سوق «المستعمل».. بضاعة رخيصة وفيروسات مجانية في انتظار زبون الأرصفة و«وكالة البلح» الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن حجم تجارة الملابس في مصر يقترب من 20 مليار جنيه سنويًا، ويندرج تحت هذا الرقم كل الأنواع على رأسها الملابس الواردة من الأسواق الأوربية، ويبلغ حجم التجارة فيها نحو 8 مليارات جنيه سنويا، ورغم المخاطر المتداولة جراء استعمالها، إلا أنها تلقى رواجًا بين الطبقات كل، باعتبارها مستوردة، تحمل أسماء لماركات عالمية، حيث يقصد أماكن بيعها الفنانون لشراء كميات منها بهدف ارتدائها، أثناء تصوير الأفلام والمسلسلات الدرامية، وكذلك الشباب الباحث عن الموضة بسعر رخيص، إضافة إلى الفقراء الباحثين عن الملابس المهترئة، بأسعار ضئيلة في ظل ظروف اقتصادية متدنية، إلا أن أحدًا لم يتوقف أمام المخاطر الصحية، الناتجة عن ارتداء الملابس المستعملة، الممثلة في الأمراض الجلدية وغيرها. في هذا يقول «لويس عطية»، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالإسكندرية، إن حجم تجارة الملابس المستعملة والمهربة جمركيا، تصل إلى أكثر من 40٪ من حجم التجارة في سوق الملابس المصرية، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في مبيعات محال الملابس الجديدة، والمصانع المنتجة لهذه الملابس، وأن حجم تجارة الملابس في مصر، لا يقل عن 20 مليار جنيه، منها 8 مليارات تقريبًا حجم تجارة الملابس المستعملة، وتنتشر هذه التجارة في الأماكن الشعبية غالبًا، فبعد أن يتم غسلها وكيها تعرض على الأرصفة وفى المحال، وبسبب رخص ثمنها يقبل عليها متوسطو ومحدودو الدخل، ويشير «عطية» إلى أن الملابس المستعملة غالبًا تكون غير مطابقة للمواصفات القياسية، وتضر الصحة العامة للمجتمع، وتأتى خطورتها على الصحة، من حيث أن معظمها يتكون من «البوليستر»، المسبب لمشاكل صحية عديدة نتيجة العرق. محمود الداعور، عضو شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية، يقول إنه من الصعب تقدير حجم تجارة الملابس المستعملة، لأنها تجارة غير شرعية، ليس لها سجلات رسمية في الموانئ أو مصلحة الجمارك، ولكنها أثرت على ضعف سوق تجارة الملابس، مشيرًا إلى أن سوء الأحوال الاقتصادية وضعف الدخول سبب تزايد الطلب عليها، منوهًا بوجود 5 آلاف مصنع لإنتاج الملابس، تسوء حالتها، بالإضافة لوجود عدد كبير من الورش، والمصانع التي يقل عدد عمالها عن 25 عاملًا غير مدرجة في اتحاد الصناعات، لكنها تعانى من مشاكل عديدة، أدت لتراجع حجم إنتاجها، وبالتالى على حجم المعروض في السوق. حاويات «البالة» كانت بورسعيد المنطقة الوحيدة المستوردة للملابس المستعملة، التي تأتى معبأة في «بالات»، لتعرض على التجار في مزاد لبيعها، وساعد في انتشارها عدم فرض رسوم جمركية جديدة عند خروجها من هذه المنافذ، وصولًا إلى المنطقة الحرة ببورسعيد، حتى تحولت إلى تجارة ذات سيط واسع بين طبقة محدودى الدخل، لتنتشر كذلك في وكالة البلح والعتبة وسوق الخميس، ثم الميادين والأرصفة وأمام محطات المترو. في ميادين وشوارع القاهرة، بدءًا من العتبة والموسكي، مرورًا في شارع 26 يوليو تنتشر تجارة الملابس المستعملة، لكن «وكالة البلح» هي المنطقة الأكثر شهرة على الإطلاق في تجارة هذا النوع من الملابس، وهو ما يؤكده «أحمد»، أحد الباعة، الذي يعلل سبب تردد هذه الكمية الهائلة من الزبائن على الوكالة بأنها تبيع الملابس المستعملة بسعر رخيص. المخاطر الصحية تعتبر الملابس المستعملة من أكثر العوامل التي تساعد على نقل الأمراض الجلدية، كونها استخدمت من قبل آخرين مجهولين، وقد تؤدى بمن اضطرتهم الظروف الاقتصادية لاقتنائها، إلى دفع الثمن غاليًا، نتيجة إصابته بالأمراض الجلدية. الدكتورة وفاء علم الدين، أخصائى الأمراض الجلدية، تؤكد أن استخدام الملابس المستعملة على الجسم مباشرة بعد شرائها، يؤدى إلى كوارث جلدية لصاحبها، وتضيف: تعتبر ال«أكزيما التلامسية» أشهر هذه الأمراض، وهى عبارة عن حَمار وهرش في الجسم كله، إضافة إلى أنها قد تتسبب في نقل «التينيا الملونة»، التي تكون على شكل بقع بنية وبيضاء، تصيب الصدر والوجه والرقبة، وهى من أشد الفطريات خطورة، وتنتقل عن طريق الملابس المستعملة، وأيضا «الجرب»، المسبب للهرش والتحبب على مستوى الجسم، وأشارت «علم الدين» إلى أن تلك الأنواع من الملابس قد تؤدى أيضًا إلى نقل الفيروسات، ويعتبر «فيروس الهربس» الذي يصيب الجلد، أخطر هذه الفيروسات. النسخة الورقية