البحث عن الملابس رخيصة الأسعار يتجه المواطن البسيط غالبا إلي ما يتناسب مع دخله ويعينه علي ظروف الحياة متغاضيا عن حجم الضرر الذي من الممكن أن يلاحقه نتيجة لذلك وهو ما يحدث في أسواق البالة والملابس المستعملة المهربة جمركيا من وإلي المنطقة الحرة ببورسعيد بعد استغناء الدول الأوربية عنها ، فمعظمها يكون غير معقم وغير صالح للاستخدام وهو ما يشكل خطرا علي الأسر المصرية بعد توجه أكثرهم لشرائها وتزاحمهم عليها وعدم اقتصارها علي مدينة بورسعيد التي اشتهرت بهذه التجارة. بورسعيد كانت المدينة المصرية الوحيدة المستوردة لهذا النوع من الملابس الذي شهد تغييرات عديدة فهذه التجارة كان يقبل عليها الفقراء حيث كانت الملابس تستورد معبأة في بالات إلي بورسعيد وتعرض علي عربات تجرها الحمير بالحالة التي وصلت بها وبأسعار رخيصة للغاية مقارنة بأسعار السلع الجديدة. وساعد علي تنشيط تجارة الملابس المستعملة عدم فرض رسوم جمركية جديدة علي هذه النوعية من الملابس عند خروجها من هذه المنافذ وسهولة خروجها من المنافذ، وإن كانت هناك كميات كبيرة يتم تهريبها من أوروبا إلي المنطقة الحرة ببورسعيد فكيف تصل إلي العاصمة وباقي المحافظات؟. »آخر ساعة« تجولت في عدد من أسواق البالة للوقوف علي حجم تجارة الملابس المستعملة بالسوق المصرية ومدي تأثيرها عليه، وكيفية وصول كل هذه الكميات من الملابس المستعملة من المنطقة الحرة وأسباب توجه المواطنين لشرائها. البداية كانت من العتبة ومنطقة الموسكي مرورا بشارع 26 يوليو بوسط القاهرة حيث أصبحت وجهة رئيسية لبيع الملابس المستعملة في القاهرة، أو ما يعرف بتجارة البالة، يقصدها معظم الناس حيث لا يكتفي أصحاب المحال بالمساحات المخصصة للبيع، فيمتد عرض الملابس علي الأرصفة أمام المحال، ويقوم أصحابها، والعاملون بها بالنداء علي المارين، في محاولة لجذب الزبائن، وإغرائهم بالأسعار المعروضة. ويتردد علي هذه المنطقة الآلاف يوميا لشراء احتياجاتهم من الملابس المستعملة، حيث توجد كل أنواع الملابس التي يمكن أن تحتاجها الأسرة المصرية، وأسعارها في متناول الجميع حيث تبدأ الأسعار من20 جنيها، بالنسبة للبضاعة المعروضة علي شماعات في الشارع، وتصل إلي 75 جنيها، للملابس المعروضة داخل المحال التجارية لذلك تشهد المنطقة زحاما ورواجا. وفي منطقة الوكالة لم يختلف الوضع يقول عبد القادر محمد أحد تجار الوكالة: تمثل دول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا المصدر الرئيسي لتصدير البضاعة المستعملة إلي مصر. يحصل تجار الوكالة علي هذه البضاعة من بورسعيد، حيث يحمل أبناء هذه المحافظة بطاقات تتيح لهم استيراد كمية تتراوح ما بين 15-20 طنا من الملابس، في كل مرة يسافرون فيها، ويتكلف الطن من 100 ألف جنيه إلي 200 ألف. وعن الطريقة التي يحصل بها أصحاب البطاقات علي هذه البضاعة من الخارج،يضيف: إن هناك من يقوم بتجميع الملابس المستعملة من الشوارع، أو صناديق القمامة، بعد استغناء أصحابها عنها، ويتم توجيهها إلي معامل متخصصة، وبعد الانتهاء من عملية الجمع يتم فرز البضاعة، وتصنيفها تبعا لجودتها، حيث يتم تسعير الملابس حسب درجة جودتها. ويتابع: إن البضاعة تأتي من الجمارك بعد إنهاء إجراءاتها الجمركية في بالات حيث يتراوح وزن البالة الواحدة من 50 إلي200 كيلو جرام. كما أن أكثر زبائن البالة من السيدات وأن سعر هذه الأغراض يبدأ من 40جنيها ويصل حتي 100 جنيه للماركات العالمية، وتتراوح أسعار الفساتين الحريمي من 200 إلي 500 جنيه للفستان الواحد كما أن ملابس الأطفال الأولادي والبناتي تتراوح ما بين 50 جنيها للطقم حتي 200 جنيه أما بالنسبة للرجال فيتراوح سعر البنطلون الرجالي من 20 إلي 80 جنيها حسب جودة ونوعية البنطلون. ويؤكد عبدالقادر أن هناك عددا من الممثلين ومشاهير من زبائنهم مؤكدا أن هناك بدلا تباع في البالة تصل أسعارها لأكثر من 2000 جنيه. ويقبل علي شرائها ذوو الدخول