«عصابات بدوية» تسيطر على «مدن سكنية» ومصانع ب6 أكتوبر واستولت على «شقق» ب«قوة السلاح» 1000 جنيه «إتاوة شهرية» على المواطنين.. و70 ألفًا على «الشركات» عندما تتغاضى أجهزة حكومية عن تطبيق القانون يصبح العبث عنوانًا لكل ما يجري حولنا، فالفراغ الذي يتركه غياب القانون يتحول إلى مأوى ل«القابعين في الجحور المظلمة» ممن اتخذوا «البلطجة» حرفة لهم. على رأس هؤلاء بعض «البدو» الذين تورطوا في فرض «الإتاوات» على أصحاب العقارات، والمزارع، والشركات المنفذة لمشروعات في المناطق الصحراوية البعيدة عن «القوة الحكومية» تحت «مسمى الحراسة». لا يتوقف الأمر عند «فرض الإتاوات»، وإنما يمتد إلى بيع مساحات شاسعة من الأراضى المملوكة للدولة بزعم أنها تقع داخل مناطق نفوذهم القبلي، وسط مؤشرات حول «مواءمات» مع بعض المسئولين ساعدت هذه «العصابات» في الخروج عن القانون من دون محاسبة كما يبدو الوضع حاليًا. ينشط هؤلاء في كل مدينة وقرية على امتداد الخريطة الجغرافية تقريبًا، من حلايب وشلاتين والوادى الجديد إلى المناطق الغربية مثل السلوم، ومرسي مطروح، علاوة على الوجود المكثف في محافظاتالإسماعيلية، والشرقية، والقليوبية، والمناطق المتاخمة للقاهرة والجيزة بتوسعاتها في المدن الجديدة على وجه الخصوص. في محيط مشروع «ابنى بيتك» القريب من «مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا»، و«القرية الكونية»، لا وجود للأمن، ف«العربان» يطلقون النار في الهواء وعلى السكان أيضًا، بل أطلقوه على رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر، بمنطقة زهرة، العام الماضي، وتحفل أقسام شرطة 6 أكتوبر بالعديد من المحاضر التي تروى تلك الوقائع. راح هؤلاء يفرضون الإتاوات على سكان «ابنى بيتك»، الذين يبلغ عددهم 42 ألف نسمة، وتتراوح قيمتها بين 200 و1000 جنيه، مستغلين بعض الوسائل لترويع المواطنين منها إشعال الحرائق في المزارع، والاعتداء البدني، ومن يعترض يكون جزاؤه سرقة شقته أو سيارته أو خطف ذويه والمطالبة ب«فدية» ولا يسلم هو شخصيًا من اعتداءاتهم، على حد قول أحد السكان. الغياب الأمنى «لا مبرر له»، بحسب وصف السكان، الذين أشاروا إلى نقطة مهمة، إذ اتهموا عناصر بدوية بالتعاون مع أنصار جماعة «الإخوان»، وإخفاء بعضهم في الصحراء، مستغلين عدم قدرة الأجهزة الأمنية على تعقب أثرهم، فضلًا عن احتلال «وحدات سكنية» بقوة السلاح. ويقول المهندس عبد المطلب عمارة، رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر، إن هذه العصابات تعيش داخل مجتمع «ابنى بيتك»، لكن «الجهاز لا يفتش في ضمائر الناس لمعرفة من الكاذب ومن الصادق»، مؤكدًا أن الجهاز يتعاون مع الجهات الأمنية لوقف أي اعتداءات على «المواطنين الأبرياء» من قِبل بعض «البلطجية». هيئة المجتمعات العمرانية يبدو أنها استسلمت ل«قانون أرض الواقع»، فأبرمت اتفاقًا مع أحد مشايخ البدو المشهورين بالمنطقة، ويدعى أيمن محمد عاصى حمادة، لحماية أراضى «الحزام الأخضر»، مقابل 30 ألف جنيه شهريًا، وذلك بعدما قررت سحب الأراضي من مالكيها، وبالفعل يقوم هذا البدوى الآن ومعه 21 من العربان بالسيطرة على المنطقة، وترويع المواطنين للحيلولة دون استعادة ممتلكاتهم، بحسب شهادات حصلت عليها «البوابة». ومن بين أبرز المشاهد أيضًا سيطرة بدو من قبيلة «العيايدة» على ممتلكات شركة «رمسيس الزراعية» بالصالحية، حيث فرضوا إتاوة على الشركة، التي لم ترضخ في البداية لكن أمام التعديات والسرقات اضطرت إلى دفع «إتاوة شهرية»، حتى أن المستثمرين الذين يتعاقدون مع الشركة لشراء