المنظمة أصدرت 10 تقارير عن مصر خلال 5 أشهر.. ونائب رئيسها تركي عضوة مغربية تعترف: اعتمدنا على «شهادات الإخوان» وبلاغات قدمها أعضاء بالجماعة.. ولم نتصل بالسلطات المصرية للتأكد من صحة الوقائع قبل أيام، أصدرت منظمة حقوقية تدعى «الاتحاد الدولى لحقوق الإنسان»، تقريرًا عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر تحت عنوان: «السلطات المصرية تستخدم العنف الجنسي على نطاق واسع»، نشر على نطاق واسع على المواقع الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين. لم يحمل التقرير أي شهادات موثقة، بل احتوى «عبارات مرسلة» تعتمد على وجهة نظر كاتبه، وهى ناشطة حقوقية سنتحدث عنها بعد قليل. كالعادة احتفت الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء الغربيةوالأمريكية بالتقرير غير الموثق، ونشرته على نطاق واسع، بغية تشويه سمعة مصر دوليًا، حتى إن أكثر من 1000 موقع وصحيفة ووكالة أجنبية نشرته، من دون أي محاولة للتأكد من صحته أو الاتصال بمصادر رسمية للتعقيب عليه. كان التقرير أقرب إلى مقال رأي ينتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، بناء على معلومات مستقاة من مواقع التواصل الاجتماعى، وما تنشره بعض المواقع الإخبارية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، وشهادات بعض أعضاء الجماعة، على شاكلة الفتاة «فاطمة» التي ملأت الدنيا ضجيجًا حول تعرضها ل«الاغتصاب» في قسم شرطة المرج، وروجت لهذه الشائعة قنوات ومواقع «الإخوان» في تركيا وقطر، قبل أن تخرج الفتاة مؤخرًا لتنفى كل هذه الأنباء، مؤكدة أنها لم تتعرض ل«الاغتصاب»، وأنها تلقت أموالًا طائلة من الجماعة للادعاء بذلك. لم يرصد التقرير أسماء من ادعى أنهم ضحايا عنف السلطات الأمنية، أو أعدادهم، أو انتماءاتهم السياسية، بل إن معدي التقرير لم يكلفوا أنفسهم عناء التحدث إلى المسئولين المصريين سواء في وزارة الداخلية أو المجلس القومى لحقوق الإنسان، للتأكد من مدى صحتها، أو متابعة سير التحقيقات في الحالات التي سردتها. صدر التقرير بعيدًا عن كل معايير العمل البحثى أو الاستقصائى، فلم يذكر أي حقائق أو أرقام أو حالات محددة، بل كان عبارة عن روايات لأشخاص مجهولين، والأهم من هذا أن التقرير ذكر أنه لم يتسن له التحقق من دور للسلطات المصرية في إصدار أوامر بارتكاب تلك الانتهاكات، أو تورط رسمى في الاعتداء على الضحايا، فكان لنا أن نبحث وراء المنظمة التي أصدرته. عبر الموقع الرسمى ل«الاتحاد الدولى لحقوق الإنسان»، فإن المنظمة أنشئت عام 1922، ومقرها باريس، وتضم نحو 30 عضوًا، يساعدهم عدد من المتدربين والمتطوعين، ويتوزع أعضاء الفريق بين المقر الرئيسى والبعثات الدائمة لدى المنظمات الدولية والمكاتب الإقليمية، إضافة إلى فرق للتطوير والاتصال، وفريق للدعم المالى والإدارى. وفقًا لما حصلنا عليه من معلومات، فإن معظم أعضاء المنظمة يقيمون في تركيا، ويتقاضون رواتبهم من السلطات هناك، وجميعهم يحملون «إقامات»، وهواتف تركية موجودة على موقع المنظمة، حيث توفر لهم أنقرة الملاذ الآمن الذي ينطلقون من خلاله لتهديد أي دولة، وتعد مصر الهدف الرئيسى لهذه المنظمة. يرأس المنظمة محام من أصول إيرانية ويقيم بين تركياوفرنسا يدعى كريم لهيجى، ونائبه تركى الجنسية يدعى يوسف أطلس. أما عن الأعضاء فالمنظمة تضم عددًا من النشطاء من دول العالم المختلفة، ومن بينهم المصرية سلمى الحسينى، والمغربية أمينة بوعياش. بمتابعة سريعة لموقع المنظمة وتقاريرها الدورية، نجد أنها تسعى لتشويه سمعة مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ويكفى أن نعلم أنها أصدرت منذ بداية العام 2015 وحتى الآن أكثر من 10 تقارير عن مصر فقط، جميعها تتحدث عن انتهاك لحقوق الإنسان، ومطالبات بالإفراج