إعداد: أحمد صوان إشراف: سامح قاسم مع الاحتفالات التي تشهدها مصر هذه الأيام بعيد صعود السيدة مريم العذراء، تجد آلاف الناس يُناشدونها الظهور لتحل عليهم البركة والشفاء، حيث يتضرع الجميع إلى أم النور لتُساعدهم في قضاء حوائجهم، مثل الشفاء وفك الكرب وغير ذلك من حوائج الناس. ولم تبخل أم النور على مُحبيها بالظهور، حيث سجلت كتب التاريخ الكنسي أكثر من ظهور للسيدة العذراء في مصر، كان أقدمها ظهورها للأم العاقر أوفيميه في عام 286، والذي تجلت فيه من خلال صورتها مُعلنة استجابتها لصلوات أوفيميه، لتُبشر إياها بالحمل، لتلد أوفيميه طفلًا صار فيما بعد الشهيد مارمينا العجايبي. وتذكر الكتب كذلك تجلي العذراء للقديس كاما الراهب بوادي النطرون في القرن الرابع الميلادي، حيث أعطته ثلاثة دنانير ذهبية لكى يبنى كنيسة؛ كما تذكر الكتب نفسها ظهورها للخليفة العباسي هارون الرشيد، حيث جعلته يكتب رسالة إلى والي مصر لكي لا يهدم كنيستها في مدينة أتريب الواقعة بجوار مدينة بنها. كذلك قيل إنها تجلت للبطريرك إبرام بن زرعة، الجالس رقم 62 على الكرسي البابوي، وأرشدته إلى القديس سمعان الخراز الذي قيل إنه نقل جبل المقطم في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي عام 975م. وبالنسبة للتاريخ الحديث، فقد شهد المصريون أول ظهور للسيدة العذراء في مساء أحد أيام شهر أبريل عام 1968، إبان جلوس البابا كيرلس السادس على عرش الكرازة المرقسية، حيث رأى الخفير عبدالعزيز علي، المكلف بحراسة جراج النقل العام في شارع طومان باي الذي يطل عليه كنيسة حدائق الزيتون جسمًا نورانيًا يتألق فوق قبة الكنيسة، فأخذ يصيح، ونادى على عمال الجراج الذين أقبلوا ليُبصروا نورًا وهاجًا فوق القبة الكبرى للكنيسة. وحسب شهادة العمال فإنهم رأوا فتاة متشحة بثياب بيضاء جاثية فوق القبة بجوار الصليب الذي يعلوها، وبعد لحظات شاهدوا الفتاة الجاثية وقد وقفت فوق القبة فبدءوا في الصياح لتحذيرها من السقوط، وظنها بعضهم تعتزم الانتحار فأبلغ بعضهم شرطة النجدة الذين حضروا وسط تجمع المارة وتألق منظر الفتاة الذي ازداد وضوحًا، ليرى الجميع فتاة جميلة في هالة من النور تتشح برداء أبيض وتمسك في يدها بعض أغصان الزيتون، وفجأة طار سرب من الحمام الأبيض الناصع فوق رأسها فأدرك الناس أن هذا المنظر سماوي. ثُم سلطوا أضواء كاشفة على المشهد فازداد تألقًا، ثُم قام البعض بتحطيم مصابيح الشارع القريبة من الكنيسة، وأعقبوها بإطفاء أضواء المنطقة كلها، فبدت الفتاة أكثر وضوحًا، وأخذت تتحرك في داخل دائرة من النور يشع من جسمها إلى الجهات المحيطة بها، عندئذ أيقن الجميع أن الفتاة التي أمامهم هي من دون شك السيدة مريم العذراء، وظلوا طيلة فترة الظهور يقومون بالصلاة والترتيل. وقد شكل البابا كيرلس لجنة للتحقق من هذا الظهور، ثم أعلنه رسميًا في مؤتمر صحفي عالمي. الظهور الثاني كان مساء السبت 21 أغسطس 1982، والذي وافق عيد صعود جسد السيدة العذراء، حيث بدأت الدورة بأيقونة السيدة العذراء حول كنيسة إدفو، التابعة لإيبراشية أسوان أثناء بدء الاحتفال، وأعقبها دورة أيقونة العذراء، فبدأت الجموع الغفيرة بداخل الكنيسة تشاهد ومضات سريعة وشاهقة البياض من النور داخل الهيكل الرئيسي الأوسط، وشاهد