الفن يأتي من المنطقة الباردة في قلوب مبدعيه، ولكن.. في حياتنا نمر بأزمات وعديدة وأحيانًا هذه الأزمات تتجاوز هذا المصطلح، وتصل به إلى الكارثة، وقد تعرضت البشرية إلى أهوال وكوارث عديدة، ولكن الإنسان أحيانًا يصبح أكبر كارثة تهدد بقاءه على هذه الأرض. صنع الإنسان على مدى تاريخه البشري العديد والعديد من الكوارث كان آخرها الحرب العالمية الثانية، والتي يحتفل فيها العالم بمرور الذكرى السبعين على هذه المأساة. أيما احتفال بذكرى خلفت وراءها مقتل أكثر من خمسة وخمسين مليون إنسان، ونساء ثكلى وأرامل وأيتام، وتهجير قسري لأسباب عرقية ودينية، ونسى العالم في لحظات أمام تدوين سطور النصر في كتاب التاريخ أن الأصل هو الإنسان، وأن الخطوط العنصرية بجميع أشكالها تتماهى لأن الرصاصة القاتلة لا تفرق بين المسلم والمسيحي. وبعد مرور السنين أصبحت الحروب تاريخا وبردت هذه المنطقة في قلوب المبدعين، بعد أن كانت ملتهبة، فكان "أدب الحرب" هو أدب الدفاع عن الحياة. ومن بين الدول التي عاشت ويلات الحروب خرج علينا كتاب ومبدعون يكتبون عن وجهة نظرهم، ينتصرون للإنسانية، وليس للحدود الإقليمية الفاصلة بين الدول، ولكن الملاحظة الغريبة في الأمر أن كل هؤلاء الكتاب ينتمون إلى دول عاشت الحروب سواء كانت منتصرة أو مهزومة، تملكهم الإحباط واليأس بين سطور كتاباتهم، رافضين الحياة وسط هذا الدمار.