عن قيادات «الإخوان» والنشطاء مثل علاء عبدالفتاح، حتى إنها أفردت تقارير للحديث عن إغلاق صحف ومحطات راديو إذاعية، واتهمت السلطات بالوقوف وراء ذلك. وبينما تدعى المنظمة أنها دولية فإنها لم تنشر تقريرًا واحدًا عن الأوضاع في تركيا، وما يجرى بها من انتهاكات لحقوق الإنسان، التي رصدتها جميع المنظمات الدولية في العالم، وكذلك لم تنشر تقريرًا واحدًا عما يجرى في الولاياتالمتحدةالأمريكية من عنصرية وقتل ل«السود». كما أن أوربا بعيدة عن خريطة عمل المنظمة، حيث لم تصدر أي بيانات أو تقارير حول انتهاك حقوق الإنسان في الدول الأوربية والقوانين الصارمة التي أصدرتها للحد من الحريات والسماح بالتجسس على المواطنين ومنعهم من السفر دون سبب، فضلا عن الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون باستمرار على يد السلطات وتيارات اليمين المتطرف. وتكشف التقارير التي تصدرها المنظمة الحقوقية طبيعة وتوجهات العاملين بها وانحيازهم الواضح لجماعة «الإخوان» ضد السلطات. سلمى الحسيني.. فتاة الفتنة سلمى الحسينى واحدة من الناشطات المصريات في مجال حقوق الإنسان، تضع على رأس أهدافها استهداف الجيش والشرطة المصرية، ودائما ما تحرض على نشر الأخبار المسيئة للمؤسسة الأمنية. تظاهرت «سلمى» أكثر من مرة لإسقاط وزارة الداخلية، ورفضًا لحكم المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير، إضافة إلى أنها كانت من أشد المعارضين لترشح عبدالفتاح السيسى. ظهرت «سلمى» في مقطع فيديو على «يوتيوب» وهى تتحدث عن تعرضها لانتهاكات واعتداءات على يد الشرطة في إحدى المظاهرات المناهضة للجيش، مشيرة إلى تعرض سيدات إلى تحرش واغتصاب على يد السلطات الأمنية في مصر. «سلمى» هي مسئولة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، ومقيمة بصورة دائمة في تركيا، حتى إن رقم هاتفها الموجود على موقع المنظمة «تركى» وليس مصريًا، وبيانات الاتصال بها على مقر المنظمة في إسطنبول. درست بالجامعة الأمريكية، وحصلت على رسالة ماجستير، كانت غريبة ومثيرة للتساؤلات، وتهاجم بشكل واضح النظام القضائى المصرى، تحت عنوان: «الحرمان من العدالة: كيف يقوم النظام القضائى المصرى بترسيخ الإفلات من العقاب»، محملة العديد من الاتهامات للنظام القضائى المصرى والشرطة قبل وبعد 25 يناير، ونشرتها في كتاب عن دار «لامبرت»، ترجم إلى اللغة الإنجليزية. ورغم أنها اختارت عنوانًا يؤكد وجود إفلات من العقاب وأن النظام القضائى المصرى متورط في هذا، إلا أنها عادت في رسالتها لتشير بشكل مقتضب إلى أن هذه الدراسة لا تهدف إلى إثبات وجود حالة «الإفلات من العقاب» في مصر، بل إنها تقترح إطارًا تحليليًا يظهر كيفية قيام النظام القانونى المصرى بترسيخ «الإفلات من العقاب». واتهمت النظام بأنه لا يريد اتخاذ إجراءات لمواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب، مشيرة إلى أنها من خلال دراسة بعض الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مجال الإصلاح التشريعى وإصلاح القطاع الأمنى تبين لها عدم وجود إرادة سياسية لكسر دائرة الإفلات من العقاب. اعترافات أمينة بوعياش الطرف الثانى في الأزمة الحالية هو المغربية أمينة بو عياش، التي شاركت في إعداد التقرير عن مصر، حيث كشفت لنا معلومات مثيرة عن التقرير، وكيفية إعداده، ومصادر المعلومات التي استقت منها المنظمة معلوماتها. وبحسب المعلومات، فإن التقرير ينقل روايات وقصصا لأشخاص لهم انتماءات سياسية محددة ومعروفة وتناهض الحكومة الحالية، فلم تكلف المؤسسة نفسها لتتحدث إلى أي مسئول مصرى أو جهة حقوقية أو المجلس القومى لحقوق الإنسان، لمعرفة رأيهم في تلك القصص والروايات أو ما تم اتخاذه من إجراءات، بل الأدهى أن المنظمة لم ترسل فريقًا بحثيًا لمصر