني من القرن العشرين. كان الاحتلال الإيطالي هو المرحلة الثالثة لمعاهدة “,”سايكس بيكو“,” لإحكام السيطرة الغربية علي الشرق، وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى وأثناءها، وبدأت إيطاليا اقتِطاعها من الدولة التركية، و في 3 أكتوبر 1911 بدأ الغزو الإيطالي لليبيا بطرابلس بدعوى أن الإيطاليين جاءوا لتحرير الليبيين من الحكم العثماني، ورغم المقاومة العنيفة من الليبيين للغزو، قامت الدولة العثمانية بتسليم ليبيا إلى إيطاليا بتوقيع الطرفين اتفاقية تعترف بموجبها بامتلاك إيطاليا لليبيا فيما عرفت بمعاهدة لوزان في 1912 . هنا، بدأ المختار في الصعود إلى قمة الأحداث التاريخية في الثالث والخمسين من عمره عندما بدأت إيطاليا تغير نهجها وتستخدم الضربات المباشرة لمدنيين في عام 1931، ليترك الدعوة والقرآن ليصبح أشهر مجاهد عربي والعدو الأول الذي يعطل مخطط الغرب، ولمدة عشرين عاما وحتى بعد القبض عليه ومحاكمته محاكمة صورية ظل “,”الشوكة“,” التي تنغص حلق الطليان بعد أن كسب تعاطف الجميع، وكان الهدف من إعدام عمر المُختار هو إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُرد الطليان من البلاد. اسمه الحقيقي السيّد عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي ، الشهير بعمر المختار، ولد في 20 أغسطس 1861 – وتوفي في 16 سبتمبر 1931 ، حصد العديد من الألقاب شيخ الشهداء ، و شيخ المجاهدين ، و أسد الصحراء ، هو أحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين ، ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة . كان يتيما بعد أن توفى والده وهو ما زال صغيرًا أثناء قيامه برحلة الحج وعهد بولديه محمد وعمر إلى رفيقه السيد أحمد الغرياني فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي، لينضم إلى طلبة العلم ليتعلم أصول الدعوة وينقلها لباقي قبائل ليبيا تحقيقا لرغبة والده. العسكري سافر عمر المختار في شهر مارس سنة 1923 إلى مصر بصحبة علي باشا العبيدي ليعرض على الأمير محمد إدريس نتيجة عمله ويتلقى منه التوجيهات اللازمة ، واستطاع اجتياز الحدود المصرية وتمكن من مقابلة الأمير إدريس بمصر الجديدة . اعتمد عمر المختار في حربه على المقاومة وأسلوب الفر والكر لأنه لم يكن يمتلك العتاد لمواجهة أسلحة الطليان المتطورة آنذاك، ولقد خاض المختار بهذا الأمر كما أورد الجنرال غرسياني في كتابه أنه التقى معه في مائتين وستين معركة خلال الثمانية عشر شهرًا ابتداء من حكمه في برقة إلى أن وقع أسيرًا وقد ثبت المجاهدون في حالتي الدفاع والهجوم . يُذكر أن النظام الذي استخدمه عمر المختار مع جنده هو النظام العسكري العثماني، وكان يعطي المقاومين هناك الرتب الآتية:- بكباشي - يوزباشي - ملازم أول - ملازم ثاني - كوجك ضابط (ضابط صغير) باش شاوش - شاوش - أمباشي . وكانت الترقيات تتم على أسس ميدانية بناء على ما يقدمه الشخص من أعمال وبطولات في ميادين المعارك والمواقف الدقيقة، إذ يرفع إلى عمر المختار تقرير من الرئيس المباشر بشرح الحالة التي استحق عليها المعني الترقية، ويصدر بذلك أمر كتابي من عمر المختار على بقية المجاهدين . لقد حارب عمر المختار الطائرة بسيفه حتى امتلك الخوف قلوبهم بمجرد سماع اسمه ، وقد صرَّح القائد الإيطالي “,”أن المعارك التي حصلت بين جيوشه وبين عمر المختار 263 معركة، في مدة لا تتجاوز 20 شهراً فقط ، وأشهرها معركة أم الشافتير، معركة بئر الغبي . نُصبت للمناضل محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر 1931م، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت، عندما ترجم له الحكم، قال الشيخ “,”إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف... إنا لله وإنا إليه راجعون“,”. كانت آخر كلمات عمر المختار قبل إعدامه :“,”نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت.... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه... أما أنا... فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي.“,”