بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية، وسط تحذيرات عديدة ومخاوف خليجية وإقليمية من آثار ذلك الاتفاق على توازن القوى في المنطقة، في ظل الاعتراف والإجماع العربي على معاداة الجمهورية الإيرانية للعرب، والتقليل دائما من الحضارة العربية، التي استقبلت الفتح الإسلامي في مهده الأول، حيث لم تصبر الجمهورية الإيرانية، سوى أيام قليلة على توقيع الاتفاق، قبل أن تبدأ معركتها الحاسمة مع الأمة العربية، بعد تفرغها التام للمنطقة وتقاعدها لمدة 10 سنوات من تعب وجدل المفاوضات النووية، حيث كانت البداية من مملكة البحرين. فقد أشارت المعلومات الأولية للتفجير الإرهابي، الذي وقع في ساعة متأخرة من أمس الثلاثاء، واستهدف جزيرة سترة بمملكة البحرين، إلى ضلوع إيران في التفجير، حيث أشارت المعلومات، بحسب وكالة أنباء البحرين، إلى أن المتفجرات المستخدمة من النوع نفسه للمتفجرات التي تم الكشف عنها خلال إحباط تهريب مواد متفجرة وأسلحة لها علاقة بإيران إلى المملكة، السبت الماضي. كما أعلنت وزارة الداخلية البحرينية، أيضا، أمس الثلاثاء، مقتل اثنين من رجال الشرطة وإصابة ثلاثة في تفجير إرهابي بجزيرة سترة، أثناء قيامهم بالواجب، ما يشير بقوة إلى استهداف مملكة البحرين بشكل خاص، لعوامل الجغرافيا والتاريخ والمذهبية، فضلا عما تحظى به من موقع استراتيجي مميز، ومكانة اقتصادية ومصرفية وسياحية متقدمة، على مستوى الخارطة العربية، بل وعلى مستوى دول العالم فيما يتعلق بقطاع المصارف وبعض الصناعات الثقيلة. أيضا لم تأت البحرين في بداية الهجوم الإيراني على المنطقة مصادفة، بل لعبت التصفيات السياسية دورا هاما لاسيما بعد خسارة إيران وعملائها في البحرين انتخابات مجلس النواب البحريني الأخيرة في نوفمبر الماضي، واكتمال مؤسسات الدولة وبدء عجلة التنمية والرخاء في ظل التوافق والتلاحم بين الشعب والحكومة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن خليفة آل خليفة، منفذ الطفرة الحديثة في البحرين، فلم يكن مصادفة اختيارها كبداية لحملة الثأر الشيعية الفارسية، المدفوعة بأحقاد التاريخ الدموي للمذهبية الطائفية التي أدمت التاريخ الإسلامي لقرون. ويصاحب هذه الحملة الإرهابية حملة أخرى إعلامية موازية وممنهجة؛ تستهدف إطلاق التصريحات العدائية، وآخرها تصريحات خامنئي الذي توعد فيها مملكة البحرين، من خلال تأكيده على دعم أصدقاء إيران في المنطقة، بحسب وصفه، وهي الحملة التي تستهدف ضرب الاستقرار في مملكة البحرين، والأمن السلمي والمجتمعي، من خلال إحياء النزعة الطائفية في صدور المواطنين الشيعة والسنة على السواء بهدف خلق فتنة طائفية يمكن من خلالها إسقاط المملكة. ويتزامن مع ذلك حملة أخرى ضد الدول السنية في المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لدول التعاون الخليجي، من خلال معركتها الدائرة مع الحوثيين، التي تثبت كل يوم تزويد إيران للمقاتلين الحوثيين بالأسلحة والأموال لمواصلة معركتهم مع المملكة العربية السعودية، بهدف شغلها عن مملكة البحرين من ناحية، وإنهاكها في معركة الجبال مع تنظيم الحوثي من ناحية أخرى، بهدف ضرب مراكز القوى في الجسد العربي في آن واحد. ويشرف على كل هذا أيضا الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تدير المخطط، مستخدمة إيران تارة ومساعدة لها تارة أخرى، بهدف وضع العرب بين سندان إيران ومطرقة الغرب، لإخضاع المنطقة العربية، في محاولة جديدة بعد فشل مؤامرة الربيع العربي أو حرفها عن مسارها. الأزمة أن هذا ما قاله المفكرون العرب قبل سنوات وأعوام، مستنتجين هذه النهاية الدرامية، من خلال التحليلات والدراسات، لكن مالم يكن متوقعا هو هذه السرعة من قبل إيران بعد أيام قليلة من عقد صفقتها مع الغرب، كما تشتد الأزمة أيضا في ظل حالة الصمت العربي المطبقة، باستثناء مملكة البحرين التي تحذر دائما من الخطر الإيراني، فهي أكثر دراية بجارتها الفارسية.