في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من الآثار الأولية لتوقيع الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية، والممثلة في التصريحات العدائية الإيرانية ضد دول المنطقة الخليجية، فضلا عن تغول طهران في المنطقة مباشرة عقب توقيع الاتفاق، بجانب نعرة الاستعلاء التي سيطرت على الجمهورية الإسلامية، والتي بدأت تعتبر نفسها من دول العالم العظمى، ورغم أنها آثار لا زالت حتى الآن غير مباشرة على أمن المنطقة، لكن عدم معالجتها والوقوف أمامها في مهدها يمكن أن يحولها إلى آثار مباشرة قد تفضي في النهاية إلى تدمير المنطقة. وفي هذا الشأن، يمكن القول إن مملكة البحرين ستلعب دورا هاما في التصدي العربي الخليجي للهجمة الإيرانية الشرسة على المنطقة، وذلك من خلال دورها السابق والحالي وتصورها المستقبلي لمواجهة الخطر الإيراني، وأيضا من خلال خبرتها في مواجهة أساليب إيران؛ من نشر الخلايا النائمة في البلاد العربية، والرد على التصريحات العدائية، في إطار الحرب الدبلوماسية التي تشنها إيران من وقت لآخر ضد البحرين، وهو ما يمكن القول معه صراحة بأن التصدي للخطر الإيراني يبدأ من مملكة البحرين؟ ولعل خير دليل على هذه المقولة، هو نشهده من تحركات بحرينية مستمرة منذ توقيع الاتفاق النووي، سواء من خلال تحذيرها الدائم والمستمر من إيران وآثار الاتفاق النووي على المنطقة، أو من خلال تحركها على مستوى دول الخليج العربية لوقف التمدد الإيراني. هذه الرؤية البحرينية للتصدي للخطر الإيراني، تتمثل في الدعوة إلى اتخاذ موقف خليجي موحد في أي تحرك ضد الخطر الإيراني، وليس مواجهة الدولة الفارسية بشكل منفرد، وكانت الدعوة إلى فكرة الاتحاد الخليجي قد خرجت من مملكة البجرين بهذا الهدف، فضلا عن أهداف وإيجابيات الوحدة المعروفة. وعقب توقيع الاتفاق النووي، عبرت البحرين عن رؤية سريعة لحل الأزمة، تمثلت في تصريحات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء البحريني، التي أدلى بها خلال استقباله عددا من المسؤولين وأعضاء مجلس الشورى والنواب، الاثنين، 3 أغسطس، والتي دعى فيها إلى "موقف خليجي موحد"، لمواجهة "الفتن التي تهدد استقرار المنطقة"، كما أكد على ضرورة "اتخاذ العبرة" مما يحدث في بعض الدول بالمنطقة، مشيرا إلى علاقة التنمية الداخلية للدول بالحرب على الإرهاب. هذه التصريحات لصاحب السمو الملكي عبرت عن رؤية واعية للتصدي للخطر الإيراني تعتمد على ثلاث محاور، الأول: هو التحرك بشكل موحد، حيث قال إن "حماية دولنا وشعوبنا تحتاج منا إلى أن نكون أكثر توحدا في الرأي والموقف الخليجي"، مؤكدا أن "العمل الجماعي هو الكفيل بتعزيز قوتنا، وإفشال مساعي كل من لا يريد لدول المنطقة الاستقرار"، وهو تصور لا غنى عنه أمام دولة تسعى للاصطفاف العالمي ضد القضايا العربية. وثاني هذه المحاور للرؤية البحرينية، قراءة تجارب الدول المجاورة التي نجحت المؤامرات الغربيةالإيرانية في إسقاطها لأخذ العبرة من تجربتها ومعرفة أسباب السقوط، حيث قال: "بقراءة سريعة للمستجدات الدولية والأوضاع الأمنية التي تعيشها بعض دول العالم، نتيقن بأن القادم يتطلب أن نكون أكثر وعياً ويقظة وتوحداً في اتخاذ القرارات، حفاظاً على ما لدينا من خيرات.. وما تحقق من إنجازات معيشية لمواطني دول المنطقة"، داعيا إلى "اتخاذ العبرة مما يحدث في بعض الدول، التي فرطت في أمنها واستقرارها، وتغير وضعها من حالٍ إلى آخر من الاقتتال والخراب"، بحسب ما جاء في بيان لرئاسة الحكومة البحرينية. أما المحور الثالث، فيتمثل في ضرورة قيام الحكومات الخليجية بعملية التنمية بجانب حربها ضد الإرهاب، محذرا من "أن الانشغال في الأمور السياسية الدولية، لا يجب أن تشغلنا عن السير في عملية التنمية داخل الدول الخليجية"، وقال: "هناك من لا يسره ما تحقق لمواطني المنطقة من مكتسبات، ويحاول بشتى السبل أن يغير من طريقة معيشتها، والأنظمة التي تسير عليها، وذلك بالتدخل في شؤونها، واختلاق المشاكل الداخلية"، وهي رؤية تكشف عن وعي حقيقي بمداخل إيران أو الغرب للدول العربية، حيث تبدأ في التسلل من دائرة التهميش والفقر في بعض المجتمعات العربية، وهو ما لفت إليه صاحب السمو الملكي، مفوتا الفرصة عليهم، من جانب، وسدا لأي ذريعة أمام إيران لتنفذ للمجتمعات العربية، من جانب آخر.