محصولها السنوى الزراعي، يدفعون إتاوات للبدو والعربان. وعقد الاتفاق مع الشركة كل من: جودة على خميس، وأخوته، وهم أكثر من 11 فردًا، وعاطف راشد، وصباح على، وآخرون تعدت أسماؤهم ال 20 شخصًا، فيما يتراوح حجم الإتاوة بين 50 و70 ألف جنيه شهريًا. تدفع الشركة «الإتاوة» في صور مختلفة، فإن لم يكن نقديًا، فتكون عينية بالحصول على محاصيل من إنتاج الشركة. ولأن شركة «رمسيس الزراعية» لها أفرع كثيرة في مناطق مختلفة، فإنها تتعرض لعمليات «سطو وبلطجة» من بدو من قبايل «الترابين»، أو «الرحل»، ويستولون على إنتاجها من المحاصيل، مثل ما حدث في فرعها بمنطقة «القصاصين». ننتقل إلى سيناء والوضع أكثر سوءًا هناك، خاصة أنها مازالت منطقة صحراوية والأمن «غير مستقر»، حيث توجد قبائل تفرض «إتاوات» على المشروعات الحكومية وخاصة تلك المشروعات الموجودة في قلب الصحراء مثل مصانع الأسمنت، أو حتى خط الغاز الموصل إلى إسرائيل والأردن، وهؤلاء يرغمون الدولة على دفع «إتاوات» لهم بحجة أنهم يحرسون تلك المناطق، وإن لم يفعلوا فسوف تتعرض خطوط الغاز للتفجير والسرقة. ويقول الدكتور شحاتة محمد شحاتة، مدير مركز الدراسات العربية، إن ما يحدث يعد تنازلًا من جانب الدولة لصالح «دولة الغاب»، حيث لا يوجد قانون ولا حكم إلا لمن غلب، مشيرًا إلى أنه «لا توجد دولة تتنازل عن سيادتها لصالح مجموعات من المتربحين الذين يستغلون الغياب الأمنى لفرض سيطرتهم». ويضيف «شحاتة»، ل«البوابة»، أن موقف الدولة في غاية الصعوبة خاصة أمام جرائم «الإرهاب الأسود» وبعد هذه المناطق لوقوعها في «قلب الصحراء» مما يوجد صعوبة في تأمينها بشكل كامل، لكن في حالات الأراضى الزراعية أو المساكن في قلب الدلتا أو على أطرافها المتاخمة، لا يوجد عذر، بل «فضيحة» أن تتنازل الدولة عن سيادتها. ويرى اللواء محمود قطري، الخبير الأمنى، أن هناك أوضاعًا «شاذة» كثيرة جرت في مصر واتخذت مسارًا غير قانونى خلال فترة ما بعد الثورة، إذ تراجع دور الدولة مما أتاح الفرصة ل«العربان» لممارسة دور «الشرطى القذر»، بفرض الإتاوات واحتلال الأراضي، والسيطرة على أراض ومصانع، حتى أن الدولة نفسها وبعض الوزارات تحديدًا كوزارتى البترول، والزراعة استعانوا ب«البدو» و«العربان»، ودفعوا لهم «إتاوات شهرية» مقابل هذا الدور، مشيرًا إلى أن هذا الدور يؤسس ل«دولة الفوضي»، فالأمن يجب يكون حكوميًا وقانونيًا وتفرضه مؤسسات بعينها، وإلا ستكون الدولة «ميتة». وعن وضع بعض «العربان» و«البدو» في سيناء والصحراء الغربية ودورهم في السيطرة على دروب تجارية وأنابيب بترول وغاز، يوضح «قطري»، أن هذا يتم بالتوافق مع الدولة والقوات المكلفة بالحراسة، وغالبًا لا تدفع قوات الحراسة أموالًا مقابل تعاون هؤلاء لكن بعد «الانفلات الأمني» ظهر مؤشر خطير تمثل استغلال «العربان» الوضع ل«التكويش وتكوين ثروات بفرض الإتاوات وممارسة أعمال البلطجة والسرقة»، مما كلف خزينة الدولة ملايين الجنيهات، واصفًا ما تقوم به بعض المصالح الحكومية ب«الهدر العمدي» لأموال المواطنين. ويؤكد أن الأمن يجب أن يقوم على أكتاف رجال الشرطة، وإذا ثبت مخالفة أي مسئول من خلال تعاونه مع هؤلاء يجب محاسبته على الفور، لأن هذا خطأ قانوني، فيما يجب أن تمارس الإدارة العام للرقابة والتفتيش بوزارة الداخلية دورها، خاصة شرطة المجتمعات العمرانية الجديدة، ونقاط التفتيش على النقط الحدودية، لافتًا إلى أن مواقع البدو على أطراف المدن والقري، كانت عاملًا كبيرًا في استغلال الإرهابيين تلك المساحات الفارغة لتكوين منطقة خاصة بهم. من النسخة الورقية