بل اعتمدت على من وصفتهم ب«المتطوعين»، التي قالت إنهم التقوا بأصحاب هذه الروايات ونقلوها لهم، إضافة إلى مصادر أخرى وتقارير من منظمات حقوقية مجهولة خارج مصر. وفى اتصال هاتفى لنا مع «أمينة» في فرنسا، قالت إن التقرير الحالى الذي صدر مؤخرا جاء استنادا إلى تقرير حقوقى نشرته المنظمة في أكثر من 15 صفحة عن انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر، العام الماضى، مشيرة إلى أن التقرير الأول احتوى قصصا وروايات لضحايا عمليات تعذيب في مصر. بسؤالها عن مصدر القصص والروايات، أوضحت أنها مستقاة من متطوعين في مصر ونشطاء التقوا الضحايا، إضافة إلى بعض الأخبار عن بلاغات لانتهاكات وعمليات اغتصاب نشرتها الصحف والمواقع الإخبارية المصرية، وكذلك شهادات لبعض الفتيات على موقع «يوتيوب» وأخيرا تقارير لمنظمات حقوقية داخل وخارج مصر. واعترفت «أمينة» أن غالبية شهادات الاغتصاب والاعتداء الجنسى سواء للفتيات أو الشباب جاءت من أعضاء بجماعة «الإخوان»، مشيرة إلى أن هناك منظمات حقوقية تابعة لجماعة أرسلت تقارير وأرقام بلاغات حررها أعضاؤها ممن ضبطوا على يد الشرطة تشير إلى تعرضهم لاعتداء جنسى وكشوف عذرية وعمليات اغتصاب. وبمواجهتها بأن تلك البلاغات قد تكون كيدية أو مجرد ادعاءات لم يثبت صحتها، وضربنا لها مثلا بقصة الفتاة فاطمة التي ادعت اغتصابها على يد ضباط شرطة ثم تراجعت بعد ذلك، وأكدت تلقيها أموالا من «الإخوان» للتشهير بالشرطة والحكومة، ردت بأن هذا الكلام «ممكن» لكن المنظمة تعاملت مع البلاغات على أنها حقائق، وإذا كانت الحكومة تريد نفى ما جاء في التقرير يمكنها الاتصال بالمنظمة. واعترفت أن هناك حالات خاصة تتعلق بالاغتصاب الجماعى والعنف الجنسى ضد الفتيات، لم يتم التأكد منها ومن صحتها، وهو ما ذكره التقرير، مشيرة إلى أن ما في التقرير حول إجراء كشوف العذرية والتعدى على فتيات في السجون واغتصابهن، جاء بصورة أساسية من منظمات حقوقية تابعة لجماعة «الإخوان». وقالت إنه لم يتسن للمنظمة التأكد من صدق تلك القضايا ووقوعها بالفعل، لكنها تعاملت معها على أنها قضايا مطروحة في مصر، ويجب إدراجها. وغالبية الدعاوى المقامة ضد قوات الأمن المصرية المتعلقة بانتهاك الأعراض واغتصاب سيدات لإجبار أزواجهن على الاعتراف، أقامها أعضاء بجماعة «الإخوان»، ونشرتها مواقع «إخوانية»، وتبناها محامون ومنظمات حقوقية «إخوانية». وحول عدم ورود أي أرقام أو بيانات محددة حول عدد الجرائم التي ادعتها المنظمة أو السيدات اللاتى تعرضن للعنف الجنسى، قالت إن المنظمة لم تتوصل لأى أرقام وجميع الحالات كانت فردية، وهو ما يعكس حجم الكذب والمؤامرة والتضليل، خاصة في عنوان التقرير الذي اتهم السلطات المصرية باستخدام العنف الجنسى على نطاق واسع. وأضافت أنه لم يتم التأكد بصورة دقيقة من أن النظام المصرى الحالى أو الحكومة أو حتى وزارة الداخلية هي من أمرت بهذه الممارسات والانتهاكات ضد الفتيات والنساء: «بالفعل ليس لدينا أي دليل يشير إلى تورط النظام المصرى في هذه الانتهاكات أو أنه أمر بها، ولا يمكننا توثيق هذا الآن أو مستقبلا، وحتى فيما يتعلق باختبارات العذرية فإنه لا يمكن اتهام أحد بتوجيه الأوامر». وفى النهاية أكدت أن المنظمة بالفعل لم تتوجه إلى السلطات المصرية لسؤالها عن التقارير وما جاء باتهامات، لكنها رأت: «إذا أرادت الحكومة المصرية أن ترد فلترد بشكل رسمى على ما جاء فيه». ما قالته «أمينة» يثبت أن ما فعلته المنظمة أمر مناف تماما للمهنية والحيادية والنزاهة التي يجب أن تعمل بها المنظمات الحقوقية، التي يجب أن تشرك السلطات في تحقيقاتها وتتوجه إليها لمعرفة موقفها من تلك الاتهامات والإجراءات التي اتخذتها لمواجهتها، وإذا ما تم بالفعل معاقبة المتورطين فيها أم لا. النسخة الورقية