سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السر وراء "حارة اليهود".. دعوة للتعايش السلمي أم للتطبيع؟.. إسرائيل تشيد بالمسلسل ثم تهاجمه.. تباين آراء المتابعين.. وخبراء يكشفون دور الإخوان والحركة الصهيونية في تهجير الطائفة
عطية: اليهود كانوا يتمتعون بكل حقوق المواطن المصري.. والحركة الصهيونية دفعتهم للهجرة عباس: الإخوان تبنوا نفس أفكار الحركة.. ودعوة العريان كانت محاولة لتجميل وجه الجماعة مصر نموذج حي لتجسيد مفهوم التعايش السلمي، لم تعرف عبر التاريخ مفهوم الاقلية المنبوذه، رغم تآمر الحركات السياسية التي اتخذت من الدين سبيلا لتفكيك المجتمعات وخلق الصراعات الطائفية والإثنية كالحركة الصهيونية وجماعة الإخوان، تلك الحركات التي نشطت مع بداية نشوء دولة الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، وحاولت ضرب وحدة المجتمع المصري. وقدمت السينما المصرية في فترة الخمسينات افلامًا جسدت هذه الروح المتآلفة بين مكونات المجتمع المصري من مسلمين ومسيحيين ويهود، مثل فيلم "حسن ومرقص وكوهين"، في المقابل قدم المجتمع الغربي صورة مختلفة تماما للشخصية اليهودية، كما في مسرحية "تاجر البندقية" للكاتب الإنجليزي ويليم شكسبير، وهي المسرحية التي صورت الإنسان اليهودي على أنه شخص منبوذ شحيح ومخادع لا عهد له. في هذا السياق، تقدم الدراما المصري في شهر رمضان الجاري مسلسل "حارة اليهود" للكاتب الدكتور مدحت العدل المسلسل يعرض بشكل شمولي روح التعايش والاندماج بين طوائف المجتمع المصري في فترة زمنية معينة، دون أي اعتبارات للدين أو المذهب، من خلال حارة اليهود بحي الموسكي في القاهرة. المسلسل أثار جدلًا واسعًا على شبكات التواصل الاجتماعي، كما اثار ردود فعل سياسية أيضا، ما بين طرح فكرة التعايش السلمي واتهامات بمغازلة إسرائيل والسعي للتطبيع معها. يحكي العمل عن حياة شريحة مهمة من المجتمع المصري في الفترة ما قبل ثورة يوليو وحتى العدوان الثلاثي على مصر، هي الشريحية اليهودية، وكيفية انساجمها مع البيئة المصرية في تلك الحقبة التي شهدت ميلاد حركة الإخوان بقيادة حسن البنا، والحركة الصهيونية التي انتهجت سياسات تدفع اليهود المصريين إلى الهجرة، بغض النظر كانت إلى فلسطين، أرض الميعاد المزعومة، أو إلى أوروبا، فالغرض من ذلك هو استغلال هذه الهجرة في خدمة السياسة الإسرائيلية، من أجل كسب المزيد من تعاطف الدول الكبرى. إسرائيل.. إشادة ثم هجوم صريح السفارة الإسرائيلية بالقاهرة أشادت بالعمل الدرامي في البداية، وقالت إنه يقدم حياة اليهود في مصر بشكل إيجابي في إطار إنصهارهم داخل المجتمع المصري، ثم ما لبثت أن غيرت موقفها واعتبرته تحريضًا واضحًا ضد دولة إسرائيل. تباين الآراء حول المسلسل في المقابل اعتبر الكثيرون أن المسلسل يروج للصهيونية، ويدعو للتعاطف مع إسرائيل، فالإعلامي الفلسطيني طارق الفرا اعتبر، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، المسلسل "خيانة بمعنى الكلمة"، قائلًا إنه يمثل تدفقًا للأفكار الصهيونية ودعاية بني