بين العديد من مسلسلات الدراما التليفزيونية المعروضة فى رمضان هذ العام حظى مسلسل "حارة اليهود" باهتمام خاص من قبل النقاد والمشاهد العادى لما فيه من أحداث تتناول حقبة مهمة فى التاريخ المصرى، حيث تدور أحداثه فى فترة ما بعد ثورة 1952 وحتى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956. ويتناول المسلسل العلاقة بين أطياف المجتمع المختلفة المتواجدة فى ذلك الوقت ومن بينهم اليهود، انطلاقا من قصة حب بين ليلى الفتاة اليهودية التى قامت بدورها منة شلبى وعلى الضابط فى الجيش المصرى والذى قام بدوره إياد نصار. وأثار المسلسل ضجة قبل بداية عرضه حيث رأى البعض أنه يعمل على تحسين صورة اليهود وذهب البعض إلى أنه يسعى إلى التطبيع مع إسرائيل بتقديمه فى هذا الوقت خاصة، فيما رأى البعض أنه يحتوى على أخطاء تاريخية فى الشكل والأحداث وليس المضمون. وعن هذا تقول الكاتبة والناقدة الفنية ماجدة موريس ل"المشهد": غير صحيح أن المسلسل يسعى للتطبيع لأنه ببساطة يقدم واقعا حقيقيا حدث فى مصر فى النصف الأول من الخمسينيات ولا يختلق أحداثا، والمكان الذى تدور فيه الأحداث تاريخى، حيث توجد فيه معابد وبيوت وأماكن تاريخية إلى الآن. وأضافت: غير صحيح ما يُقال من أن المسلسل يحاول تحسين صورة اليهود حيث إنهم بالفعل تعرضوا لمحاولات تدفعهم للهجرة إلى إسرائيل لإقامة الدولة الصهيونية هناك، لكن البعض منهم رفض، وهناك من فضل منهم السفر إلى الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وغيرها، كما أنهم تعرضوا للعديد من الحوادث والتفجيرات على يد الإخوان فى هذه الفترة وهذا مُثبت تاريخيا ولا يمكن لأحد أن ينكره. ونوهت موريس إلى أنه كان هناك تعايش حقيقى بين الجميع فى هذه الفترة، كما كان المجتمع متماسكا ويحفظ كل واحد فيه حقوق جاره، وقد عبر المسلسل عن هذا بشكل جيد من خلال اختيارات واعية للممثلين وإدارة رائعة لهم، كما جاء إيقاع الصورة منضبط جدا فى الحركة والكلام وحتى من خلال الصمت فى بعض مشاهد المسلسل والتى يمكن للمشاهد الواعى ملاحظتها، كما أن نغمات الموسيقى ملائمة وعبرت عن الزمن والشجن فى الأحداث. ومن جانبه يرى الدكتور أشرف توفيق، أستاذ النقد السينمائى والتليفزيونى بأكاديمية الفنون، أن هدف المسلسل هو التخفيف من شدة التعصب الدينى وترسيخ فكرة تقبل الآخر، موضحا أنه ومن خلال علاقتى الشخصية بالكاتب مدحت العدل أعرف أنه ناصرى لا يمكن أن يفكر فى التطبيع، بل إن هدف المسلسل هو أن يتقبل المصريون فى الوقت الحالى مسلمين ومسيحيين بعضهم البعض كما كانوا يتقبلون وجود اليهود فى الماضى. ونوه إلى أن المسلسل قدم الأسرة اليهودية والمسيحية والمسلمة جنبا إلى جنب، ولو كان هدف صناع العمل التطبيع أو كسب رضاء إسرائيل ما كانوا أظهروا بعض الشخصيات اليهودية التى تتميز بالخبث والصفات السيئة وهو الأمر الذى يؤدى إلى عدم رضا إسرائيل عن المسلسل وليس العكس. وأوضح توفيق بأنه على الرغم من ذلك، إلا أن المسلسل به بعض الأخطاء التاريخية مثل الغارات التى تكررت أكثر من مرة أثناء الأحداث، مبينا أن هذه الغارات كانت تحدث قبل الوقت الذى تدور فيه أحداث العمل الفنى، كما أن القطارات لم تكن بهذا الشكل فى هذا الوقت بل كانت تعمل بالفحم. وأضاف: على أية حال المسلسل به الكثير من نقاط القوة التى تجعل هذه التفاصيل غير مؤثرة بشكل واضح، حيث جاء أداء الممثلون جيدا، كما أعطى جمال الديكور وشكل الملابس وتسريحات الشعر الملائمة للوقت الذى يقدمه العمل الفنى تميزا للعمل الفنى بعيدا عن أى كلام غير حقيقى عن تطبيع أو غيره.