البعض ومضة سريعة لصورة السيدة العذراء مريم، ثم طارت حمامة في مساء السبت، وشاهد الموجودون في الكنيسة ومضات سريعة لصورة العذراء، بعدها طارت حمامة من الجنوب إلى الشمال ورشت مياها على الكثيرين من الحاضرين. وفي خارج الكنيسة كانت صورة الأيقونة التي يحملها الشمامسة تمر والناس يرونها وكأن العذراء تتجلى منها، وبعد الانتهاء من الدورة رآها بنات الكورال، ثم خادمات الكنيسة، وبعدها رآها الشمامسة ورأوها بعد ذلك في قبة الهيكل في شكل مريم الحزينة. بعد هذا الظهور بأربعة أعوام، وفي مساء الثلاثاء 25 مارس 1986، عادت السيدة العذراء للتجلي بين قباب كنيسة القديسة دميانة بأرض بابادبليو، وقد سطع نورها على المنازل المجاورة ليُشاهدها سكان المنازل الخلفية وهى تتجلى بحجمها الطبيعي محُاطة بهالة نورانية على القبة الشمالية، وتكرر الظهور أكثر من مرة مُستمرة في إحداها عشرين دقيقة، ولم تمض إلا ساعات قليلة حتى انتشر الخبر بسرعة البرق في المنطقة ذات الأغلبية المسيحية، فازدحمت الشوارع المحيطة بالكنيسة وظلوا حتى الصباح وسط أصوات الترانيم والتسابيح. وأثار هذا الظهور استغراب الكثيرين، لأنه استمر في وضح النهار، وقيل إن نورها كان مختلفًا عن نور الشمس، كذلك لم يقتصر على منارات الكنيسة، بل كان داخلها أيضًا، وبعد أربعة أعوام أخرى، ظهرت العذراء على جبل أسيوط عام 1988 بهيئة نورانية كطيف يتهادى على قمة الجبل لمدة ساعتين مع أول خيط من ظلام الليل، وقد شاهد طيفها أكثر من ألف زائر، وصاحب الظهور أيضًا ظهور حمام أبيض يطير في ظلمة الليل فوق الدير. الظهور التالي كان في محافظة المنوفية في 6 أغسطس 1997، حيث رأى البعض نورًا عظيمًا في قرية شنتنا الحجر ببركة السبع، ما دفع البابا شنودة الثالث في محاضرته الأسبوعية الأربعاء التالي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية للإدلاء بتصريح وصف فيه النور بأنه "نور غير طبيعي". وأصدر المقر الباباوي بيانًا نُشر بمجلة الكرازة أعلنت فيه "ظهر نور غير طبيعي في الكنيسة بشنتنا الحجر منوفية، وبخاصة أواخر أغسطس وجذب إليه الآلاف من الناس مهللين ومرتلين لهذه الظاهرة الروحية التي استمرت لعدة أيام في فترات متفرقة"، وتكرر النور في كنيسة مارمرقس بأسيوط مع بداية الألفية الجديدة، وتحديدًا في 17 أغسطس عام 2000، عندما شاهدتها سيدة مسلمة تقف فوق سطح الكنيسة بين المنارتين، وتصورت أنها سيدة تحاول الانتحار أو خلع الصليب المثبت فوق المنارة فأسرعت لإبلاغ المسئولين. وفي العام التاسع من الألفية الجديدة للمسيح، ظهرت السيدة العذراء بكنيسة العذراء والملاك بالوراق من خلال تجلي ونور وحمام وبخور. وأصدر الأنبا ثيئود سيوست الأسقف المساعد بالجيزة بيانًا أكد فيه الظهور فجر الجمعة 11 ديسمبر 2009، وهو ظهور كامل للسيدة العذراء وهى بملابسها النورانية فوق القبة الوسطى بالثوب الأبيض الناصع، وتشد وسطها بحزام لونه أزرق ملوكي، وعلى رأسها تاج، وفوق التاج صليب القبة، وصلبان الكنيسة يصدر منها أضواء باهرة. وأكد البيان أن كل أهل المنطقة شاهدوها وهي تنتقل وتظهر على البوابة بين المنارتين، واستمر هذا الظهور من الواحدة صباحًا حتى الرابعة فجر الجمعة، كما رصدتها كل عدسات التصوير والهواتف المحمولة.