صهيون. فيما يختلف اخرون مع الفرا، ورأوا في "حارة اليهود" تجسيدًا واقعيًا لأوضاع الطائفة في مصر، في تلك الحقبة من الزمن، مشددين على أنه يجب التفرقة بين اليهودية كدين وعقيدة وبين الحركة الصهيونية كسلوك سياسي يتدثر بالدين. مؤيدو المسلسل قالوا إن المجتمع المصري في تلك الفترة لم يكن يفرق بين المصريين، المسيحيين منهم واليهود، مرجحين أن تكون رسالة الكاتب لإثبات ضرورة إعادة هذا النسيج إلى أية حضارة تريد الوقوف من جديد. الحركة الصهيونية الدكتور سعيد عطية، أستاذ الدراسات اليهودية بجامعة الأزهر، أكد واقعية احداث المسلسل، وقال إن الحركة الصهيونية خلقت حالة من الخوف والفزع لدى يهود مصر، ودفعتهم إلى الهجرة إلى فلسطين. وأوضح عطية، في تصريح خاص ل"البوابة نيوز"، أن وضع اليهود في مصر في الفترة ما بعد ثورة 23 يوليو وحتى العدوان الثلاثي كانت عادية جدا، مشيرًا إلى أنه كان هناك بمصر في تلك الفترة 56 ألف يهودي، بينهم أثرياء ورجال أعمال، ولم يكن وجودهم قاصرًا على حارة اليهود بالموسكي فقط، بل كانوا منتشرين في كل انحاء القاهرة. وأضاف عطية أن "حارة اليهود"، التي يتناولها المسلسل كانت افقر احياء الطائفة، واقلها عددا في الأفراد، لافتًا إلى أن يهود مصر في هذه الحقبة كانوا يتمتعون بكل حقوق المواطن المصري ولم يمارس المجتمع أي قهر ضدهم. صهيونية جماعة الإخوان.. ومغزى دعوة "العريان" من جانبه، يرى الدكتور سامح عباس، أستاذ الأدب العبري بجامعة قناة السويس، إن كلًا من جماعة الإخوان والحركة الصهيونية عملوا على تقويض مفهوم التعايش السلمي بمصر في حقبة الخمسينيات. وأوضح عباس، في تصريح ل"البوابة نيوز"، أن المسلسل نجح إلى حد بعيد في إلقاء الضوء على الوضع الشامل في مصر في الفترة التي يتناولها، واستطاع ملامسة الواقع وقتذاك. وأضاف عباس أن مصر لم تعرف عبر عصورها المختلفة مفهوم الأقلية، "فكل الطوائف انصهرت مع بعضها البعض، بعيدا عن أي تصنيفات طائفية، اليهود كانو جزءا ومكونا رئيسيا من مكونات المجتمع المصري، لكن تدخل الحركة الصهيونية والسياسة أدى إلى هجرة هذا المكون المهم إلى خارج مصر". ويلفت عباس النظر إلى أن معظم اليهود الذين خرجوا من مصر عقب العدوان الثلاثي، بفعل النشاطات السرية التي كانت تمارسها الحركة الصهيونية، 80 % منهم هاجروا إلى فرنسا وكندا وأمريكا، "فمعتقداتهم الدينية لم تكن لتنسجم مع الحركة الصهيونية التي عملت على تقويض مفهوم التعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع المصري". وأشار عباس إلى أن جماعة الإخوان مارست أيضا نفس الأفكار الصهيونية وابتدعت فكرة حرب اليهود في مصر، بدلًا من إسرائيل، ووفقًا له، فإن "كل من الصهيونية والإخوان حركات سياسية ارتدت عباءة الدين" واعتبر دعوة عصام العريان، القيادي بالجماعة، إبان حكم مرسي، لليهود بالعودة إلى مصر نقطة تحول خطيرة في تاريخ الجماعة اليهودية المهاجرة من مصر، قائلًا إنها "تسببت في مشاكل للدولة المصرية، وكان الهدف منها التسويق لصورة الإخوان الليبرالية أمام الرأي العام العالمي".