نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية ل“,”البوابة نيوز“,”: § مافيا “,”تهريب الخردة“,” تضرب الصناعة المصرية. § معدلات الشراء تراجعت 30%، والحكومة تتجاهل مشاكل الصناع. § 40 ألف مصنع عشوائي في مصر، والاستيراد يُغرق السوق المحلية. كشف محمد المهندس، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن مصر تشهد أكبر أزمة في قطاع خردة المعادن. وقال في حوار مع “,”البوابة نيوز“,” إن هناك مافيا جديدة ظهرت خلال الشهور الأخيرة، تخصصت في تهريب الخردة إلى الخارج؛ مما أدى إلى توقف كثير من المصانع المتوسطة والصغيرة في مجال الصناعات المعدنية والهندسية. وأشار “,”المهندس“,” إلى أن قطاع الصناعات الهندسية، أحد أهم القطاعات الصناعية في مصر، مر بظروف استثنائية بسبب أزمة الركود، التي يصاحبها ارتفاع كبير في أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج. وأوضح نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية أن الحكومة الحالية تتجاهل تمامًا مشكلات الصناعة المحلية، ولا تقدم أي رؤى لتطوير وتحديث الصناعة وإقالتها من عثرتها. وقال إن حجم القطاع غير الرسمي في الصناعة المحلية يزيد عن 40 ألف منشأة، وأنه لو أمكن تشجيع وتحفيز ذلك القطاع للعمل بشكل رسمي؛ لأمكن تحقيق إضافة كبيرة ومباشرة للاقتصاد المصري في ظل الأزمة الحالية التي يواجهها. وإلى نص الحوار: § كيف ترى مشهد الصناعة المحلية في ظل الاضطرابات السياسية الحالية؟ - القطاع الصناعي يعاني أزمة خانقة، ربما لم يشهدها من قبل إلا في زمن الحرب؛ حيث تراجعت معدلات الشراء في كثير من السلع بنسب وصلت إلى 30% في بعض القطاعات، والغريب أن ذلك الكساد تزامن مع زيادات كبيرة في أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج الرئيسية؛ باعتبار أن معظمها خامات مستوردة من الخارج، والمؤسف أننا نتلقى في الغرفة كل يوم أنباء عن إغلاق مشروعات صناعية كبرى تعمل في مجالات متنوعة، مثل صناعة الأواني المنزلية وصناعة المعدات والأجهزة الكهربائية ودرفلة المعادن. وهناك شكاوى عديدة تصل إلينا تؤكد وجود مشكلة كبيرة في تأمين نقل السلع والخامات، وتكرار التظاهرات العمالية، وارتفاع أسعار كثير من المعادن الرئيسية المستخدمة في الصناعة. § لكن قطاع الصناعات الهندسية تحديدًا من القطاعات الكبرى التي تضم شركات ذات استثمارات ضخمة وأسماء تجارية معروفة. كيف لم يصمد ذلك القطاع أمام موجة الكساد الحالية؟ - ما تذكره ليس صحيحًا تمامًا.. إن لدينا بالغرفة نحو 3600 شركة صناعية، من بينها أكثر من ثلاثة آلاف شركة يتم تصنيفها ضمن الشركات المتوسطة والصغيرة، وفي المجمل فإن أزمات الكساد لا تستثني أي كيان، لكن تؤثر بشكل أكبر في الشركات الأصغر.. وما نراه في الوقت الحالي أن آثار الفوضى السياسية ألقت بظلالها على المجتمع الاقتصادي؛ حيث تراجعت القدرة الشرائية لدى قطاع كبير من المواطنين، فضلاً عن ازدهار الاستيراد العشوائي لكثير من السلع، والمتابع لأرقام الاستيراد الأخيرة يكتشف أن هناك زيادة مفتعلة وغير مبررة للواردات، والتي استحوذت على السوق المصرية ولا تعطي مجالاً للمصانع المحلية لتصريف منتجاتها؛ مما يضعف القدرة التنافسية للمنتجات المصرية. كما شهدت السوق المصرية كثيرًا من الظواهر السلبية التي أدت إلى زيادة أسعار الخامات الرئيسية، ففي قطاع مهم مثل قطاع الصناعات الهندسية والمعدنية توجد أزمة خطيرة؛ بسبب تهريب خردة المعادن إلى الخارج. لقد نشأت خلال الشهور الأخيرة مجموعات منظمة تشبه المافيا، تعمل على تجميع خردة المعادن من الأسواق، وطلْيها، وتصديرها إلى الخارج تحت مسميات أخرى؛ للتحايل على قرارات تقييد تصدير الخردة. وقد أدى ذلك إلى ارتفاعات في أسعار الخردة تجاوزت 40% خلال الأسابيع الأخيرة، حيث وصل سعر طن النحاس الأحمر إلى 50 ألف جنيه، وبلغ سعر النحاس الأصفر الجاف 28 ألف جنيه للطن، بينما بلغ سعر النحاس الأصفر “,”الطري“,” نحو 35 ألف جنيه. أما خردة الألمونيوم فقد بلغ متوسط سعر الطن حوالي 15 ألف جنيه، والحديد بنحو 2500 جنيهًا. § وكيف يؤثر ذلك على المصانع القائمة؟ - إن معظم مصانع درفلة المعادن، والأجهزة المنزلية، والأواني، وأدوات الإضاءة، وبعض المعدات، تعتمد على الخردة كمكون رئيسي في الإنتاج، وعندما لا تجد في الأسواق المحلية أي خردة للبيع -لأن ذلك يشكل أزمة كبيرة- لذا فإننا نطالب بحظر شامل لتصدير الخردة، وتتبع للمنافذ الجمركية؛ لوقف أي تحايل في ذلك الشأن، خاصة أن معظم الدول الصناعية في المنطقة، مثل السعودية وليبيا وتركيا تحظر تصدير الخردة إلى الخارج؛ باعتبارها ثروة قومية. § ولماذا لا تلجأون للحكومة لإصدار مثل ذلك القرار؟ - هناك غفلة واضحة –نخشى أن تكون متعمدة– من جانب الدولة لمشكلات الصناعة، والواضح أن توجهات الدولة فيما يخص الاقتصاد تحتفي بالتجارة على حساب الصناعة، وبشكل عام فقد قدمنا عدة طلبات لحظر تصدير الخردة، إلا أنه تم تجاهلها تمامًا؛ بدعوى وجود قرار يفرض رسم صادر على بعض أنواع الخردة. ومع الارتفاع الأخير في سعر صرف الدولار؛ أصبحت عملية تصدير الخردة إلى الخارج مربحة جدًّا للتجار، وتم بالفعل تشكيل مجموعات منظمة مهمتها شراء الخردة من الأسواق وطلْيها بطلاءات متنوعة وبيعها للخارج. § وكيف تتوقع خروج الصناعة المصرية من عثرتها الآنية؟ - لا بد من حدوث استقرار سياسي، ولا بد من إيجاد رؤية واضحة للتنمية الصناعية في مصر. إنني أتصور أن هناك حاجة ماسة للاستفادة من كافة الإمكانيات الاقتصادية المتاحة، وهذا لن يتأتى إلا بعد مصالحة سياسية يقرر فيها كافة الأطراف إعلاء المصلحة العامة، ووضع خطوات واضحة لتحسين وضع الاقتصاد ككل، والاهتمام بالصناعة المصرية ومساندتها بشكل مباشر. § يعتبر البعض اللجوء إلى الاقتصاد غير الرسمي أحد الأدوات السريعة لإنعاش السوق وإحداث تنمية اقتصادية. هل لديكم أي تقدير عن حجم الصناعات غير الرسمية في مصر وكيفية تحويلها إلى صناعات رسمية؟ - بشكل واضح لا توجد تقديرات يمكن الاعتماد عليها بشكل مباشر حول الصناعات غير الرسمية، لكننا سبق وأجرينا دراسات في اتحاد الصناعات انتهت إلى أن هناك ما يقرب من 40 ألف منشأة صناعية تعمل بشكل غير رسمي في مصر. وفي قطاع الصناعات الهندسية تحديدًا قمنا بزيارة بعض المناطق والمدن الصناعية غير الرسمية، كان من بينها تجمع عزبة العرب بالقاهرة، واكتشفنا أن هناك 314 مصنعًا يعمل في صناعة الأثاث ودرفلة المعادن وتشكيلها، وصناعة الأواني، موجودة في تلك المنطقة، وأن جميعها تعمل وتصدّر إلى الخارج دون تراخيص صناعية. § كيف تصدر تلك المنشآت منتجاتها إلى الخارج وليس لديها تراخيص؟ - هذا الأمر أصبح بسيطًا للغاية؛ فهؤلاء يعتمدون على التصدير بأسماء شركات أخرى لديها رخص تصدير؛ مقابل رسوم يتم الاتفاق عليها، لكن اللافت للنظر أن ذلك القطاع يعمل وينتج ويشغل عمالة، لكنه لا يتعامل بأي أوراق، وأتصور أنه يجب وضع برنامج متميز يوفر الثقة اللازمة لهؤلاء للتحول للعمل بشكل رسمي. إن أحد أسباب العمل الصناعي دون تراخيص يتمثل في صعوبة استخراج التراخيص، وعدم منح تراخيص صناعية في مناطق بعينها، وتخوف صغار المستثمرين مما يعرف ب“,”جباية الحكومة“,”، وأتصور أن ترسيم تلك المنشآت يحتاج لقرارات ومبادرات جريئة من وزارة الصناعة؛ لمنحهم الشرعية مقابل العمل بشكل علني؛ حتى يستفيد الاقتصاد المصري بشكل مباشر منهم. - ويضيف: إننا أجرينا دراسة بشأن تلك المنشآت، فوجدنا أن ضمها إلى الغرفة يرفع عدد المنشآت من 3600 عضو إلى 13 ألف عضو، فضلاً عما يمكن أن يمثله ذلك من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. § لكن أتصور أن المصانع غير الرسمية ستقاوم بشدة محاولات ترسيمها؟ -ينبغي أن يتم ذلك وفق خدمات حقيقية يتم تقديمها إلى ذلك القطاع، مع تيسير الإجراءات الروتينية الخاصة بالحصول على التراخيص. وأعتقد أن المصانع العشوائية تدفع رسومًا غير شرعية أعلى كثيرًا من تلك الرسوم والضرائب التي ستتحملها في حال العمل بشكل رسمي.. إننا جميعًا نعلم أن استمرار عمل تلك المنشآت يستلزم دفع رشاوى عديدة لصغار الموظفين في الجهاز الحكومي.. لو شعر هؤلاء أن هناك مزايا وفوائد حقيقية من الترسيم لسارعوا إليه.