تتعدد أشكال النضال الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي الجاثم فوق الأراضي الفلسطينية ، ومنها مقاطعة منتجات المستوطنات ، بالرغم من الارتباط العضوي بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي وتحكم سلطات الاحتلال في مفاصل النشاط الاقتصادي وحركة البضائع (من وإلى) الضفة الغربيةالمحتلة. وانسجاما مع الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي ، باعتبار جميع مظاهر النشاط الاستيطاني وكل ما يمت له بصلة غير شرعي وغير قانوني ويشكل تناقضا مباشرا مع مصالح الشعب الفلسطيني الوطنية ومعوقا لإمكانية تحقيق طموحاته بالحرية والاستقلال ، أطلقت خلال السنوات الأخيرة حملات وطنية فلسطينية عديدة لمقاطعة بضائع المستوطنات وتشجيع المنتج الوطني باعتباره مرتكزا لتكريس السيادة الوطنية، ودعم الاقتصاد الوطني. كما صدق الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 26 أبريل 2010 على قانون لحظر ومكافحة منتجات وخدمات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية ، وإحلال المنتجات الوطنية محلها ؛ دعما للاقتصاد الوطني الفلسطيني ، ولتوفير فرص تسويقية أفضل للسلع والبضائع الفلسطينية. ويعلق الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية على حملات مقاطعة بضائع المستوطنات قائلا إن حركة المقاطعة لمنتجات المستوطنات تتسع على المستوى الوطني وتتعاظم على النطاق العالمي بتأثير الإعلام الشعبي الذي ينقل صور نظام الفصل والتمييز العنصري الإسرائيلي القمعي للعالم بأسره. وأكد البرغوثي – في تصريح خاص لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله – أن حملة المقاطعة لمنتجات المستوطنات التي تنتشر كالورم السرطاني في أنحاء الضفة تواصل نجاحاتها وسط تجاوب منقطع النظير من المواطنين الفلسطينيين ، ونوه بالقرار الأخير الذي اتخذته أكبر سلسلة تجارية في لوكسمبورج (كاكتوس) برفضها بيع المنتجات الزراعية الإسرائيلية .. معتبرا أنه إنجاز إضافي لحركة المقاطعة الدولية للاحتلال. وأضاف أن هذا النجاح يضاف إلى النجاحات الأخرى مثل قرار 7 ملايين طالب في بريطانيا بمقاطعة البضائع الإسرائيلية .. مؤكدا أن هناك حملة ستبدأ الشهر الجاري في كل الجامعات في أنحاء العالم ، وعلى رأسها الجامعات الأمريكية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. وأشاد البرغوثي بقرارات لجنة تفعيل مقاطعة البضائع الإسرائيلية التابعة للجامعة العربية، وتشكيل لجان عربية للمقاطعة .. مثمنا الجهود المصرية في هذا الخصوص. في السياق ذاته ، دعا وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني صبري صيدم إلى تشكيل لجان طلابية في كافة المدارس؛ لمقاطعة بضائع المستوطنات ، وذلك بإشراف أحد المعلمين المتميزين ، وأوضح أن تشكيل هذه اللجان يأتي في إطار التأكيد على دور القطاع التعليمي في تعزيز الوعي المجتمعي، وانسجاما مع شعار "فلسطين خالية من منتجات المستوطنات". وقال علاء المدهون صاحب محل جزارة بمنطقة المنارة مركز مدينة رام الله إنه والكثير من التجار في الأراضي الفلسطينية يتجنبون التجارة في البضائع الإسرائيلية لكي يضعفوا اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي ، وأضاف المدهون الذي علق لافتة على واجهة محله مكتوب عليها "قاطعوا البضائع الإسرائيلية" إنه يجب على جميع التجار مقاطعة الاحتلال الذي يقتل ويعتقل ويهدم المنازل ويجرف الأرض والزرع. ويتفق معه محمد السيوري صاحب "سوبر ماركت"، والذي قال إنه لا يتعامل في البضائع الإسرائيلية ويتعامل فقط في البضائع الوطنية الفلسطينية لأن التجارة في بضائع المستوطنات تساهم بشكل مباشر في دعم اقتصاد المحتل الصهيوني ، وأضاف أن المقاطعة واجب وطني وأخلاقي لأنها تؤدي إلى تحويل استثمارات الاحتلال في المستوطنات إلى استثمارات خاسرة وعبء على موازنته ، وتوصيل رسالة إلى حكومته مفادها أن تكاليف المستوطنات أكبر كثيرا من عائداتها. بدوره ، دعا المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الدوري حول مقاطعة منتجات الاحتلال القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية وجميع الأطر العاملة ميدانيا بمنع دخول بضائع المستوطنات إلى الأسواق الفلسطينية. وعلى المستوى العربي ، طالب المؤتمر ال 89 لضباط اتصال المكاتب الإقليمية لمقاطعة إسرائيل ، والذي بدأ منتصف أغسطس الماضي ، بضرورة وضع تصور شامل لاستراتيجية عربية موحدة تضمن عدم تسرب البضائع الإسرائيلية إلى البلاد العربية والمحافظة على الأمن القومي العربي. وأكد المؤتمر في توصياته الصادرة عقب ختام أعماله - أن استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية والثقافية لإسرائيل أثبت فعاليته على مدى عقود طويلة في خدمة القضايا العربية وفي مقدمتها استعادة الأراضي المحتلة والحقوق المغتصبة .. مشددا على أن هذا السلاح سيستمر مرفوعا في وجه الكيان الصهيوني إلى أن يلتزم التزاما كاملا بإزالة الاحتلال وتطبيق قرارات الأممالمتحدة واحترام المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف. ولم تقتصر عملية مقاطعة منتجات المستوطنات على أبناء الشعب الفلسطيني ؛ بل حققت تضامنا دوليا واسعا ؛ فقد اتخذت عدة دول، من بينها بريطانيا، والنرويج وهولندا ولكسمبورج ودول أمريكا اللاتينية قرارات تفرض قيودا ، أو تمنع دخول بضائع المستوطنات الإسرائيلية إلى أسواقها؛ وقد قامت بعض الشركات ومؤسسات المجتمع المدني في أوروبا بمبادرات مهمة في هذا السياق.