المرتفعة. أما عن أسعار البالة فيقول علوان من تجار الوكالة: إن سعر كيلو الكريمة وهي من ارقي انواع البالة 200 جنيه فالقطعة التي كانت تباع في الماضي بجنيه أو اثنين تباع الآن ب25 جنيها ولهذا السبب نجد أن أصعب زبون لدينا هو القادم من الأرياف لأن الجنيه لديهم شديد لعدم وجود سيولة لديهم فهم يعيشون علي الاكتفاء الذاتي من الطعام والشراب ولذلك إذا كانت البيعة مناسبة فلا أتردد في البيع لهم حتي لو أن المكسب فيها ضعيف، وتاتي أسعار البالة الأقل من الكريمة إلي100 جنيه. ويعلل سبب تردد هذه الكمية الهائلة من الزبائن في الوكالة أنها تبيع من الإبرة إلي الصاروخ ففيها الملابس المستعملة والأقمشة ومحلات المفروشات فهي مقامة علي حوالي 40 فدانا تشغل، محلات الملابس حوالي 50٪ من مساحتها وعن مقدار الربح الآن يقول يبلغ حوالي 35٪ من سعر القطعة أما في الماضي فكان المكسب حوالي 70٪ وعن أفضل أنواع البضائع يقول يأتي البلجيكي في المرتبة الأولي، أما الإيطالي والفرنسي فهما في المرتبة الأخيرة. وعن إقبال المواطنين علي أسواق البالة تقول سكينة أحمد (موظفة) إنها تقبل علي شراء معظم ملابسها من البالة لتميزها بجودة خامتها التي يندر وجودها في الملابس الجديدة، كما أن أسعارها مناسبة، مشيرة إلي أن ملابس البالة تتميز بعدم انتشارها في الأسواق لذلك نضمن أن ما نرتديه لا يرتديه غيرنا. وحذر محيي العلبي عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية من تأثير الملابس المهربة والمستعملة والمستوردة التي تمثل من 60 إلي 65٪ من حجم الملابس في مصر، وهذا أثر علي صناعة الملابس الجاهزة، حيث إن 50٪ من هذه المصانع خفضت إنتاجها ومنها من أغلق لعجزها عن تصريف المخزون لديها مشيرا إلي زيادة التهريب من الأقمشة والملابس الجاهزة والغزول نتيجة ضرب الفواتير والتلاعب والتحايل علي الجمارك والضرائب. مضيفا أن حجم الملابس المهربة بالسوق المصرية تقدر بحوالي 7 مليارات جنيه وان البضاعة الوطنية تقدر بحوالي 9 مليارات جنيه وحجم الراكد يقدر بحوالي خمسة مليارات جنيه، مشيرا إلي أن كل ذلك ينذر بعواقب وخيمة علي صناعة الملابس الجاهزة في مصر وهي صناعة وطنية يعمل بها ما يقرب من 2 مليون عامل مباشر وغير مباشر وأكثر من 10 آلاف مصنع والمرخص منها 4 آلاف مصنع وعدد المحلات المشتركة في الأوكازيون لتصريف الراكد علي مستوي الجمهورية 100٪ في مقابل 20٪ يحصلون فعليا علي تصريح بإقامة الأوكازيون من الغرف التجارية بالمحافظات و80٪ بدون تصريح. وعن مدي إمكانية الملابس المستعملة والبالة في نقل الأمراض الجلدية وأهمية تعقيمها يحذر د. علاء سمرة اخصائي الأمراض الجلدية من استخدام الملابس القديمة والمستعملة خصوصا الملابس الصوفية التي يعرف عنها نقلها للأمراض الجلدية والفيروسات والفطريات لمن يستخدمها مضيفا قد تنقل حشرات الرأس ومرض الجرب وغيرها من الأمراض. مضيفا: إن الملابس المستعملة يتم جلبها من دول الخليج وبعض الدول الأوربية مؤكدا عدم تعقيمها من قبل المستوردين والتجار، مشيرا إلي أنها بذلك تشكل خطرا علي حياة المواطنين الذين يستخدمونها مؤكدا احتواء الملابس علي بعض الفيروسات التي لاتموت إلا بعد تعرضها لمواد كيمياوية أو درجة غليان عالية موضحا أنه في الفترة الأخيرة ظهرت حالات مرضية نادرة نتيجة لاستعمال هذه الملابس مثل حالات الربو وحساسية القصبات الهوائية فضلا عن حالات الحساسية الجلدية بمختلف أنواعها ومرض الاكزيما بانواعها المختلفة، مشيرا إلي أن الملابس المستعملة قادرة علي نقل أمراض خطرة ومعدية جدا كالجرب والجذام وتحمل في طياتها الحشرات الضارة كالقمل والقراد وغيرها من الأمراض التي تصيب المواطنين ، محذرا من إمكانية أن تسبب تلك الملابس المستعمل الإصابة بالأمراض السرطانية من جهة تفاعل المواد الكيمياوية المختلفة مع بعضها أثناء تخزين الملابس مطالبا المواطنين بالابتعاد عن شرائها خاصة بالنسبة للأطفال.