أعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، أمس الأربعاء، عن تعديل وزاري عين خلاله وزراء جددًا للخارجية والداخلية والعدل، دون أن يذكر الأسباب التي أدت لهذه التعديلات، كما طالت التعديلات وزارات الشؤون الدينية والشؤون الاجتماعية والثقافة والتجارة ووزارات أخرى، وتقلت الوزارات إلى 14 فقط، مقابل 24 كانت في الحكومة السابقة. التعديلات الوزارية شمل التعديل الحكومي 13 وزيرًا، وجاء الهادي المجدوب، وزيرًا للداخلية مكان ناجم الغرسلي، كما عين خميس الجيناوي، وزيرًا للشؤون الخارجية بدلًا من الطيب البكوش، وعمر منصور، وزيرًا للعدل، ومحمد خليل، للشؤون الدينية، ويوسف الشاهد، للشؤون المحلية، ومحمود بن رمضان، للشؤون الاجتماعية، وسنية مبارك، وزيرة للثقافة، ومنجي مرزوق، للطاقة والمناجم، ومحسن حسن، للتجارة، وأنيس غديرة، للنقل، وكمال الجندوبي، وزيرًا للعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وكمال العيادي، للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، وخالد شوكات، وزيرًا للعلاقة مع مجلس نواب الشعب وناطقًا رسميًّا باسم الحكومة، وصاحب التعديلات إلغاء منصب وزير الدولة، بعد أن كانت حكومته تضم 15 كاتب دولة. الباقون من الحكومة السابقة الناجون من التعديل الوزاري الموسع، هم وزير الدفاع فرحات الحرشاني، والوزير المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية وحقوق الإنسان كمال الجندوبي، ووزير النقل السابق الذي انتقل إلى الشؤون الاجتماعية محمود بن رمضان، في حين عاد وزير تكنولوجيا الاتصالات الأسبق في حكومة النهضة منجي مرزوق، الذي عُين وزيرًا للطاقة والمناجم. أسباب التعديل الوزاري رغم أن رئيس الحكومة لم يفصح عن سبب التعديل، لكن بالعودة للأحداث الأخيرة في تونس، تمكننا من إيجاد ملامح قادرة على تبرير التغيير، وأبرزها تقليص ودمج الوزارات، لا سيما أن محمد بن سالم، القيادي في حركة النهضة، أشار إلى أن رئيس الحكومة سبق وعبّر عن نيته في التقليص من عدد الوزارات، وبذلك يكون دمج الوزارات أحد أهداف التعديل. وبخلاف تقليص عدد الوزارات جاء التعديل الحكومي لضخ دماء جديدة، حيث قال رئيس الحكومة التونسية في وقت سابق إن الهدف من التعديل الوزاري هو ضخ دماء جديدة في الحكومة، تمكنها من اتخاذ قرارات موجعة وجريئة. أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة الوضع الأمني وصف رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، الوضع الأمني في بلاده ب«الهش»، وأقر بالصعوبات التي يواجهها القطاع الاقتصادي، مضيفًا أن حكومته وضعت خطة إنقاذ عاجلة لمجابهة هذه التحديات. وما زالت مخاطر الإرهاب موجودة، ولا شيء يمنع من تكرار ما حدث قبل أسابيع في منطقة بولعابة من ولاية القصرين غربي البلاد، فشهد شهر نوفمبر من العام الماضي مقتل أربعة عناصر أمنية في هجوم مسلح شنته ما تُعرَف بكتيبة عقبة بن نافع «داعش تونس» على دوريتهم في بولعابة التابعة لمحافظة القصرين على الحدود مع الجزائر. الحمل الملقى على أكتاف الحكومة الجديدة سيكون عبر قدرتها على إعادة الثقة لقوات الشرطة والجيش، وإيجاد حالة من التنسيق الأمني بينهما، وتوفير المعدات اللازمة للتدخل السريع، وخصوصًا في المناطق الحدودية مع ليبيا. تراجع السياحة أثرت العمليات الإرهابية الأخيرة بالسلب على قطاع السياحة في تونس، فبعد ثلاثة أشهر من الاعتداء على متحف باردو، حدث الاعتداء الإرهابي على منتجع سوسة 26 يونيو الماضي، وراح ضحيته 39 شخصًا، بينهم سياح أجانب، وفي 24 نوفمبر وقع انفجار وسط العاصمة التونسية، استهدف حافلة للحرس الجمهوري؛ ما استوجب إعلان حالة الطوارئ. وتوقعت وقتها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير لها، أن يتراجع النمو في تونس إلى 1.9% خلال عام 2015، أثر العمليات الإرهابية، وقالت الوكالة إن الاعتداءات تكشف المخاطر المسلحة على قدرات تونس واقتصادها، كما أنها ستؤثر على الاقتصاد الوطني على المدى القصير، وستكون لها انعكاسات سلبية على قطاع السياحة الذى شكل سنة 2014 نحو 7% من الناتج المحلي، و12% من القوى العاملة، و9% من العائدات بالعملة الصعبة. وتشير أغلب المؤشرات الاقتصادية إلى أنه من الصعب الخروج من هذه المرحلة في الوقت الراهن، خاصة مع تباطؤ الإنتاج وتعطل محركات النمو، ليس فقط بقطاع السياحة، بل أيضًا تراجع الصادرات الخارجية والاستثمارات الأجنبية، التي تعتبر المحرك المحوري لنمو الاقتصاد في تونس. الوضع الاقتصادي حذر البنك المركزي التونسي، في تقرير له، من خطر الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من أربع سنوات، كما حذر من انزلاق تونس إلى مرحلة الإفلاس، بعد أن تراجع الناتج المحلي إلى 0,7% سلبيًّا؛ نتيجة ضعف أداء عدد من القطاعات، في مقدمتها قطاع الصناعات، إضافة إلى تراجع أداء السياحة، ووصف بعض الخبراء الاقتصاديون المرحلة التي تمر بها تونس ب«الانكماش التقني»، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة الانكماش الاقتصادي، والتي قد تستغرق عادة عامًا واحدًا، تليها المرحلة الأخطر، وهي مرحلة إفلاس البلاد، والتي تصبح فيها الدولة عاجزة عن دفع النفقات وأجور الموظفين والعمال؛ مما يقود بدوره إلى عجز الدولة عن تسديد القروض والديون الخارجية ودخولها في أخطر مرحلة. ويرى مراقبون أن على الحكومة الجديدة إيجاد حلول سريعة، تستطيع بموجبها أن تحسن الوضع الاقتصادي التونسي، عبر تحقيق الاستقرار الأمني، وتحقيق موسم سياحي جيد، وفتح مجالات جديدة في هذا القطاع، مثل الأسواق، وعودة إنتاج الفوسفات المتعثر بفعل الاحتجاجات، ورجوع العملة الصعبة إلى مستواها المعهود عبر عمليات التصدير والاستثمار.