على عكس توقعات أغلب الخبراء الاقتصاديين وبعض المسئولين في الحكومة، نجح الاقتصاد التونسي في تجاوز تداعيات التفجيرات الإرهابية التي شهدتها البلاد خلال شهري مارس ويونيو الماضيين، محققا معدل نمو بلغ 2ر1 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري، و7ر0 بالمائة في الربع الأول فقط، ما دفع المؤسسات المالية العالمية لمراجعة تقديراتها وتوقعاتها لاقتصاد البلاد خلال العام الحالي ككل والعامين المقبلين. وقد أدت العمليتان الإرهابيتان اللتان شهدتهما تونس في شهرى مارس ويونيو، واللتين استهدفتا سائحين أجانب، إلى تخفيض تقديرات الحكومة لنسب النمو، وكان وزير المالية التونسي سليم شاكر قد أعلن، في تصريحات سابقة، توقعاته بانخفاض نسبة النمو فى تونس المقدرة ب3% العام الجاري إلى 1%. وقد أثرت تلك العمليات بالسلب علي العديد من القطاعات ومنها السياحة والتي تشكل نحو 7 % من اقتصاد تونس فيما تضررت صادرات الفوسفات الحيوية أيضا جراء بعض الإضرابات والإحتجاجات. ويتوقع بعض الخبراء أن يشهد الاقتصاد التونسي تباطؤ في النمو بنهاية العام الحالي، على أن يشهد ارتفاعا العام القادم. لكن الخبير الاقتصادي فتحي النوري قال إنّ نسبة النمو من المتوقع ان تكون في حدود ال1% بنهاية 2015، واصفا عام 2015 "بالسنة المخيفة والمزعجة للاقتصاد التونسي". وأوضح النوري أن انخفاض نسبة النمو تشير إلي تدهور نسبة الإنتاج بالبلاد في جميع القطاعات، منها الصناعات الكيميائية وقطاعي السياحة والفوسفات، قائلا '' تونس لم تنتج في 2015 تقريبا''. كما أشار البنك الدولي، في اخر تقرير له، أن نسبة النمو في تونس لن تتجاوز 2.6 %، واصفا الوضع "بالضعيف اقتصاديا"، وهذا التشاؤم النسبي يقابله تفاؤل بالنسبة للعامين القادمين حيث يتوقع البنك الدولي أن تصل نسبة النمو في 2016 إلي 3.4%. كما توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في اخر تقرير لها، تراجع النمو في تونس إلى 1.9% خلال عام 2015، وذلك إثر الاعتداء الإرهابي على منتجع سوسة السياحي مقابل تسجيل نسبة نمو في حدود 2.3% العام الماضي. وقالت الوكالة إن هذا الاعتداء الذي يعد الثاني في ظرف ثلاثة أشهر بعد اعتداء متحف باردو يكشف المخاطر المسلحة على قدرات تونس واقتصادها، وسيؤثر على الاقتصاد الوطني على المدى القصير وستكون له انعكاسات سلبية على قطاع السياحة الذي شكل سنة 2014 نحو 7% من الناتج المحلي و12% من القوي العاملة و9% من العائدات بالعملة الصعبة. وتشير أغلب المؤشرات الاقتصادية إلي أنه من الصعب الخروج من هذه المرحلة في الوقت الراهن خاصة مع تباطؤ الانتاج وتعطل محركات النمو ليس فقط بقطاع السياحة، بل أيضا تراجع الصادرات الخارجية والاستثمارات الأجنبية التي تعتبر المحرك الاساسي لنمو الاقتصاد في البلاد. وبعد أن أكملت تونس انتقالها الديمقراطي بسلاسة مع انتخابات حرة ودستور جديد، تسعى الدولة إلى إنعاش اقتصادها الضعيف منذ ثورة 2011 التي أنهت حكم زين العابدين بن علي، وتواجه ضغوطا من المقرضين لخفض الإنفاق الحكومي وخفض الدعم بعض المواد الحيوية مثل البنزين. وتتوقع تونس أن ينخفض عجز الموازنة إلي 5% في 2015 مقارنة ب5.8% في 2014