لدينا 8 آلاف مدرس «إخوانى» وعنف الطلاب «رد فعل» ل«الاعتقالات« «الإخوان» جزء من المجتمع.. ولم يخرج من بيننا «إرهابى واحد« حذف «الرق» و«الفقه القديم» من المناهج.. وهناك معاهد أزهرية بلا عامل نظافة واحد قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن المشيخة لم ولن تكفر الباحث إسلام البحيرى، الذي أثار جدلًا كبيرًا في المجتمع مؤخرًا بعد اجتهادات قدمها في برنامجه التليفزيونى اعتبرها البعض مسيئة للدين، مشيرًا إلى أن «الأزهر لا يملك سلطة التكفير أو إهدار الدم»، وأنه ترك هذا الأمر للقضاء، بعد أن تقدم ببلاغ ضد الباحث. ودعا «شومان»، في حوار ل«البوابة»، من وصفهم ب«الغيورين على دينهم» ألا ينساقوا خلف غضبهم، ويخوضوا في عقائد الناس ودمائهم، حرصًا على سلامة اعتقادهم، مشددًا على أن الإسلام لم يأمر بالتفتيش في نوايا الناس، بل نهى عنه، وحذر من فعله. الملف الساخن الآن هو أزمة الباحث إسلام بحيرى، والاتهامات الموجهة إليه بشأن الإساءة للأئمة وغيرها من الأمور.. كيف ينظر الأزهر إلى هذا الموضوع خصوصًا بعد تقدمه ببلاغ ضده؟ بالفعل هناك خطوات قانونية، تم اتخاذها تمثلت في تقديم بلاغ ضد «بحيرى»، اعتراضًا على ما يبثه من «أفكار شاذة»، تمس ثوابت الدين، وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المتفق عليهم، وتسيء لعلماء الإسلام، وتعكر السلم الوطني، وتثير الفتن، وبالتالى علينا ألا نستبق الأحداث في هذا الموضوع. أنا لا أحب الخوض في مناقشات حول هذا الموضوع، لأنه منظور أمام القضاء، وله الكلمة الحاسمة، فنحن نراعى ضوابط الخصومة المحترمة. نحن في الأزهر بعثنا بأصغر باحث للرد عليه وانتهى الأمر، وإذا أراد مناظرات أخرى فنحن مستعدون لذلك، فهناك «طابور طويل» من الباحثين بالأزهر الشريف على أتم استعداد للدخول في مناظرات أخرى مع «بحيرى» وغيره. بمناسبة الحديث عن المناظرة.. تردد أن عبدالله رشدى الباحث الشرعى بالأزهر الذي اختارته المشيخة لمناظرة إسلام بحيرى على فضائية «القاهرة والناس» ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين.. ما تعلقيك على هذا الاتهام؟ طبيعى أن يقال مثل هذا الكلام، ونحن لا نعبأ به، عبدالله رشدى أدى الدور المطلوب، وفند حجج «بحيرى»، ولا داعى للدخول في مناقشات حول هذا الموضوع. لكن هناك انتقادات لتورط بعض المحسوبين على الأزهر في «شبهة» تكفير إسلام بحيرى وبعض الإعلاميين الذين توغلوا في الدين من دون رفق – كما يرى البعض – وتحدثوا بشكل سلبى من وجهة نظر مخالفة.. كيف تنظر مشيخة الأزهر إلى ذلك؟ لم ولن نكفر أحدًا، وليس لدينا سلطة ل«إهدار الدم»، هذا لا يشغلنا والله وحده أعلم بالنوايا، وقد تركنا الأمر للقضاء كما قلت، وما يتردد في بعض وسائل الإعلام، وعلى لسان بعض الشخصيات أن الأزهر يكفر فلانًا (هذا كلام نعوذ بالله منه). إن أزهرنا لم ولن يكفر أو يهدر دم أحد، فدورنا يقتصر على بيان الحكم الشرعى في أقوال أي إنسان - خاصة إذا كان شخصية عامة – من حيث موافقتها الشرع من عدمه، وذلك بعد عرضها على مصادر التشريع وقواعده، وعلى الجميع التأكد من مصدر القول قبل نسبته إلى مؤسسة الأزهر، ونحن نهيب بالغيورين على دينهم ألا ينساقوا خلف غضبهم، ويخوضوا في عقائد الناس ودمائهم حرصًا على سلامة اعتقادهم، لأننا لم نؤمر بالتفتيش في نوايا الناس، بل نهينا عنه، وحذرنا من فعله. الأزهر الشريف منهجه معروف وواضح، لا يتغير، فهو وسطى يستوعب الجميع، ولا يصطدم مع أحد، لكن من يخرج عن الإطار العام يتم الرد عليه، ولنا مواقف واضحة يعلمها الجميع حتى إذا تحدثنا عن العلاقات الدولية مثل موقفنا مع قطر وإيران، وبالتالى فإن الهجوم يأتى كرد فعل على تحرك الأزهر ونشاطه. الأزهر الآن به زخم لم يكون موجودًا في فترات سابقة، ولا أخفى سرًا عندما أقول إن الأزهر لم يكن بهذا النشاط عند تولى الدكتور أحمد الطيب المشيخة، أما الآن فهو يشارك في كل القضايا، ويعبر عن رأيه بوضوح. ننتقل إلى ملف آخر وهو التعليم الأزهري.. ماذا فعلت المشيخة لمواجهة وجود عدد كبير – كما تؤكد تقديرات – من المدرسين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين داخل المعاهد الأزهرية؟ بالفعل لدينا أكثر من 8000 مدرس ينتمون إلى جماعة «الإخوان»، ونحن أعلنا ذلك أكثر من مرة، ونرفض التعامل مع نوايا الناس، وإنما نتعامل مع أدائهم، فإذا كان هناك خروج عن خط الأزهر تجرى المحاسبة، وهناك عملية متابعة دقيقة لهذا الأمر، والعقاب متفاوت (نقل أو فصل)، فاذا ثبت أن أحدًا تم إلقاء القبض عليه يتم فصله، وقد تم اتخاذ إجراءات عقابية ضد 500 قيادى بالمعاهد تتفاوت مناصبهم، بعد عملية متابعة دقيقة، وهناك تنسيق مع الجهات الأمنية لضبط العملية التعليمية داخل المعاهد والجامعة. ماذا عن الطلاب المنتمين إلى الجماعة؟ الطالب ليس له ذنب في شىء، ومادام لا يؤذى أحدًا أو يلجأ إلى العنف لن يتم التعامل معه بمكروه، أما غير ذلك فالجهات الأمنية مسئولة عن الأمر، فإذا أصدر القضاء حكمًا بإدانة أحد الطلاب يتم فصله. على ذكر عنف طلاب «الإخوان».. كيف تفسر زيادة العنف في صفوف طالبات الأزهر في الآونة الأخيرة؟ الطالبات اللاتى يمارسن العنف لهن ميول إخوانية أو تم القبض على أحد أقاربهن أو قتله في مواجهات، وبداخلهن نزعة الانتقام، ولكن «الأولاد مش كده خالص»، البنات لديهن عقيدة مشحونة للأخذ بالثأر. القضية الأهم من كل ذلك هو «تنقية المناهج» من وجود بعض المواد والدروس إما غير ملائمة للعصر وإما تحمل تحريضًا على العنف.. إلى أين وصلتم في هذه القضية؟ ليس لنا علاقة بما يقال حول المناهج، فأغلبه لا أساس له من الصحة، مناهج الأزهر يتم تعديلها وحذف القديم منها، ليس لأنها تحض على العنف فهى موجودة منذ زمن، ولم يثبت خروج جماعة إرهابية من الأزهر، فمثلًا جماعة «الإخوان» في التاريخ لم يثبت دخول أزهرى واحد لمكتب الإرشاد سوى عبد الرحمن البر، وهناك إخوان موجودون في الأزهر هذه حقيقة فهم جزء من المجتمع ولكنهم ليسوا «كثرًا»، حتى بين الطلاب هم «قلة» لا تعبر عن طلاب الأزهر، فطالب الأزهر ليس بمشاغب أو محرض على العنف، لكن هناك «قلة» سواء تنتمى إلى «الإخوان» أو «مندسين» من خارج الجامعة استعانت بهم الجماعة لإشعال الحرائق، ومن يثبت تورطه في العنف يتم فصله سواء من البنات أو البنين. منذ قدومى إلى المشيخة في 4 سبتمبر 2013 عملت على النظر في المناهج لإصلاحها، وقد درسنا الواقع وأسباب تحويل الطلاب من الأزهر للتعليم العام، فوجدنا حالة عدم رضا عن خريج الأزهر لأن مستواه غير مقبول، حيث إن خريج الأزهر أقوى من أي خريج آخر، لكن يحتاج إلى مزيد من التطوير ودائمًا هناك رغبة للتطوير والإصلاح، ونحن نراجع أنفسنا باستمرار للوصول إلى الأفضل، وقد حذفنا بعض الموضوعات التي ليس لها علاقة بالواقع مثل المسائل الفقهية المتعلقة ب«الرق»، لأن هناك موضوعات نحتاجها مثل مواجهة الإرهاب والتطرف. هنا يجب أن أشير إلى أن صياغة المناهج تتم ب«طريقة عصرية» من دون الإخلال بأصل المناهج لتتناسب مع العصر الذي نعيش فيه وتحقق الغرض المطلوب، وتكون عقلية الطالب قادرة على استيعابها حتى لا تصبح مجرد حبر على ورق، وكذلك ركزنا على الشرح بأسلوب معاصر وتهيئة المدرسين لذلك من خلال دورات مكثفة. هناك انتقادات لمستوى طلاب الأزهر خاصة في اللغات.. ما تعليقك؟ اللغات ليست على المستوى المطلوب، ولم يتحقق ذلك حتى في أوج ازدهار الأزهر، وعندما تولى الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر، أنشأ مركزًا لتعليم اللغات بالتنسيق مع السفارات، واللغات لدينا اليوم أفضل من دفعات سابقة، لأنها أهملت في الفترة الماضية. ماذا عن ميزانية المعاهد الأزهرية؟ نعترف أن هناك إهمالًا، حيث توجد معاهد أزهرية لا يوجد بها عامل نظافة واحد، وهناك عجز في بعض المدرسين أيضًا، فكل المؤسسات تعاني، ونحن جزء من الدولة. وبالنسبة لأزمة تطبيق كادر المعلمين داخل المعاهد الأزهرية؟ هناك خطة وميزانية للدولة، وقواعد محاسبية ومالية يتم التصرف وفقًا لها، وما يطبق هنا يطبق هناك والعكس، وقد قمنا بإلحاق مزايا خاصة ب«مدرسى الحصة»، بل طبقناها قبل وزارة التربية والتعليم، حيث قرر شيخ الأزهر زيادة حدهم الأدنى من ميزانية الأزهر، وحين وافقت وزارة المالية على تثبيت معلمين بالتربية والتعليم عكفت لجنة الطوارئ في المشيخة على حصر المعلمين غير المثبتين بالأزهر، وإعداد خطاب يطالب بتثبيتهم وأرسل إلى وزير المالية السابق، أسوة بأقرانهم في التربية والتعليم. يقترن الحديث عن ضعف ميزانية الأزهر بشكل عام بغياب الإحساس بتأثير قوافل الأزهر.. كيف ترى هذا الأمر؟ بالعكس، قوافل الأزهر لها تأثير كبير جدًا، وهناك مبادرة مع وزارة الشباب والرياضة تضم 4000 معهد، وهناك توجيه من الإمام الأكبر للوعاظ بالتواجد في كل مكان فيه بشر خاصة من البسطاء، في الشركات، والمصانع، والقوات المسلحة، وزارات الري، الشباب والرياضة، والثقافة، والتريبة والتعليم، والتعليم العالي. إذا انتقلنا لموضوع آخر وهو «العلاقة الباردة» بين الأزهر والمثقفين.. كيف تفسر ذلك؟ ليس لدينا مشكلة مع المثقفين، ونرحب بالتعاون مع الجميع، ونحن نختلف في الفكر وليس مع الأشخاص، ولا نعادى أحدًا، وبابنا مفتوح للجميع، وما يخرج عن الإطار العام يتم الرد عليه، أما إذا كانوا هم يريدون معاداة الأزهر فهذا أمر يعود لهم. ولكن الأزهر دخل في مواجهة مع وزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور بل قيل إن المشيخة وراء خروجه في التعديل الوزارى الأخير؟ بالرغم من كل ما حدث، إلا أن «عصفور» كان يأتى إلى الأزهر، ويتعاون معنا، كنا نتناقش والخلاف لا يمنع من التعاون، لأننا مستعدون للعمل في أي مناخ بشرط أن يعود ذلك بالنفع على المسلمين والشعب المصرى. ماذا عن دور مرصد مشيخة الأزهر في عملية التنوير؟ دوره محورى خصوصا فيما يتعلق بالأفكار المتشددة والرد عليها، كما يتيح إمكانية التواصل عبر الوسائل المختلفة للراغبين في الاستفسار عن القضايا التي تحمى الشباب والأطفال من الأفكار غير المنضبطة التي لا تتسق مع تعاليم ديننا الحنيف، وكذلك يعرض المرصد تقريرًا أسبوعيًا عما تم رصده، ويتم الرد عليه في وسائل الإعلام المختلفة على المستويين المحلى والدولى حتى نكمل دورنا في توعية المواطنين، وسنوجه دعوتنا للبسطاء ممن يقعون فريسة لشيوخ الفضائيات. لا تزال هناك إشكالية حتى الآن حول الحد الفاصل بين السياسة والدين.. من وجهة نظرك كيف نحكم العلاقة بينهما؟ السياسة يجب أن تلتزم بالمعايير الدينية، وقرار فصل السياسة عن العمل الدعوى يرجع إلى ما قامت به التيارات الإسلامية المتشددة التي كانت سببًا في شق المجتمع المصرى، وإهانة المساجد، ونشر العنف والتطرف، ناهيك عن الاستخدام الخاطئ للدين، لكن الإسلام لم يفصل الدين عن السياسة. والأهم في ذلك ما يقول به بعض السياسيين من أن السياسة متغيرة والدين ثابت، وهذا تفسير خاطئ، لأنه ليس كل ما في الدين من الثوابت، والمقصود بالثوابت في الدين فقط الفرائض والمحرمات وبقية الأحكام مثل المباحات والمندوبات والمكروهات مرنة وقابلة للتغيير، بل إن المحرمات أحيانًا تدخل في باب المرونة في حالة الضرورات، وفقًا لما تقوله القاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات»، فالدين والسياسة يمكن أن يلتقيا، وليس من اللازم أن يكونا متناقضين. ونحن طالبنا العلماء والدعاة بالابتعاد عن ممارسة العمل السياسي، وليس عن السياسة، لأنهم لا يحملون مهارات العلوم السياسية والممارسات الدبلوماسية، وإذا قاموا بذلك يسيئون لعلمهم الشرعى عندما يخطئون في ممارسة السياسة التي لا يجيدونها، فالعالم يجب أن يكون موجهًا ومعلمًا للسياسيين عندما يطلب منه التوجيه والإرشاد. من النسخة الورقية